خطبة عن الوضوء وحديث (إِذَا تَوَضَّأَ الْعَبْدُ الْمُسْلِمُ خَرَجَت منه كُلُّ خَطِيئَةٍ)
سبتمبر 28, 2019خطية عن (مرض العجب)
أكتوبر 2, 2019الخطبة الأولى ( لَوْلاَ أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِى ،لأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ مَعَ كُلِّ صَلاَةٍ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
روى البخاري في صحيحه : (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ – رضى الله عنه – أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ :« لَوْلاَ أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِى – أَوْ عَلَى النَّاسِ – لأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ مَعَ كُلِّ صَلاَةٍ » ،وفي رواية مسلم : « لَوْلاَ أَنْ أَشُقَّ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ – وَفِى حَدِيثِ زُهَيْرٍ عَلَى أُمَّتِى – لأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ صَلاَةٍ ».
إخوة الإسلام
الإسلام دين النظافة، ودين المحافظة على الصحة، وفي هذا الحديث النبوي الشريف ، يحثنا فيه صلى الله عليه وسلم على المحافظة على السواك ، لما فيه من نظافة وطهارة للفم ، ومرضاة للرب تبارك وتعالى في استجابتنا لهديه ،واتباع رسوله صلى الله عليه وسلم ، فالسواك من سنن الفطرة التي ذكرها النبي ﷺ وقال: « عَشْرٌ مِنَ الْفِطْرَةِ قَصُّ الشَّارِبِ وَإِعْفَاءُ اللِّحْيَةِ وَالسِّوَاكُ وَاسْتِنْشَاقُ الْمَاءِ وَقَصُّ الأَظْفَارِ وَغَسْلُ الْبَرَاجِمِ وَنَتْفُ الإِبْطِ وَحَلْقُ الْعَانَةِ وَانْتِقَاصُ الْمَاءِ » رواه مسلم ، وقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم المثل الأعلى، والقدوة الكاملة، محافظا عليه أمام أصحابه في وضح النهار، وبين أهله في جوف الليل، فكان السواك شريعته كلما قام من النوم ،وكلما أقبل على الوضوء، والصلاة . وقد ذكر ابن القيم فوائد السِّواك فقال : وفي السواك عِدّة منافع : يطيب الفم ، ويشد اللثة ، ويقطع البلغم ، ويجلو البصر ، ويذهب بالحفر ، ويصح المعدة ، ويُصفّي الصوت ، ويعين على هضم الطعام ، ويسهل مجاري الكلام ، وينشط للقراءة والذكر والصلاة ، ويطرد النوم ، ويرضي الرب ، ويعجب الملائكة ، ويكثر الحسنات . ومن أجْـلِ هذه الفوائد ،الموجودة في السِّواك خاصة إذا كان من عود الأراك ،عمِدت بعض الشركات إلى إنتاج معجون أسنان بمواد مستخلصة من السِّواك ، وقد ذكر العلماء أن من بين المواضع التي يتأكّـد فيها السِّواك :أولا : عند قراءة القرآن ، (فعَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ُأَنَّهُ أَمَرَ بِالسِّوَاكِ ، وَقَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا تَسَوَّكَ ، ثُمَّ قَامَ يُصَلِّي قَامَ الْمَلَكُ خَلْفَهُ ، فَتَسَمَّعَ لِقِرَاءَتِهِ فَيَدْنُو مِنْهُ أَوْ كَلِمَةً نَحْوَهَا حَتَّى يَضَعَ فَاهُ عَلَى فِيهِ فَمَا يَخْرُجُ مِنْ فِيهِ شَيْءٌ مِنَ الْقُرْآنِ ، إِلاَّ صَارَ فِي جَوْفِ الْمَلَكِ ، فَطَهِّرُوا أَفْوَاهَكُمْ لِلْقُرْآنِ).رواه البزار ، الألباني في الصحيحة ، ثانيا : ومن المواضع التي يتأكّـد فيها السِّواك : عند اصفرار الأسنان . ثالثا : ومن المواضع التي يتأكّـد فيها السِّواك : عند دخول الإنسان منزله ، ففي صحيح مسلم : ( عَنِ الْمِقْدَامِ بْنِ شُرَيْحٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ سَأَلْتُ عَائِشَةَ قُلْتُ بِأَيِّ شَيْءٍ كَانَ يَبْدَأُ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- إِذَا دَخَلَ بَيْتَهُ قَالَتْ بِالسِّوَاكِ ) وهذا فيه أدب نبوي يتمثّل فيه حسن معاشرة الأهل ، فيبدأ بالسِّواك أول ما يدخل بيته . رابعا : ومن المواضع التي يتأكّـد فيها السِّواك : عند النوم . لأن الإنسان إذا نام وفي أسنانه شيء من بقايا الطعام أو الشراب أثّر ذلك عليه ، وربما أضرّه .
خامسا : ومن المواضع التي يتأكّـد فيها السِّواك : عند الاستيقاظ من النّوم ، ففي صحيح مسلم أن عائشة رضي الله عنها (قَالَتْ كُنَّا نُعِدُّ لَهُ سِوَاكَهُ وَطَهُورَهُ فَيَبْعَثُهُ اللَّهُ مَا شَاءَ أَنْ يَبْعَثَهُ مِنَ اللَّيْلِ فَيَتَسَوَّكُ وَيَتَوَضَّأُ وَيُصَلِّى ..) قال الإمام النووي – رحمه الله – : قولها : ” كنا نعدّ له سواكه وطهوره :” فيه استحباب ذلك والتأهب بأسباب العبادة قبل وقتها ، والاعتناء بها . قولها : ” فيتسوّك ويتوضأ ” فيه استحباب السواك عند القيام من النوم . سادسا : ومن المواضع التي يتأكّـد فيها السِّواك : بعد الأكل وذلك لعدم بقاء شيء من بقيا الطعام على الأسنان ، فيُسبب الروائح الكريهة . سابعا : ومن المواضع التي يتأكّـد فيها السِّواك : بعد الوتر من الليل ، وقد أشار ابن حجر إلى أنه صلى الله عليه وسلم كان يستاك بين كل ركعتين من صلاة الليل ، ثامنا : ومن المواضع التي يتأكّـد فيها السِّواك : عند تغيّر رائحة الفم ، لئلا يتقذّر الناس من الإنسان ، ثم ينفروا منه ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يكره أن توجد منه الرائحة الكريهة من بدنه أو من فمه أو من ثوبه . تاسعا : ومن المواضع التي يتأكّـد فيها السِّواك : عند الوضوء وعند الصلاة ، والحكمة في استحباب السواك عند القيام إلى الصلاة: كون الصلاة مناجاة للرب عز وجل، فاقتضى أن تكون على حال كمال ونظافة، إظهاراً لشرف العبادة، وهي الصلاة. قال ابن القيم – رحمه الله – : وكان صلى الله عليه وسلم يُحب السواك ، وكان يستاك مفطرا وصائما ، ويستاك عند الانتباه من النوم ، وعند الوضوء ، وعند الصلاة ، وعند دخول المنزل ، وكان يستاك بعود الأراك ، ومن أجْـلِ ذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يوكل ابن مسعود رضي الله عنه بالسِّواك ، حتى عُرِف رضي الله عنه بصاحب السِّواك ، كما في صحيح البخاري .
أيها المسلمون
ومن الفوائد المستنبطة من هذا الحديث : الفائدة الأولى : أن السواك سنة مؤكدة، وقد حث عليه النبي صلى الله عليه وسلم في مواضع كثيرة، حتى إنه قال يومًا لأصحابه رضي الله عنهم: ((أكثرتُ عليكم في السواك))؛ رواه البخاري ؛ وذلك لشدة اهتمامه به صلى الله عليه وسلم، فالسواك سنة مؤكدة في كل وقت، ويزداد تأكده في مواضع التي ذكرتها آنفا ،الفائدة الثانية: أن من المواضع التي يزداد فيها تأكُّدُ مشروعية السواك: عند كل وضوء؛ لحديث أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: « لَوْلاَ أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِى لأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ وُضُوءٍ » رواه البخاري ،الفائدة الثالثة : أن الصلاة بسواك أفضلُ من الصلاة بغير سواك؛ وذلك لأمر النبي صلى الله عليه وسلم به عند كل صلاة، الفائدة الرابعة : في الحديث بيان لما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم من الرفق بأمته والشفقة عليها، لأنه لم يأمر بالسواك على سبيل الوجوب مخافة المشقة عليهم.
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( لَوْلاَ أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِى ،لأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ مَعَ كُلِّ صَلاَةٍ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
وفي هذه الأحاديث النبوية الشريفة التي وردت في استحباب السواك مما يدل على الاعجاز العلمي في السنة المطهرة : يقول الدكتور/ زغلول النجار : قد جاءت وصية المصطفى ـ صلى الله عليه وسلم ـ بالمواظبة على استخدام السواك في عدد من أحاديثه الشريفة، ومنها :ما رواه النسائي في سننه، عن عَائِشَةَ عَنِ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ قَالَ: ” السِّوَاكُ مَطْهَرَةٌ لِلْفَمِ مَرْضَاةٌ لِلرَّبِّ ” وقد أثبتت الدراسات المختبرية على عود الأراك ـ السواك ـ أنه يحتوي على العديد من المركبات الكيميائية التي تحفظ الأسنان من التسوس والتلوث, وتحفظ اللثة من الالتهابات من مثل حمض التانيك ـ العَفْص ـ ومركبات كيميائية أخرى من زيت الخردل وسكر العنب لها رائحة حادة, وطعم لاذع، ولها قدرة فائقة في القضاء على جراثيم الفم, بالإضافة إلى العديد من المواد العطرية, والسكرية، والصمغية, والمعدنية, والشعيرات الطبيعية من الألياف النباتية الحاوية على كربونات الصوديوم, وهي مادة تستخدم في تحضير معاجين الأسنان. وهذه معلومات لم تكن متوفرة في زمن الوحي ،ولا لقرون من بعده ،والتوجيه من رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ باستخدام السواك عند كل صلاة ،هو سبق علمي وسلوكي بكل أبعاده, وحرص على طهارة الفم والأسنان ونظافتهما؛ لأن الفم هو مدخل الطعام إلى الجهاز الهضمي في جسم الإنسان, وحينما يمضغ الطعام فيه ،تبقى منه بقايا عالقة بين الأسنان وباللثة, وهذه إذا لم تنظف تتعفن, وتملأ الفم بالفطريات ،والجراثيم التي قد تكون سبباً في كثير من الأمراض, بالإضافة إلى ما تنتجه من روائح كريهة ومنفرة من صاحبها. ومن هنا كانت وصية المصطفى ـ صلى الله عليه وسلم ـ باستخدام السواك عند كل صلاة لتطهير الفم والأسنان من فضلات الطعام, وتزكية رائحتهما, وحمايتهما, وحماية بقية الجسد الذي يحملهما من الإصابة بالعديد من الأمراض.
وهنا يبرز التساؤل المنطقي: من الذي علَّم هذا النبي الخاتم بفائدة السواك، فيوصي باستخدامه عند كل صلاة, وذلك من قبل ألف وأربعمائة سنة, أي في زمن لم يكن فيه إدراك لمخاطر تلوث الفم والأسنان ببقايا الطعام ؟، ولماذا التوصية بـ(الأراك) على وجه التخصيص، ولم يكن أحد يعلم شيئاً عن تركيبه الكيميائي حتى عشرات قليلة من السنين التي مضت في ختام القرن العشرين. وللإجابة على هذه التساؤلات أقول: إن سبق أحاديث رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ لكل المعارف المُكتسَبة بألف وأربعمائة سنة على الأقل بالإشارة إلى فوائد السواك في تطهير الفم والأسنان لا يمكن لعاقل أن يتصور مصدرًا له غير الله الخالق, وأن التوصية باختيار (الأراك) على وجه الخصوص لا يمكن أن يكون لها مصدر غير الخالق ـ سبحانه وتعالى ـ وورود هذه الحقيقة العلمية على لسان نبي أمي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في أمة كانت غالبيتها الساحقة من الأميين مما يشهد له بالنبوة والرسالة، وإبراز هذه الجوانب العلمية في أحاديث المصطفى ـ صلى الله عليه وسلم ـ في أحاديثه وفي الوحي الذي أُنزل إليه ـ القرآن الكريم ـ هو من أنجح أساليب الدعوة إلى الله في زمن العلم والتقنية الذي نعيشه، وهو زمن فُتن الناس فيه بالعلوم ومعطياتها فتنة كبيرة, ولم تعد قضايا الدين تحرك في قلوبهم أو عقولهم ساكناً, وأصبحوا في أمسِّ الحاجة إلى أدلة مادية ملموسة تدعوهم إلى الإيمان ببعثة هذا النبي الخاتم والرسول الخاتم ـ صلى الله عليه وسلم ـ الذي ختمت ببعثته النبوات, وتكاملت في رسالته كل الرسالات, ووصفه ربه ـ تبارك وتعالى ـ بأنه : ” وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى . إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى ” (النجم:4،3).
الدعاء