خطبة عن ( خلق الصبر: معناه وأنواعه وثمراته وما يعين عليه)
مارس 10, 2016خطبة عن ( من صور عقوق الوالدين وعقوبته)
مارس 12, 2016الخطبة الأولى ( صور البر للوالدين بعد وفاتهما)
الحمد لله رب العالمين ..اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك .. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له .وأشهد أن محمدا عبده ورسوله اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله واصحابه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
قال الله تعالى : ( وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا (23) وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا ) (23)، (24) الاسراء
إخوة الإسلام
عقوق الوالدين عقوبته في الدنيا والآخرة ففي المستدرك(عن أبي بكرة رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول :( كل الذنوب يؤخر الله ما شاء منها إلى يوم القيامة إلا عقوق الوالدين فإن الله تعالى يعجله لصاحبه في الحياة قبل الممات)، فاعلم أيها العاق أنك مجزي بعملك في الدنيا قبل الآخرة وكما تدين تدان. وقد ذكر العلماء قصة : (أن رجلاً حمل أباه الطاعن في السن وذهب به إلى خرابة فقال الأب: إلى أين تذهب بي يا ولدي؟ فقال: لأذبحك، فقال: لا تفعل يا ولدي، فأقسم الولد ليذبحنّ أباه، فقال الأب: فإن كنت ولا بد فاعلاً فاذبحني هنا عند هذه الحجرة فإني قد ذبحت أبي هنا). فإذا أردت أيها المسلم أن يبرك أبناؤك فكن أنت أولا بارا بوالديك ،ففي المعجم الكبير للطبراني : (عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( بَرُّوا آباءَكُمْ تَبَرُّكُمْ أَبْنَاؤُكُمْ . وَعِفُّوا تَعِفُّ نِسَاؤُكُمْ )
اخوة الاسلام
ونأتي إلى الاجابة على السؤال الأخير وهو كيف تبر والديك وتحسن إليهما بعد موتهما ؟ وكيف تتوب من عقوق وقعت فيه في حياتهما؟ أقول أولا بكثرة الدعاء لهما والإستغفار لهما؛ لقول الله تعالى ذاكراً دعاء إبراهيم: ( رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ} ابراهيم 41. وفي مسند الإمام أحمد (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم « إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَيَرْفَعُ الدَّرَجَةَ لِلْعَبْدِ الصَّالِحِ فِى الْجَنَّةِ فَيَقُولُ يَا رَبِّ أَنَّى لِي هَذِهِ فَيَقُولُ بِاسْتِغْفَارِ وَلَدِكَ لَكَ » ، أما الدعاء لهما فلحديث أبي هريرة رضي الله عنه، في صحيح مسلم عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « إِذَا مَاتَ الإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلاَّ مِنْ ثَلاَثَةٍ إِلاَّ مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ ». وفي مسند الإمام أحمد عَنْ أَبِى أُسَيْدٍ صَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَكَانَ بَدْرِيًّا وَكَانَ مَوْلاَهُمْ قَالَ قَالَ أَبُو أُسَيْدٍ َيْنَمَا أَنَا جَالِسٌ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ فَقَالَ َا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ بَقِىَ عَلَىَّ مِنْ بِرِّ أَبَوَىَّ شَىْءٌ بَعْدَ مَوْتِهِمَا أَبَرُّهُمَا بِهِ قَالَ « نَعَمْ خِصَالٌ أَرْبَعَةٌ الصَّلاَةُ عَلَيْهِمَا وَالاِسْتِغْفَارُ لَهُمَا وَإِنْفَاذُ عَهْدِهِمَا وَإِكْرَامُ صَدِيقِهِمَا وَصِلَةُ الرَّحِمِ الَّتِى لاَ رَحِمَ لَكَ إِلاَّ مِنْ قِبَلِهِمَا فَهُوَ الَّذِى بَقِىَ عَلَيْكَ مِنْ بِرِّهِمَا بَعْدَ مَوْتِهِمَا) ، ومن بر الوالدين بعد موتهما قضاء الدين عنهما؛ لما جاء في مسند الإمام أحمد عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ « لاَ تَزَالُ نَفْسُ ابْنِ آدَمَ مُعَلَّقَةً بِدَيْنِهِ حَتَّى يُقْضَى عَنْهُ » ، ومن البر بهما قضاء النذور عنهما: كنذر الصيام، والحج أو العمرة، أو غير ذلك مما تدخله النيابة. وقضاء الكفارات عنهما: ككفارة اليمين، وكفارة قتل الخطأ، وغير ذلك؛ لدخول هذه الواجبات في قوله في حديث مسلم عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضى الله عنهما قَالَ : جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أُمِّى مَاتَتْ وَعَلَيْهَا صَوْمُ شَهْرٍ أَفَأَقْضِيهِ عَنْهَا فَقَالَ « لَوْ كَانَ عَلَى أُمِّكَ دَيْنٌ أَكُنْتَ قَاضِيَهُ عَنْهَا ». قَالَ نَعَمْ. قَالَ « فَدَيْنُ اللَّهِ أَحَقُّ أَنْ يُقْضَى »
اقول قولي واستغفر الله
الخطبة الثانية ( صور البر للوالدين بعد وفاتهما)
الحمد لله رب العالمين ..اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك .. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له .وأشهد أن محمدا عبده ورسوله اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله واصحابه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
ومن صور البر للوالدين بعد وفاتهما صلة الرحم التي لا توصل إلا بهما؛ لحديث ابن حبان في صحيحه (عَنْ أَبِي بُرْدَةَ ، قَالَ : أَتَيْتُ الْمَدِينَةَ فَأَتَانِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ ، فَقَالَ : هَلْ تَدْرِي لِمَ أَتَيْتُكَ ؟ قَالَ : قُلْتُ : لا ، قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ : مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَصِلَ أَبَاهُ فِي قَبْرِهِ ، فَلْيَصِلْ إِخْوَانَ أَبِيهِ بَعْدَهُ ، وَإِنَّهُ كَانَ بَيْنَ أَبِي عُمَرَ ، وَبَيْنَ أَبِيكِ إِخَاءٌ وَوُدٌّ ، فَأَحْبَبْتُ أَنْ أَصِلَ ذَلِكَ ).. ومن بر الوالدين بعد موتهما الصدقة عنهما؛ ففي صحيح البخاري عن ابْن عَبَّاسٍ رضى الله عنهما أَنَّ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ رضى الله عنه تُوُفِّيَتْ أُمُّهُ وَهْوَ غَائِبٌ عَنْهَا ،فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أُمِّى تُوُفِّيَتْ وَأَنَا غَائِبٌ عَنْهَا ، أَيَنْفَعُهَا شَىْءٌ إِنْ تَصَدَّقْتُ بِهِ عَنْهَا قَالَ « نَعَمْ » . قَالَ فَإِنِّي أُشْهِدُكَ أَنَّ حَائِطِي الْمِخْرَافَ صَدَقَةٌ عَلَيْهَا )
أيها الموحدون
بعد أن تعرفنا على صور البر بالوالدين وجزاء البارين .. وتعرفنا على صور العقوق للوالدين وجزاء العاقين ..ألا فكونوا من البررة من أهل الفوز بالجنان .واحذروا أن تكونوا من أهل العقوق والخسران .فهنيئا لكم يامن تحملتم طباع الوالدين وصبرتم على شدتهم وأجبتم طلباتهم وخاصة عند الكبر . طاعة لله . وطلبا لجنته ورضاه ..فاللهم أجعلنا من البارين بوالديهم في حياتهم وبعد مماتهم
الدعاء