خطبة (من صفات عِبَاد الرَّحْمَنِ (إِذَا ذُكِّرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمّاً وَعُمْيَاناً)
مارس 15, 2016خطبةعن (يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ) (وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا)
مارس 15, 2016الخطبة الأولى عن توحيد الله وحفظ النفس (لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ )
الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. نشهد أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
قال الله تعالى : ( وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا ) (68) الفرقان
إخوة الإسلام
فمن صفات عباد الرحمن ، الصفة السادسة وهي : “وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً” ،فقد روى البخاري في الجامع الصحيح عَنْ عَبْدِ اللَّهِ – رضى الله عنه – قَالَ سَأَلْتُ – أَوْ سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – – أَيُّ الذَّنْبِ عِنْدَ اللَّهِ أَكْبَرُ قَالَ « أَنْ تَجْعَلَ لِلَّهِ نِدًّا وَهْوَ خَلَقَكَ » . قُلْتُ ثُمَّ أَيٌّ قَالَ « ثُمَّ أَنْ تَقْتُلَ وَلَدَكَ خَشْيَةَ أَنْ يَطْعَمَ مَعَكَ . قُلْتُ ثُمَّ أَيٌّ قَالَ « أَنْ تُزَانِيَ بِحَلِيلَةِ جَارِكَ » . قَالَ وَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ تَصْدِيقًا لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – ( وَالَّذِينَ لاَ يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلاَ يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ )، فقد مدح الله عباد الرحمن بأنهم مع صلاحهم واستقامتهم وتحليهم بالأخلاق الفاضلة ، فقد ترفعوا عن كبائر الذنوب والموبقات، فهم (لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ) ، فقد طهروا قلوبهم من دنس الشرك ، وترفعوا عن العدوان على النفوس وعلى الأعراض وعلى الأنساب ،ثم بيَّن سبحانه عقوبة تلك الأخلاق الفاسدة والمفسدة فقال: (وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ) فأن من يزني ، أو يقتل نفسا بغير حق(يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً)
أيها المسلمون
ومن صفات عباد الرحمن ، الصفة السابعة وهي التوبة: “إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً” فالله جلَّ وعلا ، يبين أن التوبة تمحو آثار الذنوب إذا كانت توبةً صادقة وأقلع صاحبها عن الذنب، وندم عليه، وعزم أن لا يعود: (إِلاَّ مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً)، فبتوبتك إلى الله يمحو الله ما مضى من الذنوب ،ويبدلك بذنوبك أعمالا صالحه ، فسبحانه سبحانه ، فله الفضل والمنة في كل الأحوال، وفي سنن الترمذي ( أَبُو بَكْرٍ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ « مَا مِنْ رَجُلٍ يُذْنِبُ ذَنْبًا ثُمَّ يَقُومُ فَيَتَطَهَّرُ ثُمَّ يُصَلِّى ثُمَّ يَسْتَغْفِرُ اللَّهَ إِلاَّ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ ». ثُمَّ قَرَأَ هَذِهِ الآيَةَ (وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ ) (آل عمران: من الآية135 ، وفي الصحيحين أَنَّ حُمْرَانَ مَوْلَى عُثْمَانَ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ رَأَى عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ دَعَا بِإِنَاءٍ ، فَأَفْرَغَ عَلَى كَفَّيْهِ ثَلاَثَ مِرَارٍ فَغَسَلَهُمَا ، ثُمَّ أَدْخَلَ يَمِينَهُ فِي الإِنَاءِ فَمَضْمَضَ ، وَاسْتَنْشَقَ ، ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ ثَلاَثًا ، وَيَدَيْهِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ ثَلاَثَ مِرَارٍ ، ثُمَّ مَسَحَ بِرَأْسِهِ ، ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَيْهِ ثَلاَثَ مِرَارٍ إِلَى الْكَعْبَيْنِ ، ثُمَّ قَالَ ،قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – « مَنْ تَوَضَّأَ نَحْوَ وُضُوئِي هَذَا ، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ ، لاَ يُحَدِّثُ فِيهِمَا نَفْسَهُ ، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ »، وفي الصحيحين عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ – رضى الله عنه – قَالَ : كُنْتُ عِنْدَ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – فَجَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أَصَبْتُ حَدًّا فَأَقِمْهُ عَلَىَّ . قَالَ وَلَمْ يَسْأَلْهُ عَنْهُ . قَالَ وَحَضَرَتِ الصَّلاَةُ فَصَلَّى مَعَ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – فَلَمَّا قَضَى النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – الصَّلاَةَ قَامَ إِلَيْهِ الرَّجُلُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أَصَبْتُ حَدًّا ، فَأَقِمْ فِيَّ كِتَابَ اللَّهِ . قَالَ « أَلَيْسَ قَدْ صَلَّيْتَ مَعَنَا » . قَالَ نَعَمْ . قَالَ « فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ غَفَرَ لَكَ ذَنْبَكَ » . أَوْ قَالَ « حَدَّكَ »
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( من صفات عِبَاد الرَّحْمَنِ (لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَاماً )
الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. نشهد أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
ومن صفات عباد الرحمن ، الصفة الثامنة وهي : “وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَاماً”، فهم لا يشهدون الزور، ولا يشاهدون الزور ، والزور هو: الكذب ،والفسق ، والكفر ، واللغو ، والباطل، كما في الصحيحين عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى بَكْرَةَ عَنْ أَبِيهِ – رضى الله عنه – قَالَ ،قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – « أَلاَ أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ » . قُلْنَا بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ . قَالَ « الإِشْرَاكُ بِاللَّهِ ، وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ » . وَكَانَ مُتَّكِئًا فَجَلَسَ فَقَالَ « أَلاَ وَقَوْلُ الزُّورِ وَشَهَادَةُ الزُّورِ ، أَلاَ وَقَوْلُ الزُّورِ وَشَهَادَةُ الزُّورِ » . فَمَا زَالَ يَقُولُهَا حَتَّى قُلْتُ لاَ يَسْكُتُ ) ، نعم ، (وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَاماً)، يقول ابن كثير رحمه الله ( والأظهر من السياق أن المراد لا يشهدون الزور أي: لا يحضرونه، ولهذا قال تعالى: “وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَاماً” أي: لا يحضرون الزور وإذا اتفق مرورهم به مروا به ولم يندسوا منه شيء، ولذلك قال: “مَرُّوا كِرَاماً”.فهم لا يشهدون الزور من الكفر والكذب ومجالس السوء وأماكن الرذيلة ولا يشهدونها ولا يحضرون مجالسها، ولا يتمايلون مع أهلها، ولا يصرون على باطلهم؛ بل هم يهجرون السوء وأهله ويحذرون المسلم من كل سوء فهم لا يقولون إلا حقا، ولا يشهدون شهادةً باطلة، وإذا شهدوا فبحق وعدل، ولا يفترون قولا ولا زورا، فالزور بعيداً عنهم في أقوالهم ، وبعيدا في أفعالهم وفي تصرفاتهم وفي كل أحوالهم، فهم أهل صدق وأمانة وطاعة ووفاء لله ، وإذا مروا باللغو مروا به بغير قصد قالوا: سلاما، فأعرضوا عنه كما قال تعالى : (وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ لا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ) القصص 55، ونستكمل الموضوع في لقاء قادم إن شاء الله
الدعاء