خطبة عن (البركة: معناها وأسبابها وموانعها
سبتمبر 29, 2018خطبة عن حديث (سيصيب أمتي داء الأمم)
أكتوبر 6, 2018الخطبة الأولى (من أخلاق المسلم : ( مراقبة الله )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته وهو أصدق القائلين : {إِنَّ اللَّهَ لَا يَخْفَىٰ عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ} [آل عمران: 5]. ويقول سبحانه : {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ ۚ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} [الحديد: 4]. ويقول سبحانه : {يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ} [غافر: 19]. ويقول سبحانه : {وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ ۚ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ} البقرة: 235 ، وروى البخاري ومسلم في صحيحيهما : ( في حديث جبريل عليه السلام أنه سأل النبي -صلى الله عليه وسلم- عن الإحسان فقال ( عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ – رضى الله عنه – أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم (قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، مَا الإِحْسَانُ قَالَ :« الإِحْسَانُ أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ » .
إخوة الإسلام
إن اللهَ سبحانه وتعالى أخبرَنا بأنه رقيبٌ على أعمالِنا، وعالمٌ بما في نفوسِنا، ولا تخفى عليه خافيةٌ، فالسرُّ عنده علانيةٌ، أخبرنا بذلك لنخافه ونخشَاه، ونراقِبه فنطيعه ، فالواجبَ على من نَصَحَ نفسَه وأحبَّ نجاتَه ، أن يستحضِرَ ويتيقَّن اطِّلاعَ اللهِ على ظاهرِه وباطنِه، ولا شكَّ أن من اعتقدَ ذلك وتيقَّنه حملَه على خيرٍ كثيرٍ، ودفع عنه شرًّا عظيماً، ومن المؤكد أن إيمانَ العبدِ بأن اللهَ يراه ،ويطَّلعُ على سرِّه وعلانيتِه ،وباطنِه وظاهرِه، وأنه لا يخفى عليه شيءٌ من أمرِه ،من أعظمِ أسبابِ تركِ المعاصي الظاهرةِ والباطنةِ؛ وإنما يسرِفُ الإنسانُ على نفسِه بالمعاصي والذنوبِ إذا غفلَ عن هذا الأمرِ؛ فمراقبة الله : هي “دوام علم العبد وتيقنهُ باطلاع الحق سبحانه وتعالى على ظاهره وباطنه؛ وأن عينَ اللهِ تلاحقُك أيها العبد أينما ذهبت، وفي أي مكان حللت، في ظلامِ الليل، وراء الجدران، وراء الحيطان، في الخلوات في الفلوات والجلوات، ولو كنتَ في داخلِ صخورٍ صم،
إذا ما خلوت الدهرَ يوما فلا تقل……خلوتُ ولكن قل علي رقيبُ
ولا تحسبنَ اللهَ يغفلُ ساعةً………..ولا أن ما تخفيه عنه يغيبُ
أيها المسلمون
وخلق مراقبة الله هو الذي منَع يوسفَ نبيَّ الله عن المعصية حينما ابتُلِي ، فقال الله تعالى : ﴿ وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالمُونَ ﴾ [يوسف: 23]، وخلق مراقبة الله ،هو الذي جعَل الفتاة التي أمرَتْها أمُّها ،أنْ تغشَّ اللبن قبل بَيعِه للناس ،أنْ تُراجِع أمها قائلةً: يا أمَّاه، ألاَ تَخافِين من عمر؟ تعني: أمير المؤمنين، فقالت لها أمُّها: إنَّ عمر لا يَرانا، فقالت الفتاة: إنْ كان عمر لا يَرانا فرَبُّ عمر يَرانا. وخلق مراقبة الله هو الذي منع الرجل الذي تمكَّن من المرأة فقالت له: ( اتَّق الله ولا تفضَّ الخاتم إلا بحقِّه )؛ فقام وترَكَها، وترَكَ المال الذي أعطاها لَمَّا ذكَّرته بتقوى الله، فقام وترَكَها خوفًا من الله ، ومراقبة له، فليعبد المؤمن الله على أنه يراه ويطلع عليه ، فيستحي من نظر الله إليه، فلا يجعل الله أهون الناظرين إليه. ولذلك سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن كشف العورة خالياً فقال كما في البخاري عن (بَهْزٌ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنِ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – « اللَّهُ أَحَقُّ أَنْ يُسْتَحْيَا مِنْهُ مِنَ النَّاسِ » ،وخرج عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى مكة في بعض أصحابه ، فاستراحوا في الطريق فانحدر عليهم راع من جبل. فقال له عمر : يا راعي الغنم بعنا شاة . فقال الراعي : إنه مملوك – أي أنا عبد مملوك – .قال له عمر : قل لسيدك أكلها الذئب . فقال الراعي : أين الله؟ ، فبكى عمر واشترى الغلام من سيده واعتقه . وراود بعضهم أَعرابية عن نفسها فقال لها : لا يرانا إلا الكواكب. فقالت له : أين مكوكبها – أي أين خالقها ومصرفها ومدبرها ألا يراك . إنها مراقبة الله إذا تمكنت من قلب المؤمن .
أيها المسلمون
ومن ثمرات مراقبة الله : الإيمان. فقد روى أبو داود في سننه والبيهقي : (عن عبد الله بن معاوية رضي الله عنه (قَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- « ثَلاَثٌ مَنْ فَعَلَهُنَّ فَقَدْ طَعِمَ طَعْمَ الإِيمَانِ ، مَنْ عَبَدَ اللَّهَ وَحْدَهُ وَأَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَعْطَى زَكَاةَ مَالِهِ طَيِّبَةً بِهَا نَفْسُهُ ) ، ومن ثمرات خلق مراقبة الله : البعد عن المعصية. ففي صحيح مسلم ( قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « قَالَتِ الْمَلاَئِكَةُ رَبِّ ذَاكَ عَبْدُكَ يُرِيدُ أَنْ يَعْمَلَ سَيِّئَةً – وَهُوَ أَبْصَرُ بِهِ – فَقَالَ ارْقُبُوهُ فَإِنْ عَمِلَهَا فَاكْتُبُوهَا لَهُ بِمِثْلِهَا. وَإِنْ تَرَكَهَا فَاكْتُبُوهَا لَهُ حَسَنَةً -إِنَّمَا تَرَكَهَا مِنْ جَرَّايَ » ، ومن ثمرات خلق مراقبة الله : تحسين العبادة وأداؤها على أكمل وجه. قال ابن منظور رحمه الله: “من راقب الله أحسن عمله” ، ومن ثمرات خلق مراقبة الله : أنها تورث الإخلاص : قال الحسن رحمه الله: “رحم الله عبدا وقف عند همِّه، فإن كان لله مضى، وإن كان لغيره تأخر” ، ومن ثمرات خلق مراقبة الله الطهر والعفاف: كما في حديث الثلاثة الذين سدت الصخرة عليهم مدخل الكهف وتوسلوا إلى الله بصالح أعمالهم ، وهذا هو الربيع بن خُثَيْم رحمه الله الذي كان ابن مسعود رضي الله عنه يقول له: “يا أبا يزيد لو رآك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأحبَّك، وما رأيتُك إلا ذكرتُ المخبتين” ومن ثمرات خلق مراقبة الله : الجنة. قال الله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ) [الملك/12]. وهم الذين إذا خلوا لم يأتوا ما حرم الله عليهم.
ومن أخبار الصالحين في مراقبة الله تعالى : ما جاء في السنن الكبرى للبيهقي : ( عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ : خَرَجَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ مِنَ اللَّيْلِ فَسَمِعَ امْرَأَةً تَقُولُ : تَطَاوَلَ هَذَا اللَّيْلُ وَاسْوَدَّ جَانِبُهُ وَأَرَّقَنِي أَنْ لاَ حَبِيبٌ أُلاَعِبُهُ فَوَاللَّهِ لَوْلاَ اللَّهُ إِنِّي أُرَاقِبُهُ تَحَرَّكَ مِنْ هَذَا السَّرِيرِ جَوَانِبُهُ فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ لِحَفْصَةَ بِنْتِ عُمَرَ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُمَا : كَمْ أَكْثَرُ مَا تَصْبِرُ الْمَرْأَةُ عَنْ زَوْجِهَا؟ فَقَالَتْ : سِتَّةَ أَوْ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ. فَقَالَ عُمَرُ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ : لاَ أَحْبِسُ الْجَيْشَ أَكْثَرَ مِنْ هَذَا. وأذكر لكم بعض النماذج للذين يراقبون الله تعالى في أعمالهم وأحوالهم ، ليكون لنا فيهم أسوة حسنة : فهذا عروة ابن الزبير -رضي الله عنه- خطب ابنة عبد الله بن عمر سودة وعبد الله بن عمر يطوف بالكعبة في الحج فلم يرد عليه، فقال عروة: “لو كان يريد لأجابني”، والله لا أعود إليه – يعني في هذا الشأن – يقول: “فسبقني إلى المدينة، فلما أتيتها قدمت المسجد فإذا هو جالس فيه، فسلمت عليه”، فقال: “قد ذكرت سودة”، فقلت: “نعم”، فسأله عن رغبته، هل لا يزال يرغب فيها في الزواج منها، فقلت: “نعم”، فقال: “إنك قد ذكرتها لي وأنا أطوف بالبيت أتخايل الله عز وجل بين عيني، وكنتَ قادراً على أن تلقاني في غير ذلك الموطن”، لاحظ ما رد عليه ، لأنه كان مشغولا بالله مراقبا له ، وكان هناك رجل اسمه نوح ابن مريم كان ذي نعمة ومال وثراء وجاه، وفوق ذلك صاحب دين وخلق، وكان له ابنة غاية في الجمال، ذات منصب وجمال. وفوق ذلك صاحبة دين وخلق. وكان معه عبد اسمه مبارك، لا يملك من الدنيا قليلا ولا كثيرا ،ولكنه يملك الدين والخلق، ومن ملكهما فقد ملك كل شيء. أرسلَه سيده إلى بساتين له، وقال له اذهب إلى تلك البساتين ،واحفظ ثمرها ،وكن على خدمتها إلى أن آتيك. مضى الرجل وبقي في البساتين لمدة شهرين. وجاءه سيده، جاء ليستجم في بساتينه، ليستريح في تلك البساتين. جلس تحت شجرة وقال يا مبارك، أتني بقطف من عنب. جاءه بقطف فإذا هو حامض. فقال أتني بقطف آخر إن هذا حامض. فأتاه بآخر فإذا هو حامض. قال أتني بآخر، فجاءه بالثالث فإذا هو حامض. كاد أن يستولي عليه الغضب، وقال يا مبارك أطلب منك قطف عنب قد نضج، وتأتني بقطف لم ينضج. ألا تعرف حلوه من حامضه ؟ قال : والله ما أرسلتني لأكله ،وإنما أرسلتني لأحفظه ،وأقوم على خدمته. والذي لا إله إلا هو ما ذقت منه عنبة واحدة. والذي لا إله إلا هو ما راقبتك ، ولا راقبت أحداً من الكائنات، ولكني راقبت الذي لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء. فأعجب به، وأعجب بورعه ، وقال : الآن أستشيرك، والمؤمنون نصحة، والمنافقون غششه، والمستشار مؤتمن.وقد تقدم لابنتي فلان وفلان من أصحاب الثراء والمال والجاه، فمن ترى أن أزوج هذه البنت ؟ فقال مبارك: لقد كان أهل الجاهلية يزوجون للأصل والحسب والنسب. واليهود يزوجون للمال. والنصارى للجمال. وعلى عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، يزوجون للدين والخلق. وعلى عهدنا هذا للمال والجاه .والمرء مع من أحب، ومن تشبه بقوم فهو منهم. فنظر وقدر وفكر وتملى ،فما وجد خيرا من مبارك، قال أنت حر لوجه الله (أعتقه أولا). ثم قال : لقد قلبت النظر فرأيت أنك خير من يتزوج بهذه البنت. قال :أعرض عليها. فذهب وعرض على البنت وقال لها: إني قلبت ونظرت وحصل كذا وكذا، ورأيت أن تتزوجي بمبارك. قالت أترضاه لي ؟ قال نعم. قالت : فإني أرضاه مراقبة للذي لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء. فكان الزواج المبارك من مبارك. فحملت هذه المرأة وولدت طفلا أسمياه عبد الله، لعل الكل يعرف هذا الرجل. إنه عبد الله ابن المبارك المحدث الزاهد العابد الذي ما من إنسان قلب صفحة من كتب التاريخ إلا ووجده حيا بسيرته وذكره الطيب. إن ذلك ثمرة مراقبة الله عز وجل في كل شيء
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية (من أخلاق المسلم : ( مراقبة الله )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
ومن نماذج وقصص مراقبة الله ، ما جاء في سيرة الامام أبي حنيفة وقصة زواج أبيه من أمه ، فقد كان أبوه يراقب ربه في كل أوقاته ،حتى أنه كان يمر ذات يوم في طريق بجوار بستان ،فسقطت ثمرة من شجرة في هذا البستان ،فأخذها وهو جائع فأكلها ،ولكنه لم يكملها وتذكر أنه لم يستأذن صاحب البستان ،فبحث في البستان عن صاحبه فإذا بالعامل الذى يعمل في البستان ،فأراد أن يستأذنه في الثمرة التي أكلها ،فقال إن البستان ليس لي ،إنما أنا أعمل فيه بالأجرة ،ولا أستطيع أن أأذن لك يشيء ،ولكن صاحب البستان على مسيرة أيام إن شئت اذهب إليه واستأذنه وفعلا ذهب والد الإمام أبي حنيفة إلى أن وصل إلى صاحب البستان ،وطلب منه أن يسامحه في الثمرة التي أكلها أو يأخذ ثمنها ،فلما عرف صاحب البستان أن هذا الرجل قطع كل هذه المسافة ليأخذ الإذن ،علم بتقواه وبمراقبته لربه ،فقال له : لن أذن لك إلا أن تتزوج ابنتي ،فوافق الرجل ،فقال له : أولا : إن ابنتي عمياء ،صماء ،بكماء ،قعيدة ،فوافق على أن يسامحه في ما أكل ، ولما تزوجها ودخل بها قال في نفسه :هل أسلم عليها ،ولكنها صماء لا تسمع سلامى ،ولو سمعت لما ردت على ،ولكنه قال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،فردت عليه السلام ، إنها تسمع وتتكلم ،وعندما قامت تمشى نحوه علم أنها ليست قعيدة ،وأنها ترى ، فقال لها متعجبا إن أباك قال كذا وكذا ،قالت حقا ما قال أبى ،فإني عمياء لا أرى إلا ما أحل الله لي ،وبكماء لا أنطق إلا بالحلال، وصماء لا أسمع إلا الخير ، وقعيدة عن الشر مسرعة إلى الخير ،وجاء من نسلهما سيدنا الإمام أبو حنيفة النعمان
أيها المسلمون
فعلى المسلم أن يعود نفسه على مراقبة الله تبارك وتعالى لأنّ الله مطلع عليه وعالم بأسراره رقيب عليه .وأن يتبع السيئة الحسنة تمحها ،قال تعالى : { إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ } هود 114. والحسنات التي تمحو السيئات كثيرة، منها الوضوء، الصلاة، الصيام، الحج ، ذكر الله عز وجل …كلها مكفرات . وكما رغبنا الاسلام في خلق مراقبة الله فقد حذرنا من التخلي عن هذا الخلق وترك العمل به ،فعدم المراقبة من صفات المنافقين .قال تعالى: (وَلَا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا (107) يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا ) [النساء/107، 108]. والمعنى: “يستترون من الناس خوفًا من اطلاعهم على أعمالهم السيئة، ولا يستترون من الله تعالى ولا يستحيون منه، وهو عزَّ شأنه معهم بعلمه، مطلع عليهم حين يدبِّرون – ليلا- ما لا يرضى من القول، وكان الله – تعالى- محيطًا بجميع أقوالهم وأفعالهم، لا يخفى عليه منها شيء” ،ومن خطورة عدم التخلق بمراقبة الله ،تعريض الحسنات للضياع. فعن ثَوْبَانَ رضي الله عنه ، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «لَأَعْلَمَنَّ أَقْوَامًا مِنْ أُمَّتِي يَأْتُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِحَسَنَاتٍ أَمْثَالِ جِبَالِ تِهَامَةَ بِيضًا، فَيَجْعَلُهَا الله عَزَّ وَجَلَّ هَبَاءً مَنْثُورًا». قَالَ ثَوْبَانُ: يَا رَسُولَ الله صِفْهُمْ لَنَا، جَلِّهِمْ لَنَا؛ أَنْ لَا نَكُونَ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَا نَعْلَمُ. قَالَ: «أَمَا إِنَّهُمْ إِخْوَانُكُمْ، وَمِنْ جِلْدَتِكُمْ، وَيَأْخُذُونَ مِنْ اللَّيْلِ كَمَا تَأْخُذُونَ، وَلَكِنَّهُمْ أَقْوَامٌ إِذَا خَلَوْا بِمَحَارِمِ اللَّهِ انْتَهَكُوهَا» رواه ابن ماجة. وقال: «مَنْ أَصَابَ مِنْ هَذِهِ الْقَاذُورَاتِ شَيْئًا فَلْيَسْتَتِرْ بِسِتْرِ الله تعالى» رواه مالك في الموطأ.
الدعاء