خطبة عن حديث (مَنْ يَضْمَنْ لِي مَا بَيْنَ لَحْيَيْهِ وَمَا بَيْنَ رِجْلَيْهِ أَضْمَنْ لَهُ الْجَنَّةَ)
مارس 21, 2020خطبة عن هل يثاب الكافر على عمله الصالح؟ (إِنَّ الْكَافِرَ إِذَا عَمِلَ حَسَنَةً أُطْعِمَ بِهَا طُعْمَةً مِنَ الدُّنْيَا)
مارس 21, 2020الخطبة الأولى (مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا صَنَعْتَ فَقَالَ خَشْيَتُكَ يَا رَبِّ.. فَغَفَرَ لَهُ بِذَلِكَ)
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
روى البخاري في صحيحه : ( عَنْ حُذَيْفَةَ عَنِ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ : « كَانَ رَجُلٌ مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ يُسِيءُ الظَّنَّ بِعَمَلِهِ ، فَقَالَ لأَهْلِهِ إِذَا أَنَا مُتُّ فَخُذُونِي فَذَرُّونِي ، فِي الْبَحْرِ فِي يَوْمٍ صَائِفٍ ، فَفَعَلُوا بِهِ ،فَجَمَعَهُ اللَّهُ ثُمَّ قَالَ مَا حَمَلَكَ عَلَى الَّذِى صَنَعْتَ قَالَ مَا حَمَلَنِي إِلاَّ مَخَافَتُكَ. فَغَفَرَ لَهُ » ، وفي رواية لمسلم في صحيحه : (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ : « أَسْرَفَ رَجُلٌ عَلَى نَفْسِهِ فَلَمَّا حَضَرَهُ الْمَوْتُ أَوْصَى بَنِيهِ فَقَالَ إِذَا أَنَا مُتُّ فَأَحْرِقُونِي ثُمَّ اسْحَقُونِي ثُمَّ اذْرُونِي فِي الرِّيحِ فِي الْبَحْرِ فَوَ اللَّهِ لَئِنْ قَدَرَ عَلَىَّ رَبِّى لَيُعَذِّبُنِي عَذَابًا مَا عَذَّبَهُ بِهِ أَحَدًا. قَالَ فَفَعَلُوا ذَلِكَ بِهِ فَقَالَ لِلأَرْضِ أَدِّى مَا أَخَذْتِ. فَإِذَا هُوَ قَائِمٌ فَقَالَ لَهُ مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا صَنَعْتَ فَقَالَ خَشْيَتُكَ يَا رَبِّ – أَوْ قَالَ – مَخَافَتُكَ. فَغَفَرَ لَهُ بِذَلِكَ ».
إخوة الإسلام
لقد ذكر الإمام البخاري رحمه الله هذا الحديث في كتاب الرقاق، وفي كتاب التوحيد، وفي كتاب أخبار الأنبياء، وبوب له في كتاب الرقاق: (باب الخوف من الله)، وهذا من فقه الإمام البخاري رحمه الله، ومن هنا نعلم ما يريده البخاري رحمه الله ، وما الذي يختاره في معنى هذا الحديث؛ فهذا الحديث فيه خلاف كبير بين العلماء ، فالبخاري رحمه الله عندما يضعه في باب معين ،ويختار له ترجمة معينة؛ فإنه يضعه في الباب الذي يرى أنه يدل عليه، فقد قال رحمه الله وغفر له: (باب الخوف من الله)، فلهذا لابد أن يُنتبه لهذه الترجمة ، وفهم المقصود من الحديث ، فقوله صلى الله عليه وسلم : { كَانَ رَجُلٌ مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ يُسِيءُ الظَّنَّ بِعَمَلِهِ }، فقد كان يسيء الظن بعمله، ويشعر أنه مقصر في حق ربه ، فلا يفعل بالأوامر والطاعات، وغارق في المعاصي والسيئات ، { فَقَالَ لأَهْلِهِ إِذَا أَنَا مُتُّ فَخُذُونِي فَذَرُّونِي ، فِي الْبَحْرِ فِي يَوْمٍ صَائِفٍ }، أي: يوم عاصف، شديد الرياح، وذلك بعد أن تطحن عظامه ،يذر بعضها في البر ، وبعضها في البحر؛ قال: { فَفَعَلُوا بِهِ ،فَجَمَعَهُ اللَّهُ ثُمَّ قَالَ مَا حَمَلَكَ عَلَى الَّذِى صَنَعْتَ قَالَ مَا حَمَلَنِي إِلاَّ مَخَافَتُكَ. فَغَفَرَ لَهُ }. وهكذا يتبين لنا من إجابة هذا الرجل بين يدي ربه ، أنه يخاف الله أشد الخوف ، وشدة خوفه ووجله من الله ،هي التي جعلته يطلب من أبنائه هذا الطلب ، ويقدم على هذا الفعل، فمقام الخوف من الله من أعظم المقامات ، ومن أسمى القربات ، قال الله -عزَّ وجلَّ-: { وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ } [آل عمران:175]، فإن كان مؤمناً خاف ربه. وقال ربنا عز وجل عن الملائكة: { يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ } [النحل:50]. وقال تبارك وتعالى: { وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ } [الرحمن:46]. فكلما عظم إيمان العبد ،عظم خوفه من الله عز وجل، وهذا عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) كان يقول من شدة خوفه ووجله من الله ، والوقوف بين يديه: ليت أم عمر كانت عقيماً! ليت أم عمر ، لم تلد عمر ! ليتني كنت قشة! ،لو كان لي قلاع الأرض ذهباً لافتديت به من عذاب الله يوم ألقاه، فالآمن من عذاب الله عز وجل، والآمن من مكر الله هو الأقل إيماناً، والذي يتحرك في الدنيا وهو آمن ، فمَن الذي أعطاه صكاً بالأمان؟! ، وأوَّل ما نلحظ في هذا الحديث الجليل أنَّ هذا الرجل كان من أهل التوحيد؛ وإلا ما غفَر الله له، لأن قال وقوله الحق : (إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا) (48) النساء ، فهذا الرجل عنده المال، وعنده الأولاد، ولكنه مُسرف على نفسه بترك الطاعات ، ومسرف على نفسه بالوقوع في المعاصي والذنوب والآثام، وأساء الظنَّ بعمله، حتى رأى أنه لَم يعمل خيرًا قطُّ، ولَم يَدَّخِر عند الله خيرًا، فما الذي حَمَله على ذلك؟ ، إنه الخوف من الوقوف بين يدي الله . فقد فكَّر هذا الرجل في مآله، وهو مَن “ذهَب منه عُمر، وبَقِي عمر”، كيف سيقف أمام الله يوم القيامة؟! ،فلَم يحتمل مشهد حسابه، فأراد أن يَحتال على ذلك، ولكن مَن يُعينه في هذه الحِيلة؟ ، إنهم أبناؤه الذين ربَّاهم وكَدَّ وتَعِب من أجلهم ، وأحسَن إليهم طيلة حياته، فهم أوَّل مَلجأ له في مِحنته، وهم سنده في كُربته، ولكن كيف يُقنعهم؟ هل يُرَغِّبهم؟ أو يُرَهِّبهم؟ اختار الأمرين، وهذه قاعدة تربويَّة : لا الترغيب مُطلقًا، ولا الترهيب مطلقًا، بل الجمع بينهما. أما الترغيب: فقال لهم كما في بعض الروايات : أيَّ أبٍ كنتُ لكم؟ قالوا: خَيْرَ أَبٍ، فقال: فهل أنتم مُطيعي؟ قالوا: نعم. فكأنه يقول: مقابل إحساني إليكم وتربيتي لكم، وأُبُوَّتي الحانية عليكم ، أُريد منكم أن تُنْفذوا وصيتي ،وأما الترهيب: فقال لهم كما في بعض الروايات : فإني لا أَدَعُ عند أحدٍ منكم مالاً هو مني إلاَّ أخذْتُه منه، أو لتفعلُنَّ ما آمركم، وأخَذ منهم ميثاقًا. قال صلى الله عليه وسلم : ( فَفَعَلُوا ذَلِكَ بِهِ ) ، أي نفذوا وصيته ، وفعلوا به ما أمرهم به ، وإن كانت وصيته وصية جائرة، فقد أخطأ بنوه حين نفَّذوها؛ لأنها وصيَّة بمحرَّم، وهذا تنزيل لها على شرْعنا ، وقد استدلَّ أهل العلم على تحريم حرْق جُثة الميِّت بما أخرَجه أبو داود وابن ماجه وأحمد ،(عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « كَسْرُ عَظْمِ الْمَيِّتِ كَكَسْرِهِ حَيًّا » ، قال الباجي في المنتقى: “يريد أنَّ له من الحُرمة في حال موْته ،مثلما له منها حال حياته، وأنَّ كسْرَ عِظامه في حال موته يَحرم، كما يَحرم كسْرُها حال حياته، وإذا امتَنَع كسر عِظامه، فالإحراق أوْلَى بالتحريم”؛ ، إذًا لَم يكن للولد أن ينفِّذوا هذه الوصية، لأن شرط الوصية ألاَّ يكون الموصَى به معصية أو محرَّمًا شرعًا؛ إذ القصد من الوصية تدارُك ما فات في حال الحياة من الإحسان، فلا يجوز أن يكون الموصى به معصية، كمن أوصى ببدعة في جنازته، أو بعد موته، أو أوصى بالنِّياحة عليه، أو أوْصَى بأيِّ أمرٍ محرَّم، فكلها وصايا باطلة، إنما تكون الوصية على جهة القُربة، أو في شيء مُباح فيما لا يزيد على ثُلُث التَّركة، لكن لا يَصِح تنفيذها في أمرٍ محرَّم، حتى لو كان قد أخَذ عليهم أوْثَق الأيمان وأغْلَظ المواثيق، يُكَفِّرون عن يمينهم، ولا يُنَفِّذون الوصية؛ حتى لا يشتركوا مع الموصِي في الإثم.
يقول صلى الله عليه وسلم : (فَقَالَ لِلأَرْضِ أَدِّى مَا أَخَذْتِ. فَإِذَا هُوَ قَائِمٌ) ، فما إن فعَل بنوه ذلك، حتى قال الله: “كن”، فكان كأسرع من طرْفة العين، فإذا هو في قبضة الله رجل قائم، (فَقَالَ لَهُ مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا صَنَعْتَ فَقَالَ خَشْيَتُكَ يَا رَبِّ – أَوْ قَالَ – مَخَافَتُكَ. فَغَفَرَ لَهُ بِذَلِكَ ».ويُحتمل أن ذلك حصَل بالفعل وانتهى، وربما يكون ذلك يوم القيامة، فالمهم أنَّ هذه قدرة الله تعالى؛ كما قال – سبحانه: ﴿ قَالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ * قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ ﴾ [يس: 78 – 79]، وقال تعالى: ﴿ وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ ﴾ [الروم: 27]. لا فرْقَ عند الله تعالى سواء بَقِي الإنسان على هيئته، أو سُحِق وطُحِن، أو أكَله السَّبُع، أو الحوت، أو رُمِي في أيِّ مكان! ، قال بعض العلماء : لماذا لَم يكفر هذا الرجل بمثل سوء الظن هذا في سَعة قدرة الله ورحمته؟ ، فأجابوا : لأن كفره لَم يكن كفرا مقصودًا ، ولا معقودًا في القلب، وإنما من خوْفه من ربِّه – تبارك وتعالى – على ما جَنَت يداه من المعاصي والآثام، وليس كلُّ مَن وقَع في الكفر، وقَع الكفر عليه. فمن شدة الخوف من العذاب حصَل له حالة من الذهول والدهشة واللاوعي، واستولَى عليه من الجزع والخشية ما أذْهَب لُبَّه، فكان كمَن غلَب عليه الفرح حين وَجَد راحلته، فقال: “اللهمَّ أنت عبدي وأنا ربُّك”، فلم يكفر. وقال شيخ الإسلام في الفتاوى: “فغاية ما في هذا أنه كان رجلاً لَم يكن عالِمًا بجميع ما يستحقُّه الله من الصفات، وبتفصيل أنه القادر، وكثير من المؤمنين قد يَجهل مثل ذلك، فلا يكون كافرًا”. فمن الملاحظ أنه وقع في ذَنب وجَهل، ومع ذلك غَفَر الله له، لماذا؟ وبأيِّ عملٍ؟! ،في قول الرجل ( خَشْيَتُكَ يَا رَبِّ – أَوْ قَالَ – مَخَافَتُكَ)، فما فعلت ذلك إلاَّ من مَخافتك ، ألِهذه الدرجة تكون منزلة الخشية عند الله – جل جلاله؟! نعم، قد كان له واعظٌ من نفسه يأتيه باللوم والندم، تلك هي النفس اللوَّامة التي أقسَمَ بها ربُّ العِزة – جلَّ جلاله، ونحن نقول: إنَّ المَهرَب من الله لا يكون إلاَّ إليه؛ ﴿ فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ ﴾ [الذاريات: 50]. قال ابن القيم في المدارج: “قال أبو عثمان: صِدْق الخوف هو الورع عن الآثام: ظاهرًا وباطنًا، وسَمِعت شيخ الإسلام ابن تيميَّة – قدَّس الله رُوحه – يقول: الخوف المحمود ما حَجَزك عن محارم الله”. فكلَّما كان الإنسان بالله أعرَف، كان منه أخوف؛ قال الله تعالى: ﴿ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ﴾ [فاطر: 28]؛ وقال ابن مسعود – رضِي الله عنه -: “ليس العلم من كَثرَة الحديث، ولكنَّ العلمَ من الخَشيَة” ،فدَمعة في خشيةٍ سِتْرٌ لك من النار؛ ففي سنن الترمذي ( أن رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ :« عَيْنَانِ لاَ تَمَسُّهُمَا النَّارُ عَيْنٌ بَكَتْ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَعَيْنٌ بَاتَتْ تَحْرُسُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ». ودَمعَة في خَشيَة، محبوبة عند الله، (فعَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ :« لَيْسَ شَيْءٌ أَحَبَّ إِلَى اللَّهِ مِنْ قَطْرَتَيْنِ وَأَثَرَيْنِ قَطْرَةٌ مِنْ دُمُوعٍ فِي خَشْيَةِ اللَّهِ وَقَطْرَةُ دَمٍ تُهَرَاقُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ. وَأَمَّا الأَثَرَانِ فَأَثَرٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأَثَرٌ فِي فَرِيضَةٍ مِنْ فَرَائِضِ اللَّهِ » رواه الترمذي . وفيه (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ ،قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- : « لاَ يَلِجُ النَّارَ رَجُلٌ بَكَى مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ حَتَّى يَعُودَ اللَّبَنُ فِي الضَّرْعِ)
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية (مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا صَنَعْتَ فَقَالَ خَشْيَتُكَ يَا رَبِّ.. فَغَفَرَ لَهُ بِذَلِكَ)
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
لقد نبهنا هذا الحديث إلى أمر عقائدي غير قابل للنقاش أو الجدل وهو الخوف من الله، والخوف هنا بمعنى الرجاء، أي أن الإنسان دائمًا وأبدًا يرجو أن يكون في مأمن من غضب الله ،وذلك باتباع أوامره ،والبعد عن نواهيه، والخوف هنا يأتي عن الحب ،وليس عن البغض والعياذ بالله، فالحبيب يخاف من غضب حبيبه ،ويرجوا رفقته ،والقرب منه، وهذا هو حال المحب ، يخاف الله ،ويرجوا قربه بدخول الجنة. والسؤال : كيف نخاف الله ؟ وماذا نفعل حتى نبلغ هذه المنزلة ؟ ،فإن الخوف من الله من الله عبادة من العبادات التي لها أصول وقواعد تبني عليها ،حتى تصل إلى هذه المنزلة الرفيعة ،وإليك هذه الوسائل المعينة على تحقيق المراد ،وهو الخوف من رب العباد : أولا : قراءة القرآن الكريم مع تدبر معانيه: قال الله تعالى : {قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لا تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ سُجَّدًا وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا} [الإسراء:107 – 109]. ثانيا : استشعار عظم الذنب : ففي صحيح البخاري :« إِنَّ الْمُؤْمِنَ يَرَى ذُنُوبَهُ كَأَنَّهُ قَاعِدٌ تَحْتَ جَبَلٍ يَخَافُ أَنْ يَقَعَ عَلَيْهِ ، وَإِنَّ الْفَاجِرَ يَرَى ذُنُوبَهُ كَذُبَابٍ مَرَّ عَلَى أَنْفِهِ » ، ثالثا : تقوى الله : وذلك عن طريق التقرب إلى الله بفعل الطاعات وتجنب المعاصي. ،رابعا : معرفة الله بأسمائه وصفاته : يقول ابن القيم رحمه الله : “كلما كان العبد بالله أعلم، كان له أخوف”. خامسا :معرفة فضل الخائفين : قال تعالى في وصف المؤمنون : {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} [الأنفال:2]. سادسا : تدبر آيات العذاب والوعيد : خاصة فيما جاء عن وصف النار والترهيب منها. سابعا : تدبر أحوال الظالمين : قال الله تعالى : {وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزًا} [مريم:98] ، ثامنا : أن تعلم قدر نفسك : أنك مهما بلغت من الشأن ضعيف مهين ولو شاء الله لعاجلك بالعقوبة. تاسعا : سماع المواعظ والقصص المؤثرة: فعَنِ الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ قَالَ وَعَظَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَوْمًا بَعْدَ صَلاَةِ الْغَدَاةِ مَوْعِظَةً بَلِيغَةً ذَرَفَتْ مِنْهَا الْعُيُونُ وَوَجِلَتْ مِنْهَا الْقُلُوبُ) رواه الترمذي ، عاشرا : كثرة ذكر الله : والتي تبعث على الخوف من الله واستحضار عظمته وجلاله والخوف من عذابه
الدعاء