خطبة حول قوله تعالى (أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى)
يونيو 6, 2020خطبة عن (الإعجاز في خلق النحل) (وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا)
يونيو 6, 2020الخطبة الأولى ( مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
روى البخاري ومسلم في صحيحيهما (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَخْبَرَنِي حُمَيْدٌ قَالَ : سَمِعْتُ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِى سُفْيَانَ يَخْطُبُ قَالَ : سَمِعْتُ النَّبيَّ – صلى الله عليه وسلم – يَقُولُ : « مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ »
إخوة الإسلام
إن التفقه في الدين أمر من الأمور العظيمة ، والتي دعا إليها الإسلام، وذلك لارتباط الفقه بالخير العميم، فكلما تفقه المسلم في دين الله ،ارتقى درجات عند الله، وكلما ابتعد عن الفقه ، ابتعد عن الخير، لذلك كان هذا الحديث الذي بين أيدينا عبارة عن دعوة من رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم للتفقه في الدين لننال من هذا الخير العظيم. فمن أراد الله- تعالى – به خيرا فتح الله على قلبه ، وفقهه، وجعل في قلبه فهما للنصوص؛ بحيث يستطيع إن يستنبط من الآية الكثير من الأحكام ، وكذا يستنبط من الحديث الكثير مما يرشد إليه ، أو يحذر منه، فالفقه في الدين أمر مطلوب ، فكيف لك أن تعبد الله دون فهم لشريعته ،وأحكامه ،ولسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ، فلا تصح عبادة تجهل كيفية تأديتها ، وأجل عبادة عبادة التوحيد ، فكيف توحد ربك وأنت تجهل أسماءه الحسنى ،وصفاته العلا ،ف لابد من فقه التوحيد الذي هو أساس الدين ، ثم كذلك فقه العبادات الأخرى من صلاة وصيام وزكاة وحج ومعاملات ، فلابد من الفقه في حياتنا ولابد من وجود فقهاء يرجع إليهم في السراء والضراء ، فالفقه في الدين : يعني : معرفة أحكام الشريعة بأدلتها ، وفهم معاني الأمر والنهي ، والعمل بمقتضى ذلك ، فيرث به الفقيه الخشية من الله تعالى ،ومراقبته في السر والعلن ، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : ” الْفِقْهُ فِي الدِّينِ : فَهْمُ مَعَانِي الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ ، لِيَسْتَبْصِرَ الْإِنْسَانُ فِي دِينِهِ، أَلَا تَرَى قَوْله تَعَالَى : ( لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ ) التوبة: 122 ،فقَرَنَ الْإِنْذَارَ بِالْفِقْهِ ؛ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْفِقْهَ مَا وَزَعَ عَنْ مُحَرَّمٍ ، أَوْ دَعَا إلَى وَاجِبٍ ، وَخَوَّفَ النُّفُوسَ مَوَاقِعَهُ ، الْمَحْظُورَةَ ” . والفقه في الدين هو : فهم مراد الله من عباده ، سواء كان مراده تصديقا لخبر ، أو عملا بأمر ، أو انتهاء عن نهي ، وليس فهم العلم فحسب ؛ بل الفهم الحامل لصاحبه على الامتثال ، ثم الناس يتفاوتون في ذلك ، علما وعملا وحالا ؛ فمن مقل ومستكثر ، وقد جعل الله لكل شيء قدرا ، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :” كُلُّ مَنْ أَرَادَ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا لَا بُدَّ أَنْ يُفَقِّهَهُ فِي الدِّينِ ، فَمَنْ لَمْ يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ، لَمْ يُرِدْ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا ، وَالدِّينُ : مَا بَعَثَ اللَّهُ بِهِ رَسُولَهُ ؛ وَهُوَ مَا يَجِبُ عَلَى الْمَرْءِ التَّصْدِيقُ بِهِ وَالْعَمَلُ بِهِ ، وَعَلَى كُلِّ أَحَدٍ أَنْ يُصَدِّقَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا أَخْبَرَ بِهِ ، وَيُطِيعَهُ فِيمَا أَمَرَ ، تَصْدِيقًا عَامًّا ، وَطَاعَةً عَامَّةً “. والفقه في الدين : هو العلم الذي يؤثر في صاحبه خشية الله ، ويورثه تعظيم حرمات الله ومراقبته ، ويدفعه إلى أداء فرائض الله وإلى ترك محارم الله ، وإلى الدعوة إلى الله عز وجل ، وبيان شرعه لعباده .
والفقه في الدين هو: الفهم أي: يرزقه فهما ويرزقه ذكاء ومعرفة؛ بحيث إنه يستنبط الأحكام من الأدلة، وبحيث إنه يكون معه قوة إدراك وقوة فهم واستنباط من الأدلة، وهذا ما وهبه الله -تعالى- لكثير من الصحابة ومن بعدهم، فقد دعا النبي -صلى الله عليه وسلم- كما في البخاري لابن عباس بقوله صلى الله عليه وسلم : « اللَّهُمَّ فَقِّهْهُ فِي الدِّينِ »، وفي رواية احمد: « اللَّهُمَّ فَقِّهْهُ فِي الدِّينِ وَعَلِّمْهُ التَّأْوِيلَ » ،فكان كذلك، حتى ذكروا أنه فسر مرة سورة النور تفسيرا بليغا لو سمعه اليهود والنصارى والترك والروم لأسلموا، وهذا مما رزقه الله ومما فتح عليه. ومن رزق الفقه في الدين على هذا الوجه : فذلك هو الدليل والعلامة على أن الله أراد به خيرا ، ومن حرم ذلك ، وصار مع الجهلة والضالين عن السبيل ، المعرضين عن الفقه في الدين ، وعن تعلم ما أوجب الله عليه ، وعن البصيرة فيما حرم الله عليه : فذلك من الدلائل على أن الله لم يرد به خيرا . فمن شأن المؤمن طلب العلم والتفقه في الدين ، والتبصر ، والعناية بكتاب الله والإقبال عليه وتدبره ، والاستفادة منه والعناية بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والتفقه فيها ، والعمل بها ، وحفظ ما تيسر منها ، فمن أعرض عن هذين الأصلين ، وغفل عنهما : فذلك دليل وعلامة على أن الله سبحانه لم يرد به خيرا ، وذلك علامة الهلاك والدمار ، وعلامة فساد القلب وانحرافه عن الهدى ” .فليس المعنى في هذا الحديث: « مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ »، أن يفقهه في الدين، أي: أن يجعله عالماً بالحلال والحرام فقط، كلا! ،بل إن المعنى أشمل وأكبر من ذلك، فالمعنى أن من أراد الله به خيراً جعله عالماً في الدين، عالماً بالله تعالى، وعالماً بالعقيدة الصحيحة، وعالماً بالحلال والحرام أيضاً، ومتأثراً في قلبه بهذا العلم ومطبقاً في جوارحه، وإلا فإن من علم العلم الشرعي من الفقه وغيره، ثم لم يعمل به ولم يدع إليه، فهذا لا يقال إنه أراد الله به خيراً، لأن علمه أصبح حجة عليه لا حجة له. ولما سئل الرسول صلى الله عليه وسلم عن أكرم الناس كما في الصحيحين : (قَالَ : « فَعَنْ مَعَادِنِ الْعَرَبِ تَسْأَلُونِي » . قَالُوا نَعَمْ . قَالَ : « فَخِيَارُكُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ خِيَارُكُمْ فِي الإِسْلاَمِ إِذَا فَقِهُوا » ،أي إذا حصَّلوا الفقه، الذي هو العلم بالله وشرعه، علماً يورث تأثر القلب وانصياع الجوارح للعمل،
أيها المسلمون
ومن المعلوم أن في قوله صلى الله عليه وسلم : (مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا ) ، فإرادة الله تعالى عند أهل السنة نوعان دل عليهما كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم : إحداهما بمعنى المشيئة الكونية القدرية. والثانية الإرادة الدينية الشرعية، والفرق بينهما أن الكونية القدرية : شاملة لكل شيء لا فرق فيها بين ما يحبه الله وما يبغضه ولابد من وقوع ما تقتضيه ، وأما الدينية الشرعية : فهي خاصة فيما يحبه الله ويرضاه ولا يلزم وقوع ذلك، فالله تعالى أراد من الإنس والجن شرعا ودينا أن يعبدوه وحده وذلك محبوب إليه ولذلك أنزل الكتب وأرسل الرسل وأراد كونا وقدرا في بعض عباده الخير فاجتمع لهم الأمران الكوني والشرعي، وأراد في البعض الآخر غير ذلك فوقعت في حقه الكونية دون الدينية الشرعية فالذي أراده كونا وقدراً: أن يكون الناس فريقين فريقا في الجنة وفريقاً في السعير، ولابد من وقوع ذلك، ولو شاء غير ذلك لوقع، كما قال الله تعالى : {قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ} الانعام 149. وقال الله تعالى : {وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ} السجدة 13، أما بيان الحق والدعوة إليه فهو حاصل للكل، قال الله تعالى: { أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ (8) وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ (9) وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ} البلد (8) :(10) ، وقال تعالى: {وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} يونس25، وليس معنى المشيئة الشاملة ،والإرادة القدرية ،أن الإنسان مسلوب الإرادة ،مجبور على أفعاله ،لا مشيئة له ، ولا اختيار ،بل له مشيئة تابعة لمشيئة الله كما قال الله تعالى :{وَمَا تَشَاءُونَ إِلاّ أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} التكوير 29،، ولهذا ندرك الفرق بين الحركات الاضطرارية ،كحركة المرتعش ،والحركات الاختيارية من العقلاء : كالبيع ،والشراء ،وحصول الإحسان من البعض ، والإساءة من البعض الآخر، فالاضطرارية لا دخل للعبد فيها، والاختيارية تجرى بمشيئة العبد وإرادته التابعة لمشيئة الله وإرادته.
أيها المسلمون
وفي هذا الحديث الذي صدرت به هذه الخطبة ، أخبر النبي الكريم صلى الله عليه وسلم أمته : أن علامة إرادة الله تعالى الخير لعباده ، أن يتفقهوا في الدين، وأن الله سبحانه وتعالى هو الذي يهب عبده من الفطنة والذكاء ،ما يوصله إلى معرفة حقيقة هذا الدين وأحقيته، وإلى الاطلاع على ما فيه من الأسرار ،والحكم البالغة، ويرشده سبحانه إلى العلم ، وبأن هذا الدين هو الوسيلة العظمى إلى نيل السعادة الكاملة في الدارين ،فمن كان متفقهاً في الإسلام هذا التفقه، فهو ممن أراد الله به خيراً كثيراً، ومن لم يكن كذلك، فهو من الذين ذكروا بآيات ربهم فأعرضوا عنها مستكبرين ،وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً، وقد ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم مثلا لمن فقه الدين ومن لم يفقهه ، ففي صحيح مسلم : (عَنْ أَبِى مُوسَى عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « إِنَّ مَثَلَ مَا بَعَثَنِي اللَّهُ بِهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنَ الْهُدَى وَالْعِلْمِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَصَابَ أَرْضًا فَكَانَتْ مِنْهَا طَائِفَةٌ طَيِّبَةٌ قَبِلَتِ الْمَاءَ فَأَنْبَتَتِ الْكَلأَ وَالْعُشْبَ الْكَثِيرَ وَكَانَ مِنْهَا أَجَادِبُ أَمْسَكَتِ الْمَاءَ فَنَفَعَ اللَّهُ بِهَا النَّاسَ فَشَرِبُوا مِنْهَا وَسَقَوْا وَرَعَوْا وَأَصَابَ طَائِفَةً مِنْهَا أُخْرَى إِنَّمَا هِيَ قِيعَانٌ لاَ تُمْسِكُ مَاءً وَلاَ تُنْبِتُ كَلأً فَذَلِكَ مَثَلُ مَنْ فَقُهَ فِي دِينِ اللَّهِ وَنَفَعَهُ بِمَا بَعَثَنِي اللَّهُ بِهِ فَعَلِمَ وَعَلَّمَ وَمَثَلُ مَنْ لَمْ يَرْفَعْ بِذَلِكَ رَأْسًا وَلَمْ يَقْبَلْ هُدَى اللَّهِ الَّذِى أُرْسِلْتُ بِهِ ». فهذا الحديث يبين أن الناس ثلاثة أقسام: قسم رزقهم الله -تعالى- الحفظ والفقه، وقسم رزقهم الله الفقه والفهم، وقسم حرموا من ذلك كله، فمن أراد الله-تعالى – به خيرا فتح الله على قلبه وفقهه، وجعل في قلبه فهما للنصوص؛
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
وقال السيوطي عن فضل الفقه وتعلمه : علم الفقه بحوره زاخرة ، ورياضه ناضرة ، ونجومه زاهرة ، وأصوله ثابتة مقررة ، وفروعه ثابتة محررة . لا يفنى بكثرة الإنفاق كنزه ، ولا يبلى على طول الزمان عزه . أهله قوام الدين وقوامه ، وبهم ائتلافه وانتظامه ، هم ورثة الأنبياء ، وبهم يستضاء في الدهماء ، ويستغاث في الشدة والرخاء ، ويهتدى كنجوم السماء ، وإليهم المفزع في الآخرة والدنيا ، والمرجع في التدريس والفتيا ، ولهم المقام المرتفع على الزهرة العليا ، وهم الملوك ، لا بل الملوك تحت أقدامهم ، وفي تصاريف أقوالهم وأقلامهم ، وهم الذين إذا التحمت الحرب أرز الإيمان إلى أعلامهم ، وهم القوم كل القوم إذا افتخر كل قبيل بأقوامهم : بيض الوجوه ، كريمة أحسابهم شم الأنوف ، من الطراز الأول
ومن المعلوم أن التفقه في الدين يجلب الرحمة للخلق، ويحرّك الرأفة تجاه الآخرين، وكلما ازداد الشخص علماً وفقهاً ازداد رحمة وإعذاراً، والعكس صحيح. وإننا في زمن تموج فيه الفتن، وتتلاحق فيه النوازل والمحن، وعامة الفتن سببها أمران: قلة العلم، وضعف الصبر ، فإذا تفقه الشخص في دين الله، وتحلّى بالصبر وزكاة النفس؛ حصلت السلامة والنجاة من غوائل الفتن. – ومما تجدر مراعاته في التفقه بالدين: الفهم الصحيح لنصوص الشريعة وفق مراد الشارع، والعناية بتحرير الحدود والتعريفات ، قال ابن تيمية : في تحرير فهم نصوص الوحيين: «ومن أعظم أسباب الغلظ في فهم كلام الله ورسوله، أن ينشأ الرجل على اصطلاح حادث، فيريد أن يفسّر كلام الله بذلك الاصطلاح ويحمله على تلك اللغة التي اعتادها»
أيها المسلمون
ومن الفوائد المستنبطة والمستخلصة والتي يرشد إليها هذا الحديث : – بيان فضل الفقه في الدين إذ جعله النبي صلى الله عليه وسلم علامة على إرادة الله تعالى بعبده الخير حيث وفقه إلى طلبه وتحصيله.– وبيان فضل علماء الشريعة ،فإن التنبيه على فضل العلم الشرعي تنبيه على فضل أهله، وأهله هم الذين جمعوا بين العلم والعمل. – وأن الفقه في الدين ،يدخل فيه التفقه في العقيدة دخولاً أولياً ،ثم التفقه في العبادات، والمعاملات ،وغير ذلك من مسائل الدين، وأولاها بالعناية ما يتعلق بتوحيد الله عز وجل ، في ربوبيته ،وألوهيته ،وأسمائه ،وصفاته. – وبيان خطر الزهد في العلم الشرعي ،والإعراض عن التفقه فيه ،فمن لم يرد الله به خيراً ، لا يفقهه في الدين.– وبيان أن العلم هبة من الله ،فليسأل العبد ربه أن يزيده علماً، وعليه أن يسلك سبيل التعلم، وذلك بالأخذ عن العلماء الربانيين. -وإذا لم يتمكن المسلم من التوسع في طلب العلم ،فعليه أن يتعلم ما أوجب الله عليه ،من التوحيد ،ومن العبادات ،التي افترضها الله عليه في يومه وليلته، وإذا التبس عليه أمر سأل أهل العلم عنه ، فقد قال الله تعالى : (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) (43) النحل
الدعاء