خطبة عن الصحابي: (عُمَيْرُ بْنُ سَعْدٍ)
فبراير 2, 2019خطبة عن حديث (يُبْعَثُ كُلُّ عَبْدٍ عَلَى مَا مَاتَ عَلَيْهِ)
فبراير 9, 2019الخطبة الأولى (الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنًّا وَلَا أَذًى)
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته : (مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (261) الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنًّا وَلَا أَذًى لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (262) قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ) البقرة (261) :(263)
إخوة الإسلام
موعدنا اليوم -إن شاء الله- مع هذه الآيات المباركات من كتاب الله العزيز ، فتعالوا بنا نتدارسها ، ونتفهمها ، ونتدبرها ، ونسبح في بحور معانيها ومراميها ، ونعمل إن شاء الله بما جاء فيها .وبداية : تعالوا بنا نقرأ ونسمع : ماذا قال علماء التأويل والتفسير في معانيها : في تفسير البغوي “معالم التنزيل”: قَالَ الْكَلْبِيُّ: (نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا، جَاءَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بِأَرْبَعَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ صَدَقَةً إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ كان عِنْدِي ثَمَانِيَةُ آلَافٍ فَأَمْسَكْتُ مِنْهَا لِنَفْسِي وَعِيَالِي أَرْبَعَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ وَأَرْبَعَةَ آلَافٍ أَقْرَضْتُهَا رَبِّي، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «بَارَكَ اللَّهُ فِيمَا أَمْسَكْتَ لَكَ، وَفِيمَا أَعْطَيْتَ»، وَأَمَّا عُثْمَانُ فَجَهَّزَ جَيْشَ الْمُسْلِمِينَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ بِأَلْفِ بَعِيرٍ بِأَقْتَابِهَا وَأَحْلَاسِهَا فَنَزَلَتْ فِيهِمَا هَذِهِ الْآيَةُ، وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَمُرَةَ: جَاءَ عُثْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِأَلْفِ دِينَارٍ فِي جَيْشِ الْعُسْرَةِ فَصَبَّهَا فِي حِجْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَأَيْتُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُدْخِلُ فِيهَا يَدَهُ وَيُقَلِّبُهَا وَيَقُولُ: «مَا ضَرَّ ابْنَ عَفَّانَ مَا عَمِلَ بَعْدَ الْيَوْمِ»، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ﴾: فِي طَاعَةِ اللَّهِ، ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنًّا، وَهُوَ أَنْ يَمُنَّ عَلَيْهِ بِعَطَائِهِ، فَيَقُولَ: أَعْطَيْتُكَ كَذَا، وَيَعُدُّ نِعَمَهُ عَلَيْهِ فَيُكَدِّرُهَا وَلا أَذىً، الأذى: هو أَنْ يُعَيِّرَهُ، فَيَقُولَ: إِلَى كَمْ تسأل وكم تؤذيني بسؤالك لي؟ فَحَظَرَ اللَّهُ عَلَى عِبَادِهِ الْمَنَّ بِالصَّنِيعَةِ، وَاخْتَصَّ بِهِ صِفَةً لِنَفْسِهِ، لِأَنَّهُ مِنَ الْعِبَادِ تَعْيِيرٌ وَتَكْدِيرٌ، وَمِنَ اللَّهِ إِفْضَالٌ وَتَذْكِيرٌ، وقال ابن كثير :(مدح الله تبارك وتعالى الذين ينفقون في سبيله، ثم لا يتبعون ما أنفقوا من الخيرات والصدقات مَنَّا على من أعطوه فلا يمنُّون به على أحد، هذا وقد وردت الأحاديث بالنهي عن المن في الصدقة، ففي صحيح مسلم : (عَنْ أَبِى ذَرٍّ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ : « ثَلاَثَةٌ لاَ يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الْمَنَّانُ الَّذِى لاَ يُعْطِى شَيْئًا إِلاَّ مَنَّهُ وَالْمُنَفِّقُ سِلْعَتَهُ بِالْحَلِفِ الْفَاجِرِ وَالْمُسْبِلُ إِزَارَهُ ». وفي سنن الترمذي بسند حسن ( عَنْ أَبِى بَكْرٍ الصِّدِّيقِ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ : « لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ خِبٌّ وَلاَ مَنَّانٌ وَلاَ بَخِيلٌ ».
أيها المسلمون
فالمتدبر لهذه الآيات يتبين له أن الله تبارك وتعالى يَضرِب المَثَلَ في مضاعفة الحسنات للمُنفِقين في أوجه الخير، بمن بذَر بَذْرةً في أرض طيِّبة، فأَخرجتِ الحبَّةُ سَبْعَ سَنابلَ، في السُّنبلةِ الواحِدة مِئةُ حبَّة، فكان أنْ تَضاعفتِ الحبَّةُ إلى سَبْعمِئة حبَّة، والله يُضاعِف لمن يشاء؛ لأنَّه واسعُ الفَضْل، فالنَّفقة الطَّيِّبة يُنمِّيها الله عزَّ وجلَّ لبَاذِلها، ويُضاعِف له أجرَها سبعمِئة مرَّة ، وقد روى مسلم في صحيحه : (عَنْ أَبِى مَسْعُودٍ الأَنْصَارِيِّ قَالَ : جَاءَ رَجُلٌ بِنَاقَةٍ مَخْطُومَةٍ فَقَالَ هَذِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- : « لَكَ بِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ سَبْعُمِائَةِ نَاقِةٍ كُلُّهَا مَخْطُومَةٌ » . وروى البخاري في صحيحه : (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ ،قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – :« إِذَا أَحْسَنَ أَحَدُكُمْ إِسْلاَمَهُ ، فَكُلُّ حَسَنَةٍ يَعْمَلُهَا تُكْتَبُ لَهُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ ، وَكُلُّ سَيِّئَةٍ يَعْمَلُهَا تُكْتَبُ لَهُ بِمِثْلِهَا » فالله تعالى واسعُ الفضل والعطاء؛ ولذا يُضاعِف لمن يشاء هذه المضاعفة أو يَزيد عليها، فلا يَستبعِدنَّ أحدٌ ذلك الأجرَ الكريمَ، أو يتوهَّم أنَّ فيه مُبالَغةً؛ فإنَّ الله تعالى لا يَتعاظمه شيءٌ، ولا يَنقُصه العطاءُ مهما عَظُم، ولكن لا ينبغي أن يُظَنَّ أنَّ سَعَة عطائه سبحانه تقتضي حصولَ تلك الأجور لكلِّ مُنفِق؛ فإنَّه عليمٌ بمن هو أهلٌ لهذا الأجر، ومَن لا يَستَحِقُّه، فإنَّ سَعَة كَرَمه تعالى لا تُناقِض حِكمتَه، بل يَضعُ فضلَه مواضعَه ، ثم يُبيِّن الله تعالى أنَّ الذين يَبذُلون أموالَهم في أوجهِ الخيرِ ومرادهم رضا الله تعالى، ثم لا يُلحِقون ما بذَلوه منًّا على مَن أنفقوا عليهم ولا أذًى، فهؤلاء لهم أجرَهم عند الله، ولهم كذلك ألَّا يخافوا فيما يُستقبَل ولا يحزنون على ما مضى. ثم يُخبِر تعالى أنَّ ردَّ السَّائل بالقول الحَسَن، والدعاء الطَّيِّب له، وغير ذلك من الأقوال التي تُدخِل السُّرورَ على قلبه، وكذلك سَتْر حالته بالمسامحة، والتَّغاضي عمَّا قد يَصدُر من السائل ممَّا لا ينبغي أنْ يَصدُر منه، أفضل مَن أنْ يُقدِّم له صدقةً مصحوبة بالأذِيَّة والإساءة، والله سبحانه غنيٌّ، وهو حليمٌ لا يُعاجِل بالعقوبة مع قُدْرته عليه. ثم يَنهَى اللهُ تعالى عبادَه المؤمنين أن يُحبِطوا أجرَ ما بذلوه من صدقاتٍ إذا صدر منهم منٌّ أو أذًى نحو المتصدَّق عليه، فتُشْبِه حالُهم حينها حالَ المُنافِقِ الذي يُنفِق مالَه من أجْل أن يرى النَّاسُ صنيعَه؛ ليُثْنوا عليه بذلك، وهم لا يعرفون حقيقةَ الأمر، ثم بين الله تبارك وتعالى جزاء المنفقين في سبيل الله ، ويبتغون بذلك وجه الله ، فقال تعالى : (لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ) . فالذين يُنفِقون أموالَهم في سبيل الله تعالى بلا منٍّ ولا أذًى، يَستحِقُّون- وحْدَهم دون غيرهم من المنفقين- ثوابًا وجزاءً من الله تعالى وحده، قد تَكفَّل به الكريم مُقابِلَ صنيعهم هذا، فهو مُوفِّيه إيَّاهم لا محالة، ولهم مع ذلك أيضًا ألَّا يَخافوا من المستقبل ومِن ذلك، عدَم خوفهم عند مَقدَمهم على الله تعالى حين فِراقِهم للدُّنيا، ولا في أهوال القيامة، فلا يَنالُهم فيها مكروهٌ، ولا يُصيبهم فيها عقابٌ، ولا يحزنون أيضًا على ما مضى، ومن ذلك ما يُخلِّفونه وراءهم في الدنيا من أموالٍ وبنينَ عَقِب موتهم؛ لأنَّهم قد صاروا إلى ما هو خيرٌ لهم من ذلك، فحصَلتْ لهم بذلك الخيراتُ، واندفعت عنهم الشرورُ والسيئات ، ثم يقول سبحانه وتعالى : (قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى وَاللهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ) (263) البقرة .أي: إنَّ تقديم الإحسان للسَّائلِ حاجةً، عَبْر إسدائه قولًا معروفًا تَعرِفه القلوبُ ولا تُنكِره، بردِّه بالقول الجميل والدُّعاء الطَّيِّب له، وغير ذلك ممَّا يُدخِل السُّرورَ على قلبه، أو تقديم الإحسانِ إليه بسَتْر سوء حالته، أو بمسامحته وتَجاوُزِه عمَّا لا ينبغي أنْ يَصدُر من السائل من قول أو فِعْل، كل ذلك أفضلُ من تقديم يدِ العون للمحتاج، مصحوبة بأذِيَّته والإساءة إليه .
أيها المسلمون
وهكذا يتبين لنا أنما يتقبل الله ممن كان عطاؤه لله ، وقصده ابتغاء ما عند الله ،وقد حكي عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أن أعرابيا أتاه يوما : فقال: يا عمر الخير جزيت الجنة *** أكس بنياتي وأمهنه …. وكن لنا من الزمان جنه *** أقسم بالله لتفعلنه …. قال عمر: إن لم أفعل يكون ماذا؟ قال: إذن أبا حفص لأذهبنه ،قال: إذا ذهبت يكون ماذا؟ قال: تكون عن حالي لتسألنه *** يوم تكون الأعطيات هنه … وموقف المسؤول بينهنه *** إما إلى نار وإما جنه … فبكى عمر حتى أخضلت لحيته، ثم قال: يا غلام أعطه قميصي هذا لذلك اليوم لا لشِعْره، والله لا أملك غيره. قال الماوردي: وإذا كان العطاء على هذا الوجه خاليا من طلب جزاء وشكر وعريا عن امتنان ونشر كان ذلك أشرف للباذل وأهنأ للقابل، فأما المعطي إذا التمس بعطائه الجزاء وطلب به الشكر والثناء كان صاحب سمعة ورياء، وفي هذين من الذم ما ينافي السخاء، وإن طلب الجزاء كان تاجرا مربحاً لا يستحق حمداً ولا مدحاً. فالمنّ في النفقة والعطية والهبة وغيرها كبيرة من كبائر الذنوب؛ لما جاء في الحديث الذي رواه أحمد وغيره : (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- :« ..وَثَلاَثَةٌ لاَ يَنْظُرُ اللَّهُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الْعَاقُّ وَالِدَيْهِ وَالْمُدْمِنُ الْخَمْرَ وَالْمَنَّانُ بِمَا أَعْطَى »
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية (الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنًّا وَلَا أَذًى)
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
ومن بعض الفوائد والدروس والعبر التي يمكن لنا أن نستخلصها من الآيات: أولا : الإشارة إلى الإخلاص لله، ومتابعة الشرع؛ لقوله تعالى: {فِي سَبِيلِ اللّهِ} وليس في أي سبيل آخر.. ثانيا : أن من أتبع نفقته منًّا أو أذى، فإنه لا أجر له؛ لقوله تعالى: {ثُمَّ لاَ يُتْبِعُونَ مَا أَنفَقُواُ مَنًّا وَلاَ أَذًى لَّهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ} فإذا أتبع منًّا، أو أذًى بطل أجره، كما هو صريح قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُبْطِلُواْ صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالأذَى} البقرة(264). ثالثا : الحث على الإنفاق في سبيل الله؛ لقوله تعالى: {لَّهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ}. رابعا : أن الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله، ويَسْلَمون من المحبطات ،لا ينالهم خوف في المستقبل، ولا حزن على الماضي؛ لقوله تعالى: {وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ}. خامسا : فضيلة القول المعروف؛ لقوله تعالى: {قَوْلٌ مَّعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِّن صَدَقَةٍ}؛ و”القول المعروف” كل ما عرفه الشرع والعادة، سادسا : الحث على المغفرة لمن أساء إليك؛ سابعا : أن الأعمال الصالحة تتفاضل، ويلزم من تفاضلها تفاضل العامل، وزيادة الإيمان، أو نقصانه. ثامنا : أنَّ ثوابَ الله، وفضْلَه أكثرُ من عَمَلِ العاملِ؛ لأنَّه لو عُومِل العاملُ بالعدل لكانت الحسنة بمِثْلها، لكنَّ الله يُعامِله بالفضل والزِّيادة، فتكون الحبَّة الواحدة سبعمائة حبَّة، بل أَزيدَ؛ لقوله تعالى: (وَاللهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) ،ممَّا يَزيد رجاءَ العبدِ في ربِّه ، تاسعا : لقَبُول الصَّدقة شروطٌ سابقة، ومُبطِلاتٌ لاحِقة؛ أمَّا الشُّروط السابقة: فالإخلاص لله تعالى، والمتابَعة، وأمَّا المبطِلات اللَّاحقة: فالمنُّ، والأذى ، عاشرا : ما أراد الإسلام بالإنفاق مجرد سدِّ الخلَّة، وملء البطن، وتلافي الحاجة، إنما أراده تهذيبًا وتزكية وتطهيرًا لنفس المعطي، واستجاشة لمشاعره الإنسانية، وارتباطه بأخيه الفقير في الله وفي الإنسانية، وتذكيرًا له بنعمة الله عليه وعهده معه في هذه النعمة أن ينفق منها فِي سَبِيلِ اللهِ في غير منع ولا منٍّ، الحادي عشر : أنَّ مَن راءى النَّاس بإنفاقه، ففي إيمانه بالله وباليوم الآخر نَقْص؛ لقوله تعالى: (وَلَا يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) ، الثاني عشر : بيان ما للنيَّة من تأثير في قَبُول الأعمال واشتراط الإخلاص؛ لقوله تعالى: (ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللهِ )
الدعاء