خطبة عن الصحابي: (سَلَمَةُ بْنُ الأَكْوَعِ)
يناير 5, 2019خطبة عن حديث (تُعْرَضُ أَعْمَالُ النَّاسِ فِي كُلِّ جُمُعَةٍ مَرَّتَيْنِ)
يناير 5, 2019الخطبة الأولى ( فَلِذَلِكَ فَادْعُ . وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ . وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته :(فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَقُلْ آمَنْتُ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتَابٍ وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ اللَّهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ لَا حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ اللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ) الشورى (15)
إخوة الإسلام
موعدنا اليوم إن شاء الله مع هذه الآية الكريمة من كتاب الله ، نتلوها ،ونتدارسها ، ونتفهم معانيها ، ونعمل بما جاء فيها ، وبداية تعالوا بنا نتعرف على أقوال أهل التأويل والتفسير فيما جاء في تفسيرها : فقد جاء في تفسير الطبري : يقول تعالى ذكره: (فإلى ذلك الدين الذي شَرَع لكم, ووصّى به نوحا, وأوحاه إليك يا محمد, فادع عباد الله, واستقم على العمل به, ولا تزغ عنه, واثبت عليه كما أمرك ربك بالاستقامة. ولا تتبع يا محمد أهواء الذين شكُّوا في الحقّ الذي شرعه الله لكم من الذين أورثوا الكتاب من بعد القرون الماضية قبلهم, فتشك فيه, كالذي شكوا فيه. وقل لهم يا محمد: وأمرني ربي أن أعدل بينكم معشر الأحزاب, فأسير فيكم جميعا بالحق الذي أمرني به وبعثني بالدعاء إليه. ( وَأُمِرْتُ لأعْدِلَ بَيْنَكُمُ ) قال: أمر نبي الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم أن يعدل, فعدل حتى مات صلوات الله وسلامه عليه. والعدل ميزان الله في الأرض, به يأخذ للمظلوم من الظالم, وللضعيف من الشديد, وبالعدل يصدّق الله الصادق, ويكذّب الكاذب, وبالعدل يردّ المعتدي ويوبخه. وفي تفسير ابن كثير : { فَلِذَلِكَ فَادْعُ } أي فللذي أوحينا إليك من الدين الذي وصينا به جميع المرسلين قبلك، أصحاب الشرائع المتبعة، فادع الناس إليه، وقوله عزَّ وجلَّ: { وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ} أي واستقم أنت ومن اتبعك على عبادة اللّه تعالى، كما أمركم اللّه عزَّ وجلَّ. وقوله تعالى: { وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ } يعني المشركين فيما اختلقوه فيه وكذبوه وافتروا من عبادة الأوثان، وقوله جلَّ وعلا: { وَقُلْ آمَنْتُ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتَابٍ } أي صدقت بجميع الكتب المنزلة من السماء على الأنبياء لا نفرق بين أحد منهم، وقوله: { وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ } أي في الحكم كما أمرني اللّه. وقوله جلَّت عظمته { اللَّهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ لَا حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ } أي هو المعبود لا إله غيره فنحن نقر بذلك اختياراً، وأنتم وإن لم تفعلوه اختياراً فله يسجد من في العالمين طوعاً وإجباراً، وقوله تبارك وتعالى: { لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ } أي نحن برآء منكم، وقوله تعالى: { لَا حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ } قال مجاهد: أي لا خصومة. قال السدي: وذلك قبل نزول آية السيف، وهذا متجه، لأن هذه الآية مكية وآية السيف بعد الهجرة، وقوله عزَّ وجلَّ: { اللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا } أي يوم القيامة وقوله جلَّ وعلا: { وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ } أي المرجع والمآب يوم الحساب. وجاء في فسير القرطبي : والمعنى فلهذا القرآن فادع ، قال ابن عباس : أي إلى القرآن فادع الخلق. { وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ} خطاب له عليه السلام. قال قتادة : أي استقم على أمر الله وقال سفيان : أي استقم على القرآن. وقال الضحاك : استقم على تبليغ الرسالة. { وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ } أي لا تنظر إلى خلاف من خالفك. { وَقُلْ آمَنْتُ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتَابٍ وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ } أي أن أعدل؛ قال ابن عباس وأبو العالية : لأسوي بينكم في الدين فأومن بكل كتاب وبكل رسول ،وقيل : إن هذه الآية نزلت في الوليد بن المغيرة وشيبة بن ربيعة، وقد سألا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرجع عن دعوته ودينه إلى دين قريش، على أن يعطيه الوليد نصف ماله ويزوجه شيبة بابنته.
وفي التفسير الميسر : فإلى ذلك الدين القيِّم الذي شرعه الله للأنبياء ووصَّاهم به، فادع -أيها الرسول- عباد الله، واستقم كما أمرك الله، ولا تتبع أهواء الذين شكُّوا في الحق وانحرفوا عن الدين، وقل: صدَّقت بجميع الكتب المنزلة من السماء على الأنبياء، وأمرني ربي أن أعدل بينكم في الحكم، الله ربنا وربكم، لنا ثواب أعمالنا الصالحة، ولكم جزاء أعمالكم السيئة، لا خصومة ولا جدال بيننا وبينكم بعدما تبين الحق، الله يجمع بيننا وبينكم يوم القيامة، فيقضي بيننا بالحق فيما اختلفنا فيه، وإليه المرجع والمآب، فيجازي كلا بما يستحق. وجاء في تفسير السعدى : { فَلِذَلِكَ فَادْعُ } أي: فللدين القويم والصراط المستقيم، الذي أنزل الله به كتبه وأرسل رسله، فادع إليه أمتك وحضهم عليه، وجاهد عليه، من لم يقبله، { وَاسْتَقِمْ } بنفسك { كَمَا أُمِرْتَ } أي: استقامة موافقة لأمر الله، لا تفريط ولا إفراط، بل امتثالا لأوامر الله واجتنابا لنواهيه، على وجه الاستمرار على ذلك، فأمره بتكميل نفسه بلزوم الاستقامة، وبتكميل غيره بالدعوة إلى ذلك.ومن المعلوم أن أمر الرسول صلى الله عليه وسلم أمر لأمته إذا لم يرد تخصيص له.{ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ } أي: أهواء المنحرفين عن الدين، من الكفرة والمنافقين إما باتباعهم على بعض دينهم، أو بترك الدعوة إلى الله، أو بترك الاستقامة، فإنك إن اتبعت أهواءهم من بعد ما جاءك من العلم إنك إذا لمن الظالمين، ولم يقل: “ولا تتبع دينهم” لأن حقيقة دينهم الذي شرعه الله لهم، هو دين الرسل كلهم، ولكنهم لم يتبعوه، بل اتبعوا أهواءهم، واتخذوا دينهم لهوا ولعبا. { وَقُلْ } لهم عند جدالهم ومناظرتهم: { آمَنْتُ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتَابٍ } أي: لتكن مناظرتك لهم مبنية على هذا الأصل العظيم، الدال على شرف الإسلام وجلالته وهيمنته على سائر الأديان، وأن الدين الذي يزعم أهل الكتاب أنهم عليه جزء من الإسلام، وفي هذا إرشاد إلى أن أهل الكتاب إن ناظروا مناظرة مبنية على الإيمان ببعض الكتب، أو ببعض الرسل دون غيره، فلا يسلم لهم ذلك، لأن الكتاب الذي يدعون إليه، والرسول الذي ينتسبون إليه، من شرطه أن يكون مصدقا بهذا القرآن وبمن جاء به، فكتابنا ورسولنا لم يأمرنا إلا بالإيمان بموسى وعيسى والتوراة والإنجيل، التي أخبر بها وصدق بها، وأخبر أنها مصدقة له ومقرة بصحته. وأما مجرد التوراة والإنجيل، وموسى وعيسى، الذين لم يوصفوا لنا، ولم يوافقوا لكتابنا، فلم يأمرنا بالإيمان بهم. وقوله: { وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ } أي: في الحكم فيما اختلفتم فيه، فلا تمنعني عداوتكم وبغضكم، يا أهل الكتاب من العدل بينكم، ومن العدل في الحكم، بين أهل الأقوال المختلفة، من أهل الكتاب وغيرهم، أن يقبل ما معهم من الحق، ويرد ما معهم من الباطل، { اللَّهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ } أي: هو رب الجميع، لستم بأحق به منا. { لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ } من خير وشر { لَا حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ } أي: بعد ما تبينت الحقائق، واتضح الحق من الباطل، والهدى من الضلال، لم يبق للجدال والمنازعة محل، لأن المقصود من الجدال، إنما هو بيان الحق من الباطل، ليهتدي الراشد، ولتقوم الحجة على الغاوي، وليس المراد بهذا أن أهل الكتاب لا يجادلون، كيف والله يقول: { وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ } وإنما المراد ما ذكرنا. { اللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ } يوم القيامة، فيجزي كلا بعمله، ويتبين حينئذ الصادق من الكاذب.
أيها المسلمون
ففي هذه الآية الكريمة يأمر الله رسوله الأمين ، وأتباعه من المؤمنين ، بالدعوة إلى هذا الدين القويم والصراط المستقيم، الذي أنزل الله به كتبه وأرسل رسله، وأمر الله رسوله وأمته بالاستقامة على هذا الدين ، والشرع الحكيم ، استقامة موافقة لأمر الله، لا تفريط ولا إفراط، بل امتثالاً لأوامر الله واجتنابا لنواهيه، على وجه الاستمرار على ذلك، ومن المعلوم أن أمر الرسول صلى الله عليه وسلم أمر لأمته إذا لم يرد تخصيص له. والاستقامة: “هي سلوكُ الصِّراط المستقيم، وهو الدِّينُ القيِّم من غير تعريج عنه يَمنةً ولا يَسرةً، ويشمل ذلك فعلَ الطَّاعات كلّها، الظاهرة والباطنة، وتركَ المنهيات كُلِّها كذلك، فصارت هذه الوصيةُ جامعةً لخصال الدِّين كُلِّها” ، ومقام الاستقامة من أعلى المقامات، يُرتَقَى به لأعلى الدرجات، كما يدل عليه هذا الأمرُ به للرسول صلى الله عليه وسلم في هذه الآية، ولموسى وهارون عليهما السلام في قوله: ﴿ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا فَاسْتَقِيمَا وَلَا تَتَّبِعَانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [يونس: 89]، وقد مدَح الله أهلَ الاستقامة فقال: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ ﴾ [فصلت: 30]،
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( فَلِذَلِكَ فَادْعُ . وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ . وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
وطريقُ الاستقامة هو أقربُ طريق موصل إلى الجنة، كما أن الخطَّ المستقيم هو أقربُ خط يصل بين نقطتين؛ ولذلك يطلب المؤمنون معرفتَه والثباتَ عليه بقولهم في كل ركعة من ركعات الصلاة: ﴿ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ﴾ [الفاتحة: 6]، والصراط صراطانِ: صراطٌ في الدنيا، وصراط في الآخرة؛ فمن ثبَت على الصراط المستقيم في الدنيا، ثبَت على صراطِ الآخرة، ومن انحرَف عن الصراط المستقيم في الدنيا، انحرَف عن صراط الآخرة؛ فعلى العبد أن يتصورَهما عندما يدعو بهذا الدعاء. ومتى استقام القلبُ على معرفة الله، وعلى خشيتِه، وإجلاله، ومهابته، ومحبَّتِه، وإرادته، ورجائه، ودعائه، والتوكُّل عليه، والإعراض عما سواه – استقامت الجوارح كلُّها على طاعته؛ فإن القلب هو ملِكُ الأعضاء، وهي جنوده، فإذا استقام الملك استقامت جنودُه ورعاياه، وأعظمُ ما يراعى استقامتُه بعد القلب من الجوارح اللسانُ؛ فإنه ترجمانُ القلب والمعبِّر عنه ،وأعظم ما يُراعى استقامتُه بعدَ القلبِ مِنَ الجوارح اللسانُ، فإنَّه ترجمانُ القلب والمعبِّرُ عنه” “ومن استقام على هذا الصراط حصل له سعادة الدنيا والآخرة، واستقام سيره على الصراط يوم القيامة، ومن خرج عنه فهو إما مغضوب عليه، وهو من يعرف طريق الهدى ولا يتبعه كاليهود، أو ضال عن طريق الهدى كالنصارى ونحوهم من المشركين” كما حذر الله تعالى الرسول صلى الله عليه وسلم وأتباعه من المؤمنين من اتباع أهواء المنحرفين عن الدين، من الكفرة والمنافقين إما باتباعهم على بعض دينهم، أو بترك الدعوة إلى الله، أو بترك الاستقامة، فاتباع الهوى هو الذي منَع أهلَ الكتاب من اتباعِ الرسول صلى الله عليه وسلم، مع أنهم يعرِفونه كما يعرفون أبناءهم، ومنَع المشركين من الاستجابة بعدما تبين لهم الحقُّ، ودفَع أتباعَ مسيلِمة أن يقولوا: كذَّابُ ربيعةَ أحبُّ إلينا من صادق مُضَرَ. وأمر الله رسوله والمؤمنين معه : أن أهل الكتاب إن ناظروا مناظرة مبنية على الإيمان ببعض الكتب، أو ببعض الرسل دون غيره، فلا يسلم لهم ذلك؛ لأن الكتاب الذي يدعون إليه، والرسول الذي ينتسبون إليه من شرطه أن يكون مصدقاً بهذا القرآن وبمن جاء به، فكتابنا ورسولنا لم يأمرنا إلا بالإيمان بموسى وعيسى والتوراة والإنجيل، التي أخبر بها وصدق بها، وأخبر أنها مصدقة له ومقرة بصحته ، وأما مجرد التوراة والإنجيل، وموسى وعيسى الذين لم يوصفوا لنا، ولم يوافقوا لكتابنا، فلم يأمرنا بالإيمان بهم.
وأمر الله رسوله وأتباعه من بعده ، بالعدل في الحكم فيما اختلفتم فيه، فلا تمنعنا عداوتكم وبغضكم يا أهل الكتاب من العدل بينكم، ومن العدل في الحكم بين أهل الأقوال المختلفة من أهل الكتاب وغيرهم، أن يقبل ما معهم من الحق، ويرد ما معهم من الباطل، وقولوا لهم : نحن وأنتم محاسبون على أعمالنا يوم القيامة ، وليس هناك حاجة إلى الجدال العقيم ، بعدما تبينت الحقائق، واتضح الحق من الباطل، والهدى من الضلال، لم يبق للجدال والمنازعة محل؛ لأن المقصود من الجدال إنما هو بيان الحق من الباطل؛ ليهتدي الراشد، ولتقوم الحجة على الغاوي، ويوم القيامة، يجزي كل منا بعمله، ويتبين حينئذ الصادق من الكاذب. فإله الكل واحد، وكل واحد مخصوص بعمل نفسه، فوجب أن يشتغل كل واحد في الدنيا بنفسه، فإن الله يجمع بين الكل في يوم القيامة ويجازيه على عمله،
واعلَموا : أن الله تعالى بصيرٌ بأعمال العباد، لا يغفُل عن شيء، ولا يخفى عليه شيء، وسيُجازيهم على أعمالهم، وهذا الخبر يتضمن التحذيرَ من الجرأة على المحارم، والتخويفَ من الاستهانة بالجرائم والتخفّي بها؛ كقوله تعالى: ﴿ أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى ﴾ [العلق: 14]، وكقوله تعالى: ﴿ وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ ﴾ [إبراهيم: 42]، وكقوله تعالى: ﴿ أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ ﴾ [الزخرف: 80].
الدعاء