خطبة عن ( أنواع الْوَسِيلَة: وسيلة مشروعة وغير مشروعة)
مارس 23, 2016خطبة عن (من صور الغش وخطورته وأضراره)
مارس 23, 2016الخطبة الأولى ( اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ )
الحمد لله رب العالمين ..اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك .. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله .. اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته وهو أصدق القائلين :: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ ﴾ [المائدة: 35]،
إخوة الإسلام
يقول الله تعالى في محكم آياته : (وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) القمر 17، فمع هذه الآية المباركة نعيش لحظات طيبة ، لنذكر بها أنفسنا ، ونطهر قلوبنا ، ونصحح عقائدنا ،فقوله تعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ )، قال الزمخشري في تفسيرها ، الوسيلة هي كل ما يتوسل به ،أي يتقرب به ) وكأن المعنى: اطلبوا من الله حاجتكم متوجهين إليه، فإنه بيده “عز شأنه” مقاليد السموات والأرض، ولا تطلبوها متوجهين إلى غيره ، وقال ابن جرير الطبري : أي يا أيها الذين صدقوا الله ورسوله فيما أخبرهم ووعدهم من الثواب، وأوعد من العقاب ﴿ اتَّقُوا اللَّهَ ﴾أي: أجيبوا الله فيما أمركم ونهاكم من الطاعة له في ذلك، وحققوا إيمانكم وتصديقكم ربكم ونبيكم بالصالح من أعمالكم ، ﴿ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ ﴾ أي : واطلبوا القربة إليه بما يرضيه، فالتوسل هو ابتغاء الوسيلة إلى الله تعالى، أي التقرب إليه ، تلك هي الوسيلة الحقة التي يدعو الله الناس إليها، فأداء الفرائض وسيلة، وترك المحرمات وسيلة، وطلب العلم النافع وسيلة ، وتلاوة القرآن مع التدبر وسيلة، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وسيلة، والصدقة وسيلة، والإصلاح بين الناس وسيلة، الكلمة الطيبة تدخل بها السرور على المؤمن وسيلة، والاشتراك في أعمال البر وسيلة والمعروف وسيلة، وإماطة الأذى عن الطريق وسيلة
أيها الموحدون
فقوله تعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ ) تعني أن يطلب العبد رضا ربه بالعمل الصالح ، وأن يقدم العبد المؤمن أعمالا صالحة بين يدي دعائه وطلبه ، فمثلا : قبل أن تدعو الله بشفائك من الأمراض ، وقبل أن تدعوه أن يفرج كربك ويزيل همك ، وقبل أن تدعوه بالرزق الواسع ، أو بالزوجة الصالحة ، أو الولد الصالح ، وقبل أن تدعوه بالنجاح والتوفيق ، أو بمغفرة الذنوب ، والرضا ، والمنازل العالية في جنات النعيم ، قبل أن تدعوه بذلك كله ، عليك أن تتقرب إليه بعمل صالح أولا ،وذلك قبل الدعاء وقبل الطلب ، وهذا العمل الصالح قد يكون :إقرارا وتصديقا وإيمانا بالله سبحانه وتعالى ، ومثال ذلك : كما في قوله تعالى : (الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ) آل عمران 16، فقبل طلب المغفرة قالوا (رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا ) ، وقد يكون هذا العمل الصالح تسبيحا وتحميدا وتهليلا وصلاة على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وشاهد ذلك ما رواه الترمذي بسند حسن : (عَنْ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ قَالَ بَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَاعِدًا إِذْ دَخَلَ رَجُلٌ فَصَلَّى فَقَالَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي وَارْحَمْنِي. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهَ -صلى الله عليه وسلم- « عَجِلْتَ أَيُّهَا الْمُصَلِّى إِذَا صَلَّيْتَ فَقَعَدْتَ فَاحْمَدِ اللَّهَ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ وَصَلِّ عَلَىَّ ثُمَّ ادْعُهُ ». قَالَ ثُمَّ صَلَّى رَجُلٌ آخَرُ بَعْدَ ذَلِكَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَصَلَّى عَلَى النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- « أَيُّهَا الْمُصَلِّى ادْعُ تُجَبْ ».
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ )
الحمد لله رب العالمين ..اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك .. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله .. اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
وقد يكون هذا العمل الصالح الذي يتوسل به العبد إلى ربه قبل دعائه ، أن يمجد الله ويدعوه بأسمائه الحسنى ، وصفاته العلا ، وشاهد ذلك ، كما في الحديث (عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسًا يَعْنِي وَرَجُلٌ قَائِمٌ يُصَلِّي فَلَمَّا رَكَعَ وَسَجَدَ وَتَشَهَّدَ دَعَا فَقَالَ فِي دُعَائِهِ (اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِأَنَّ لَكَ الْحَمْدَ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ الْمَنَّانُ بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ إِنِّي أَسْأَلُكَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَصْحَابِهِ تَدْرُونَ بِمَا دَعَا قَالُوا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَدْ دَعَا اللَّهَ بِاسْمِهِ الْعَظِيمِ الَّذِي إِذَا دُعِيَ بِهِ أَجَابَ وَإِذَا سُئِلَ بِهِ أَعْطَى ) سنن النسائي ، وقد يكون العمل الصالح الذي يتوسل به العبد بين يدي دعائه صلاة أو صوما ، أو حجا أو عمرة ، أو صدقة ، وشاهد ذلك ما رواه الترمذي بسند حسن (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ ،قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « ثَلاَثَةٌ لاَ تُرَدُّ دَعْوَتُهُمُ الصَّائِمُ حَتَّى يُفْطِرَ وَالإِمَامُ الْعَادِلُ وَدَعْوَةُ الْمَظْلُومِ يَرْفَعُهَا اللَّهُ فَوْقَ الْغَمَامِ وَيَفْتَحُ لَهَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ وَيَقُولُ الرَّبُّ وَعِزَّتِي لأَنْصُرَنَّكَ وَلَوْ بَعْدَ حِينٍ » وقوله صلى الله عليه وسلم كما في سنن ابن ماجة (عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « الْغَازِي فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْحَاجُّ وَالْمُعْتَمِرُ وَفْدُ اللَّهِ دَعَاهُمْ فَأَجَابُوهُ وَسَأَلُوهُ فَأَعْطَاهُمْ ». وقد يكون هذا العمل الصالح الذي يقدمه المسلم بين يدي دعائه برا بالوالدين ، أو أداء للأمانة ، أو تركا للخيانة ، أو تلاوة للقرآن ، أو إصلاحا بين الأنام ، أو إتقانا للعمل ، أو تحريا للحلال ، وهكذا ،فقبل أن تدعو الله ، وتطلب منه جلب الخير أو دفع الضر ، فعليك أن تقدم بين يدي دعائك عملا صالحا خالصا لله ، وهو ما نسميه بالوسيلة
الدعاء