خطبة عن ( من المهلكات: اتباع الهوى)
مارس 22, 2016خطبة عن (ثَلاثٌ مُهْلِكَاتٌ: شُحٌّ مُطَاعٌ، وَهَوًى مُتَّبَعٌ، وَإِعْجَابُ الْمَرْءِ بنفْسِهِ)
مارس 22, 2016الخطبة الأولى ( من المهلكات : الشح )
الحمد لله رب العالمين ..اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك .. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله هو خير الخلق وحبيب الحق ورحمة الله للخلق أجمعين .. اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله واصحابه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
قال الله تعالى ((وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ )). الحشر 9،.
إخوة الإسلام
في مسند أحمد (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ ،قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « لاَ يَجْتَمِعُ الشُّحُّ وَالإِيمَانُ فِي جَوْفِ رَجُلٍ مُسْلِمٍ وَلاَ يَجْتَمِعُ غُبَارٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَدُخَانُ جَهَنَّمَ فِي جَوْفِ رَجُلٍ مُسْلِمٍ ». نعم فلا يجتمع الشح مع معرفة الله أبداً، فإن المانع من الإنفاق والجود خوفُ الفقر، وهو جهل بالله ، وعدمُ وثوق بوعده وضمانه، ومن تحقق أنه الرزاق لم يثق بغيره”. “والحاصل أن الشح من جميع وجوهه يخالف الإيمان، قال تعالى: (( أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ أُولَئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا فَأَحْبَطَ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ)) الاحزاب 19 – وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنه رفعه ، قال : (صلاحُ أول هذه الأمّة بالزهد واليقين، ويهلك آخرُها بالبخل والأمل) . أخرجه أحمد في “الزهد” ، والطبراني في “المعجم الأ وسط وصححه الألباني في الصحيحة . “والشح لا يظهر إلا ممن فقدوا اليقين، فساء ظنهم بربهم فبخلوا وتلذذوا بشهوات الدنيا فحدّثوا أنفسهم بطول الأمل، قال تعالى (وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا ) النساء 120 وغلبة البخل والأمل في آخر الزمان يكون من الأسباب المؤدية للهلاك، بكثرة الجمع والحرص، وحب الاستئثار بالمال المؤدي إلى الفتن والحروب والقتل وغير ذلك . ومن القصص الطريفة والتي فيها عبرة فيما جاء عن سلفنا الصالح: ( دخل الحسن البصري على رجل يعوده في مرضه، فرآه يصوب بصره في صندوق في بيته ويصعده، ثم قال الرجل للحسن : يا أبا سعيد، ما تقول في مائة ألف في هذا الصندوق لم أؤدي فيها زكاة، ولم أصل منها رحماً ؟ قال: ثكلتك أمك، ولمن كنت تجمعها؟! قال: لروعة الزمان، وجفوة السلطان، ومكاثرة العشيرة. ثم مات الرجل ، فشهده الحسن، فلما فرغ من دفنه قال: انظروا إلى هذا المسكين أتاه شيطانه، فحذره روعة زمانه، وجفوة سلطانه، ومكاثرة عشيرته عما رزقه الله إياه، وغمره فيه، انظروا كيف خرج منها مسلوباً محزوناً، ثم التفت إلى الوارث – ، ثم قال له : أيها الوارث، لا تخدعن كما خُدع صويحبك بالأمس، أتاك هذا المال حلالاً – يعني: من طريق الميراث-، فلا يكونن عليك وبالاً، أتاك عفواً صفواً ممن كان له جموعاً منوعاً ، من باطل جمعه، وحق منعه، قطع فيه لجج البحار، ومفاوز القفار، لم تكدح أنت فيه بيمين، ولم يعرق لك فيه جبين، إن يوم القيامة يوم ذو حسرات، وإن من أعظم الحسرات غداً أن ترى مالك في ميزان غيرك، فيالها من عثرة لا تُقال، وتوبة لا تُنال ).
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( من المهلكات: الشح والبخل)
الحمد لله رب العالمين ..اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك .. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله هو خير الخلق وحبيب الحق ورحمة الله للخلق أجمعين .. اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله واصحابه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
ولسوء هذا الخلق وخبثه فإن الشح إذا تشبّعت به النفوس فتسوّغ حينئذٍ ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وفي سنن الترمذي (عَنْ أَبِى أُمَيَّةَ الشَّعْبَانِىِّ قَالَ أَتَيْتُ أَبَا ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِىَّ فَقُلْتُ لَهُ كَيْفَ تَصْنَعُ فِى هَذِهِ الآيَةِ قَالَ أَيَّةُ آيَةٍ قُلْتُ قَوْلُهُ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ) قَالَ أَمَا وَاللَّهِ لَقَدْ سَأَلْتَ عَنْهَا خَبِيرًا سَأَلْتُ عَنْهَا رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ « بَلِ ائْتَمِرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَتَنَاهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ حَتَّى إِذَا رَأَيْتَ شُحًّا مُطَاعًا وَهَوًى مُتَّبَعًا وَدُنْيَا مُؤْثَرَةً وَإِعْجَابَ كُلِّ ذِى رَأْىٍ بِرَأْيِهِ فَعَلَيْكَ بِخَاصَّةِ نَفْسِكَ وَدَعِ الْعَوَامَّ ) .ولذا كان الشح من الأخلاق التي تفشو في آخر الزمان، ففي الصحيحين (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ « يَتَقَارَبُ الزَّمَانُ ، وَيَنْقُصُ الْعَمَلُ ، وَيُلْقَى الشُّحُّ ، وَتَظْهَرُ الْفِتَنُ ، وَيَكْثُرُ الْهَرْجُ » . قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّمَ هُوَ . قَالَ « الْقَتْلُ الْقَتْلُ » ، ولذلك أيضًا كانت الصدقة أعظم أجرًا في حال الشح لأن الإنسان يغالب شح نفسه، (حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ – رضى الله عنه – قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الصَّدَقَةِ أَعْظَمُ أَجْرًا قَالَ « أَنْ تَصَدَّقَ وَأَنْتَ صَحِيحٌ شَحِيحٌ ، تَخْشَى الْفَقْرَ وَتَأْمُلُ الْغِنَى ، وَلاَ تُمْهِلُ حَتَّى إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ قُلْتَ لِفُلاَنٍ كَذَا ، وَلِفُلاَنٍ كَذَا ، وَقَدْ كَانَ لِفُلاَنٍ » متفق عليه. فينبغي على المسلم أن يكون كريماً بخلقه، كريماً بماله، كريماً بجاهه، كريماً بعلمه، يقدم ولا يسأل الناس شيئاً، وسيبقى البخل وصمة عار، وإمساك الحقوق مسبة، حتى ذُكر في بعض كتاب التواريخ فلان الفلاني كان شحيحاً مفاتيح خزائنه في الكيس الحديد، مسمراً بالمسامير لا يفارقه، وهذا الشح يورث قطيعة الرحم، والظلم، والبغي، والعدوان، ويجرئ على المعاصي، ويغضب الرحمن، ويهلك الإنسان ،قالت أم البنين -أخت عمر بن عبد العزيز-:“أف للبخل، والله لو كان طريقاً ما سلكته، وثوباً ما لبسته”،
الدعاء