خطبة حول قوله تعالى: (إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ)
أبريل 13, 2019خطبة عن حديث (فَوَ اللَّهِ إِنِّي لأُعْطِى الرَّجُلَ وَأَدَعُ الرَّجُلَ)
أبريل 13, 2019الخطبة الأولى ( لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُقْبَضَ الْعِلْمُ ، وَتَكْثُرَ الزَّلاَزِلُ ، وَيَتَقَارَبَ الزَّمَانُ..)
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
روى البخاري في صحيحه : (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ ،قَالَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – : « لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُقْبَضَ الْعِلْمُ ، وَتَكْثُرَ الزَّلاَزِلُ ، وَيَتَقَارَبَ الزَّمَانُ ، وَتَظْهَرَ الْفِتَنُ ، وَيَكْثُرَ الْهَرْجُ – وَهْوَ الْقَتْلُ الْقَتْلُ – حَتَّى يَكْثُرَ فِيكُمُ الْمَالُ فَيَفِيضُ »
إخوة الإسلام
موعدنا اليوم -إن شاء الله- مع هذا الحديث النبوي الصحيح ، والذي يخبرنا فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بعض أشراط الساعة وعلاماتها ،وهذا الحديث وأمثاله هو شاهد ودليل من دلائل النبوة ، فما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم أنه سيكون بين يدي الساعة، ونراه أو نرى بعضه في حياتنا اليوم، وهو ما يسميه العلماء بأشراط الساعة الصغرى، كان غيباً أطلع الله عليه نبيه صلى الله عليه وسلم، ليكون شاهداً على صدق نبوته ورسالته . وهذا الحديث وما شابهه إنما يدعونا إلى التأمل والتدبر ، وإلى وقفة مع النفس ، ليتدارك فيها كل واحد منا ما فات من التفريط في جنب الله تعالى , فيتوب من ساعته عن كل ما بدر منه من الذنوب والمعاصي في الأعوام الخالية , ويعزم من اليوم على تعويض ما مضى من التقصير في اغتنام عمره بما يفيد في الدنيا والآخرة , جاعلا من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم شعاره في مستقبل أيامه القادمة : (اغتنم خمسا قبل خمس: حياتك قبل موتك و صحتك قبل سقمك و فراغك قبل شغلك و شبابك قبل هرمك و غناك قبل فقرك ) رواه الحاكم عن ابن عباس وصححه الألباني ، وفي هذا الحديث يقول صلى الله عليه وسلم : (لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُقْبَضَ الْعِلْمُ ) : هكذا أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه لا تقوم الساعة حتى يقبض العلم ،والمراد به العلم الشرعي ، علم كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فالعلماء هم ورثة الأنبياء وبذهابهم يذهب العلم وتموت السنن وتظهر البدع ويعم الجهل، وأما علم الدنيا فإنه في زيادة وليس هو المراد في الأحاديث، بدليل قوله صلى الله عليه وسلم: (فَسُئِلُوا ، فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ ، فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا) متفق عليه . والعلماء الحقيقيون هم الذين يعملون بعلمهم, ويوجهون الأمة ويدلونها على طريق الحق والهدى, فإن العلم بدون عمل لا فائدة فيه, بل يكون وبالاً على صاحبه، والعلماء قد جعلهم اللَّه أهله ، وأركان شريعته ، وهدم بهم كل بدعة شنيعة ، فهم أمناء اللَّه في خليقته ، والواسطة بين النبي – صلى الله عليه وسلم – وأمته ، والمجتهدون في حفظ ملته ، أنوارهم زاهرة ، وفضائلهم سائرة ، وآياتهم باهرة ، ومذاهبهم ظاهرة ، وحججهم قاهرة ، فالكتاب عدتهم ، والسنة حجتهم ، والرسول – صلى الله عليه وسلم – فئتهم ، وإليه نسبتهم ، لا يعرجون على الأهواء ، ولا يلتفتون إلى الآراء ، يقبل منهم ما رووا عن الرسول – صلى الله عليه وسلم – ، وهم المأمونون عليه العدول ، حفظة الدين وخزنته ، وأوعية العلم وحملته، وهم الجمهور العظيم ، وسبيلهم السبيل المستقيم ، وكل مبتدع باعتقادهم يتظاهر ، وعلى الإفصاح بغير مذاهبهم لا يتجاسر ، من كادهم قصمه اللَّه ، ومن عاندهم خذله اللَّه ، لا يضرهم من خذلهم ، ولا يفلح من اعتزلهم ، المحتاط لدينه إلى إرشادهم فقير ، وبصر الناظر بالسوء إليهم حسير ، وإن اللَّه على نصرهم لقدير .(من كلام الخطيب البغدادي) .
أيها المسلمون
وقبض العلم يكون بقبض العلماء, ففي الصحيحين : (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – يَقُولُ « إِنَّ اللَّهَ لاَ يَقْبِضُ الْعِلْمَ انْتِزَاعًا ، يَنْتَزِعُهُ مِنَ الْعِبَادِ ، وَلَكِنْ يَقْبِضُ الْعِلْمَ بِقَبْضِ الْعُلَمَاءِ ، حَتَّى إِذَا لَمْ يُبْقِ عَالِمًا ، اتَّخَذَ النَّاسُ رُءُوسًا جُهَّالاً فَسُئِلُوا ، فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ ، فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا » قال النووي: (هذا الحديث يبين أن المراد بقبض العلم في الأحاديث المطلقة ليس هو محوه من صدور حفاظه ولكن معناه: أن يموت حملته, ويتخذ الناس جهالاً يحكمون بجهالاتهم, فيَضِلُّون ويُضِلِّون) ، وهكذا فلا يزال العلم ينقص والجهل يكثر حتى لا يعرف الناس فرائض الإسلام, ففي سنن ابن ماجة ومسند البزار ومستدرك الحاكم : (عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « يَدْرُسُ الإِسْلاَمُ كَمَا يَدْرُسُ وَشْىُ الثَّوْبِ حَتَّى لاَ يُدْرَى مَا صِيَامٌ وَلاَ صَلاَةٌ وَلاَ نُسُكٌ وَلاَ صَدَقَةٌ وَلَيُسْرَى عَلَى كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي لَيْلَةٍ فَلاَ يَبْقَى فِي الأَرْضِ مِنْهُ آيَةٌ وَتَبْقَى طَوَائِفُ مِنَ النَّاسِ الشَّيْخُ الْكَبِيرُ وَالْعَجُوزُ يَقُولُونَ أَدْرَكْنَا آبَاءَنَا عَلَى هَذِهِ الْكَلِمَةِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ فَنَحْنُ نَقُولُهَا ». فَقَالَ لَهُ صِلَةُ مَا تُغْنِى عَنْهُمْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَهُمْ لاَ يَدْرُونَ مَا صَلاَةٌ وَلاَ صِيَامٌ وَلاَ نُسُكٌ وَلاَ صَدَقَةٌ فَأَعْرَضَ عَنْهُ حُذَيْفَةُ ثُمَّ رَدَّهَا عَلَيْهِ ثَلاَثًا كُلَّ ذَلِكَ يُعْرِضُ عَنْهُ حُذَيْفَةُ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْهِ فِى الثَّالِثَةِ فَقَالَ يَا صِلَةُ تُنْجِيهِمْ مِنَ النَّارِ. ثَلاَثًا. وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: (لينزعن القرآن من بين أظهركم يسري عليه ليلاً فيذهب من أجواف الرجال فلا يبقى في الأرض منه شيء) ،وقال ابن تيمية: (يسري به في آخر الزمان من المصاحف والصدور فلا يبقى في الصدور منه كلمة، ولا في المصاحف منه حرف)
أيها المسلمون
ثم نأتي إلى قوله صلى الله عليه وسلم في أشراط الساعة : (وَتَكْثُرَ الزَّلاَزِلُ ) : وَهِيَ حَرَكَةُ الأَرْضِ واضْطِرابُهَا حَتَّى رُبَّمَا يَسْقُطُ الْبِنَاءُ الْقَائِمُ عَلَيْهَا. والمراد بكثرة الزلازل هو أن يتوافر فيها صفتان: الشمول، والاستمرار والدوام. قال الحافظ ابن حجر: “قد وقع في كثير من البلاد الشمالية والشرقية والغربية كثير من الزلازل، ولكن الذي يظهر أن المراد بكثرتها: شمولها، ودوامها” وكثرة الزلازل من أشراط الساعة الصغرى والتي ظهرت بدايتها ولا تزال تتابع وتكثر حتى تستحكم ، وهي مرتبطة بتفشي المعاصي وظهور المنكرات من قبض العلم، وتقارب الزمان، وظهور الفتن، وكثرة القتل . أما قوله صلى الله عليه وسلم : (وَيَتَقَارَبَ الزَّمَانُ ) فقد اختلف العلماء في معنى تقارب الزمان على أقوال كثيرة ، وأقوى هذه الأقوال : أن تقارب الزمان يحتمل أن يكون المراد به التقارب الحسي ، أو التقارب المعنوي . أما التقارب المعنوي ؛ فمعناه ذهاب البركة من الوقت ، وهذا قد وقع منذ عصر بعيد . وهذا القول قد اختاره القاضي عياض والنووي والحافظ ابن حجر رحمهم الله . قال النووي : الْمُرَاد بِقِصَرِهِ عَدَم الْبَرَكَة فِيهِ ، وَأَنَّ الْيَوْم مَثَلا يَصِير الانْتِفَاع بِهِ بِقَدْرِ الانْتِفَاع بِالسَّاعَةِ الْوَاحِدَة . وقال الحافظ : وَالْحَقّ أَنَّ الْمُرَاد نَزْع الْبَرَكَة مِنْ كُلّ شَيْء حَتَّى مِنْ الزَّمَان ، وَذَلِكَ مِنْ عَلامَات قُرْب السَّاعَة . ومن التقارب المعنوي أيضاً : سهولة الاتصال بين الأماكن البعيدة وسرعته مما يعتبر قد قارب الزمان ، فالمسافات التي كانت تقطع قديماً في عدة شهور صارت لا تستغرق الآن أكثر من عدة ساعات . قال الشيخ ابن باز : في تعليقه على فتح الباري : التقارب المذكور في الحديث يُفسّر بما وقع في هذا العصر من تقارب ما بين المدن والأقاليم وقِصر المسافة بينها بسبب اختراع الطائرات والسيارات والإذاعة وما إلى ذلك ، والله أعلم . وأما التقارب الحسي ؛ فمعناه : أن يقصر اليوم قصراً حسياً ، فتمر ساعات الليل والنهار مروراً سريعاً ، وهذا لم يقع بعد ، ووقوعُهُ ليس بالأمر المستحيل ، ويؤيده أن أيام الدجال ستطول حتى يكون اليوم كالسنة وكالشهر وكالجمعة في الطول ، فكما أن الأيام تطول فكذلك تقصر . وذلك لاختلال نظام العالم وقرب زوال الدنيا . ونقل الحافظ في “الفتح” عن اِبْنِ أَبِي جَمْرَة أنه قال : “يَحْتَمِل أَنْ يَكُونُ الْمُرَاد بِتَقَارُبِ الزَّمَان قِصَره عَلَى مَا وَقَعَ فِي الحَدِيث الذي رَواهُ التِّرمِذِيُّ بِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم :(لا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَتَقَارَبَ الزَّمَانُ فَتَكُونَ السَّنَةُ كَالشَّهْرِ وَالشَّهْرُ كَالْجُمَعَةِ والْجُمُعَةِ كَالْيَوْمِ والْيَوْمُ كَالسَّاعَةِ وَالسَّاعَةُ كَالضَّرْمَةِ مِنَ النَّارِ)
وَعَلَى هَذَا فَالْقِصَر يَحْتَمِل أَنْ يَكُونُ حِسِّيًّا ، وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُونُ مَعْنَوِيًّا , أَمَّا الْحِسِّيّ فَلَمْ يَظْهَر بَعْد ، وَلَعَلَّهُ مِنْ الْأُمُور الَّتِي تَكُونُ قُرْب قِيَام السَّاعَة , وَأَمَّا الْمَعْنَوِيّ فَلَهُ مُدَّة مُنْذُ ظَهَرَ يَعْرِف ذَلِكَ أَهْل الْعِلْم الدِّينِيّ ، وَمَنْ لَهُ فِطْنَة مِنْ أَهْل السَّبَب الدُّنْيَوِيّ ، فَإِنَّهُمْ يَجِدُونَ أَنْفُسهمْ لَا يَقْدِر أَحَدهمْ أَنْ يَبْلُغ مِنْ الْعَمَل قَدْر مَا كَانُوا يَعْمَلُونَهُ قَبْلَ ذَلِكَ ، وَيَشْكُونَ ذَلِكَ وَلا يَدْرُونَ الْعِلَّة فِيهِ , وَلَعَلَّ ذَلِكَ بِسَبَبِ مَا وَقَعَ مِنْ ضَعْف الإِيمَان لِظُهُورِ الأُمُور الْمُخَالِفَة لِلشَّرْعِ مِنْ عِدَّة أَوْجُهُ , وَأَشَدّ ذَلِكَ الأَقْوَات فَفِيهَا مِنْ الْحَرَام الْمَحْض وَمِنْ الشُّبَه مَا لا يَخْفَى ، حَتَّى إِنَّ كَثِيرًا مِنْ النَّاس لا يَتَوَقَّف فِي شَيْء ، وَمَهْمَا قَدَرَ عَلَى تَحْصِيل شَيْء هَجَمَ عَلَيْهِ وَلا يُبَالِي , وَالْوَاقِع أَنَّ الْبَرَكَة فِي الزَّمَان وَفِي الرِّزْق وَفِي النَّبْت إِنَّمَا يَكُونُ مِنْ طَرِيق قُوَّة الإِيمَان وَاتِّبَاع الأَمْر وَاجْتِنَاب النَّهْي , وَالشَّاهِد لِذَلِكَ قَوْله تَعَالَى : (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ) (96) الاعراف ،وهذه الأقوال الثلاثة : “نزع البركة” و “سهولة الاتصال” و “التقارب الحسي” لا تعارض بينها ، ولا مانع من حمل الحديث عليها جميعها
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُقْبَضَ الْعِلْمُ ، وَتَكْثُرَ الزَّلاَزِلُ ، وَيَتَقَارَبَ الزَّمَانُ..)
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
ثم ننتقل إلى قوله صلى الله عليه وسلم في أشراط الساعة : (وَتَظْهَرَ الْفِتَنُ ، وَيَكْثُرَ الْهَرْجُ – وَهْوَ الْقَتْلُ الْقَتْلُ ) فقَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم : (وَتَظْهَرَ الْفِتَنُ) أَيْ تَكْثُرَ وَتَشْتَهِرَ. أما قوله صلى الله عليه وسلم (وَيَكْثُرَ الْهَرْجُ – وَهْوَ الْقَتْلُ الْقَتْلُ) فمن أشراط الساعة وعلاماتها أن القتل يكثر في آخر الزمان ، ولا يكون مبرَّرًا أو معروف الأسباب ، وذلك يمكن أن يقع في الحالات الآتية : – في حالات قتال الفتنة التي يشتبه فيها الحق بالباطل ، فلا يظهر للناس وجه الصواب فيها، ويقع القتال بينهم ، فلا يدري حينئذ القاتل فيم قَتَل ، ولا المقتول لماذا قُتِل ، – وقد يقع مثل هذا القتل أيام الحروب العصبية ، التي يقع فيها القتل بسبب التعصب للقبيلة أو الطائفة ، ويكون المقاتل جاهلا أهوجَ ، إنما شارك في القتال لاستغاثة أهل قبيلته أو طائفته به ، وهو لا يدري عن سبب وقوع القتال شيئا . – ويمكن أن يكون في حالة وقوع القتل العشوائي العام ، كالقتل بأسلحة الدمار الشامل ، فيصاب بهذه الأسلحة كثير من الأبرياء ، – ومنه أيضا : ما يحصل من السفهاء من التحرش بالناس بالقتل لسفاهته وحمقه والتذاذه، فيقتل الآخرين ، ثم يقول صلى الله عليه وسلم : (حَتَّى يَكْثُرَ فِيكُمُ الْمَالُ فَيَفِيضُ ) والمعنى: يفيض المال حتى يكثر، فيفضل منه بأيدي مالكيه ما لا حاجة لهم به. وقيل: بل ينتشر في الناس ويعمهم وذلك لقلة الرجال، وقلة الرغبات، وقصر الآمال للعلم بقرب الساعة ، قال ابن بطال: (وجميع ما تضمنه هذا الحديث من الأشراط قد رأيناها عياناً, فقد نقص العلم, وظهر الجهل, وألقي الشح في القلوب, وعمت الفتن, وكثر القتل ) ،وعقب على ذلك الحافظ ابن حجر بقوله: (الذي يظهر أن الذي شاهده كان منه الكثير مع وجود مقابله، والمراد من الحديث استحكام ذلك حتى لا يبقى بما يقابله إلا النادر) . الدعاء