خطبة عن: من أخلاق المسلم :(التغافل)
أبريل 21, 2018خطبة عن الصحابي:(خَالِدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ
أبريل 28, 2018الخطبة الأولى : تسوية الصف ( لَتُسَوُّنَّ صُفُوفَكُمْ أَوْ لَيُخَالِفَنَّ اللَّهُ بَيْنَ وُجُوهِكُمْ)
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
روى البخاري في صحيحه : ( أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ قَالَ سَمِعْتُ سَالِمَ بْنَ أَبِى الْجَعْدِ قَالَ سَمِعْتُ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ يَقُولُ قَالَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – « لَتُسَوُّنَّ صُفُوفَكُمْ أَوْ لَيُخَالِفَنَّ اللَّهُ بَيْنَ وُجُوهِكُمْ » ،وفيه أيضا :(عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ « سَوُّوا صُفُوفَكُمْ فَإِنَّ تَسْوِيَةَ الصُّفُوفِ مِنْ إِقَامَةِ الصَّلاَةِ » ،وروى مسلم : (أن (النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ يَقُولُ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يُسَوِّى صُفُوفَنَا حَتَّى كَأَنَّمَا يُسَوِّى بِهَا الْقِدَاحَ حَتَّى رَأَى أَنَّا قَدْ عَقَلْنَا عَنْهُ ثُمَّ خَرَجَ يَوْمًا فَقَامَ حَتَّى كَادَ يُكَبِّرُ فَرَأَى رَجُلاً بَادِيًا صَدْرُهُ مِنَ الصَّفِّ فَقَالَ « عِبَادَ اللَّهِ لَتُسَوُّنَّ صُفُوفَكُمْ أَوْ لَيُخَالِفَنَّ اللَّهُ بَيْنَ وُجُوهِكُمْ ».
إخوة الإسلام
لقد أولى الإسلام عناية خاصة بصفوف المصلين, حيث أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين بتسوية الصفوف , وأظهر للمصلين فضيلة تسويتها , والاهتمام بها . ففي الصحيحين 🙁 عنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( سَوُّوا صُفُوفَكُمْ , فَإِنَّ تَسْوِيَةَ الصَّفِّ مِنْ تَمَامِ الصَّلاةِ ) ،وفي رواية للبخاري: ( سَوُّوا صُفُوفَكُمْ , فَإِنَّ تَسْوِيَةَ الصُّفُوفِ مِنْ إِقَامَةِ الصَّلاةِ ) . وروى مسلم :(عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْسَحُ مَنَاكِبَنَا فِي الصَّلاةِ وَيَقُولُ : ( اسْتَوُوا , وَلا تَخْتَلِفُوا فَتَخْتَلِفَ قُلُوبُكُمْ ) فهذه النصوص واضحة الدلالة على أهمية تسوية الصفوف , ولقد بوب لها الإمام البخاري في صحيحه بابا فقال فيه: ( باب إثم من لا يتم الصفوف ) , وأورد فيه بسنده عَنْ بُشَيْرِ بْنِ يَسَارٍ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ قَدِمَ الْمَدِينَةَ فَقِيلَ لَهُ : مَا أَنْكَرْتَ مِنَّا مُنْذُ يَوْمِ عَهِدْتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ قَالَ : ( مَا أَنْكَرْتُ شَيْئًا إِلا أَنَّكُمْ لا تُقِيمُونَ الصُّفُوفَ ) رواه البخاري ،فهذا حثٌّ على رعاية تسوية صفوف الصّلاة وانتظامها، لكونه يؤثّر على حال الأمّة وأُلفتها، وفيه تحذيرٌ من إهمال تسوية الصّفوف في الصّلاة ،لكونه يؤدِّي إلى اختلاف القلوب وضعفها وسيطرة الشّيطان عليها. وعن جابر بن سَمُرَةَ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أَلَا تَصُفُّونَ كَمَا تَصُفُّ الْمَلَائِكَةُ عِنْدَ رَبِّهِا؟)، قلنا: وَكَيْفَ تَصُفُّ الْمَلَائِكَةُ عِنْدَ رَبِّهِا؟ قال: (يُتِمُّونَ الصُّفُوفَ الْأُوَلَ، وَيَتَرَاصُّونَ فِي الصَّفِّ) رواه مسلم. وفي هذا ترغيبٌ من النّبي صلّى الله عليه وسلّم ،وحثٌّ على الاهتمام بإتمام صفوف الصّلاة وتسويتها وتراصّها، لأنها دليلٌ على وحدة الأمّة، والتزام جماعتها بدين واحد وإمام واحد، والتراصُّ: هوَ التضامُّ والتّداني والتّلاصُق، ومنه قوله تعالى: {إِنَّ الله يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ} (الصّف: 4) ، فينبغي على المأموم السّمع والطّاعة لإمامه ،عند توجيهه إلى إتمام وتسوية الصّفوف والتّراص فيها، ولا يتضجّر أو يتسخّط من تسوية الصّفوف والعناية بها، بل يكون عوناً لإمامه وللمصلّين على ذلك ، ولتسوية الصفوف صور وأشكال وأحوال متعددة ، ومنها : أولا : تسويةَ المحاذاة ، وهذه على القول الرَّاجح واجبة ،ثانيا: التَّراصَّ في الصَّفِّ ، فإنَّ هذا مِن كماله ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يأمر بذلك ، ونَدَبَ أمَّتَهُ أن يصفُّوا كما تصفُّ الملائكةُ عند ربِّها ، يتراصُّون ويكملون الأول فالأول ، ولكن المراد بالتَّراصِّ أن لا يَدَعُوا فُرَجاً للشياطين ، وليس المراد بالتَّراص التَّزاحم ؛ لأن هناك فَرْقاً بين التَّراصِّ والتَّزاحم ؛ وفي مسند أحمد :(عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « أَقِيمُوا الصُّفُوفَ فَإِنَّمَا تَصُفُّونَ بِصُفُوفِ الْمَلاَئِكَةِ وَحَاذُوا بَيْنَ الْمَنَاكِبِ وَسُدُّوا الْخَلَلَ وَلِينُوا فِي أَيْدِى إِخْوَانِكُمْ وَلاَ تَذَرُوا فُرُجَاتٍ لِلشَّيْطَانِ وَمَنْ وَصَلَ صَفًّا وَصَلَهُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَمَنْ قَطَعَ صَفًّا قَطَعَهُ اللَّهُ » ، فلا يكون بين المصلين فُرَج تدخل منها الشياطين ؛ لأن الشياطِين يدخلون بين الصُّفوفِ كأولاد الضأن الصِّغارِ ؛ من أجل أن يُشوِّشوا على المصلين صلاتَهم .
ومن صور تسوية الصفوف في الصلاة : ثالثا : إكمالَ الأول فالأول ، فإنَّ هذا مِن استواءِ الصُّفوف ، فلا يُشرع في الصَّفِّ الثاني حتى يَكمُلَ الصَّفُّ الأول ، ولا يُشرع في الثالث حتى يَكمُلَ الثاني وهكذا ، وقد نَدَبَ النبي صلى الله عليه وسلم إلى تكميل الصفِّ الأول ، ورغب فيه ، ففي الصحيحين : (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ « لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي النِّدَاءِ وَالصَّفِّ الأَوَّلِ ، ثُمَّ لَمْ يَجِدُوا إِلاَّ أَنْ يَسْتَهِمُوا عَلَيْهِ لاَسْتَهَمُوا..) ، رابعا : ومِن تسوية الصُّفوف : التقاربُ فيما بينها ، وفيما بينها وبين الإِمام ؛ لأنهم جماعةٌ ، والجماعةُ مأخوذةٌ مِن الاجتماع : ولا اجتماع كامل مع التباعد ، فكلما قَرُبَت الصُّفوفُ بعضها إلى بعض ، وقَرُبَت إلى الإِمام كان أفضل وأجمل ، وحَدُّ القُرب : أن يكون بينهما مقدار ما يَسَعُ للسُّجودِ وزيادة يسيرة .خامسا : ومِن تسوية الصُّفوفِ وكمالها : أن يدنوَ الإِنسانُ مِن الإِمامِ ؛ ففي صحيح مسلم :(عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « لِيَلِنِي مِنْكُمْ أُولُو الأَحْلاَمِ وَالنُّهَى ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ – ثَلاَثًا – وَإِيَّاكُمْ وَهَيْشَاتِ الأَسْوَاقِ ». فكلَّما كان المصلي أقربَ للإمام كان أَولى ، ولهذا جاء الحثُّ على الدُّنوِّ مِن الإِمام في صلاة الجُمعة ، لأن الدُّنوَّ مِن الإِمام في صلاة الجُمعة يحصُل به الدُّنُو إليه في الصَّلاةِ ، وفي الخطبة ، فالدُّنُو مِن الإِمام أمرٌ مطلوب ، وبعضُ الناس يتهاون بهذا ؛ ولا يحرِصُ عليه أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية : تسوية الصف ( لَتُسَوُّنَّ صُفُوفَكُمْ أَوْ لَيُخَالِفَنَّ اللَّهُ بَيْنَ وُجُوهِكُمْ)
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
ومِن تسوية الصُّفوف : تفضيل يمين الصفِّ على شماله ، لأنَّ أيمن الصَّفِّ أفضل مِن أيسره ، ولكن ليس على سبيل الإِطلاق ؛ كما في الصَّفِّ الأول ؛ لأنه لو كان على سبيل الإِطلاق ، كما في الصف الأول ؛ لقال الرَّسولُ عليه الصَّلاةُ والسَّلام : ( أتمُّوا الأيمن فالأيمن ) كما قال : ( أتمُّوا الصَّفَّ الأول ، ثم الذي يليه ) . وإنما يكون يمين الصف أفضل من يساره إذا تساوى اليمينُ واليسار أو تقاربا ، كما لو كان اليسار خمسة واليمين خمسة ؛ وجاء الحادي عشر ؛ نقول : اذهبْ إلى اليمين ؛ لأنَّ اليمين أفضلُ مع التَّساوي ، أو التقارب أيضاً ؛ بحيث لا يظهر التفاوتُ بين يمين الصَّفِّ ويسارِه ، أما مع التَّباعد فلا شكَّ أنَّ اليسار القريبَ أفضل من اليمين البعيد . سابعا : ومِن تسوية الصُّفوفِ : أن تُفرد النِّساءُ وحدَهن ؛ بمعنى : أن يكون النِّساءُ خلف الرِّجال ، ولا يختلط النِّساء بالرِّجال ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( خيرُ صُفوفِ الرِّجَالِ أوَّلُهَا ، وشرُّها آخِرُها ، وخيرُ صُفوفِ النِّساءِ آخرُها ، وشرُّها أوَّلُها ) فبيَّن عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ أنه كلما تأخَّرت النِّساءُ عن الرِّجالِ كان ذلك أفضلَ .
أيها المسلمون
وقد تُوعِّد رسول الله صلى الله عليه وسلم من ترك تسوية الصفوف بالمخالفة بين الوجوه ، فقال صلى الله عليه وسلم : (أَوْ لَيُخَالِفَنَّ اللَّهُ بَيْنَ وُجُوهِكُمْ) ، يعني إن لم تسووا الصفوف ؛ خالف الله بين وجوهكم ، واختلف العلماء ـ رحمهم الله ـ في معنى مخالفة الوجه .فقال بعضهم : إن المعنى أن الله يخالف بين وجوههم مخالفة حسية ، بحيث يلوي الرقبة ، حتى يكون وجه هذا مخالفاً لوجه هذا ، والله على كل شيء قدير ، فهو عز وجل قلب بعض بني أدم قردة ، فهو قادر على أن يلوي رقبة لإنسان حتى يكون وجهه من عند ظهره ، وهذه عقوبة حسية .وقال بعض العلماء : بل المراد بالمخالفة : المخالفة المعنوية ، يعني مخالفة القلوب ؛ لأن القلب له اتجاه ، فإذا اتفقت القلوب على وجهة واحدة ،حصل في هذا الخير الكثير ، وإذا اختلفت تفرقت الأمة . فالمراد بالمخالفة مخالفة القلوب ، وهذا التفسير أصح ؛ لأنه قد ورد في بعض الألفاظ : (أَوْ لَيُخَالِفَنَّ اللَّهُ بَيْنَ وُجُوهِكُمْ) . وفي رواية : (وَلا تَخْتَلِفُوا فَتَخْتَلِفَ قُلُوبُكُمْ ) .وعلى هذا فيكون المراد بقوله : (أَوْ لَيُخَالِفَنَّ اللَّهُ بَيْنَ وُجُوهِكُمْ ) ، أي بين وجهات نظركم ، وذلك باختلاف القلوب .
الدعاء