خطبة عن قوله تعالى( وَقِفُوهُمْ إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ
سبتمبر 1, 2018خطبة عن خطورة الكذب على الله تعالى:(وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا)
سبتمبر 1, 2018الخطبة الأولى من أعلام المسلمين القائد ( طارق بن زياد)
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته وهو أصدق القائلين : (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا (23) لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِنْ شَاءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا) الاحزاب(23)، (24) ،وقال الله تعالى : (رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ (37) لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ) (37) ،(38) النور
إخوة الإسلام
إن بناء المصانع سهل يسير، ولكن بناء الرجال صعب عسير ،وهناك رجال الواحد منهم بألف، كما أن هناك ألوفًا من الرجال لا يساوون رجلاً واحدًا. وحديثا اليوم -إن شاء الله- عن رجل من رجالات الاسلام ، وبطل من أبطال الفتوحات الاسلامية ، ومع فارس مغوار ، وقائد فذ ، إنه القائد ( طارق بن زياد ) : هو قائد عسكري أموي مشهور ، وصاحَبَ انتصار إسلامية كبيرة ، ويُعتبر من أشهر القادة العسكريين المسلمين في التاريخ، وكفاه فخرا وتخليدا لبطولاته أن جبل طارق جنوب إسبانيا يحمل اسمه حتى الآن . وطارق بن زياد : وُلِدَ في عام (50 هـ = 670م) في خنشلة في الجزائر في قبيلة نفزة؛ وهي قبيلة بربرية، وهكذا فإن هذا البطل العظيم لم يكن من أصل عربي، ولكنه من أهالي البربر الذين يسكنون بلاد المغرب العربي، وقيل إنه كان طويل القامة ، ضخم الهامة ، أشقر اللّون, وقد نشأ طارق بن زياد مثلما ينشأ الأطفال المسلمون، فتعلَّم القراءة والكتابة، وحفظ سورًا من القرآن الكريم وبعضًا من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم. وقد تميز بحبه للجندية مما ساعده في أن يلتحق بجيش “موسى بن نصير” أمير “المغرب” ، وأن يشترك معه في الفتوح الإسلامية ،مظهراً في ذلك شجاعة فائقة في القتال ، ومهارة متميزة في القيادة مما لفتت أنظار “موسى بن نصير”، وأعجب بقدراته ،ومهاراته، واختاره حاكمًا لمدينة طنجة المغربية ،التي تطل على البحر المتوسط . ولا يُعرف شيءٌ عن أعمال طارق بن زياد في أول نشأته ،أثناء ولاية زهير بن قيس على إفريقيا، فلما قُتل زهير في طبرق، عام 76هـ، عُين طارق أميرًا على برقة غير أنه لم يلبث طويلاً في هذا المنصب، إذ أنه سرعان ما اختير قائدًا لجيش موسى بن نصير، فأبلى بلاء حسنًا في حروبه. وظهرت لموسى قدرته في اقتحام المعارك، ومهارته في قيادة الجيش، فولاه على مقدمة جيوشه بالمغرب. وهكذا أتيح لطارق بن زياد أن يتولى قيادة جيوش موسى، ويشترك معه بقية بلاد المغرب، والسيطرة على حصون المغرب الأقصى حتى المحيط الأطلسي. وعندما تم تعيين طارق بن زياد ليصبح قائداً للجيوش ، قام بالاشتراك للسيطرة على بلاد المغرب الاقصى ، و ظل يقوم بالعديد من الفتوحات و نجح في اخضاع المغرب كلها تحت سيطرته فيما عدا مدينة سبته .
وكان “طارق بن زياد” قائدًا عظيمًا ،يتمتع بعزيمة وإيمان ،وصبر ،وإصرار ،مكنه من الوصول إلى هذه المكانة الكبيرة و العظيمة . ومن انجازاته العسكرية : الانتصار في معركة وادي لكة : وهي المعركة التي تمت بين المسلمين تحت قيادة طارق بن زياد ضد جيش الملك القوطي الغربي الذي كان يشتهر باسم ذريق ، وقد انتصر فيها جيش طارق بن يزيد ، حيث نجح طارق بن زياد في عبور البحر والوصول إلى أسبانيا ،وتحصن مع المسلمين عند جبل عُرف فيما بعد بجبل طارق، واستطاع بناء قاعدة عسكرية بجانبه ، ثم انطلق مع جيشه و انتصر عليهم . وأيضا من انجازاته العسكرية اكتساح الأندلس والاستيلاء عليها : فبعد الانتصار في معركة وادي لكة ، نجح طارق بن يزيد في فتح شذونة ،ومورور ،ولفة ، وإلبيرة ، وأريولة ، وفي النهاية وصل إلى إشبيلية التي كانت عاصمة جنوب الاندلس ،وعقد معهم صلح ، ثم أكمل فتوحاته ليتمكن في النهاية من بسط سيطرته على الأندلس . وبدأت الأندلس منذ فتحها طارق بن زياد تاريخها الإسلامي، وأخذت في التحول إلى الدين الإسلامي واللغة العربية، وظلت وطنا للمسلمين طيلة ثمانية قرون، حتى سقطت غرناطة آخر معاقلها في يدي الإسبان المسيحيين سنة (897هـ = 1492م) وتم طرد جميع المسلمين واليهود أو قتلهم أو إجبارهم على اعتناق الكاثوليكية التي فرضت ديانة رسمية على الناس بعد ذلك .
أيها المسلمون
وقبل أن يحقق طارق بن زياد النصر في معركة في معركة وادي لكة ، قام بإلقاء خطبة لتشجيع المسلمين على القتال فقد كان عددهم قليلاً بالنسبة لعدد جيش القوط ، حيث بلغ عدد المسلمين اثنا عشر ألف شخص ،بينما بلغ عدد جيش القوط حوالي مائة ألف ، فأخذ يحمسهم ،فإما أن ينالوا الشهادة أو يحققوا النصر ، ومما جاء في خطبته : ” أيها الناس، أين المفر؟ البحر من ورائكم، والعدو أمامكم، وليس لكم والله إلا الصدق والصبر، واعلموا أنكم في هذه الجزيرة أضيع من الأيتام في مأدبة اللئام ، وقد استقبلكم عدوكم بجيشه وأسلحته، وأقواته موفورة، وأنتم لا وزر لكم إلا سيوفكم، ولا أقوات إلا ما تستخلصونه من أيدي عدوكم، وإن امتدت بكم الأيام على افتقاركم، ولم تنجزوا لكم أمرًا ذهبت ريحكم، وتعوَّضت القلوب من رعبها منكم الجراءة عليكم، فادفعوا عن أنفسكم خذلان هذه العاقبة من أمركم ،بمناجزة هذا الطاغية، فقد ألقت به إليكم مدينته الحصينة، وإن انتهاز الفرصة فيه لممكن ، إن سمحتم لأنفسكم بالموت. “ ،وقال :” وقد انتخبكم الوليد بن عبد الملك أمير المؤمنين من الأبطال عُربانًا، ورضيكم لملوك هذه الجزيرة أصهارًا، وأختانًا، ثقة منه بارتياحكم للطعان، واستماحكم بمجالدة الأبطال والفرسان ، ليكون حظُّه منكم ثواب الله على إعلاء كلمته ،وإظهار دينه بهذه الجزيرة، وليكون مغنمًا خالصة لكم من دونه ، ومن دون المؤمنين سواكم، والله – الله – ولَّى أنجادكم على ما يكون لكم ذِكرًا في الدارين) ، وبعد أن استراح القائدان قليلاً في طليطلة عاودا الفتح مرَّة ثانية، وافتتحا سَرَقُسْطَة وطَرَّكُونة وبَرْشُلُونَة وغيرها من المدن، ثم افترق الفاتحان، وسار كلٌّ منهما في ناحية حتى أتمَّا فتح الأندلس. وبينما القائدان يفتحان البلاد وصلت رسالة من الخليفة الوليد بن عبد الملك يأمرهما فيها بالتوقُّف عن الفتح، والعودة إلى دمشق، وكان القائدان قد نَظَّمَا شئون البلاد، وغادر القائدان الأندلس وواصلَا السير إلى دمشق عاصمة الدولة الأموية، فوصلاها بعد تولية سليمان بن عبد الملك الخلافة بعد وفاة أخيه الوليد، وقدَّما له تقريرًا وافيًا عن الفتح، فاسْتَبْقَاهما الخليفة إلى جواره، وأقام طارق بن زياد هناك مكتفيًا بما حقَّقه من فتوحات عظيمة خلَّدت اسمه بين الفاتحين العظام من المسلمين.
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية من أعلام المسلمين ( طارق بن زياد)
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
أما عن وفاة طارق بن زياد : فقد انقطعت أخبار القائد طارق بن زياد إثر وصوله إلى الشام مع موسى بن نصير، واضطربت أقوال المؤرخين في نهاية طارق؛ غير أن الراجح أنه لم يُوَلَّ عملًا بعد ذلك. لقد كان طارق بن زياد قائدًا عظيمًا؛ استطاع بإيمانه وصبره وعزيمته وإصراره أن يصل إلى هذه المكانة العظيمة، ونجح في تحقيق هذه الانتصارات ،لأنه كان يُفَكِّر في كل خطوة يخطوها، ويتأنَّى في اتخاذ القرار، ويجمع المعلومات قبل التحرُّك، كما كان مؤمنًا صادقَ الإيمان ،على يقينٍ من نصر الله حتى في أحرج الأوقات، فظلَّ ثمانية أيام يُحارب عدوَّه في لقاء غير متكافئ من حيث العدد والعُدَّة؛ لكنه تمكَّن من تحقيق النصر في النهاية بفضل الله تعالى. هذه هي بعض الصور المشرقة من حياة هذا البطل المغوار ، لتكون لنا ولأجيالنا من بعدنا أنموذجا يحتذى به ، وشخصية يقتدى بها ، فالسير على خطا العظماء فلاح .
الدعاء