خطبة حول حديث (إِذَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِقَوْمٍ عَذَابًا)
مارس 19, 2020خطبة عن حديث (مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا صَنَعْتَ فَقَالَ خَشْيَتُكَ يَا رَبِّ)
مارس 21, 2020الخطبة الأولى ( مَنْ يَضْمَنْ لِي مَا بَيْنَ لَحْيَيْهِ وَمَا بَيْنَ رِجْلَيْهِ أَضْمَنْ لَهُ الْجَنَّةَ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
روى البخاري في صحيحه : (عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ : « مَنْ يَضْمَنْ لِي مَا بَيْنَ لَحْيَيْهِ وَمَا بَيْنَ رِجْلَيْهِ أَضْمَنْ لَهُ الْجَنَّةَ » ، وفي رواية أخرى للبخاري : (قَالَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – : « مَنْ تَوَكَّلَ لِي مَا بَيْنَ رِجْلَيْهِ وَمَا بَيْنَ لَحْيَيْهِ ، تَوَكَّلْتُ لَهُ بِالْجَنَّةِ »
إخوة الإسلام
اعلموا أنه ينبغي لكل مكلف أن يحفظ لسانه عن جميع الكلام إلا كلاماً ظهرت فيه المصلحة، ومتى استوى الكلام وتركه في المصلحة فالسنة الإمساك عنه؛ لأنه قد ينجر الكلام المباح إلى حرام أو مكروه وذلك كثير في العادة والسلامة لا يعدلها شيء. ، كما ينبغي على المسلم أن يحفظ فرجه عن الفاحشة ، وألا يجعل نطفته إلا فيما أحل الله له ، فمن أدَّى الحق الذي على لسانه من النطق بما يجب عليه، أو الصمت عمَّا لا يعنيه، وأدَّى الحق الذي على فرجه من وضعه في الحلال، وكَفِّه عن الحرام، فقد ضمن له الرسول صلى الله عليه وسلم الجنة، وفي هذا الحديث يقول صلى الله عليه وسلم : « مَنْ يَضْمَنْ لِي مَا بَيْنَ لَحْيَيْهِ وَمَا بَيْنَ رِجْلَيْهِ أَضْمَنْ لَهُ الْجَنَّةَ » ، والمراد بما بين لحييه: اللسان وما يتأتَّى به النطق، وما بين رجليه: الفرج، وقال الداودي: المراد بما بين اللحيين: الفم، فيتناول الأقوال والأكل والشرب وسائر ما يتأتَّى بالفم ، وقَالَ الحَافِظُ: «الضَّمَانُ بِمَعْنَى الوَفَاءِ بِتَرْكِ المَعْصِيَةِ، فَأَطْلَقَ الضَّمَانَ وَأَرَادَ لَازِمَهُ، وَهُوَ أَدَاءُ الحَقِّ الَّذِي عَلَيْهِ، فَالمَعْنَى: مَن أَدَّى الحَقَّ الَّذِي عَلَى لِسَانِهِ مِن النُّطْقِ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَو الصَّمْتِ عَمَّا لَا يَعْنِيهِ، وَأَدَّى الحَقَّ الَّذِي عَلَى فَرْجِهِ مِن وَضْعِهِ فِي الحَلَالِ وَكَفِّهِ عَن الحَرَامِ، فقد ضمن له الجنة ، وقال ابن عبد البر: (في هذا الحديث دليل على أن أكبر الكبائر إنما هي من الفم والفرج، ومن الفم ما يتولد من اللسان وهو كلمة الكفر، وقذف المحصنات، وأخذ أعراض المسلمين، ومن الفم أيضا شرب الخمر، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم ظلمًا، ومن الفرج الزنى واللواط)
أيها المسلمون
ففي قوله صلى الله عليه وسلم : « مَنْ يَضْمَنْ لِي مَا بَيْنَ لَحْيَيْهِ وَمَا بَيْنَ رِجْلَيْهِ أَضْمَنْ لَهُ الْجَنَّةَ » : يبين لنا صلى الله عليه وسلم خطورة اللسان ، فاللسان سلاح ذو حدين؛ يتكلَّم بالخير ، ويَنطِق بضده، فأَولى بالمتكلم توخِّي المنطق السليم، واجتناب الكلام الذميم؛ إذ اللسان هو المورد للمرء مواردَ العَطَب، والصمت يُكسِبه المحبة والوقار، ومَن حفِظ لسانَه أراح نفسه، والرجوع عن الصمت أحسن من الرجوع عن الكلام، فإنه لا يستطيع أن يُعيد ما تَكلَّم به؛ لأن الكلام مَلَكَه بعد أن كان مالكًا له، فالصمت منام العقل ، والنطق يقظته، فما أكثر من نَدِم إذا نطق، وأقل مَن ندم إذا سكت! ، ولقد جاء في السنة النبوية: (مِن حُسْنِ إسلام المرء تَرْكُه ما لا يعنيه) ، فهذا الحديث أصل عظيم من أصول الأدب التي يُبنى عليها. وَهو أَوَّلُ مَذْكُورٍ ذَكَرَهُ النَّبِيُّ ﷺ لِعُقْبَةَ ابن عَامِر -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- في بَيَانِ النَّجَاةِ، هُوَ: (أَمْسِكْ عَلَيْكَ لِسَانَكَ)، فَعَن عُقْبَةَ بن عَامِرٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللهِ مَا النَّجَاةُ؟ ،قَالَ: «أَمْسِكْ عَلَيْكَ لِسَانَكَ وَلْيَسَعْكَ بَيْتُكَ وَابْكِ عَلَى خَطِيئَتِكَ». رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ ، وَفِي حَدِيثِ مُعَاذ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- جَعَلَ النَّبِيُّ ﷺ كَفَّ اللِّسَانِ عَمَّا يَسُوءُ وَلَا يُرْضِي الرَّبَّ مِلَاكَ الأُمُورِ العَظِيمَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا لِمُعَاذَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-، ثُمَّ بَيَّنَ النَّبِيُّ ﷺ أَنَّهُ لَا يَكُبُّ النَّاسَ في النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِم أَوْ قَالَ: «عَلَى مَنَاخِرِهِم إِلَّا حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِم»، فعَن مُعَاذَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ في سَفَرٍ، فَأَصْبَحْتُ يَوْمًا قَرِيبًا مِنْهُ وَنَحْنُ نَسِيرُ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَخْبِرْنِي بِعَمَلٍ يُدْخِلُنِي الجَنَّةَ وَيُبَاعِدُنِي مِن النَّارِ. قَالَ: «لَقَدْ سَأَلْتَ عَنْ عَظِيمٍ وَإِنَّهُ لَيَسِيرٌ عَلَى مَنْ يَسَّرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ، تَعْبُدُ اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا وَتُقِيمُ الصَّلَاةَ، وَتُؤْتِي الزَّكَاةَ، وَتَصُومُ شَهْرَ رَمَضَانَ، وَتُحَجَّ الْبَيْتَ». ثُمَّ قَالَ: أَلَا أَدُلُّكَ عَلَى أَبْوَابِ الْخَيْرِ: «الصَّوْمُ جُنَّةٌ، وَالصَّدَقَةُ تُطْفِئُ الخَطِيئَةَ كَمَا يُطْفِئُ المَاءُ النَّارَ، وَصَلَاةُ الرَّجُلِ مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ، ثُمَّ تَلَا قَوْلَهُ تَعَالَى: ﴿ تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ. فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ (السجدة: 16-17) .ثُمَّ قَالَ: أَلَا أُخْبِرُكَ بِرَأْسِ الأَمْرِ وَعَمُودِهِ وَذِرْوَةِ سَنَامِهِ؟». قَالَ: قُلْتُ: بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ. قَالَ: «رَأْسُ الْأَمْرِ الْإِسْلَامُ، وَعَمُودُهُ فَالصَّلَاةُ، وَذِرْوَةُ سَنَامِهِ الجِهَادُ» ثُمَّ قَالَ: أَلَا أُخْبِرُكَ بِمِلَاكِ ذَلِكَ كُلِّهِ؟». قَالَ: قُلْتُ: بَلَى يَا رَسُولَ الله فَأَخَذَ بِلِسَانِهِ وَقَالَ: «كُفَّ عَلَيْكَ هَذَا» .قال: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَإِنَّا بِمَا نَتَكَلَّمُ بِهِ؟ ،فقال: «ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ، وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِم إِلَّا حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِم؟!». رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ ، وَفِي إِعْرَاضِ المَرْءِ عَمَّا لَا يَعْنِيهِ سَمْتٌ حَسَنٌ، وَعَلَامَةٌ مِن عَلَامَاتِ حُسْنِ الإِسْلَامِ كَمَا أَخْبَرَ بِذَلِكَ أَبُو هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- عَن رَسُولِ اللهِ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: «مِنْ حُسْنِ إِسْلَامِ المَرْءِ تَرْكُهُ مَا لَا يَعْنِيهِ». أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ ، فَمَنْ عَرَفَ قَدْرَ زَمَانِهِ وَأَنَّهُ رَأْسُ مَالِهِ، لَمْ يُنْفِقْهُ إِلَّا فِي فَائِدَةٍ، ، وَهَذِهِ المَعْرِفَةُ تُوجِبُ حَبْسَ اللِّسَانِ عَن الكَلَامِ فِيمَا لَا يَعْنِي؛ لأَنَّهُ مَنْ تَرَكَ ذِكْرَ اللهِ تَعَالَى، وَاشْتَغَلَ بِمَا لَا يَعْنِيهِ، كَانَ كَمَنْ قَدَرَ عَلَى أَخْذِ جَوْهَرَةٍ، فَأَخَذَ عِوَضَهَا مَدَرَةً أَوْ بَعْرَةً، وَهَذَا مِن خُسْرَانِ العُمُرِ. فحريٌّ بكل مسلم أن يَمتثِل أمر الله تعالى الذي أنعم عليه بنعمة المنطق، فالحديث يريد من كل مسلم أن يترك ما لا يعنيه من قول وفِعْل، مما ليس في حاجة له، ولا فائدة فيه، ولا سعادة في الدنيا والآخرة، ويجب على كل إنسان أن يجعل على فيه من نفسه رقيبًا وقُفلاً وثيقًا؛ حتى لا يُكَبَّ في النار، وحتى يضمن له الجنة، وليصبح ممن استثناهم الله تعالى عمن نفى الخير عن نجواهم، قال تعالى: ﴿ لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا ﴾ [النساء: 114]،
أيها المسلمون
وفي قوله صلى الله عليه وسلم : « مَنْ يَضْمَنْ لِي مَا بَيْنَ لَحْيَيْهِ وَمَا بَيْنَ رِجْلَيْهِ أَضْمَنْ لَهُ الْجَنَّةَ » : يبين لنا أيضا صلى الله عليه وسلم خطورة الفرج ، والوقوع في فاحشة الزنا ، فمن أعظم الفواحش التي حرمها الله في كتابه العظيم ، وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم ، وتنفر منها الفطر السليمة ، والقلوب الطاهرة ، فاحشة الزنا ، التي هي من كبائر الذنوب ، وسبل الهلاك ، الداعية لكل شر وبلاء في الدنيا والآخرة ، قال الله تعالى محذرا منها : ( وَلا تَقْرَبُوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن ) ( الانعام : 151 ). قال الامام ابن القيم رحمه الله في مفاسد الزنا : ” فمفسدة الزنا من أعظم المفاسد ، وهي منافية لمصلحة نظام العالم في حفظ الأنساب ، وحماية الفروج ، وصيانة الحرمات ، وتوقي ما يوقع أعظم العداوة والبغضاء بين الناس ، من إفساد كل منهم امرأة صاحبه وبنته ، وأخته ، وأمه ، وفي ذلك خراب العالم ، ومفسدة الزنا تلي مفسدة القتل ، ولهذا قرنت جريمة الزنا بجريمة القتل في الكتاب والسنة ، قال الله تعالى: ( وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ ) [ الفرقان : 68] . فقرن الزنا بالشرك وقتل النفس ، وجعل جزاء ذلك : العذاب المضاعف المهين ، ما لم يتب العبد من ذلك ويعمل صالحا.وقال الله سبحانه وتعالى : ( وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً ) [ الإسراء: 32] ومما يدل على فحش الزنا وشناعته ما رتب الله تعالى عليه من الحد الصارم ، مع أنه سبحانه أرحم الراحمين ، قال تعالى: (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ) [ النور: 2] . وهذا حد الزاني البكر الذي لم يتزوج ، أما حد الزاني الثيب وهو الذي قد تزوج ووطئ زوجته ولو مرة في العمر ، فإنه يرجم بالحجارة حتى الموت .
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( مَنْ يَضْمَنْ لِي مَا بَيْنَ لَحْيَيْهِ وَمَا بَيْنَ رِجْلَيْهِ أَضْمَنْ لَهُ الْجَنَّةَ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
والله تعالى كما بين حرمة الزنا وشناعته ، وحذر منه عباده ، وسوء عاقبته في الدنيا والآخرة ، فقد وضع السدود المنيعة ، والحواجز الكثيرة ، التي تحول بين العباد وبين تلك الجريمة المنكرة ، وتقيهم شر مخاطرها ، متى التزموا بها ، ومن هذه الحواجز : أولا: أمر سبحانه بغض البصر الذي هو الأصل لحفظ الفرج عن الحرام ، وهو الوسيلة له ، فقال تعالى : ( قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فَرُوجَهُنَّ ) [ النور: 30 ، 31 ] ، ثانيا : أمر الله تعالى نساء المسلمين بالحجاب ، وهو ستر وجوههن وأجسامهن عن الرجال ، صيانة لهن وللرجال من الوقوع في الفاحشة ، قال تعالى: ( وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا لِبُعُولَتِهِنَّ ) [النور: 31]. وقال تعالى:(يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ) [الأحزاب: 59]. وقال تعالى:(وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ ) [ الأحزاب: 53] . ثالثا : منع الإسلام خلو الرجل بالمرأة التي ليست من محارمه ، لأن ذلك مدعاة إلى إغراء الشيطان لهما بالفاحشة ، مهما بلغا من التقوى والصلاح والدين ، ففي الصحيحين : (عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ « لاَ يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إِلاَّ مَعَ ذِي مَحْرَمٍ » متفق عليه . رابعا: حرم الإسلام تبرج النساء : وهو خروجهن بثياب الزينة ، وما لا يستر من الثياب ، كالضيق أو القصير أو الشفاف ، وكذا استعمال الطيب والعطر ، لأن ذلك مدعاة لجذب الأنظار إليهن ، ووسيلة ودعوة إلى وقوع الفاحشة ، قال الله تعالى: ( وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى ) [ الأحزاب: 33] . خامسا : ومن دواعي الزنا التي حاربها الإسلام : سماع الأغاني الماجنة بأصوات النساء الفاتنة ، سادسا : ومن الوسائل الدافعة لجريمة الزنا : إقامة الحد على الزاني : بأن يجلد البكر مائة جلدة ويغرب ، أي : ينفى من بلده لمدة عام كامل ، وأما الثيب (وهو من سبق له الزواج ) فإنه يرجم بالحجارة حتى يموت ، وهي أشنع عقوبة ، وقد حث سبحانه على عدم التساهل في إقامة حد الزنا ، وعدم الرأفة بالفاعلين لهذا الجرم ، بتعطيل الحد أو الترفق في إقامته ، تراخيا في دين الله ، وأمر بإقامته في مشهد عام يحضره طائفة من المؤمنين ، فيكون أوجع للفاعل ، وأوقع في نفسه ونفوس المشاهدين ، قال تعالى (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) (2) النور
أيها المسلمون
وهكذا تتبين لنا خطورة الفم واللسان ، وأنهما من الأسباب الأساسية في دخول النار، ففي مسند أحمد : (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَنْ أَكْثَرِ مَا يَلِجُ النَّاسُ بِهِ النَّارَ ،فَقَالَ : « الأَجْوَفَانِ الْفَمُ وَالْفَرْجُ » فصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال : « مَنْ يَضْمَنْ لِي مَا بَيْنَ لَحْيَيْهِ وَمَا بَيْنَ رِجْلَيْهِ أَضْمَنْ لَهُ الْجَنَّةَ »
الدعاء