خطبة عن (إيجابيات وسلبيات مواقع التواصل الاجتماعي (تَعْرِفُ مِنْهُ وَتُنْكِرُ)
مارس 12, 2019خطبة عن حديث (لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلاً وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا)
مارس 16, 2019الخطبة الأولى ( وَإِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْعُرْيَانُ فَالنَّجَا النَّجَاءَ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
في الصحيحين البخاري ومسلم : (عَنْ أَبِى مُوسَى عَنِ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ : « إِنَّمَا مَثَلِى وَمَثَلُ مَا بَعَثَنِي اللَّهُ بِهِ كَمَثَلِ رَجُلٍ أَتَى قَوْمًا فَقَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي رَأَيْتُ الْجَيْشَ بِعَيْنَيَّ ، وَإِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْعُرْيَانُ فَالنَّجَاءَ . فَأَطَاعَهُ طَائِفَةٌ مِنْ قَوْمِهِ فَأَدْلَجُوا ، فَانْطَلَقُوا عَلَى مَهَلِهِمْ فَنَجَوْا ، وَكَذَّبَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ فَأَصْبَحُوا مَكَانَهُمْ ، فَصَبَّحَهُمُ الْجَيْشُ ، فَأَهْلَكَهُمْ وَاجْتَاحَهُمْ ، فَذَلِكَ مَثَلُ مَنْ أَطَاعَنِي ، فَاتَّبَعَ مَا جِئْتُ بِهِ ، وَمَثَلُ مَنْ عَصَانِي وَكَذَّبَ بِمَا جِئْتُ بِهِ مِنَ الْحَقِّ »
إخوة الإسلام
موعدنا اليوم -إن شاء الله- مع هذا الحديث النبوي الشريف ، والذي يحثنا فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم على الإيمان بالله تعالى ، وبرسالته صلى الله عليه وسلم ، واتباعه ، واقتفاء أثره ، فكل نبي يحرص على إجابة قومه لدعوته ، ويبذل في سبيل ذلك جهده، ويتحمل من مكذبيهم وسفهائهم قدر طاقته، وهذا الحديث ذكره النبي صلى الله عليه وسلم على هيئة مثل، والمثل : (هو الصفة العجيبة الشأن التي يذكرها البليغ لتفهيم المعنى، وتقريب المفهوم إلى الناس)، والنبي صلى الله عليه وسلم بعثه الله جل وعلا بالهدى، ودين الحق، والنور المبين، والمعجزات الظاهرة، والأدلة الباهرة، والنبي صلى الله عليه وسلم –وهو صلى الله عليه وسلم قبل أن ينبأ ،لم يجرب عليه ،ولم يعرف له للناس غشاً، ولم يجرب عليه أن يتقول على أحد، ولم يجرب عليه أن يطلب مجداً لنفسه أو لآبائه. فهذه كلها كانت صفاته عندهم، فكانوا مقرين له بذلك صلى الله عليه وسلم، ثم أيده الله مع هذا الأمر الذي كان فيه أيده الله بالقرآن والمعجزات،
وفي هذا الحديث يقول صلى الله عليه وسلم : (إِنَّمَا مَثَلِى وَمَثَلُ مَا بَعَثَنِي اللَّهُ بِهِ ) أي: من الهدى والدين والحق والنور، (كَمَثَلِ رَجُلٍ أَتَى قَوْمًا فَقَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي رَأَيْتُ الْجَيْشَ بِعَيْنَيَّ ، وَإِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْعُرْيَانُ فَالنَّجَاءَ ) ، وهذا المثل اختلف الناس في أصله، لكن أظهر الأقوال أن أصله: أن رجلاً من العرب أسره جيش وهم مقبلون على قومه، فلما أسروه سلبوه ثيابه فأضحى عرياناً، ثم استطاع أن يفلت منهم، فلما انفلت منهم دخل على قومه وحذرهم الجيش، وقال لهم: إني رأيت الجيش بعيني. فهذا النذير صدقه قومه؛ لأن الرجل لم يجرب عليه من كذب من قبل، وليس من عادته التعري، وظاهره يدل على صدقه؛ لأنه كان عرياناً، ولا يعلم عنه كذب، ولا يعرف عنه غش، فصدقه الناس ربطاً بين أمرين: بين ماضيه بين واقعه، فماضيه ليس فيه شيء يثرب فيه عليه، وفي نفس الوقت واقعه يدل على صدقه، فقد جاءهم عرياناً، وقد قلنا: إنه لم يجرب عليه من قبل أنه يتعرى. قال صلى الله عليه وسلم: (فَأَطَاعَهُ طَائِفَةٌ مِنْ قَوْمِهِ فَأَدْلَجُوا ، فَانْطَلَقُوا عَلَى مَهَلِهِمْ فَنَجَوْا ، وَكَذَّبَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ فَأَصْبَحُوا مَكَانَهُمْ ، فَصَبَّحَهُمُ الْجَيْشُ ، فَأَهْلَكَهُمْ وَاجْتَاحَهُمْ ) ، فهذا مثل حي ضربه النبي صلى الله عليه وسلم واقعاً مشهوداً برسالته وبعثته صلوات الله وسلامه عليه، وحال اختلاف الناس فيه عليه الصلاة والسلام،
أيها المسلمون
ثم يقول صلى الله عليه وسلم مبينا الغاية والهدف من ضربه لهذا المثل : (فَذَلِكَ مَثَلُ مَنْ أَطَاعَنِي ،فَاتَّبَعَ مَا جِئْتُ بِهِ ،وَمَثَلُ مَنْ عَصَانِي وَكَذَّبَ بِمَا جِئْتُ بِهِ مِنَ الْحَقِّ » ،فالدعوة إلى الله مهمة الرسل وعليها مدار رسالاتهم، فرسل الله عليهم السلام ،إنما بعثوا دعاة إلى الخير، وهداة للبشر، مبشرين من آمن بعظيم العطاء، ووافر الجزاء. ومنذرين للخلق، ويخوفونهم شديد العقاب ، قال الله تعالى : ﴿ رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لئلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ ﴾ [لنساء: 165]. ورسول الله سيدنا محمدٌ صلى الله عليه وسلم بلغ الذروة في ذلك ، فهو خاتم الرسل، وهو سيد ولد آدم، وقام بالرسالة حق القيام، وبلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده، فهو من أولي العزم من الرسل. وهو الذي قال الله له في محكم آياته : ﴿ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمْ اقْتَدِهِ ﴾ [الأنعام: 90]. فاقتدى بالأولين من الرسل، فجمع كمالاتهم، فجعله خير الخلق، وسيد ولد آدم. والحرص الشديد في تبليغ الدعوة ، والذي ملأ قلب النبي صلى الله عليه وسلم ، هو ذو صلة وثقى بمعرفته صلى الله عليه وسلم بالله، وعلمه بوعد الله ووعيده ، فإنما يحرص على الناس ويرجو لهم الخير من الله، ويخشى عليهم عذابه، من كان بالله أعرف. فمن عرف الله – عز وجل- وعظيم اقتداره، وأنه الذي بيده مقاليد السموات والأرض، يعز من يشاء، ويذل من يشاء، يخفض ويرفع، وأنه المنعم على أوليائه بالسعادة والفلاح في الدنيا، وأن أعداء الله في شقاء ما امتدت بهم الحياة، ويوم القيامة يردون جهنم ويصلونها خالدين فيها ، فمن علم ذلك كله ، فهو يحرص بلا شك على بذل الخير للناس. ومن حرص على هداية الخلق تمخضت حياته للدعوة ،وجعل همه هداية الناس، ولم يزل متقلباً في ألوان بذل الخير للناس؛ رجاء الخير من رب الناس. فما أحوجنا أن ننهج النهج النبوي، فنملأ قلوبنا حرصاً على هداية الخلق، وإنقاذهم.
أيها المسلمون
وإذا أردتم صورة الحرص في شكل محسوس انظروا لو أن أحدكم واقفاً على شفا جرف وهوة عميقة، فإذا طفل أعمى يمشي نحو الهاوية، وليس أحدٌ من الخلق يراه إلا أنت، فكيف تراك تفعل؟ أحسب أنك ستصرخ بكل صوتك، وتركض بكل ما وسعك، بل ستظهر فيك قوى كامنة لم تكن معهودة من قبلك؛ لعلمك بفرط الخطر، وفرط جهل الطفل الأعمى به، فكيف لو كان هذا الطفل ابناً من أبنائك! إن هذه الصورة المحسوسة مثال، لما الخلق مقبلون عليه إن عصوا، فهم سائرون إلى هوة لا قرار لها. وأنت ترى بعلمك ومعرفتك، وما من الله عليك به من الاستقامة ما لا يرون، فاجعل ذلك كله وقوداً يدفعك للدعوة، ويحفزك عليها. إن تنوع جهده صلى الله عليه وسلم ودعوته للصغير والكبير، والملوك والعامة، والأقربين والأبعدين، والرجال والنساء، برهان حرصه على دعوة الخلق. وإن تنوع أساليب دعوته وتلطفه بالخلق برهان حرصه. وإن استدامة دعوته، واستمرار جهده على مر تأريخه وحياته برهان حرصه.
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( وَإِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْعُرْيَانُ فَالنَّجَا النَّجَاءَ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
ولئن مات الرسول صلى الله عليه وسلم فقد قام أهل العلم مقامه في الدعوة والبلاغ ، فقد ذكر البخاري في صحيحه 🙁 وَأَنَّ الْعُلَمَاءَ هُمْ وَرَثَةُ الأَنْبِيَاءِ – وَرَّثُوا الْعِلْمَ – مَنْ أَخَذَهُ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ) ،والدعوة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، مهمة الأمة بعامة بحسب علمهم، وأقدارهم، ومسؤولياتهم. ولئن كانت الدعوة بهذا المقام، وسيد الدعاة وإمامهم الرسول صلى الله عليه وسلم فإن حقاً على كل داعية أن يلتمس منهج النبي محمد صلى الله عليه وسلم في الدعوة إلى الله، فهو القدوة المطلقة، والأسوة الحسنة في كل شأن. وأخص الخلق وهم العلماء بدين والدعاة إلى شرعه، وعليهم من واجب سلوك طرقه والاستنان بسنته ما هو أعظم من واجب غيرهم، خاصة في مهمة الدعوة إلى الله.
أيها المسلمون
ومن الدروس والعبر التي نستخلصها من هذا الحديث : أولا : الاستجابة لدعوة الرسول ، والإيمان برسالته ، والانتهاء عن المعاصي، ثانيا : في الحديث إشارة إلى أن الإنسان في حاجة شديدة إلى النذير. ثالثا : في الحديث بيان لما كان فيه صلى الله عليه وسلم من الرأفة والرحمة والحرص على نجاة الأمة، كما قال الله تعالى: { حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ } [التوبة: 128] . رابعا : مبالغة الرسول صلى الله عليه وسلم في تحذير الأمة مما يضرهم. وأنه خاتم النبيين. خامسا : جواز ضرب الأمثال في العلم وغيره.
الدعاء