خطبة عن حديث (فِتْنَةُ الرَّجُلِ فِي أَهْلِهِ وَمَالِهِ وَوَلَدِهِ تُكَفِّرُهَا الصَّلاَةُ)
أبريل 14, 2018خطبة عن ( قصة أَصْحَاب الْفيل )
أبريل 14, 2018الخطبة الأولى (من أخلاق المسلم 🙁 الاستقامة
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته :( إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (30) نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ (31) نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ ) فصلت30،32 ، وقال الله تعالى:( إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (13) أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) الأحقاف 13، 14 ، وروى مسلم في صحيحه : (عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الثَّقَفِيِّ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قُلْ لِي فِي الإِسْلاَمِ قَوْلاً لاَ أَسْأَلُ عَنْهُ أَحَدًا بَعْدَكَ – وَفِى حَدِيثِ أَبِى أُسَامَةَ غَيْرَكَ – قَالَ « قُلْ آمَنْتُ بِاللَّهِ فَاسْتَقِمْ ».
إخوة الإسلام
الاستقامة خلق من الأخلاق الحميدة ،وفضيلة من الفضائل التي يتسم صاحبها بالصدق في القول ، والإخلاص في العمل ، والاستقامة: هي لزوم طاعة الله عز وجل، ولزوم سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والاستقامة :هي أن يثبت الإنسان على شريعة الله سبحانه وتعالى كما أمر الله ويتقدمها الإخلاص لله عز وجل ، والاستقامة: تعني الاعتدال بين التشدد والغلو، وبين التساهل والضياع، وهي الاعتدال على أمر الله سبحانه وتعالى، وأيضا تعني أن الإنسان يستقيم على دين الإسلام لا ينحرف عنه يمنة ولا يسرة ، وفي مسند أحمد وغيره 🙁عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فَخَطَّ خَطًّا وَخَطَّ خَطَّيْنِ عَنْ يَمِينِهِ وَخَطَّ خَطَّيْنِ عَنْ يَسَارِهِ ثُمَّ وَضَعَ يَدَهُ فِي الْخَطِّ الأَوْسَطِ فَقَالَ « هَذَا سَبِيلُ اللَّهِ ». ثُمَّ تَلاَ هَذِهِ الآيَةَ (وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ) ، وقد جعل الله تعالى ” الصراط المستقيم ” مطلبًا للمؤمنين ، يرجون ربهم تحقيقه لهم ، فيدعون بذلك في كل ركعة من صلواتهم حينما يقولون : اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ . فبالاسْتِقَامَةِ يَجِدُ المُسْلِمُ حَلاَوَةَ الإِيمَانِ، وَطُمَأْنِينَةَ القَلْبِ، وَرَاحَةَ النَّفْسِ وَالبَالِ ؛قال تعالى : (أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ فَوَيلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أُولَئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) [الزمر:22]، وقال تعالى : (أَوَمَنْ كَانَ مَيتًا فَأَحْيَينَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) [الأنعام : 122]. وَمَا أَجْمَلَ الاسْتِقَامَةَ عَلَى العَمَلِ الصَّالِحِ، وَالتَّوبَةِ وَالإِنِابَةِ، وَالازْدِيَادِ مِنَ البَاقِيَاتِ الصَّالِحَاتِ! وَمَا أَعْظَمَهَا حِينَ تَكُونُ بَعْدَ الطَّاعَةِ! فَهَذِهِ حَالُ المُؤْمِنِ الصَّادِقِ فِي إِيمَانِهِ، الذِي لاَ يَغْتَرُّ بِمَا قَدَّمَ مِنْ عَمَلٍ، وَلاَ يَرْكَنُ إِلاَّ إِلَى رَحْمَةِ اللهِ تَعَالَى وَفَضْلِهِ؛ لأَنَّهُ يَعْلَمُ أَنَّ عَمَلَهُ فِي جَنْبِ مَعَاصِيهِ وَغَفْلَتِهِ عَنِ اللهِ تَعَالَى قَلِيلٌ، وَأَنَّهُ مَهْمَا عَمِلَ فِي جَنْبِ نِعَمِ اللهِ عَلَيهِ وَفَضْلِهِ وَإِحْسَانِهِ وَسِتْرِهِ فَلَنْ يُوَفِّيَ ذَلِكَ كُلَّهُ بَعْضَ حَقِّهِ، وَأَنَّ اللهَ تَعَالَى إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ مِنَ المُتَّقِينَ؛ قال الله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لا يُشْرِكُونَ * وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ) [المؤمنون: 57-61]. وَفِي الصَّحِيحَينِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيرَةَ -رضي الله عنه- أَنَّ رَسُولَ اللهِ قَالَ صلى الله عليه وسلم: “لَنْ يُنَجِّيَ أَحَدًا مِنْكُمْ عَمَلُهُ”، قَالُوا: وَلاَ أَنْتَ يَا رَسُولَ اللهِ؟! قَالَ: “وَلاَ أَنَا، إِلاَّ أَنْ يَتَغَمَّدَنِي اللهُ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ، فَسَدِّدُوا وَقَارِبُوا، وَاغْدُوا وَرُوحُوا، وَشَيءٌ مِنَ الدُّلْجَةِ، وَالْقَصْدَ الْقَصْدَ تَبْلُغُوا”؛ وَلأَجْلِ هَذَا فَقَدْ أَرْشَدَ النبيُّ الكَرِيمُ –صلى الله عليه وسلم- أُمَّتَهُ بِقَولِهِ: “اسْتَقِيمُوا وَلَنْ تُحْصُوا” رواه مسلم، وَبِقَولِهِ –صلى الله عليه وسلم-: “سَدِّدُوا وَقَارِبُوا” متفق عليه. وَالسَّدَادُ هُوَ حَقِيقَةُ الاسْتِقَامَةِ، وهُوَ الإِصَابَةُ في جَمِيعِ الأَقْوَالِ والأَعْمَالِ والمَقَاصِدِ؛ وأَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ وأَجَلُّ قَولُ الحَقِّ تَعَالَى: (فَاسْتَقِيمُوا إِلَيهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ) [فصلت:6]. وَهُوَ تَوجِيهٌ إِلَهِيٌّ كَرِيمٌ لِجَبْرِ مَا قَدْ يَحْصُلُ مِنْ ضَعْفٍ بَشَرِيٍّ، وقُصُورٍ إِنْسَانِيٍّ.
أيها المسلمون
لَقَدْ أَمَرَ اللهُ تَعَالَى رَسُولَهُ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابَهُ الكِرَامَ -رضي الله عنهم- بِالاسْتِقَامَةِ، وَهُوَ صَفْوَةُ الخَلْقِ، وَهُمْ أَفْضَلُ الأُمَّةِ؛ قَالَ سُبْحَانَهُ: (فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلا تَطْغَوا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ * وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمْ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَولِيَاءَ ثُمَّ لا تُنصَرُونَ) [هود:112-113]. قَالَ ابنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا: مَا أُنْزِلَ عَلَى رَسُولِ اللهِ –صلى الله عليه وسلم- في جَمِيعِ القُرْآنِ آيَةٌ كَانَتْ أَشَدَّ وَلاَ أَشَقَّ عَلَيهِ مِنْ هَذِهِ الآيَةِ. وعَنِ الحَسَنِ قَالَ: لَمَّا أُنْزِلَتْ هَذِهِ الآيَةُ شَمَّرَ رسُولُ اللهِ –صلى الله عليه وسلم- للعِبَادَةِ، فَمَا رُئيَ ضَاحِكًا، وقَالَ لأَصحَابِهِ حِينَ أَسْرَعَ إِلَيهِ الشَّيبُ: “شَيَّبَتْنِي هُودٌ وأَخَوَاتُهَا”، يَعْنِي قولَهُ تَعَالَى: (فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلا تَطْغَوا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ)”. وَلَقَدْ كانَ المُصْطَفَى –صلى الله عليه وسلم- قُرْآنًا يَمْشِي عَلَى الأَرْضِ؛ تَقُولُ عَائِشَةُ -رضي الله عنها- حِينَ سُئِلَتْ عَنْ خُلُقِهِ –صلى الله عليه وسلم-: كَانَ خُلُقُهُ الْقُرْآنَ، أَمَا تَقْرَأُ القُرْآنَ: (وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) [القلم:4]؟! رواه أحمدُ. وَكَانَ أَكثَرُ دُعَائِهِ –صلى الله عليه وسلم-: “يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ” رواه أحمدُ والترمذيُّ وحسَّنَهُ. وروى أحمد في مسنده : (عَنِ النَّوَاسِ بْنِ سَمْعَانَ الأَنْصَارِيِّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً صِرَاطاً مُسْتَقِيماً وَعَلَى جَنْبَتَىي الصِّرَاطِ سُورَانِ فِيهِمَا أَبْوَابٌ مُفَتَّحَةٌ وَعَلَى الأَبْوَابِ سُتُورٌ مُرْخَاةٌ وَعَلَى بَابِ الصِّرَاطِ دَاعٍ يَقُولُ يَا أَيُّهَا النَّاسُ ادْخُلُوا الصِّرَاطَ جَمِيعاً وَلاَ تَتَفَرَّجُوا وَدَاعِى يَدْعُو مِنْ جَوْفِ الصِّرَاطِ فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يُفْتَحَ شَيْئاً مِنْ تِلْكَ الأَبْوَابِ قَالَ وَيْحَكَ لاَ تَفْتَحْهُ فَإِنَّكَ إِنْ تَفْتَحْهُ تَلِجْهُ وْالصَّرِاطُ الإِسْلاَمُ وَالسُّورَانِ حُدُودُ اللَّهِ تَعَالَى وَالأَبْوَابُ الْمُفَتَّحَةُ مَحَارِمُ اللَّهِ تَعَالَى وَذَلِكَ الدَّاعِي عَلِى رَأْسِ الصِّرَاطِ كِتَابُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَالدَّاعِي مِنْ فَوْقِ الصِّرَاطِ وَاعِظُ اللَّهِ فِي قَلْبِ كُلِّ مُسْلِمٍ »
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية (من أخلاق المسلم 🙁 الاستقامة )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
وروى الإمام أحمد (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ خَطَّ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- خَطًّا ثُمَّ قَالَ « هَذَا سَبِيلُ اللَّهِ ثُمَّ خَطَّ خُطُوطاً عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ – ثُمَّ قَالَ – هَذِهِ سُبُلٌ – قَالَ يَزِيدُ – مُتَفَرِّقَةٌ عَلَى كُلِّ سَبِيلٍ مِنْهَا شَيْطَانٌ يَدْعُو إِلَيْهِ ». ثُمَّ قَرَأَ (وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ). وَهَذِهِ السُّبُلُ التِي وَصَفَهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا شَيطَانٌ يَدْعُو إِلَيهِ مِنْ شيَاطِينِ الجِنِّ وَالإِنْسِ، وَمَا أَكَثَرَهُم في هَذَا الزَّمَانِ! لاَ كَثَّرَهُم اللهُ! الذِين يَدْعُونَ إِلَى مُخَالَفَةِ صِرَاطِ اللهِ المُسْتَقِيمِ بكُلِّ وَسِيلَةٍ، ويُزَيِّنُونَ الابْتِعَادَ عَنْهُ بِكُلِّ طَرِيقَةٍ، يَدْعُونَ إِلَى الطُّرُقِ المُنْحَرِفَةِ، والسُّبُلِ المُلْتَوِيَةِ؛ وَهَؤُلاَءِ كُلُّهُم دُعَاةٌ عَلَى أَبْوَابِ جَهَنَّمَ، مَنْ أَجَابَهُم قَذَفُوهُ فِيهَا، واَلنَّارُ حُفَّتْ بالشَّهَوَاتِ، ومَا أَكَثَر مَنْ يَسْتَجِيبُ لَهُم مِنْ ضِعَافِ الإِيمَانِ!. والمُسْلِمَ المُسْتَقِيمَ عَلَى أَمْرِ اللهِ تَعَالَى ، يَتَمَسَّكُ بكِتَابِ اللهِ تَعَالَى وَسُنَّةِ رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم، وَيَعَضُّ عَلَيهِمَا بالنَّوَاجِذِ في زَمَنِ الشَّهَوَاتِ والشُّبُهَاتِ، فَيَصْلُحُ حِينَ يَفْسدُ النَّاسُ، ويُصْلِحُ مَا أَفْسَدَ الناسُ، ويَقْبِضُ عَلَى الجَمْرِ حِينَ يَتَذَرَّعُ النَّاسُ بالشَّهَوَاتِ والمُغْرِيَاتِ؛ حِينَهَا تَعْظُمُ الاسْتِقَامَةُ أَجْرًا وتَسْمُو قَدْرًا. وَقَدْ صَحَّ عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ مِنْ حَدِيثِ أَنَسِ بنِ مَالِكٍ -رضي الله عنه- أَنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: “يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ الصَّابِرُ فِيهِمْ عَلَى دِينِهِ كَالْقَابِضِ عَلَى الْجَمْرِ”، وَرَوَى مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ عَنْ ثَوبَانَ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ: صلى الله عليه وسلم: “لاَ تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ عَلَى الْحَقِّ لاَ يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللهِ وَهُمْ كَذَلِكَ”، وعَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ -رضي الله عنه- قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ يَقُولُ صلى الله عليه وسلم: “لَيَبْلُغَنَّ هَذَا الأَمْرُ مَا بَلَغَ اللَّيلُ وَالنَّهَارُ، وَلاَ يَتْرُكُ اللهُ بَيتَ مَدَرٍ وَلاَ وَبَرٍ إِلاَّ أَدْخَلَهُ اللهُ هَذَا الدِّينَ بِعِزِّ عَزِيزٍ أَو بِذُلِّ ذَلِيلٍ؛ عِزًّا يُعِزُّ اللهُ بِهِ الإِسْلاَمَ، وَذُلاَّ يُذِلُّ اللهُ بِهِ الْكُفْرَ” رواه أحمدُ.
إِنَّ الاسْتِقَامَةَ عَلَى دِينِ اللهِ تَعَالَى ثَبَاتٌ ورُجُولَةٌ، وانْتِصَارٌ وفَوزٌ في مَعْرَكَةِ الطَّاعَاتِ وَالأَهْوَاءِ وَالرَّغَبَاتِ وَالشَّهَوَاتِ، وَلِذَلِكَ اسْتَحَقَّ الذِينَ اسْتَقَامُوا أَنْ تَتَنَزَّلَ عَلَيهِم المَلاَئِكَةُ في الحَيَاةِ الدُّنْيَا؛ لِتَطْرُدَ عَنْهُمُ الخَوفَ والحَزَنَ، وَتُبَشِّرَهُم بالجَنَّةِ، وَيُعْلِنُوا وَقُوفَهُم إِلَى جَانِبِهِم في الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيهِمْ الْمَلائِكَةُ أَلاَّ تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ * نَحْنُ أَولِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ * نُزُلاً مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ) [فصلت:30-32]. وَمَدَارُ الاسْتِقَامَةِ في الدِّينِ عَلَى أَمْرَينِ عَظِيمَينِ هُمَا: حِفْظُ القَلْبِ وَاللِّسَانِ، فَمَتَى اسْتَقَامَا اسْتَقَامَتْ سَائِرُ الأَعْضَاءِ، وصَلَحَ الإِنْسَانُ في سُلُوكِهِ وحَرَكَاتِهِ وسَكَنَاتِهِ، ومَتَى اعْوَجَّا وَفَسَدَا فَسَدَ الإِنْسَانُ وضَلَّتْ أَعْضَاؤُهُ جَمِيعًا، وَفِي الصَّحِيحَينِ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ: “أَلاَ وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً، إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ؛ أَلاَ وَهِيَ الْقَلْبُ”، وَعِنْدَ الإِمَامِ أَحْمَدَ مِنْ حَدِيثِ أَنَسِ بنِ مَالِكٍ -رضي الله عنه- أَنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: “لاَ يَسْتَقِيمُ إِيمَانُ عَبْدٍ حَتَّى يَسْتَقِيمَ قَلْبُهُ، وَلاَ يَسْتَقِيمُ قَلْبُهُ حَتَّى يَسْتَقِيمَ لِسَانُهُ، وَلاَ يَدْخُلُ رَجُلٌ الْجَنَّةَ لاَ يَأْمَنُ جَارُهُ بَوَائِقَهُ”.
الدعاء