خطبة عن حديث: (لَقَدْ سَأَلْتَنِي عَنْ عَظِيمٍ)
أغسطس 25, 2018خطبة عن حديث (مَطْلُ الْغَنِيِّ ظُلْمٌ)
أغسطس 25, 2018الخطبة الأولى ( صِبْغَةَ اللّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ صِبْغَةً )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته : (صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ) (138) البقرة
إخوة الإسلام
موعدنا اليوم -إن شاء الله- ، مع آية من كتاب الله تعالى ، نتلوها ، ونتدبرها ، ونفهم معانيها ومراميها ، ونرتشف من بحار أنوارها ، ونقطف من ثمارها ، ونتذوق رحيقها ، ونستخلص منها الدروس ، ونستلهم منها العبر، وبداية : فالكثير من أهل العلم من المفسرين (سلفاً وخلفاً ) ، يقولون في قوله تعالى : (صِبْغَةَ اللَّهِ) : أن هذه الصبغة التي جاءت في هذا السياق : هي الدين، وهو الذي قال به ابن عباس، وقتادة، وابن مجاهد، وغيرهم ،وقال غيرهم هي الفطرة ، وقال آخرون هي : الشريعة والاسلام ، والايمان ، وهي الطهارة ،فصِبْغَةَ اللهِ هي شريعته وسنّته وفطرته ، وإنّما سمّي الدّين صِبْغَةَ ،استعارةً من حيث تظهر أعماله وسمته على المتديّن كما يظهر الصّبغ في الثّوب وغيره، ومن حيث كون هيئته وأثره تظهران بالمشاهدة والمعايشة. وعن قتادة قال: إنّ اليهود تصبغ أبناءها يهودًا، والنّصارى تصبغ أبناءها نصارى، وإنّ صبغة الله الإسلام، ولا صبغة أحسن من صبغة الإسلام ولا أطهر، وهو دين الله الّذي بعث به نوحًا ومن كان بعده من الأنبياء. وقال العلامة السّعدي: (صِبْغَةَ اللَّهِ ) أي: الزموا صبغة الله، وهو دينه، وقوموا به قيامًا تامًا، بجميع أعماله الظّاهرة والباطنة، وجميع عقائده في جميع الأوقات، حتّى يكون لكم صبغة، وصفة من صفاتكم، فإذا كان الدين صفة من صفاتكم، أوجب ذلك لكم الانقياد لأوامره، طوعًا واختيارًا ومحبّة، وصار الدّين طبيعة لكم بمنزلة الصّبغ التّام للثّوب الّذي صار له صفة، فحصلت لكم السّعادة الدّنيوية والأخروية، لحثّ الدّين على مكارم الأخلاق، ومحاسن الأعمال، ومعالي الأمور، فلهذا قال ـ على سبيل التعجّب المتقرّر للعقول الزّكية ـ: {وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ صِبْغَةً} أي: لا أحسن صبغة من صبغته) . ففي قول الله تعالى : (صِبْغَةَ اللَّهِ) ، أي: اطلبوا ” صِبْغَةَ اللَّهِ ” وهي الدين والإسلام، لا صبغة هؤلاء المنحرفين، الضالين، المشركين، الذين يفترون على الله الكذب، والزموا صبغة الله، وهو دينه، فقوموا بذلك قياماً تامًّا على الوجه المطلوب بجميع أعماله الظاهرة والباطنة، بعقائده، وشرائعه، وعباداته المتنوعة كي يكون لكم صبغة تتميزون بها عن غيركم؛ من أجل أن يكون ذلك رسماً ووصفاً ثابتاً لا يفارقكم، فإذا كانت تلك المعاني ثابتةً راسخةً في قلوب أصحابها فإن ذلك لابد أن يظهر على الوجوه، والألسن، والأعمال شاء أصحابها أم أبوا؛ لأن ذلك بمنزلة الصبغ الذي يصبغ به الثوب أو الشيء، فيكون الدين طبيعةً وسجيةً تلازمهم في كل أحوالهم، في نومهم، ويقظتهم، وسفرهم، وإقامتهم، في حال مزاحهم، وجدهم، وما إلى ذلك، فهو لا يفارقهم بحال من الأحوال، وعندها تحصل لهم السعادة الدنيوية والأخروية، وبذلك يتميزون عن غيرهم. فدين الاسلام يدعو أتباعه إلى الإيمان، والأعمال الصالحة، ومكارم الأخلاق، والعفة في الألسن، ويدعوهم إلى كل قولٍ جميل، وإلى كل فعلٍ جميل، فإذا كان ذلك الإيمان صحيحاً مستقرًّا في القلوب فإن ذلك ما يلبث أن يظهر على أصحابه، فإذا دخل الرجل في الإسلام فإن ذلك يعني أنه يتحول بكليته، في ظاهره، وفي باطنه ، في أخلاقه وتعامله، في سمته وهديه، فيشرق وجهه، ويستنير، وتظهر آثار الإيمان وأنواره على ذلك الوجه بعد أن كان مظلماً بظلمة الكفر والمحادة لله – تبارك وتعالى ،ومن أحسن من الله صبغة يصبغ عباده بالإيمان ويطهّرهم به من أوساخ الكفر، فلا صبغة أحسن من صبغته. فهذه الصّبغة إذن : هي الإيمان الّذي يطهّرنا من الكفر، والحقّ الّذي يدفع عنّا الباطل، والشّرع الّذي يبيّن لنا الحدود، والخُلق الّذي يبعدنا عن الفسوق، والعبادة الّتي تسمو بها الأرواح ،وتزكو بها النّفوس، وهذه الصّبغة هي صبغة كلّ مؤمن؛ أيّ يجب أن يصطبغ بها كلّ مسلم في آرائه وأفكاره، وسلوكه وأخلاقه، وأذواقه واهتماماته، وهذا هو المقصود بالحديث الذي روي (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : لا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يَكُونَ هَوَاهُ تَبَعًا لِمَا جِئْتُ بِهِ ” شرح السنة للبغوي
أيها المسلمون
إن الفطرة هي دين الإسلام، ودين الإسلام هو الدين الذي اصطفاه الله -عز وجل- واختاره للعالمين، وهذه الصبغة هي الحنيفية التي صبغت القلوب بمعرفة ربها، ومعبودها، وخالقها -جل جلاله وتقدست أسماؤه. فاصطبغت هذه القلوب بمحبته، والإخلاص له، وعبادته وحده لا شريك له، وصبغت الأبدان بخصال الفطرة من الختان، والاستحداد، وقص الشارب، وتقليم الأظفار، ونتف الإبط، والمضمضة، والاستنشاق، والسواك، والاستنجاء. فظهرت فطرة الله على قلوب الحنفاء، وعلى أبدانهم، وألسنتهم. وأيضاً فيما يتصل باللسان من الصدق، والعدل في الأقوال، والذكر، وقراءة القرآن، إلى غير ذلك مما يصدر عن اللسان. إضافةً إلى أعمال الجوارح كلها، مع الكف عن كل ما لا يليق مما يخالف أمر الله وشرعه، وبهذا يصطبغ فكر الإنسان، وعقله، ومشاعره، وتصوراته، وآماله، وأهدافه، وسلوكه، وأعماله بالصبغة الإلهية. وذلك هو مفهوم العبودية بمعناها الواسع أن يكون المؤمن عبداً لله -عز وجل- بظاهره وباطنه، وذلك لا يكون إلا بمعرفة الإسلام الحق الذي جاء به الرسول -صلى الله عليه وسلم- معرفة صحيحة مستمدةً من كتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- على فهم السلف الصالح -رضي الله عنهم-. ولا يكون ذلك إلا بتحقيق التوحيد ظاهراً وباطناً، لا يكون ذلك إلا بتوحيد مصدر الهداية، والتلقي، والنظر، والاستدلال، لا يكون ذلك إلا بالعمل بشرائع الدين. أما دعوى الإيمان وحدها فإنها لا تكفي، بل لابد من إيمانٍ راسخٍ، وعمل ظاهر هو جزء من هذا الإيمان، فالإيمان قول وعمل، وكذلك أيضاً أن يكون ذلك تربيةً يتربى عليها أهل الإيمان، وتزكيةً لنفوسهم، أما أن يبقى الإيمان دعوة يدعيها كل أحد، ثم إذا نظرت إليه لا ترى أثراً لهذا الإيمان في سلوكه، في عمله، في تعامله، معاملاته، في أخلاقه، على لسانه، في عباداته وجوارحه، لا يعرف الله، عفيف الجبهة، لا يسجد، ولا يصلي، ثم هو بعد ذلك يتشبه بأعداء الله -تبارك وتعالى-، فلا يُميَّز هل هذا بوذي، أو نصراني، أو يهودي، وإنما يحتاج إلى سؤاله ليُعرِّف بنفسه، هل أنت من المسلمين أو لا؟ فمثل هذا لم يصطبغ بهذه الصبغة؛ وذلك لأن الإيمان قد اضمحل وضمر في باطنه فانكمش من ظاهره، وذهبت أنواره وآثاره، فلم يعد يُميَّز عن غيره من الناس ممن لم تستنر قلوبهم، ولم تهتدِ بهدى الإسلام.
أيها المسلمون
ونحن في كل ركعة نتلوا قوله تعالى : (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ) الفاتحة: 6-7. فالذين خالفوا هذا الصراط من غير أهل الإنعام لا تخلو حالهم، إما أن يكون هؤلاء ممن عرفوا الحق فتركوه فهم أهل الغضب، ورأس هؤلاء هم اليهود. وإما أن يكون هؤلاء قد ضلوا عن الحق لجهلهم، فهؤلاء يكون الواحد منهم من الضالين والأبرز في ذلك، والأعرف، والأشهر به هم النصارى فهم أهل الضلال. أما أهل الإنعام فهؤلاء هم الذين هداهم الله -عز وجل- فلزموا الصراط المستقيم الذي رسمه الله -عز وجل- لعباده من أجل سلوكه. وهذا الصراط هو الذي قال الله -تبارك وتعالى- فيه: (إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) البقرة: 132. هذا هو الصراط المستقيم، الطريق الوحيد الموصل إلى الله -تبارك وتعالى-، فاللائق، بل الواجب على من هداه الله -عز وجل- لهذا الدين وميزه عن هؤلاء الضالين، وأهل الغضب أن يظهر ذلك في باطنه، وأن يظهر في لسانه، وأن يظهر في جوارحه، أن يظهر في تعاملاته، أن يتميز، أن يكون له من الهدي، والسمت ، وأن يكون له من الأخلاق والزكاء ما يتميز به عن أولئك من أهل الرعونات الذين يدورون بين الغضب والضلال. فأهل الإيمان هم الذين يتميزون في ذلك في شئونهم كلها، في حياتهم كلها، بدءاً من خفقة القلب، ومشاعر النفس، وخطرات العقل، وكلمات اللسان، وحركات الجوارح، إلى علاقات المجتمع، صلة الأرحام، التواصل مع الآخرين. وفي جميع الأحوال بالنسبة للأمة تصطبغ بهذه الصبغة، فإذا جاء القادم من ناحية أخرى، من بيئة أخرى، من مجتمع آخر، من أمة أخرى، فرأى هذه الأمة عرف أنها أمة مسلمة؛ لأنها تتميز في كل شيء، فلا يعتدي عليه أحد، ولا يتخوف مظلمة أحد، يرى الأخلاق الجميلة، والأعمال الجميلة، يرى النفوس الزكية، يرى الوجوه المشرقة، يرى التوكل على الله، يرى اليقين، يرى السكينة،
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( صِبْغَةَ اللّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ صِبْغَةً )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
إن الشخصية الإسلامية التي اصطبغت بهذه الصبغة الربانية هي التي تتميز بذلك، تتميز بالتمسك الحقيقي، ليست تتصنع أخلاقًا تجارية، أو مجاملات، أو يكون ذلك نفاقاً اجتماعيًّا، وإنما يكون إيماناً راسخاً، فينبغي على العبد أن يستكثر من شرائع الإيمان، وأن يعمل على تحقيقها ظاهراً وباطناً؛ من أجل أن يصطبغ قلبه وباطنه بنور الله -تبارك وتعالى- وبصبغته، ومن أجل أن يصطبغ لسانه، وتصطبغ جوارحه، وذلك لا يكون بحالٍ من الأحوال إلا عندما يتغلغل هذا الإيمان فيتشربه قلب العبد فيصفو، ويزكو، ويشرق، وينير. وهنا تظهر عليه الينابيع من الخير، والمعروف ، والبر، فيكون رحمة على الناس، لا يصل إليهم منه شيءٌ يتخوفونه، أو يكرهونه، فهو عف اللسان لا يغتاب الناس، ولا يؤذيهم، ولا يغمزهم، ولا يلمزهم، وكذلك هو أيضاً عف البصر، لا ينظر إلى الحرام، يستشعر نظر الله إليه أن الله يراقبه ويراه، فإذا خلا بمحارم الله -عز وجل- كف عنها، وارعوى، وانزجر. فهؤلاء هم أصحاب الصبغة الإلهية، الصبغة الربانية التي اصطبغوا بها في ظاهرهم وباطنهم، فتخلصوا من الخرافة، والدجل، والإشراك، والبدع، والضلالات، والأهواء، ولم يكن أحدٌ منهم عبداً لغير الله -جل جلاله-. فمن اصطبغ بصبغة الاسلام : لا تستعبده الشهوة، ولا يستعبده الهوى، ولا يستعبده المال، ولا يستعبده المنصب والولاية، ولا تستعبده الوظيفة، وإنما يكون عبداً لربه، وخالقه، ومولاه، يكون عنده من القناعة والرضا القلبي ما لا يجعله ذليلاً حقيراً يسعى خلف نفسٍ لا تشبع، تطلب من هذا الحطام، وهي تشعر بفقرٍ يلازمها، لو أُعطي الدنيا وما فيها لم تسد تلك الفاقة ، كما قال الحافظ ابن القيم -رحمه الله-: “في القلب شعث لا يلمه إلا الإقبال على الله، وفيه وحشة لا يزيلها إلا الأنس به في خلوته. وفيه حزن لا يذهبه إلا السرور بمعرفته وصدق معاملته. وفيه قلق لا يسكنه إلا الاجتماع عليه، والفرار منه إليه. وفيه نيران حسرات لا يطفئها إلا الرضا بأمره ونهيه وقضائه، ومعانقة الصبر على ذلك إلى وقت لقائه. وفيه طلب شديد لا يقف دون أن يكون هو وحده مطلوبه. وفيه فاقة لا يسدها إلا محبته، والإنابة إليه، ودوام ذكره، وصدق الإخلاص له، ولو أُعطي الدنيا وما فيها لم تسد تلك الفاقة منه أبدًا ). واعلموا أن الناس بين مقلٍّ في هذا ومكثر، ولكن الكمال الحقيقي أن يلزم الإنسان شرع الله -تبارك وتعالى-، ما شرعه لعباده، مما يتزيّون به ويَظهرون، سنن الفطرة، إعفاء الحية، ما يكون من اللباس مرتسماً على الرجال وما يليق بالنساء في ملابسهن، بين النساء تلبس لباساً ساتراً طافياً، لا تصل إلى النساء، أو تحضر مجامعهن في الأعراس والحفلات، وما إلى ذلك بلباسٍ يُبدي جسدها ومفاتنها، فإن ذلك خلاف لباس التقوى.
أيها المسلمون
{ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً } أي: لا أحسن صبغة من صبغته وإذا أردت أن تعرف نموذجا يبين لك الفرق بين صبغة الله وبين غيرها من الصبغ, فقس الشيء بضده، فكيف ترى في عبد آمن بربه إيمانا صحيحا, أثر معه خضوع القلب وانقياد الجوارح، فلم يزل يتحلى بكل وصف حسن, وفعل جميل, وخلق كامل, ونعت جليل، ويتخلى من كل وصف قبيح, ورذيلة وعيب، فوصفه: الصدق في قوله وفعله, والصبر والحلم, والعفة, والشجاعة, والإحسان القولي والفعلي, ومحبة الله وخشيته, وخوفه, ورجاؤه، فحاله الإخلاص للمعبود, والإحسان لعبيده، فقسه بعبد كفر بربه, وشرد عنه, وأقبل على غيره من المخلوقين فاتصف بالصفات القبيحة, من الكفر, والشرك والكذب, والخيانة, والمكر, والخداع, وعدم العفة, والإساءة إلى الخلق, في أقواله, وأفعاله، فلا إخلاص للمعبود, ولا إحسان إلى عبيده. فإنه يظهر لك الفرق العظيم بينهما, ويتبين لك أنه لا أحسن صبغة من صبغة الله, وفي ضمنه أنه لا أقبح صبغة ممن انصبغ بغير دينه. وفي قوله: { وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ } . أي مطيعون خاضعون ، قال الطبري : وقوله تعالى ذكره: { وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ } ، أمر من الله تعالى ذكره لنبيه صلى الله عليه وسلم أن يقول لليهود والنصارى، الذين قالوا له ولمن تبعه من أصحابه : كونوا هودا أو نصارى ،فقال لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : قل : بل نتبع ملة إبراهيم حنيفاً ، صبغة الله ، ونحن له عابدون. يعني : ملة الخاضعين لله ، المستكينين له ، في اتباعنا ملة إبراهيم، ودينونتنا له بذلك، غير مستكبرين في اتباع أمره ، والإقرار برسالته رسله ، كما استكبرت اليهود والنصارى، فكفروا بمحمد صلى الله عليه وسلم استكبارًا وبغيًا وحسدًا .ويستفاد من الآية أن دين الإسلام هو أفضل الأديان وما سواه باطل، وأن على المسلم أن يعتز بدينه وبالتمسك بملته، وأن يختتن. وأن التعميد الذي يعمله النصارى باطل.
الدعاء