خطبة عن حديث (إِنَّمَا النَّاسُ كَالإِبِلِ الْمِائَةُ)
يونيو 30, 2018خطبة عن (من علماء الإسلام: سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ
يونيو 30, 2018الخطبة الأولى حديث 🙁 تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ لأَرْبَعٍ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
روى البخاري ومسلم في صحيحيهما : (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ : « تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ لأَرْبَعٍ لِمَالِهَا وَلِحَسَبِهَا وَلِجَمَالِهَا وَلِدِينِهَا فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ ».
إخوة الإسلام
في هذا الحديث النبوي الشريف ، يحدِّثنا الرسول صلى الله عليه وسلم عن عادات الناس في الزواج، فيبيِّن صلى الله عليه وسلم أن مقاصدَ الناس في النكاح على اختلاف نزعاتهم، وتعاقُب أعصارهم، على أربعة أنحاء وطرق : فإما أن تُقصَد المرأة لمالها؛ ليستمتِع به الزوج في حياته، ويُورِثه أولاده منها بعد مماتِه، ويُخفِّف به أثقال العيش وأعباء الحياة، وإما أن تُراد لحَسَبها، يبتغي زوجها العزة بقومها، والمنزلةَ بشرفها وجاهِها، والمصاهرة لحُمة كلحمة النَّسب، وإما أن تُرغَب لجمالها، إذا كان الزوج عبد الهوى وأسير الشهوات. تلك شؤون الكثرة من الناس؛ إذا قصِدوا النكاح، ولكن ما أسوأ العاقبة، وأنكد الحياة، إذا استحوذت المرأة على الرجل فاستعبدتُه بمالها، أو اقتنصته في شَرَك حسَبها وجمالها! فهنالك تكون هي القيِّمة على الزوج، والحاكمة بأمرها، والمستبِدة برأيها، ويكون الزوج هو العبد المُطيع، والذليل المسخَّر لما تُريد المرأة وتهوى، وهنالك الطامة الكبرى، والبلاء الأعظم. أما الكَمَلَةُ وأهل الرشد من الرجال – وما أقلَّهم في هذا الزمان ! – فهم الذين يرغَبون في المرأة لدينها؛ فيجدون فيها السكَنَ لنفوسهم، والطمأنينة لقلوبهم، والأمن على أموالهم وأعراضهم، وذلك لأن الحسب عندهم هو التُّقى، وأن الغنى غنى النفس، وأن الجمال هو جمال الدين والخُلُق ، والله تعالى يَهَب لهم من ذوات الدين ما فقَدوا، وخيرًا مما فقدوا من ذوات الحَسَب والنسب، وصاحبات المال والجمال.
أيها المسلمون
وليكن معلوما أن الاسلام لا يمنع أن يتزوج الرجل المرأة الجميلة ، ولكن أن تتحلى بجمال الظاهر والباطن ، وجمال الصورة والأخلاق ، وجمال المظهر والمخبر ، فنكاح المرأة لجمالها أمر لا يُنكر، بمعنى أن كثيراً من النفوس تطلبه، والاسلام قد شرع لنا أن ينظر الرجل إلى المرأة إذا أراد أن يتزوجها، ففي صحيح مسلم (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ كُنْتُ عِنْدَ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فَأَتَاهُ رَجُلٌ فَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ تَزَوَّجَ امْرَأَةً مِنَ الأَنْصَارِ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « أَنَظَرْتَ إِلَيْهَا ». قَالَ لاَ. قَالَ « فَاذْهَبْ فَانْظُرْ إِلَيْهَا فَإِنَّ فِي أَعْيُنِ الأَنْصَارِ شَيْئًا ». وفي رواية عند الترمذي وغيره قال صلى الله عليه وسلم:« انْظُرْ إِلَيْهَا فَإِنَّهُ أَحْرَى أَنْ يُؤْدَمَ بَيْنَكُمَا ». فحث الاسلام على ذلك، وجعله سبباً للوفاق بين الزوجين، ولكن حينما يكون هذا المطلوب ،هو الوصف المنفرد ،الذي يطلبه الرجل من المرأة ،دون النظر إلى الدين ،فإن ذلك يؤل غالباً إلى صفقة خاسرة، والسبب هو أن المرأة إذا كانت جميلة ولا تخاف من الله -عز وجل- فقد يكون ذلك سبباً لغرورها، ولترفعها على هذا الزوج، ولربما أسرت قلبه فلا يجد فكاكاً من متابعتها ،ومطاوعتها ،حتى على مساخط الله -عز وجل-، ولربما أمرته فقطع رحمه ،أو عق والديه، كل ذلك من أجل أسْر الجمال، ولا شك أن الجمال يأسر كثيراً من النفوس، ثم أيضاً كما قيل: الماء العذب يَكثر الواردون عليه، فإذا عُرف أن هذه المرأة جميلة، ولا تخاف من الله -عز وجل-، وتتبرج ،وتظهر زينتها ،فإن الأنظار تتوجه إليها، فكون الإنسان يطلب الجمال هذا أمر لا يُذم ولا يُمنع، ولكن حينما يكون هذا هو المطلوب فحسب ،دون النظر إلى الدين والتقوى ،فإن هذا أمر لا يسوغ بحال من الأحوال، فالجمال يذهب ،ولا تبقى إلا الحقائق، ومهما تطاولت الأيام والليالي ،فلابد أن ينقشع هذا الجمال، فهو قشرة، ثم بعد ذلك ، فالأيام والسنون كفيلة بترحله وزواله، فتتغير الحال ، وتذهب تلك النضارة والحسن والبهاء والشباب ،ويتحول ذلك إلى شيء آخر، لربما تعافه النفوس ، وتنفر منه، والاسلام أيضا لا يمنع أن يتزوج الرجل المرأة ذات الحسب ، ولكن مع حسبها أن تكون أيضا ذات دين ، فإذا تزوج الرجل المرأة لمنصبها ،أو لحسبها ونسبها ،دون أن ينظر إلى الدين ،فإنها قد تترفع عليه، وتكون مُدِلّة عليه، وكثير ممن يتزوج امرأة هي فوقه في المنصب والمرتبة، والنسب والشرف، وما أشبه ذلك ،لا يسلم في غالب الأحيان، وإذا كانت هذه الأمور كامنة في النفوس ،فقد تظهر في أوقات الخصومات،
فما حاجتك أن تتزوج بامرأة تكون سيدة لك؟، ولذلك فعلى الإنسان إذا تزوج ، فليحرص أن يتزوج امرأة مشاكلة له لا تترفع عليه، ولا تشعره أنها فوقه، ولا يكون ذلك إلا إذا كانت ذات دين ، فيمنعها دينها أن تفعل ذلك ، لأنها تعلم حقوق زوجها عليها ،وكذلك ذات المال ، أن تكون مع غناها ذات دين ، ففي الدين الخير كلُّه لمن باع الحياة الدنيا بالآخرة فربِحهما جميعًا، وفي الدنيا الشرُّ كله لمن اشترى الفانية بالباقية فخسرهما جميعًا، ومِصداقُ ذلك ما رواه الطبراني في الأوسط عن أنس – رضي الله عنه – عن النبي – صلى الله عليه وسلم -: (مَن تزوَّج امرأة لعزِّها، لم يَزده الله إلا ذلاًّ، ومَن تزوَّجها لمالها، لم يزده الله إلا فقرًا، ومن تزوَّجها لحَسَبها، لم يزده الله إلا دناءةً، ومَن تزوَّج امرأة لم يُرِد بها إلا أن يَغُضَّ بصرَه، ويُحصِّن فرجَه، أو يَصِل رَحِمه، بارَك الله له فيها، وبارَك لها فيه) ، وفي تجارب الحياة مُعتبَر وذِكرى ، ففي تهذيب الكمال للمزي رحمه الله : (قال يحيى بن يحيى النيسابوري: كنت عند سفيان بن عيينة إذ جاءه رجل فقال: يا أبا محمد، أشكو إليك من فلانة، يعني امرأته – فقال: أنا أذل الأشياء عندها وأحقرها. فاطرق سفيان مليا، ثم رفع رأسه فقال: لعلك رغبت إليها لتزداد بذلك عزا؟ فقال: نعم يا أبا محمد. فقال: من ذهب إلى العز ابتلي بالذل، ومن ذهب إلى المال ابتلي بالفقر، ومن ذهب إلى الدين يجمع الله له العز والمال مع الدين.
أيها المسلمون
وغنيٌّ عن البيان أنَّه – صلوات الله وسلامه عليه – إنما يَرغَب عن ذوات الحسب والنسب والجمال، إذا عَرَين عن الدين، وتجرَّدن من فضائله، وأما إذا تحلَّت ذاتُ الدين بخَصْلة من الخِصال الثلاث، أو بهنَّ جميعًا، فذلك علاوة في الفضل، وزيادة في الحسنى، لا يأباها الدينُ الحنيف، بل يدعو إليها، ومن ثَمَّ نراه يُنفِّر من نكاح المرأة الوضيعة الحسَب، أو المجهولة النسب إلا من أمثالها؛ لأن العِرق دَسَّاس، وكل إناءٍ بما فيه يَنضَح، كما نراه يرغِّب في النظر إلى المرأة حين خِطبتها؛ خَشيةَ أن يُخدَع فيها، فيُعاشِرها على مَضَضٍ، أو يُفارِقها على نكدٍ. وجملة القول: إن الدين هو الأساس الأول لمن يختارها الرجل شريكة حياته، وموضِع ثقته، ومثابة هناءته وسعادته، فإذا حَظي فيها بمَنْقَبَة فوق ذلك، فما أخلَقه بشكر النعمة وتقوى الله فيها!
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية حديث 🙁 تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ لأَرْبَعٍ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
والسؤال الذي قد يرد ممن يرغب في الزواج : بمَ تُعرَف المرأة الصالحة ذات الدين ؟ والاجابة : تُعرف المرأة الصالحة ذات الدين بالمنبَت الكريم، والبيئة الصالحة، والبيت التقي المهذَّب، والسيرة النقية الطاهرة ، فمهما أوغَل الناسُ في الفساد والغِش، وسَرَتْ عدوى الرذيلة إلى الفضيلة، واشتبهت المسالك، فإن للصلاح نورًا يُبدِّد الظلام، ويَخترق الحُجُب، ويدل روَّاده عليه، ويَهديهم السبيل إليه، والذي نَعنيه أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قد أبان أمهاتِ الأغراض في النكاح، وأن ما جدَّ في المدنيَّة الزائفة، والحضارة المقيتة، فهو مُتشعِّب عنها ومردود إليها، وأن الدين – ومنه التربية الرشيدة – لا يزال هو المقْصِد الأسمى، والمطمح الأعلى، لمن يبتغي عزَّةً خالصة، وحياة طيبة. وكما ينبغي للرجل أن يبحث عن ذات الدين فيَظفر بها، فينبغي كذلك للمرأة أو وليّها أن يتخيَّرا ذا الدين والخُلُقِ فيَظفرا به، وهنالك تُوضَع اللبِنَة الأولى في بناء البيت الصالح التقي، والأسرة الكريمة المهذَّبة، بل الأمة المرهوبة الجَناب، الرفيعة المنزلة. قال الله تعالى : ﴿ وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لَا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِدًا ﴾ [الأعراف: 58].
أيها المسلمون
لماذا ذات الدّين بالذات ؟، لأنها خير متاع الدنيا ، لأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَخَيْرُ مَتَاعِ الدُّنْيَا الْمَرْأَةُ الصَّالِحَةُ » رواه مسلم . ولماذا ذات الدّين؟ – لأنها تُعين على الطاعة ، فَقد قَالَ صلى الله عليه وسلم :« لِيَتَّخِذْ أَحَدُكُمْ قَلْبًا شَاكِرًا وَلِسَانًا ذَاكِرًا وَزَوْجَةً مُؤْمِنَةً تُعِينُ أَحَدَكُمْ عَلَى أَمْرِ الآخِرَةِ » رواه ابن ماجة. ولماذا ذات الدّين؟ – لأنها من خصال السعادة ، ففي صحيح ابن حبان (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أربع من السعادة المرأة الصالحة والمسكن الواسع والجار الصالح والمركب) ، وروى أحمد في مسنده : (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « مِنْ سَعَادَةِ ابْنِ آدَمَ ثَلاَثَةٌ وَمِنْ شِقْوَةِ ابْنِ آدَمَ ثَلاَثَةٌ مِنْ سَعَادَةِ ابْنِ آدَمَ الْمَرْأَةُ الصَّالِحَةُ وَالْمَسْكَنُ الصَّالِحُ وَالْمَرْكَبُ الصَّالِحُ وَمِنْ شِقْوَةِ ابْنِ آدَمَ الْمَرْأَةُ السُّوءُ وَالْمَسْكَنُ السُّوءُ وَالْمَرْكَبُ السُّوءُ » ، ولماذا ذات الدّين؟ – لأنها أمان نفسي ، فعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَيُّ النِّسَاءِ خَيْرٌ قَالَ « الَّذِى تَسُرُّهُ إِذَا نَظَرَ وَتُطِيعُهُ إِذَا أَمَرَ وَلاَ تُخَالِفُهُ فِيمَا يَكْرَهُ فِي نَفْسِهَا وَمَالِهِ » رواه الإمام أحمد وغيره ، وحسنه الألباني وفي رواية للبيهقي : ( قَالَ : أَلاَ أُخْبِرُكَ بِخَيْرِ مَا يَكْنِزُ الْمَرْءُ ، الْمَرْأَةُ الصَّالِحَةُ إِذَا نَظَرَ إِلَيْهَا سَرَّتْهُ ، وَإِذَا أَمَرَهَا أَطَاعَتْهُ ، وَإِذَا غَابَ عَنْهَا حَفِظَتْهُ. فأي فوز – بعد تقوى الله – أعظم من الفـوز بامرأة صالحـة ذات دين ؟ الدعاء