خطبة من صفات المؤمنين ( كظم الغيظ والعفو عن الناس)
مارس 20, 2016خطبة عن ( الإيمان بالجنة من أهم أركان الإيمان باليوم الآخر)
مارس 20, 2016الخطبة الأولى (الإيمان بالجنة ونعيمها يدفع للعمل)
الحمد لله رب العالمين ..اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك .. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله .. اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
قال الله تعالى : (وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ (22) جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ (23) سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ) (22): (24) الرعد
إخوة الإسلام
لما انهزم المسلمون في أحد ووجد أنس بن النضر تخاذل بعض الناس أسرع ليقاتل المشركين فاستقبله سعد بن معاذ فقال له: إلى أين؟، فقال أنس: واها لريح الجنة، أجده دون أحد. فقاتلهم حتى قتل قال: فوجد في جسده بضع وثمانون ما بين رمية وطعنة ورمية. فالإيمان بالجنة ومعرفة نعيمها وأوصافها على غاية كبيرة من الأهمية في حياة المسلم ،وأن معرفتك بالجنة تجعلك لا تنخدع بزخارف الحياة الدنيا الفانية. قال عبد الله بن رواحة رضي الله عنه لرسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة العقبة: اشترط لربك ولنفسك ما شئت فقال عليه الصلاة والسلام: ((اشترط لربي أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا واشترط لنفسي أن تمنعوني مما تمنعون منه أنفسكم وأموالكم)) قالوا: فما لنا إذا نحن فعلنا ذلك؟ قال: ((الجنة)). قالوا: ربح البيع ولا نقيل ولا نستقيل، أي لا نتراجع عن هذه الصفقة، وقاموا يبايعون الرسول صلى الله عليه وسلم على ذلك مع أنهم يعلمون أنهم لا يبايعون على أمر هين، بل كانوا مستيقنين أن قريشا وراءهم، وأن العرب كلها ستحاربهم وأنهم لن يهنئوا بعيش آمن خلال المعركة مع الجاهلية، ولكنهم قارنوا بين نعيم الدنيا الزائل وبين ذلك النعيم المقيم، فاختاروا الجنة وقالوا: ربح البيع لا نقيل ولا نستقيل. ودخل رجل على أبي الدرداء رضي الله تعالى عنه فما وجد في بيته شيئا مما يجمعه الناس من متاع الدنيا فقال الرجل لأبي الدرداء: أين متاعكم؟ فقال أبو الدرداء: لنا دار هناك – يقصد الآخرة – نرسل إليها تباعا كل ما نحصل عليه من متاع، ولو كان استبقينا في هذه الدار شيئا لبعثنا به إليكم ، ثم في طريقنا إلى تلك الدار – يعني الآخرة – عقبة كؤود – يقصد الحساب يوم القيامة – المخف فيها خير من المثقل، فأردنا أن نتخفف من أثقالنا علنا نجتاز … ثم قال للرجل: هل فهمت؟ قال نعم وجزاكم الله خيرا.
أيها الموحدون
وقد أعد الله جنته ودار نعيمه وكرامته للمتقين، فهم أهلها ،ثم بين سبحانه أعمال التقوى الموصلة إليها، وصفات المتقين الذين يصلحون في الأرض ولا يفسدون ، وبين أعمالهم، فقال وقوله الحق : ( الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ ) أي: من صفاتهم وأخلاقهم أنهم ينفقون في حال عسرهم ويسرهم، فإن أيسروا أكثروا من النفقة، وإن أعسروا لم يحتقروا من المعروف شيئا ولو قل. فعلموا أن من صفات الله تعالى الكرم والجود ، وهو سبحانه يحب الجواد الكريم من عباده ، والسعيد منهم من يحاول التحلي ببعض هذه الصفات التي يحبها المولى سبحانه . فمن كان جواداً كريماً كان هماماً واضح الإحساس زكي النفس ذكي الفؤاد ، يحب الخير للعباد ، ويساعد ذا الحاجة الملهوف ، يقصده الناس لقضاء حوائجهم وتفريج كروبهم . كما في المعجم الكبير للطبراني ” عن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : (الخلق كلهم عيال الله فأحب الخلق إلى الله انفعهم لعياله ” وفي صحيح مسلم (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا نَفَّسَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ يَسَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَاللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ ) ”
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية (الإيمان بالجنة ونعيمها يدفع للعمل)
الحمد لله رب العالمين ..اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك .. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله .. اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
والكرم والجود من أخلاق أهل التقوى في حالاتهم كلها .قال المفسرون : في حالة السراء والضراء ، والعسر واليسر ،والرخاء والشدة ، والرضا والغضب ، وفي حال الصحة والمرض . فالإنفاق خلق متأصل في نفوسهم ، وسجية في طبائعهم .فالمتقون لا يصرفهم صارف عن إنفاق أموالهم في وجوه الخير ما داموا قادرين على ذلك .وقد قدم الله الإنفاق على غيره من صفاتهم لأنه وصف إيجابي يدل على صفاء نفوسهم ، وقوة إخلاصهم ، فإن المال شقيق الروح ، فإذا أنفقواه في حالتي السراء والضراء كان ذلك دليلا على التزامهم العميق لتعاليم دينهم وطاعة ربهم .وقد مدح الله – تعالى – الذين ينفقون أموالهم في سبيله في عشرات الآيات من كتابه ، ومن ذلك قوله – تعالى – : { مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (261) الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنًّا وَلَا أَذًى لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ } البقرة 261 ، 262،
الدعاء