خطبة عن حديث (الْجَنَّةُ أَقْرَبُ إِلَى أَحَدِكُمْ مِنْ شِرَاكِ نَعْلِهِ ،وَالنَّارُ مِثْلُ ذَلِكَ)
مارس 9, 2019خطبة عن حديث (وَإِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْعُرْيَانُ فَالنَّجَا النَّجَاءَ)
مارس 16, 2019الخطبة الأولى ( إيجابيات وسلبيات مواقع التواصل الاجتماعي ( تَعْرِفُ مِنْهُ وَتُنْكِرُ)
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته :(وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا) (36) الاسراء ، وقال الله تعالى 🙁قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدَى سَبِيلًا) (84) الاسراء ، وفي الصحيحين ، واللفظ للبخاري : ( أن حُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ يَقُولُ كَانَ النَّاسُ يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – عَنِ الْخَيْرِ ، وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنِ الشَّرِّ ، مَخَافَةَ أَنْ يُدْرِكَنِي فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ : إِنَّا كُنَّا فِي جَاهِلِيَّةٍ وَشَرٍّ فَجَاءَنَا اللَّهُ بِهَذَا الْخَيْرِ ، فَهَلْ بَعْدَ هَذَا الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ قَالَ « نَعَمْ » قُلْتُ وَهَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الشَّرِّ مِنْ خَيْرٍ قَالَ « نَعَمْ ، وَفِيهِ دَخَنٌ » . قُلْتُ وَمَا دَخَنُهُ قَالَ « قَوْمٌ يَهْدُونَ بِغَيْرِ هَدْىٍ ، تَعْرِفُ مِنْهُمْ وَتُنْكِرُ » .قُلْتُ فَهَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ قَالَ « نَعَمْ ، دُعَاةٌ عَلَى أَبْوَابِ جَهَنَّمَ ، مَنْ أَجَابَهُمْ إِلَيْهَا قَذَفُوهُ فِيهَا » . قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ صِفْهُمْ لَنَا . قَالَ « هُمْ مِنْ جِلْدَتِنَا ، وَيَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَتِنَا » . قُلْتُ فَمَا تَأْمُرُنِي إِنْ أَدْرَكَنِي ذَلِكَ ؟قَالَ « تَلْزَمُ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ وَإِمَامَهُمْ » . قُلْتُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ جَمَاعَةٌ وَلاَ إِمَامٌ ؟ قَالَ « فَاعْتَزِلْ تِلْكَ الْفِرَقَ كُلَّهَا ، وَلَوْ أَنْ تَعَضَّ بِأَصْلِ شَجَرَةٍ ، حَتَّى يُدْرِكَكَ الْمَوْتُ ، وَأَنْتَ عَلَى ذَلِكَ »
إخوة الإسلام
إن شبكات التواصل الاجتماعي اليوم بين المِطرقة والسندان كما يقال، ففريق يراها أنها وسَّعت الإدراك، وزادت من الوعي، ونقلت البشر في سنوات معدودة إلى عالمٍ لم يكن بالإمكان الوصول إليه بوسائل الاتصال التقليدية، وفريق آخر يرى أنها سبب في الانفلات الأخلاقي والسياسي والاجتماعي، وضررها قد تجاوز منفعتها بمراحل، فمع مَن نقف؟ ، مع الطرف الأول الذي ضخَّم الإيجابيات، أم مع الطرف الثاني الذي ضخَّم السلبيات؟
فدعونا اليوم إن شاء الله نقف وقفات مع إيجابيات هذه الوسائل ، وسلبياتها : فلا يُمكن إنكار حقيقة أنَّ مواقع التّواصُل الاجتماعيّ قد عادت على العالم أجمع بإيجابيّات عديدة، ومن هذه الإيجابيّات على سبيل المثال أنّها قد سهّلت عمليّة التعرُّف على أصدقاء جُدُد، كما أتاحت هذه المواقع فُرصةً ليُعبِّر الفرد عن نفسه، فيُشارك أصدقاءَه بسرّائه وضرّائه، علاوةً على ذلك، فقد أصبحت عمليّة التّواصُل سهلةً ومُيسَّرةً، وسريعةً جدّاً ، وفتحت العالم على مِصراعَيْه، وأصبح العالم بفضلها أشبه بقرية صغيرة، حيث يستطيع مُستخدمها التواصل مع شخص آخر في مكان آخر بعيد عنه بكلّ سهولة، كما وفّرت مواقع التّواصُل الاجتماعيّ للمُستخدِم فُرصةً للتعرُّف على أشخاص جُدُد يُشاركونه الاهتمامات، وتكوين علاقات جديدة معهم.
وكما لمواقع التّواصُل الاجتماعيّ إيجابيّات عديدة، فإنَّ لها سلبيّاتٍ عديدةٍ أيضاً : فالعلاقات التي يتمّ بناؤها عبر مواقع التّواصُل الاجتماعيّ عادةً ما تكون زائفةً وليست حقيقيّةً، إلّا أنّها تجعل المرء يظنّ العكس، فيُصبح من الصّعب التفريق بينها وبين العلاقات الحقيقيّة في العالم الحقيقيّ، وقد تًستغَلّ هذه المواقع بغرض التنمُّر من قِبل بعض الأفراد، وخصوصاً ضدّ فئة الشّباب؛ كما لا يُمكن إنكار حقيقة أنَّ مواقع التّواصُل الاجتماعيّ قد قلّلت إنتاجيّة الفرد؛ نتيجة إلهاء مواقع التّواصُل الاجتماعيّ للأفراد، علاوةً على ذلك، فإنَّ مواقع التّواصُل الاجتماعيّ تُخِلّ بخصوصيّة الأفراد حتّى بوجود الإعدادات التي توفِّرها هذه المواقع؛ لحماية خصوصيّة المُستخدِمين.
أيها المسلمون
ومن المعلوم لدينا – نحن المسلمين – أن من كان سببا في هداية أحد من الناس ، كان له أجر هدايته وعمله الصالح ،دون نقص أجر العامل، ومن كان سببا في إضلال أحد ، كان عليه وزر من أضله مع وزره، وهي قاعدة شرعية اسلامية لحفز الناس إلى نشر الهدى والخير، وتخويفهم من نشر الضلالة والشر ، قال الله تعالى في محكم آياته : {لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ القِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ} [النحل:25] وقال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ دَعَا إِلَى هُدًى كَانَ لَهُ مِنَ الْأَجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنْ تَبِعَهُ لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا، وَمَنْ دَعَا إِلَى ضَلَالَةٍ كَانَ عَلَيْهِ مِنَ الْإِثْمِ مِثْلُ آثَامِ مَنْ تَبِعَهُ لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ آثَامِهِمْ شَيْئًا» رواه مسلم. وقد كانت الدعوة إلى الخير أو إلى الشر محصورة في وسائل محدودة، لا تبلغ كل الناس ولا أكثرهم، ولا تتخطى حدود المكان الذي يدعو فيه صاحبه، وليس لها من الجاذبية في العرض، ولا السرعة في الوصول ،كما هو واقع الناس اليوم ،حينما أصبح تبليغ الخير أو الشر في أجهزة بحجم الكف، تحمل في الجيب، فلا تتعطل وسيلة البلاغ، ولا تفارق صاحبها في سفر ولا حضر، ولا في ساعة من ليل أو نهار، بل هي ملازمة له ملازمة ثوبه أو ظله، وفي أقل من ثانية يرسل ما يريد فيراه في لحظته مئات أو ألوف أو ملايين، سواء كان كتابة أم صوتا أم صورة ثابتة أم متحركة. ففي هذا الجانب فقد نفع الله تعالى الناس بهذه الوسائل نفعا عظيما؛ فرفعت منسوب الوعي لديهم، وضخت لهم صحيح المعلومات والوثائق، وأزالت الغشاوة عن أبصارهم، وقضت على كثير من الدجل الرخيص الذي كان يمارس عليهم؛ إذ ميادينها مفتوحة للجميع، لا تحتكرها دولة أو طائفة أو حزب أو جماعة، وفي جو كهذا يظهر الحق، فيزهق الباطل؛ لأن مبنى الباطل على الدجل والكذب، ولا يصمد أمام الحق ، فوسيلة أهل الباطل التعمية على الحق وإخفائه، وحجبه في الظلام لئلا يراه الناس. والدعوة إلى الله تعالى بواسطة وسائل التواصل الاجتماعي، وبيان الحق عبرها لا يحتاج إلى إذن أحد ولا وصايته، ولا يمكن حجبه عن الناس، كما أن الحماية التي يتترس بها أهل الفساد، والحصانة التي تمكنهم من بث فسادهم وهم آمنون من كشفهم قد كسرتها وسائل التواصل الاجتماعي، فيكشف من شاء حقيقتهم وهو آمن من صولتهم وكيدهم. كما أن وسائل التواصل الاجتماعي وسيلة من وسائل صلة الرحم، وتفقد الأصحاب، والتواصل بينهم بمكالمتهم والسؤال عنهم، وإسداء النصح والخير لهم بلا تكلفة ولا مئونة ، وهي وسيلة لتناقل العلوم والمعارف، وتبادل الفوائد والمنافع، ولا يحصى ما ينشر فيها من نكت وفرائد، وسنن وفوائد، ما كان كثير من الناس يعلمونها، وكم فيها من تنبيه على أخطاء كانوا يقعون فيها. وفيها يذكِّر أهل الخير بعضهم بعضا بمناسبات الخير، ويدلونهم على مجالاتها، ويفتحون لهم مغاليق أبوابها، وييسرون لهم أسبابها، ويذللون عقباتها، وكم من سنة مهجورة أحييت بها، ومن طاعة فعلت بسببها، وكم تاب من عاص، وكم أسلم من كافر، بسبب رسالة أو تغريدة ،أو مقطع أو صورة؟! ومنافع أخرى جمة في مجالات في أمور الدين والدنيا، وفي الخير ،والعلم والمعرفة والطاعة. فيا فوز من ظفر بخيرها وبرها، وحجز نفسه عن شرها وإثمها.
أيها المسلمون
ووسائل التواصل الاجتماعي كما كانت وسيلة للخير مشرعة الأبواب، مهيئة الأسباب، تتهاوى أمامها المعوقات، وتذلل الصعاب؛ فهي كذلك وسيلة لنشر الشر والإثم، والصد عن البر والخير، وكسب الأوزار العظيمة بكلمات معدودة، وثوان قليلة، فينشر شرًّا أو يدعو إلى إثم، أو يفتري كذبا، أو يشيع فاحشة، وفي ثانية واحدة يطالعها عشرات أو مئات أو ألوف، فينشرها بعضهم أو أكثرهم فلا يمضي يوم أو بعض يوم إلا والملايين يحتفظون بها في أجهزتهم ويتناقلونها، ولا سيما مع تعدد وسائل النشر، وتنوع برامج التواصل الاجتماعي، حتى إن المادة الواحدة من الخير أو الشر لتصل الواحد عبر منافذ عدة، إن فاته الاطلاع على بعضها لم تفته كلها. كما أن وسائل التواصل الاجتماعي كشفت ما في المجتمعات من خلل في التدين، وضعف في التربية، وانحطاط في الأخلاق ، وأزالت الغفلة عن أمور تجب الغفلة عنها؛ فأولاد المسلمين من بنين وبنات ما كانوا يعرفون كثيرا من الفواحش، ولا يعلمون عن كثير من الممارسات الأخلاقية المنحطة حتى تعلموها من هذه الوسائل؛ فالفضول قادهم لمعرفتها، وضعف الوازع جرأهم عليها، وحب التجربة جرهم إليها، فمنهم من غرق في الرذائل بسببها، وتأملوا الوصف القرآني للمؤمنات بالغفلة ، قال الله تعالى : {إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ المُحْصَنَاتِ الغَافِلَاتِ المُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالآَخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [النور:23] ،أي: غافلات عن الفواحش ومقدماتها، بل تستحي الغافلة من عرض الزواج عليها وهو حلال؛ ولذا كان إذن البكر في الزواج صماتها؛ مراعاة من الشارع الحكيم سبحانه لها لحيائها ، فهذا الحياء ، وهذه الغفلة ، قضت على كثير منها وسائل التواصل الاجتماعي، فصار الكلام الفاحش البذيء يتناقله كثير من الشباب والفتيات، بل ربما الأطفال، ناهيكم عن الصور الفاضحة، والمقاطع الفاحشة، والتباهي بانتهاك الحرمات، والمجاهرة بالسوء، فيحكي بعضهم ما عمل البارحة من فواحش وقد بات يستره ربه سبحانه، فيصبح يكشف ستر الله تعالى عليه على الملأ من الناس، بل على ألوف وملايين، وهذا مجاهرة بالإثم، ولو كان كاذبا فيما قال، ولو تخفى خلف أسماء وهمية؛ فإنه لن يخرج من دائرة المجاهرين الذين لا يعافون، ومن يشيعون الفاحشة في الناس، والأخطر من ذلك أن هذه الوسائل فتحت عيون من فيهم ضعف على أنواع من الفواحش غليظة الحرمة كالنظر إلى المحارم والسحاق وعمل قوم لوط، وبناء علاقات محرمة في هذه المجالات بواسطة التواصل ،والمراسلة وتبادل الصور والمقاطع؛ مما يحتم العناية البالغة بشحن الأولاد كل فترة بجرعات إيمانية وأخلاقية تحصنهم ضد هذا البلاء المستطير، وتخويفهم من عذاب الله تعالى، وبيان عاقبة التساهل في ذلك، وإيضاح آثاره الدينية والأخلاقية والاجتماعية والصحية.
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( إيجابيات وسلبيات مواقع التواصل الاجتماعي ( تَعْرِفُ مِنْهُ وَتُنْكِرُ)
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
ومن الآثار الخبيثة لوسائل التواصل الاجتماعي أنها جرأت الفساق والفاسقات على الشرع الحكيم بالخوض فيه بلا علم، ورد النصوص أو تأويلها، وتهوين الواجبات والمحرمات، وبث الشبهات لإسقاط كثير من الأحكام كما هي طريقة أهل الأهواء، ويتلقف ذلك العامة؛ فيصابون بالشك في بعض أحكام دينهم، وتكثر البلبلة والجدال في أوساطهم، ومجالس الناس شاهدة على تفشي هذه الظاهرة بعد انتشار هذه الوسائل، حتى صار الانقسام بين الناس، واختلافهم على دينهم ظاهرا في مجتمعات المسلمين. وأخطر من ذلك أن الزنادقة والملحدين استغلوا وسائل التواصل الاجتماعي لكسر المقدسات في نفوس المسلمين، وتهوينها في قلوبهم بالتسمي بأسماء الله تعالى، أو الاتصاف بأوصافه سبحانه، أو السخرية به عز وجل، أو الطعن في رسله وكتبه وشرائعه. والواجب حماية القلوب من الميوعة والليونة في هذه الجوانب؛ وذلك بتجنب الاطلاع على كلام الزنادقة والملحدين، وحظر حساباتهم، وحذف قوائمهم، وتنبيه من يصله شيء من ذلك إلى حذفه مباشرة وعدم الالتفات إليه، ولا إرساله لغيره حتى يموتوا بغيظهم، ويحصن المؤمنون عن إلحادهم وتجديفهم. وأهل البدع ينشرون بدعهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي في صور من يدعون إلى الخير، فيشيعون أحاديث موضوعة، وقصص مكذوبة، وأعمال غير مشروعة، فيتلقفها جهلة الناس، ويتبرعون بنشرها محتسبين أجرها ، والواجب على من بلغه شيء من ذلك أن يتثبت بسؤال أهل العلم عن صحته قبل نشره، فإن تبين خطؤه نبه مرسله إليه ووعظه؛ فإن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّ كَذِبًا عَلَيَّ لَيْسَ كَكَذِبٍ عَلَى أَحَدٍ، مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ» متفق عليه. وقال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «مَنْ حَدَّثَ عَنِّي بِحَدِيثٍ يُرَى أَنَّهُ كَذِبٌ، فَهُوَ أَحَدُ الْكَاذِبِينَ» رواه مسلم. وقال الله تعالى :{وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالبَصَرَ وَالفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا} [الإسراء:36].
فوسائل التواصل الاجتماعي ابتلاء من الله تعالى لعباده، والابتلاء إما أن يؤول بالعبد إلى الخير، وإما أن يؤول به إلى الشر؛ فإذا تجاوزه العبد بخير اختيار كان نعمة عليه، وخيرا له، وإن أخفق فيه كان نقمة عليه، وشرا له. ووسائل التواصل الاجتماعي أوعية لتخزين الخير أو الشر ونشرهما، إنها مسارب لبث الهدى أو الضلال، وأدوات لإظهار الحق أو الباطل ، فهي بحر متلاطم من الشر والإثم والشهوات والباطل، يجري في وسطه نهر عذب من الحق والبر والخير، فمن لزم وسط النهر حاز خيرها وبعد عن شرها، ومن فارق نهر الخير فيها وقع في بحر الإثم والفجور، ومن لزم حافة نهر الخير فيها اغترف منه واغترف من بحر الإثم، والأغلب في الناس التخليط بينهما، فيستقبل خيرا وشرا، وحقا وباطلا، وينشره، ولكن العبرة في الإكثار من هذا والإقلال من ذاك، ومن عجز عن قصر نفسه على خيرها، وأسرف في شرها؛ فالسلامة لا يعدلها شيء، ولو اعتزلها كلها، وأراح نفسه منها، فلا له ولا عليه، وكل عامل سيجد عمله فلينظر العبد لنفسه لا لغيره ، قال الله تعالى : { أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى (36) وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى (37) أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى (38) وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى (39) وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى (40) ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَى (41) وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى} (36) :(42) النجم
الدعاء