خطبة عن الصحابي:(خَالِدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ
أبريل 28, 2018خطبة عن :كفالة الأرامل والمساكين وحديث (السَّاعِي عَلَى الأَرْمَلَةِ وَالْمِسْكِينِ كَالْمُجَاهِدِ)
أبريل 28, 2018الخطبة الأولى (من أخلاق المسلم 🙁 التقوى )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته :(يا أَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ وَءامِنُواْ بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن رَّحْمَتِهِ وَيَجْعَل لَّكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) الحديد 28.. ويقول سبحانه( إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ) المائدة 27. ويقول سبحانه ( وَإِن مّنكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْماً مَّقْضِيّاً ثُمَّ نُنَجّى الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيّاً ) مريم 71 ، 72.. ويقول سبحانه ( إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ ) النحل 128. وقوله تعالى (تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِى نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَن كَانَ تَقِيّاً ) مريم 63، وروى ابن حبان في صحيحه والطبراني في معجمه واللفظ له عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ : قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَوْصِنِي ، قَالَ : (أُوصِيكَ بِتَقْوَى اللَّهِ فَإِنَّهَا رَأْسُ أَمْرِكَ ..) ،
إخوة الإسلام
التقوى والخشية والخوف والمراقبة لله عز وجل هي المجالات التي تسابق فيها الصالحون من عباد الله، والتي تباين فيها الناس، فعاش أقوام في القمم من التقوى؛ فأصبحوا عند الله أفضل من الملائكة، وحرم منها أقوام فعاشوا -والعياذ بالله- عند الله أسوأ من البهائم والحيوانات. والتقوى هي النسب الرباني الذي جعله الله عز وجل ميداناً للتفاضل بين العباد، يقول الله عز وجل: ( إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ) [الحجرات:13] ، والتقوى عنوان السعادة في الدنيا والآخرة، فقد رتب الله عليها كل خير في الدنيا والآخرة، وكلمة (اتق الله) كلمة تهز نياط القلوب إذا ما وجهت إلى أهل الإيمان، فإذا سمعها المؤمن ارتجف؛ لأنه لا يستطيع أن يتحمل عصيان الله، فكلمة: (اتق الله عز وجل) إذا سمعها المؤمنون ارتعدت فرائصهم، واضطربت قلوبهم، وقامت جوارحهم، ومعنى التقوى : أن تجعل بينك وبين ما حرّم الله حاجبا وحاجزا ووقاية. وعرّفها الامام علي بن أبي طالب .فقال: ( هي الخوف من الجليل.. والعمل بالتنزيل .والقناعة بالقليل.. والاستعداد ليوم الرحيل) ، وسأل عمر كعبا فقال له: ما التقوى؟.. فقال كعب: يا أمير المؤمنين.. أما سلكت طريقا فيه شوك؟.. قال: نعم. قال: فماذا فعلت؟.. فقال عمر : أشمر عن ساقي.. وانظر إلى مواضع قدمي وأقدم قدما وأؤخر أخرى.. مخافة أن تصيبني شوكة. فقال كعب: تلك هي التقوى.. نعم فتقوى الله ..تشمير للطاعة، ونظر في الحلال والحرام، وورع من الزلل، ومخافة وخشية من الكبير المتعال .وقال بعض الصالحين: التقوى: (أن يراك الله حيث أمرك، وأن يفتقدك حيث نهاك) .. والتقوى محلها القلب ففي صحيح مسلم (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ ،قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « لاَ تَحَاسَدُوا وَلاَ تَنَاجَشُوا وَلاَ تَبَاغَضُوا وَلاَ تَدَابَرُوا وَلاَ يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا. الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لاَ يَظْلِمُهُ وَلاَ يَخْذُلُهُ وَلاَ يَحْقِرُهُ. التَّقْوَى هَا هُنَا ». وَيُشِيرُ إِلَى صَدْرِهِ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ « بِحَسْبِ امْرِئٍ مِنَ الشَّرِّ أَنْ يَحْقِرَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرْضُهُ ».. فليست التقوى مظهرا يكون عليه العبد.. فيطأطأ رأسه أو يتمتم بشفتيه.. ولكن التقوى في القلب ففي الحديث: ((إِنَّ اللَّهَ لا يَنْظُرُ إِلَى صُوَرِكُمْ وَلا أَمْوَالِكُمْ ، وَلَكِنْ إِنَّمَا يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ ) ،والتقوى هي منبع الفضائل كلها.. فالرحمة والوفاء والصدق والعدل.. والورع والبذل والعطاء.. كلها ثمرات من ثمار شجرة التقوى.. التي تنبت في القلب… وتثمر في الجوارح ،والتقوى.. هي التي تصحبك إلى قبرك.. فهي المؤنس لك من الوحشة.. والمنجية لك من عذاب الله في يوم الحسرة ، دخل سيدنا علي رضي الله عنه وكرم الله وجهه المقبرة يوما .. فنادى:( يا أهل القبور.. ما الخبر عندكم:… إن الخبر عندنا ..أن أموالكم قد قسمت .. وأن بيوتكم قد سكنت .. وإن زوجاتكم قد زوجت.. ثم بكى ثم قال: والله.. لو استطاعوا أن يجيبوا.. لقالوا:.. إنا وجدنا.. أن خير الزاد التقوى ).
أيها المسلمون
والسؤال كيف يتقي العبد ربه؟.. فأقول : أن تتقي الله في أقوالك وأفعالك وأحوالك ..فتقدم أمر الله على أمرك. .وتقدم قول الله على قولك.. و تقدم حكم الله على حكمك.. وتقدم قضاء الله واختيار الله على اختيارك . قال تعالى:( وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ) البقرة 216 ، ويقول سيدنا عمر.(والله لا أبالي. على خير أصبحت أم على شر.. لأني لا أعلم ما هو الخير لي ولا ما هو الشر لي).. وتقوى الله في قلبك :أن يكون قلبك سليما فلا غل ولا حسد ولا كراهية ولا ضغينة ..(قِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَيُّ النَّاسِ أَفْضَلُ قَالَ « كُلُّ مَخْمُومِ الْقَلْبِ صَدُوقِ اللِّسَانِ ». قَالُوا صَدُوقُ اللِّسَانِ نَعْرِفُهُ فَمَا مَخْمُومُ الْقَلْبِ قَالَ « هُوَ التَّقِىُّ النَّقِيُّ لاَ إِثْمَ فِيهِ وَلاَ بَغْىَ وَلاَ غِلَّ وَلاَ حَسَدَ ».. وتقوى الله في قلبك أن تكون متواضعا… فلا كبر ولا عجب ففي مسند احمد (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « لاَ يَدْخُلُ النَّارَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةٍ مِنْ إِيمَانٍ وَلاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةٍ مِنْ كِبْرٍ ». فَقَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي لَيُعْجِبُنِي أَنْ يَكُونَ ثَوْبِي غَسِيلاً وَرَأْسِي دَهِيناً وَشِرَاكُ نَعْلِى جَدِيداً – وَذَكَرَ أَشْيَاءَ حَتَّى ذَكَرَ عِلاَقَةَ سَوْطِهِ – أَفَمِنَ الْكِبْرِ ذَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ « لاَ ذَاكَ الْجَمَالُ إِنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ وَلَكِنَّ الْكِبْرَ مَنْ سَفِهَ الْحَقَّ وَازْدَرَى النَّاسَ ». وتقوى الله.. تكون في تعاملك.. فلا غش ولا خداع ولا كذب.. لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا، وَالْمَكْرُ وَالْخِدَاعُ فِي النَّارِ) صحيح ابن حبان .. وتقوى الله تكون في مطعمك ومشربك: فلا يدخل جوفك الحرام فإذا أكل العبد الحرام.. فلا تقبل منه طاعة.. ولا دعاء ولا صلاة ولا صوم ولا حج .. وتقوى الله تكون في جوارحك… في لسانك: قال عقبة بن عامر: (مَا النَّجَاةُ؟ قَالَ: “يَا عُقْبَةُ , أَمْسِكْ عَلَيْكَ لِسَانَكَ، وَلْيَسَعْكَ بَيْتُكَ، وَابْكِ عَلَى خَطِيئَتِكَ” رواه الترمذي ، وتقوى الله تكون في بصرك: قال تعالى:(يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ ) غافر 19.. قال ابن عباس: (هو الرجل يكون مع القوم.. فإذا مرت المرأة بهم نظر إليها إذا غفلوا عنه.. وإذا فطنوا ..غض بصره ..وقد اطلع الله على ما في قلبه أنه يود أن يرى عورتها)، وفي الحديث: (فَالْعَيْنَانِ تَزْنِيَانِ وَزِنَاهُمَا النَّظَرُ) رواه احمد ..وتقوى الله تكون في رحمك وأقاربك : ففي الحديث: ((يقول الله عز وجل: (إِنِّي أَنَا الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ.. خَلَقْتُ الرَّحِمَ.. وَشَقَقْتُ لَهَا اسْمًا مِنْ أَسْمَائِي.. فَمَنْ وَصَلَهَا وَصَلْتُهُ.. وَمَنْ قَطَعَهَا قَطَعْتُهُ ) الترمذي وغيره …
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية (من أخلاق المسلم 🙁 التقوى )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
وتقوى الله تكون في أهل بيتك.. مع زوجتك وأولادك : فلا ظلم .. ولا سوء عشرة.. وقد قيل: ((إن الرجل ليكتب عند الله جبارا وليس عنده إلا أهل بيته).. ومن التقوى أن لا تبخل في الإنفاق على أهل بيتك ففي صحيح مسلم (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « كَفَى بِالْمَرْءِ إِثْمًا أَنْ يَحْبِسَ عَمَّنْ يَمْلِكُ قُوتَهُ ». ومن التقوى ..أن تعدل بين نسائك إن كانوا أكثر من واحدة ففي سنن ابي داود (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ : « مَنْ كَانَتْ لَهُ امْرَأَتَانِ فَمَالَ إِلَى إِحْدَاهُمَا جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَشِقُّهُ مَائِلٌ ».
ولكن كيف تحقق التقوى؟ : يكون تحقيق التقوى بعدّة أمور على المرء أن يستعين بها ليكون من المُتقّين بإذن الله تعالى ونذكر منها : إخلاص النيّة لله وحده في سائر الأعمال؛ فالنيّة هيَ مدار الأعمال وعليها يكون قبولها عند الله عزَّ وجلّ، فأنت تُقبل على الله بقلبك قبل الإقبال عليه بجسدك في أداء المناسك والعبادات، فإذا أخلصت فؤادك وقلبك لله أنزل الله عليه اليقين والإيمان وألبسكَ ثوب التقوى فكُنت أحقَّ بها وأهلها. ويكون تحقيق التقوى بالقيام بالفرائض التي افترضها الله عزَّ وجلّ عليك؛ فأولى ما يجب أن تقوم بتأديته أولاً هو تأدية الفرض ثُمّ التوسّع بعد ذلك في النوافل والسنن، لأنَّ القيام بالعبادات المأمور تأديتها شرعاً هوَ من التقوى التي تجعل بينك وبين النار والعذاب وقاية وحرزاً. ويكون تحقيق التقوى : بالابتعاد عن المُحرّمات والمعاصي كبيرها وصغيرها، فلا يُعقل أنّك تتقي الله بأفعال تقودكَ إلى سوء المُنقلب في الآخرة وإلى عذاب الله يوم القيامة، وكلّما كُنت أكثر بُعداً عن الوقوع في المُحرّمات ألبسكَ الله ثوبَ التقوى الذي به تخشع الجوارح والأركان وتطمئن. ويكون تحقيق التقوى : بالإكثار من العبادات السريّة والتي تكون بمنأى عن أعين الناس؛ كإخراج الصدقات، وإغاثة المنكوبين من دون البحث عن السُمعة والإشهار، فكلّما كانَ العمل بينك وبين الله دون أن يطّلع عليه أحد من الخلق كانَ أزكى وأطهر وأعظم أثراً في نفسك وهذهِ هي التقوى. وعليكَ أن تتذكّر ثمار التقوى وترغّب نفسك بها، وهذه الثِمار هي وعود إلهيّة تكفّل الله بها لعباده المُتّقين؛ كالرزق من غير حساب، والعون عند الكرب، والفرج عند نزول المصائب، والمخرج من كلّ ضيق.
أيها المسلمون
أما عن جزاء المتقين : فالتقوى سبب لثواب الدنيا و خيراتها وبركاتها يقول سبحانه: (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى ءامَنُواْ وَاتَّقَوْاْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مّنَ السَّمَاء وَالأرْضِ ) الاعراف 96، ويقول سبحانه (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ) الطلاق 2،3 . ويقول سبحانه ( وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً ) الطلاق 4 .. وأما في ثواب الآخرة ونعيم الجنة فاقرأوا إن شئتم قوله تعالى :( لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِهَا غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ الْمِيعَادَ) الزمر (20) ، وقوله تعالى : ( إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرِ ) القمر 54 ،55 . وقوله تعالى (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلَالٍ وَعُيُونٍ (41) وَفَوَاكِهَ مِمَّا يَشْتَهُونَ (42) كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (43) إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ) المرسلات (41) :(44)
الدعاء