خطبة عن (شَبَابُنَا بَيْنَ التَّحَدِّيَاتِ وَالْآمَالِ)
نوفمبر 20, 2025الخطبة الأولى ( قُلْ لَوْ كَانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَمَا يَقُولُونَ إِذًا لَابْتَغَوْا إِلَى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلًا )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته :
(قُلْ لَوْ كَانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَمَا يَقُولُونَ إِذًا لَابْتَغَوْا إِلَى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلًا (42) سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا (43) تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا) (42) :(44) الاسراء
إخوة الإسلام
لقد دعا الله عز وجل عباده إلى تدبر القرآن ، فقال الله تعالى :
{كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آَيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ} [ص: 29]،
وفي نفس الوقت ،فقد أنكر الله على من أعرض عن تدبر القرآن ، فقال الله تعالى :
{أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ أَمْ جَاءَهُمْ مَا لَمْ يَأْتِ آَبَاءَهُمُ الْأَوَّلِينَ} [المؤمنون: 68]،
واليوم إن شاء الله موعدنا مع آيات من كتاب الله ، نتدبرها ، ونسبح في بحار معانيها ، ونرتشف من رحيقها المختوم ، مع قوله تعالى :
(قُلْ لَوْ كَانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَمَا يَقُولُونَ إِذًا لَابْتَغَوْا إِلَى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلًا
(42) سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا) الاسراء (42) ،(43)
فقد جاء في تفسير (الوسيط لطنطاوي) ،قوله : وللمفسرين في تفسير هذه الآية اتجاهان ، أما الاتجاه الأول : فيرى أن المعنى : قل – أيها الرسول الكريم – لهؤلاء المشركين ، لو كان مع الله – تعالى – آلهة أخرى – كما يزعمون – إذا لطلبوا إلى ذي العرش – وهو الله عز وجل – طريقا وسبيلا لتوصلهم إليه ، لكى ينازعوه في ملكه ، ويقاسموه إياه ، كما هي عادة الشركاء ، وكما هو ديدن الرؤساء والملوك فيما بينهم .
وكما قال الله تعالى : ( مَا اتخذ الله مِن وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذاً لَّذَهَبَ كُلُّ إله بِمَا خَلَقَ وَلَعَلاَ بَعْضُهُمْ على بَعْضٍ سُبْحَانَ الله عَمَّا يَصِفُونَ ) المؤمنون 91،
وأما الاتجاه الثاني : فيرى أن المعنى : قل أيها الرسول لهؤلاء المشركين ،
لو كان مع الله – تعالى – آلهة أخرى – كما يزعمون – ، إذا لابتغوا – أي الآلهة المزعومة – إلى ذي العرش سبيلا وطريقا ليقتربوا إليه ، ويعترفوا بفضله ، ويخلصوا له العبادة ، كما قال الله تعالى :
( أولئك الذين يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إلى رَبِّهِمُ الوسيلة أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُوراً ) الاسراء 57،
وجاء في تفسير (القرطبي) : قال ابن العباس – رضي الله تعالى عنهما :
لطلبوا مع الله منازعة وقتالا كما تفعل ملوك الدنيا بعضهم ببعض .
وقال سعيد بن جبير – رضي الله تعالى عنه – :
المعنى إذا لطلبوا طريقا إلى الوصول إليه ليزيلوا ملكه ، لأنهم شركاؤه .
وقال قتادة : المعنى إذا لابتغت الآلهة القربة إلى ذي العرش سبيلا ، والتمست الزلفة عنده لأنهم دونه ،
أيها المسلمون
توحيد الله تعالى يُعدّ الأمر الأهم من بين مختلف أمور العقيدة الإسلاميّة، وقد شدد القرآن الكريم في عدد كبير من المواضع على ضرورة التوحيد، وبيّن أهميّته الكبيرة بالنسبة للإنسان، فتوحيد الله تعالى يريح النفس الإنسانيّة من الهموم، ويرفع من سويّتها وقيمتها، ويعلي من كرامتها؛ فلا يعود الإنسان خاضعاً إلا لله تعالى وحده، والخضوع لله وحده هو منتهى الحريّة،
وقد أورد القرآن العديد من المعتقدات، وأبعدها من خلال الحجج المنطقية والعقلية عن عقل الإنسان المسلم ، الذي سلَّم أمره لله وحده لا شريك له.
قال الله تعالى : (مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ) (91) المؤمنون
هكذا قال الله تعالى بكل بساطة مؤكدا أن الإيمان بالله وحده لا شريك له هو إيمان فطري لا يحتاج التسليم به إلى تكلف أو جدال
ولما كان الله جل جلاله يخاطب الناس جميعا ،والقرآن كلامه ووحيه هو موعظة وشفاء لما في الصدور ، وهو للناس جميعا ،كيفما كانت أحوالهم وتصوراتهم ، وشبههم ،فهو خطاب لكل الناس ، قال الله تعالى : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ) يونس 57،
ولأن الله تبارك وتعالى لا يستحيي من الحق ، فقد فصل كل شيء تفصيلا ، ولأن الفضول العقلي للإنسان وأسئلته لا تنتهي ، فقد تطرق الله سبحانه لفرضية تعدد الآلهة ودحضها بكلام حكيم وموزون ، وأثبت سبحانه وتعالى أن الله هو الحق ،وأن ما يدعون من دونه هو الباطل ،وأنه لا إله إلا هو ،وحده لا شريك له ،العزيز الحميد ، فقال الله تعالى :
(لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ) (22) الأنبياء
وتم التأكيد على هذا المعنى في الآية التي نحن بصددها حيث يقول سبحانه وتعالى :
(قُلْ لَوْ كَانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَمَا يَقُولُونَ إِذًا لَابْتَغَوْا إِلَى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلًا) (42) الاسراء
فالجواب الفطري يقول :هل سيكون لإله علم بوجود غيره من الآلهة ،فإن قلنا نعم ،فلا شك أنه التدافع ،والمنازعة ،والإله الغالب هو الحق ،وإن قلنا لا يعلم ،أو لا يمكنه أن يعلم ،فإن هذا ولا شك قدح في ألوهيته ،ومطلق علمه وإحاطته ،ومطلق جبروته ولانهائية هيمنته تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا
أيها المسلمون
فالمتأمل في الآفاق والأنفس يرى سُنناً، شاملة وثابتة ومطردة، و”وحدة بناء” تدل دلالات قاطعة على أن وراء ـ ذلك الكون، وخلف هذه السنن، وتلك الوحدة خالقا واحداً أحداً.. عليماً خبيراً، مريداً قديراً، سميعاً بصيراً .. سبحانه وتعالى.
ومن المعلوم أن التعدد “مدعاة للفساد والخلاف والاضطراب والتناقض والعلو، ولا سيما أن شأن الألوهية الكبرياء والجلال، والعظمة والتفرد”.
فلله- سبحانه وتعالى – الحجةُ البالغةُ على خلقه قال الله تعالى :
( قُلْ فَلِلّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاء لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ) الأنعام 149،
فله سبحانه على عباده الحجةُ البالغة القويةُ الدامغة، التامةُ الكاملة، ليس فيها نقصٌ، وهي واضحةٌ ليس بها غموض، تدمغ المجادل،
ولذلك كانت هذه الحجج تأتي على نفوس المشركين فتحدث فيها ما تحدث، فقد روى الإمام البخاري : (عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ عَنْ أَبِيهِ – رضى الله عنه – قَالَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ – صلى الله عليه وسلم – يَقْرَأُ فِي الْمَغْرِبِ بِالطُّورِ فَلَمَّا بَلَغَ هَذِهِ الآيَةَ :
(أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ (35) أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بَلْ لَا يُوقِنُونَ (36) أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ الْمُصَيْطِرُونَ) (35) :(37) الطور،( قال) كَادَ قَلْبِي أَنْ يَطِيرَ)
فقد انزعج انزعاجاً عظيماً، لما سمعَ هذه الآيات؛ لأن فيها دمغاً لقلوب المشركين،
فإنه يقولُ لهم: أنتم الآن موجودون فمن الذي أوجدكم ؟! هل أوجدتم أنفسكم بأنفسِكم ؟!
هل أنتم الخالقون لأنفسكم؟! أم أنكم خلقتم من العدم، ووجدتم هكذا؟!
أم أنه لابد لكم من موجد؟! فقال: (أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ) الطور35،
فهل من العدم جاءوا هكذا ؟! أم هم الخالقونَ لأنفسهم ؟!
وإذا كانوا هم الخالقون لأنفسهم فهل خلقوا السماوات والأرضِ أيضاً، ولذلكَ قال الله تعالى: (أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ * أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بَل لَّا يُوقِنُونَ) الطور35-36،
فإذا كان مستحيلاً أن يوجدوا من العدم، ولا يقولُ بهذا عاقل، وأنهم لم يخلقوا أنفسهم، فضلاً عن يخلقوا السماوات والأرض، فإذاً لابد لهم من خالقٍ أوجدهم، فهذا الخالقُ هو المستحِقُ بالعبادة، وهو الله حده لا شريك له، ولذلك كانت الآيات تترا على المشركين :
(قُل لِّمَنِ الْأَرْضُ وَمَن فِيهَا إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ * سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ * قُلْ مَن رَّبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ * سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ * قُلْ مَن بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ * سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ) المؤمنون84-89،
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( قُلْ لَوْ كَانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَمَا يَقُولُونَ إِذًا لَابْتَغَوْا إِلَى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلًا )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
فمن هذه الحجج التي ساقها القرآن الكريم ، هذه الآيات التي نحن بصددها اليوم ، قوله تعالى :
(قُلْ لَوْ كَانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَمَا يَقُولُونَ إِذًا لَابْتَغَوْا إِلَى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلًا) (42) الاسراء
فهي تنفي بالدليل العقلي نفيا قاطعا أن يكون مع الله آلهة أخرى ، وتدلل بما لا يدع مجالا للشك ،أن الشرك بكل صوره ومظاهره ، ليس إلا امتهانًا للإنسان، وإذلالاً له؛ حيث يلزمه الخضوع لمخلوقات ،والعبودية لأشياء أو أناس لا يخلقون شيئا وهم يُخلَقون، ولا يملكون لأنفسهم ضرًّا ولا نفعًا، ولا يملكون موتًا ولا حياةً ولا نشورًا.
أما التوحيد فهو في الواقع تحرير للإنسان من كل عبودية إلا لربه الذي خلقه فسواه، وتحرير لعقله من الخرافات والأوهام، وتحرير لضميره من الخضوع والذل والاستسلام، وتحرير لحياته من تسلط الفراعنة والأرباب والمتألهين على عباد الله.
ولهذا قاوم زعماء الشرك وطغاة الجاهلية دعوات الأنبياء عامة، ودعوة الرسول خاصة؛ لأنهم كانوا يعلمون أن معنى “لا إله إلا الله”: إعلان عام لتحرير البشر، وإسقاط لكل الجبابرة من عروش تألههم الكاذب، وإعلاء لجباه المؤمنين؛ فلا تطأطئ إلا ساجدة لله رب العالمين.
والتوحيد يعين على تكوين الشخصية المتزنة التي تميزت في الحياة وجهتها، وتوحدت غايتها، وتحدد طريقها، فليس لها إلا إله واحد تتجه إليه في الخلوة والجلوة، وتدعوه في السراء والضراء، وتعمل على ما يرضيه في الصغيرة والكبيرة.
بخلاف المشرك الذي تقسمت قِبَله الآلهة، وتوزعت حياته المعبودات، فحينا يتجه إلى الله، وأحيانا إلى الأصنام، وحينا إلى هذا الصنم، وحينا إلى ذاك.
والتوحيد يملأ نفس صاحبه أمنا وطمأنينة، فلا تستبد به المخاوف التي تتسلط على أهل الشرك، فقد سد منافذ الخوف التي يفتحها الناس على أنفسهم؛ الخوف على الرزق، والخوف على الأجل، والخوف على النفس، والخوف على الأهل والأولاد، والخوف من الإنس، والخوف من الجن، والخوف من الموت، والخوف مما بعد الموت.
أما المؤمن الموحد فلا يخاف شيئا ولا أحدا إلا الله، ولهذا تراه آمنا إذا خاف الناس، مطمئنا إذا قلق الناس، هادئا إذا اضطرب الناس
والتوحيد يمنح صاحبه قوة نفسية هائلة؛ لما تمتلئ به نفسه من الرجاء في الله، والثقة به، والتوكل عليه، والرضا بقضائه، والصبر على بلائه، والاستغناء عن خلقه، فهو راسخ كالجبل، لا تزحزحه الحوادث، ولا تزعزعه الكوارث.
كلما ألمت به نازلة، أو حلت بساحته شدة، رفض اللجوء إلى الخلق، واتجه بقلبه إلى الخالق، إياه يسأل، ومنه يستمد، وعليه يعتمد، لا يرجو غيره في كشف الضر وجلب الخير، ولا يمد يده إلى أحد إلا الله ضارعا داعيا منيبا إليه ، شعاره قول النبي صلى الله عليه وسلم لابن عباس:
” إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللَّهَ وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ ” رواه الترمذي،
وقوله تعالى: {وَإِن يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلاَ رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصَيبُ بِهِ مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [يونس:107].
وإذا كان التوحيد يعد أساسا لحرية الإنسان وإشعاره بعزته وكرامته، فهو أساس
أيضا لإثبات الأخوة الإنسانية والمساواة البشرية؛ لأن الأخوة والمساواة لا تتحققان في حياة الناس إذا كان بعضهم أربابا لبعض، فأما إذا كانوا كلهم عباد الله، فهذا هو أصل المساواة والإخاء بين الناس، ولهذا كانت دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ملوك الأرض ورؤساء الدول تختتم بهذه الآية الكريمة:
{تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللَّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّهِ} [آل عمران: 64].
الدعاء
