خطبة عن حديث (انْظُرُوا إِلَى مَنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ)
نوفمبر 17, 2018خطبة عن حديث (إِذَا فُتِحَتْ عَلَيْكُمْ فَارِسُ وَالرُّومُ أَيُّ قَوْمٍ أَنْتُمْ)
نوفمبر 17, 2018الخطبة الأولى ( من آداب الْعُطَاس والتَّثَاؤُب) (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْعُطَاسَ ، وَيَكْرَهُ التَّثَاؤُبَ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
روى البخاري في صحيحه 🙁عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ – رضى الله عنه – عَنِ النَّبِىِّ – صلى الله عليه وسلم – « إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْعُطَاسَ ، وَيَكْرَهُ التَّثَاؤُبَ ، فَإِذَا عَطَسَ فَحَمِدَ اللَّهَ ، فَحَقٌّ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ سَمِعَهُ أَنْ يُشَمِّتَهُ ، وَأَمَّا التَّثَاؤُبُ فَإِنَّمَا هُوَ مِنَ الشَّيْطَانِ ، فَلْيَرُدَّهُ مَا اسْتَطَاعَ ، فَإِذَا قَالَ هَا . ضَحِكَ مِنْهُ الشَّيْطَانُ » . وروى مسلم في صحيحه : (عن أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « إِذَا تَثَاوَبَ أَحَدُكُمْ فَلْيُمْسِكْ بِيَدِهِ عَلَى فِيهِ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَدْخُلُ ».
إخوة الإسلام
الْعُطَاس والتَّثَاؤُب حركة غير إرادية ، يشترك فيها جميع الناس مؤمنهم وكافرهم ، وحديثنا اليوم -إن شاء الله- عن الآداب الاسلامية في كل من العطاس والتثاؤب : أما عن العطاس :فمن المهم في بدء كلامنا عن العطاس : أن نعرف أنه نعمةٌ من الله سبحانه وتعالى، وأنه يُفيد الجسم، ويطرد الداء؛ بخلاف التثاؤب الذي هو دليلٌ على امتلاء البدن والكسل، ولذلك فإنَّ العطاسَ يحبه الله عز وجل، وهو نعمةٌ منه، قال صلى الله عليه وسلم :(إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْعُطَاسَ ، وَيَكْرَهُ التَّثَاؤُبَ ) رواه البخاري ، يقول ابن الجوزي : “ومعنى حُبِّ العطاس وكراهة التثاؤب : أن العطاس : إنما يكون مع انفتاح المسامِّ وخفة البدن وتيسير الحركات، وسبب هذه الأمور تخفيف الغذاء، والإقلال من الطعام، والتثاؤبُ : إنما يكون مع ثِقَل البدن وامتلائه، وعند استرخائه للنوم وميله للكسل، فصار العطاسُ محمودًا لأنه يُعينُ على الطاعات، والتثاؤب مذمومًا لأنه يثبّط عن الخيرات وقضاء الواجبات”. ومن آداب الاسلام في العطاس: أولا : تشميت العاطس، ففي صحيح البخاري (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ – رضى الله عنه – عَنِ النَّبِىِّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ : « إِذَا عَطَسَ أَحَدُكُمْ فَلْيَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ . وَلْيَقُلْ لَهُ أَخُوهُ أَوْ صَاحِبُهُ يَرْحَمُكَ اللَّهُ . فَإِذَا قَالَ لَهُ يَرْحَمُكَ اللَّهُ . فَلْيَقُلْ يَهْدِيكُمُ اللَّهُ وَيُصْلِحُ بَالَكُمْ » ، وعلى هذا فتشميت العاطس أدب مأمورٌ به، ومندوبٌ إليه، وهذا من محاسن ديننا الاسلامي، أن شرع للمسلمين دعاء يقولونه بعد العطاس – الذي هو نعمة من الله عليهم -، فبه يحمدون الله، وبه يتراحمون، ويسألون الله الهداية وصلاح البال. قال ابن القيم: ولما كان العاطسُ قد حصلتْ له بالعطاسِ نعمةً ومنفعةً بخروج الأبخرة المحتقنة في دماغه، التي لو بقيت فيه أحدثت له أدواءً عَسِرة، شُرّع له حمد الله على هذه النعمة، مع بقاء أعضائه على التئامها وهيئتها بعد هذه الزلزلة التي هي للبدن كزلزلة الأرض لها. وتشميت العاطس حكمه فرض على الكفاية إذا فعله بعض الحاضرين سقط الأمر عن الباقين ، ولا ينبغي تركه لقوله صلى الله عليه وسلم : (فَإِذَا عَطَسَ أَحَدُكُمْ وَحَمِدَ اللَّهَ كَانَ حَقًّا عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ سَمِعَهُ أَنْ يَقُولَ لَهُ يَرْحَمُكَ اللَّهُ) رواه البخاري ، وفي البخاري أيضا عَنِ الْبَرَاءِ – رضى الله عنه – قَالَ أَمَرَنَا النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – بِسَبْعٍ ، وَنَهَانَا عَنْ سَبْعٍ ، ” وذكر من المأمورات : (وَتَشْمِيتِ الْعَاطِسِ ) ،ومعنى التشميت: الدعاء بالخير والبركة، ولأجل هذا المعنى كان السلف يحبون أن يشمتهم الناس، لا سيما أهل الخير والصلاح، فقد روى مسلم في صحيحه : (عَنْ أَبِى بُرْدَةَ قَالَ دَخَلْتُ عَلَى أَبِى مُوسَى وَهْوَ فِي بَيْتِ بِنْتِ الْفَضْلِ بْنِ عَبَّاسٍ فَعَطَسْتُ فَلَمْ يُشَمِّتْنِي وَعَطَسَتْ فَشَمَّتَهَا فَرَجَعْتُ إِلَى أُمِّي فَأَخْبَرْتُهَا فَلَمَّا جَاءَهَا قَالَتْ عَطَسَ عِنْدَكَ ابْنِى فَلَمْ تُشَمِّتْهُ وَعَطَسَتْ فَشَمَّتَّهَا. فَقَالَ إِنَّ ابْنَكِ عَطَسَ فَلَمْ يَحْمَدِ اللَّهَ فَلَمْ أُشَمِّتْهُ وَعَطَسَتْ فَحَمِدَتِ اللَّهَ فَشَمَّتُّهَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ :« إِذَا عَطَسَ أَحَدُكُمْ فَحَمِدَ اللَّهَ فَشَمِّتُوهُ فَإِنْ لَمْ يَحْمَدِ اللَّهَ فَلاَ تُشَمِّتُوهُ ». أما الأدب التالي من آداب العطاس : أن لا يشمت إلا من حمد الله سبحانه وتعالى: لقوله صلى الله عليه وسلم كما في حديث مسلم « فَإِنْ لَمْ يَحْمَدِ اللَّهَ فَلاَ تُشَمِّتُوهُ ». وفي الصحيحين 🙁عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ عَطَسَ عِنْدَ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- رَجُلاَنِ فَشَمَّتَ أَحَدَهُمَا وَلَمْ يُشَمِّتِ الآخَرَ فَقَالَ الَّذِى لَمْ يُشَمِّتْهُ عَطَسَ فُلاَنٌ فَشَمَّتَّهُ وَعَطَسْتُ أَنَا فَلَمْ تُشَمِّتْنِي. قَالَ « إِنَّ هَذَا حَمِدَ اللَّهَ وَإِنَّكَ لَمْ تَحْمَدِ اللَّهَ ». ولكن : هل يلزم سماع حمد العاطس لتشميته، أو يُكتفى بعلم ذلك من تشميت من حوله؟ قال ابن القيم : الأظهر أنه يشمته إذا تحقق أنه حمد الله، وليس المقصود سماع المشمَّت للحمد، وإنما المقصود نفس حمده، فمتى تحقق ترتب عليه التشميت، كما لو كان المشمّت أخرس، ورأى حركة شفتيه بالحمد.
وهل يستحب تذكير من نسي حمد الله بعد العطاس حتى يُشمت؟ فقد اختار بعض أهل العلم كالنخعي والنووي تذكيره، لأنه من باب التعاون على البر والتقوى، والنصيحة، والأمر بالمعروف. واختار بعضهم كابن العربي وابن القيم أنه لا يُذكّره ، قال ابن قيم الجوزية: وظاهر السنة يقوي قول ابن العربي : لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يشمت الذي عطس، ولم يحمد الله، ولم يذكره، وهذا تعزيرٌ له، وحرمانٌ لبركة الدعاء لما حرم نفسه بركة الحمد، فنسي الله، فصرف قلوبَ المؤمنين وألسنتَهم عن تشميته، والدعاء له، ولو كان تذكيرُه سنةً، لكان النبي صلى الله عليه وسلم أولى بفعلها وتعليمها، والإعانة عليها ،كما يقوي الرأي بعدم التذكير ما روي عن الحسن البصري وابن سيرين أنهما كانا لا يشمتان العاطس حتى يحمد الله ، وفي تشميت العاطس على المسلم أن يتقيُّد بما ورد في السنة: فقد جاء أن رجلاً عطس عند ابن عمر، فقال: الحمد لله والسلام على رسول الله، قال ابن عمر: وأنا أقول: الحمد لله والسلام على رسول الله وليس هكذا، علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نقول: “الحمد لله على كل حال”. فالسنة أن يقول المشمت: “يرحمك الله”. وأن يرد العاطس على المشمّت: “يهديكم الله ويصلح بالكم، أو يرحمنا الله وإياكم، ويغفر لنا ولكم”. كما جاءت بذلك الاحاديث ، ومن آداب العطاس أيضا : وضع اليد أو المنديل على الفم وخفض الصوت قدر الإمكان: ففي سنن أبي داود 🙁عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- إِذَا عَطَسَ وَضَعَ يَدَهُ أَوْ ثَوْبَهُ عَلَى فِيهِ وَخَفَضَ أَوْ غَضَّ بِهَا صَوْتَهُ ). فلما كان العاطس – غالبًا – يُحدث صوتًا رفيعًا مزعجًا أُستحب له أن يخفض من صوته بوضع يده على وجهه أو بثوبه، وفي وضع اليد أو الثوب على الفم ، وفائدة أخرى وهي: أن العاطس لا يأمن- غالبًا – من خروج شيءٍ من فمه، فاستُحب له أن يضع يده على فيه، وفي هذا سنة. ومن آداب العطاس : التشميت ثلاثًا، فما زاد فهو زكام: فقد روى أبو داود (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ شَمِّتْ أَخَاكَ ثَلاَثًا فَمَا زَادَ فَهُوَ زُكَامٌ. وفي سنن الترمذي : (عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- نَحْوَهُ إِلاَّ أَنَّهُ قَالَ لَهُ فِي الثَّالِثَةِ « أَنْتَ مَزْكُومٌ ». ومن آداب العطاس : تحويل الوجه قبل العطاس عن وجوه الناس ،أو الطعام لئلا يصيبه رذاذُ العطاس، والبعد عن إخراج صوتٍ عند تنظيف الأنف بمحضر الناس، لأن هذا مما يستقذره الناس، وقد يسأل سائل :هل يجوز تشميت أهل الذمة ؟ : في سنن أبي داود (عَنْ أَبِى بُرْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ كَانَتِ الْيَهُودُ تَعَاطَسُ عِنْدَ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- رَجَاءَ أَنْ يَقُولَ لَهَا يَرْحَمُكُمُ اللَّهُ فَكَانَ يَقُولُ : « يَهْدِيكُمُ اللَّهُ وَيُصْلِحُ بَالَكُمْ ». وعلى هذا يجوز الدعاء لأهل الذمة – إذا حمدوا الله بعد عطاسهم – بالهداية والتوفيق للإيمان، ولا يُدعى لهم بالرحمة والمغفرة، فهم ليس أهلٌ لذلك.
أيها المسلمون
وأما عن آداب التثاؤب : فقد علَّمنا الإسلام أن للتثاؤب آدابًا ؛ فإذا التزم المسلم بآداب التثاؤب كف الشيطان عنه ، وصعب عليه أن ينقلها إلى غيره ،فمن العجيب أن عدوى التثاؤب في الجماعة التي يتثاءب فيها واحد شديدة ، فما يتثاءب واحد في مجموعة إلا ورأيت باقي المجموعة يتثاءبون الواحد تلو الآخر ؛وفي المثل : (أعدى من الثؤباء ) ، أي: إذا تثاءب إنسان بحضرة قوم أصابهم مثل ما أصابه ، وفي أعراف كثير من الشعوب أنه ليس من الأدب أن يتثاءب الإنسان في حضرة الناس ، حتى قالوا بكتم التثاؤب أمام الآخرين ، أو تغطية الفم باليد . وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكره كل مظاهر الكسل والخمول، ولـمَّا كان التثاؤب علامة على ذلك فقد أمر الرسول صلى الله عليه وسلم برَدِّه ما استطعنا؛ فقد روى البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: «التَّثَاؤُبُ مِنَ الشَّيْطَانِ، فَإِذَا تَثَاءَبَ أَحَدُكُمْ فَلْيَرُدَّهُ مَا اسْتَطَاعَ، فَإِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا قَالَ: هَا. ضَحِكَ الشَّيْطَانُ». وفي رواية أخرى للبخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، صَرَّح بأن الله يكره التثاؤب؛ فقال: «إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ العُطَاسَ، وَيَكْرَهُ التَّثَاؤُبَ، فَإِذَا عَطَسَ فَحَمِدَ اللَّهَ، فَحَقٌّ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ سَمِعَهُ أَنْ يُشَمِّتَهُ، وَأَمَّا التَّثَاؤُبُ: فَإِنَّمَا هُوَ مِنَ الشَّيْطَانِ، فَلْيَرُدَّهُ مَا اسْتَطَاعَ، فَإِذَا قَالَ: هَا. ضَحِكَ مِنْهُ الشَّيْطَانُ». فالشيطان -الذي يكره الخير للإنسان ويحبُّ كسله وخموله- يضحك ويسعد برؤية الإنسان متثائبًا كسلان؛ بل أكثر من ذلك فقد وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرًا عجيبًا يحدث عند التثاؤب، وهو دخول الشيطان إلى جوف الإنسان عن طريق فمه المفتوح! فقد روى مسلم عن أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا تَثَاءَبَ أَحَدُكُمْ، فَلْيُمْسِكْ بِيَدِهِ عَلَى فِيهِ؛ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَدْخُلُ». وفي رواية للترمذي -وقال الألباني: حسن صحيح- عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ : « الْعُطَاسُ مِنَ اللَّهِ وَالتَّثَاؤُبُ مِنَ الشَّيْطَانِ فَإِذَا تَثَاءَبَ أَحَدُكُمْ فَلْيَضَعْ يَدَهُ عَلَى فِيهِ وَإِذَا قَالَ آهْ آهْ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَضْحَكُ مِنْ جَوْفِهِ وَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْعُطَاسَ وَيَكْرَهُ التَّثَاؤُبَ فَإِذَا قَالَ الرَّجُلُ آهْ آهْ إِذَا تَثَاءَبَ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَضْحَكُ فِى جَوْفِهِ ».
وأسوأ التثاؤب ما كان أثناء الصلاة؛ وقد خصَّ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث رواه الترمذي -وقال الألباني: صحيح- عَنْ أبي هريرة رضي الله عنه، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «التَّثَاؤُبُ فِي الصَّلاَةِ مِنَ الشَّيْطَانِ، فَإِذَا تَثَاءَبَ أَحَدُكُمْ فَلْيَكْظِمْ مَا اسْتَطَاعَ». فلْنحذر من هذه الصورة التي يحبها الشيطان؛ فإذا حدث التثاؤب لا محالة فعلينا ألا نُحْدِث صوتًا، وعلينا أيضًا أن نضع اليد على الفم، فإن ذلك يمنع دخول الشيطان. فالتثاؤب مكروه ، سواء كان في الصلاة أو خارجها ، وتتأكد الكراهة في الصلاة ، والسنة رده. وفي قوله صلى الله عليه وسلم : (وَالتَّثَاؤُبُ مِنَ الشَّيْطَانِ ) قال ابن بطال إضافة التثاؤب إلى الشيطان بمعنى إضافة الرضا والإرادة ، أي أن الشيطان يحب أن يرى الإنسان متثائبا لأنها حالة تتغير فيها صورته فيضحك منه ، لا أن المراد أن الشيطان فعل التثاؤب . وقال ابن العربي : قد بينا أن كل فعل مكروه نسبه الشرع إلى الشيطان لأنه واسطته ، وأن كل فعل حسن نسبه الشرع إلى الملك لأنه واسطته ، قال : والتثاؤب من الامتلاء وينشأ عنه التكاسل وذلك بواسطة الشيطان ، والعطاس من تقليل الغذاء وينشأ عنه النشاط وذلك بواسطة الملك . وقال النووي : أضيف التثاؤب إلى الشيطان لأنه يدعو إلى الشهوات إذ يكون عن ثقل البدن واسترخائه وامتلائه ، والمراد التحذير من السبب الذي يتولد منه ذلك وهو التوسع في المأكل . وفي قوله صلى الله عليه وسلم : (فَإِذَا تَثَاءَبَ أَحَدُكُمْ فَلْيَكْظِمْ مَا اسْتَطَاعَ ) :أي : عليه أن يأخذ في أسباب رده ، وليس المراد به أنه يملك دفعه ،لأن الذي وقع لا يرد حقيقة ، وقيل معنى إذا تثاءب: إذا أراد أن يتثاءب ،فكيف يكظم المسلم التثاؤب ؟ : فكظم التثاؤب يكون بأمور ، ومنها : التحكم بالفم ومنعه من انفتاحه ، وضغط الأسنان على الشفة ، ووضع اليد أو الثوب على الفم ونحو ذلك ، وأما عما يفعله بعض الناس من التعوذ بالله من الشيطان حال التثاؤب : فهذا الفعل خطأ من وجهين : الوجه الأول : أن هذا المتعوذ ابتدع من عند نفسه ذكراً لم يشرعه النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الحالة . الوجه الثاني : أنه ترك سنة أمر النبي صلى الله عليه وسلم بفعلها عند التثاؤب ، وهي أن يكظم التثاؤب ما استطاع إما بثوبه أو بوضع يده أو بأي طريقة أخرى ، فعلى المسلم أن يتنبه لذلك .
أيها المسلمون
هذه هي بعض آداب وسنن العطاس والتثاؤب ، ألا فاعملوا بها ، وكونوا لله طائعين ، ولسنة رسوله صلى الله عليه وسلم متبعين .
الدعاء