خطبة عن ( إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ )
أبريل 17, 2022خطبة عن ( صدقة الفطر وأحكامها )
أبريل 17, 2022الخطبة الأولى ( الْعَشْرُ الأَوَاخِرُ مِنْ رَمَضَانَ ) مختصرة
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
رُوي في الصحيحين : (عَنْ عَائِشَةَ – رضى الله عنها – قَالَتْ : كَانَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – إِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ شَدَّ مِئْزَرَهُ ، وَأَحْيَا لَيْلَهُ ، وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ)
إخوة الإسلام
ها هي أيام شهر رمضان تنقضي يوما بعد يوم ، وها نحن نقترب من الأيام العشر الأواخر منه ، وقد جعل الله سبحانه وتعالى الأيام العشر الأواخر من رمضان فرصة لمن أحسن في أول الشهر أن يزاد، ولمن أساء فيه أن يستدرك ما فاته؛ وأن يغتنم هذه الأيام العشر في الطاعات وما يقربه من الله تبارك وتعالى، والأيام العشر الأواخر من رمضان لها خصائص وفضائل عدة ، ومنها: نزول القرآن في العشر الأواخر من رمضان، في ليلة القدر، قال الله تعالى: ﴿ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ﴾ القدر 1، ونزول القرآن في العشر الأواخر من رمضان ، فهذا من أعظم الفضائل: أن أنزل الله تعالى فيها هذا النور المبين ، فأخرج به الناس من الظلمات إلى النور، ومن الجهل إلى العلم ، ومن الكفر إلى الإيمان، ومن الضلال إلى الهدى ، وهذا القرآن العظيم : فيه شفاءٌ وهدىً ورحمةٌ للمؤمنين، وموعظة وشفاء لما في الصدور،
ومن خصائص هذه الأيام العشر الأواخر : ليلة القدر ، فالعبادة في هذه الليلة خير من العبادة في ألف شهر، وهذا فضل عظيم لمن وفقه الله تعالى. فليلة القدر من أدركها واجتهد فيها ابتغاء مرضاة الله فقد أدرك الخير كله، ومن حرمها فقد حُرِم الخير كله، ففي سنن النسائي ، ومسند أحمد : (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَاكُمْ رَمَضَانُ شَهْرٌ مُبَارَكٌ فَرَضَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْكُمْ صِيَامَهُ تُفْتَحُ فِيهِ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَتُغْلَقُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَحِيمِ وَتُغَلُّ فِيهِ مَرَدَةُ الشَّيَاطِينِ لِلَّهِ فِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ مَنْ حُرِمَ خَيْرَهَا فَقَدْ حُرِمَ) وفي صحيح البخاري : (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ – رضى الله عنه – عَنِ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ :« مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ ، وَمَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ »
ومن خصائص هذه العشر : اجتهاد النبي – صلى الله عليه وسلم – في قيامها، والأعمال الصالحة فيها اجتهاداً عظيماً، فقد رُوي في الصحيحين : (عَنْ عَائِشَةَ – رضى الله عنها – قَالَتْ : كَانَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – إِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ شَدَّ مِئْزَرَهُ ، وَأَحْيَا لَيْلَهُ ، وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ) فقد كان من هدية علية الصلاة السلام في هذه العشر أنه يوقظ أهله للصلاة ، وهذا فيه حرص منه صلى الله عليه وسلم على أن يدرك أهله معه من فضائل ليالي هذا الشهر الكريم ، ولا يقتصر على العمل لنفسه ، ويترك أهله في نومهم ، وفي صحيح مسلم : (قَالَتْ عَائِشَةُ رضى الله عنها كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَجْتَهِدُ فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ مَا لاَ يَجْتَهِدُ فِي غَيْرِهِ ). وهذا الإحياء شامل لجميع أنواع العبادات: من صلاة، وقرآنٍ، وذكرٍ، ودعاء، وصدقة، وغيرها،
ومن خصائص هذه العشر الاعتكاف فيها، وهو لزوم المسجد لطاعة الله تعالى، وهو ثابت بالكتاب والسنة، ففي البخاري ومسلم : عَنْ عَائِشَةَ – رضى الله عنها – زَوْجِ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – أَنَّ النَّبِيَّ – صلى الله عليه وسلم – كَانَ يَعْتَكِفُ الْعَشْرَ الأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ ، ثُمَّ اعْتَكَفَ أَزْوَاجُهُ مِنْ بَعْدِهِ)كما روى البخاري في صحيحه : (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ – رضى الله عنه – قَالَ كَانَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – يَعْتَكِفُ فِي كُلِّ رَمَضَانَ عَشْرَةَ أَيَّامٍ ، فَلَمَّا كَانَ الْعَامُ الَّذِى قُبِضَ فِيهِ اعْتَكَفَ عِشْرِينَ يَوْمًا)والمقصود بالاعتكاف : هو انقطاع الإنسان عن الناس ، ليتفرغ لطاعة الله تعالى في مسجد من مساجد الله ، طلباً لفضل وثواب الاعتكاف من الله تعالى، وطلباً لإدراك ليلة القدر، وللمعتكف أن يخرج من معتكفه فيما لا بد منه: كقضاء الحاجة، والأكل والشرب إذا لم يُمكن ذلك في المسجد.
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( الْعَشْرُ الأَوَاخِرُ مِنْ رَمَضَانَ ) مختصرة
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
فاجتهدوا في طاعة الله تعالى وخصُّوا هذه العشر المباركة بمزيد من الاجتهاد طلباً للثواب ومضاعفة الأجر في هذه الليالي، وطلباً لليلة القدر التي اختصت بها العشر الأواخر من رمضان ، ففي الصحيحين واللفظ للبخاري : ( أن أَبَا سَعِيدٍ قَالَ : اعْتَكَفْنَا مَعَ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – الْعَشْرَ الأَوْسَطَ مِنْ رَمَضَانَ ، فَخَرَجَ صَبِيحَةَ عِشْرِينَ ، فَخَطَبَنَا وَقَالَ :« إِنِّي أُرِيتُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ ، ثُمَّ أُنْسِيتُهَا أَوْ نُسِّيتُهَا ، فَالْتَمِسُوهَا فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ فِي الْوَتْرِ ، وَإِنِّي رَأَيْتُ أَنِّى أَسْجُدُ فِي مَاءٍ وَطِينٍ ، فَمَنْ كَانَ اعْتَكَفَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – فَلْيَرْجِعْ » . فَرَجَعْنَا وَمَا نَرَى فِي السَّمَاءِ قَزَعَةً ، فَجَاءَتْ سَحَابَةٌ فَمَطَرَتْ حَتَّى سَالَ سَقْفُ الْمَسْجِدِ وَكَانَ مِنْ جَرِيدِ النَّخْلِ ، وَأُقِيمَتِ الصَّلاَةُ ، فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – يَسْجُدُ فِي الْمَاءِ وَالطِّينِ ، حَتَّى رَأَيْتُ أَثَرَ الطِّينِ فِي جَبْهَتِهِ)
فليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان يقيناً لا شك فيه، وهي في الأوتار أقرب ، وقد سألت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها عن الدعاء في ليلة القدر ، ففي مسند أحمد وغيره : (قَالَتْ عَائِشَةُ يَا نَبِيَّ اللَّهِ أَرَأَيْتَ إِنْ وَافَقْتُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ مَا أَقُولُ قَالَ : « تَقُولِينَ اللَّهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّى »وفي رواية للترمذي : (قَالَ « قُولِي اللَّهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ كَرِيمٌ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّى ».
فعلى العبد الصادق أن يجتهد في جميع ليالي العشر ويحصل عليها يقيناً لا شك فيه، وقد أخفى الله ليلة القدر رحمة بعباده؛ لأمور منها : زيادة حسناتهم إذا اجتهدوا في العبادة بأنواعها في هذه الليالي، واختباراً لعباده؛ ليتبين الصادق في طلبها من غيره؛ فإن من حرص على شيء جد في طلبه
الدعاء