خطبة عن قوله تعالى ( وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا، لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا )
يونيو 19, 2021خطبة عن رضا الله ورضا الناس ( مَنِ الْتَمَسَ رِضَى اللَّهِ بِسَخَطِ النَّاسِ ،، وَمَنِ الْتَمَسَ رِضَا النَّاسِ بِسَخَطِ اللَّهِ)
يونيو 26, 2021الخطبة الأولى ( وَيَقُولُ الْأَشْهَادُ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ)
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته : (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أُولَئِكَ يُعْرَضُونَ عَلَى رَبِّهِمْ وَيَقُولُ الْأَشْهَادُ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ (18) الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ) (18) ،(19) هود
إخوة الإسلام
لقد دعا الله عز وجل عباده إلى تدبر القرآن ، فقال الله تعالى : {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آَيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ} [ص: 29]، واليوم إن شاء الله موعدنا مع آية من كتاب الله ، نتدبرها ، ونسبح في بحار معانيها ، ونرتشف من رحيقها المختوم ، مع قوله تعالى : (وَيَقُولُ الْأَشْهَادُ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ) (18) هود ،قال ابن كثير : يبين الله تعالى في هذه الآية حال المفترين عليه ،وفضيحتهم في الدار الآخرة على رءوس الخلائق; من الملائكة ، والرسل ، والأنبياء ، وسائر البشر والجان ،وقال الطبري : (وَيَقُولُ الْأَشْهَادُ) ، يعني الملائكة والأنبياء الذين شهدوهم وحفظوا عليهم ما كانوا يعملون ، وهو كما في قوله تعالى : (وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيدًا عَلَى هَؤُلاءِ) [النحل: 89] ،فيشهد هؤلاء الأشهاد في الآخرة على هؤلاء المفترين على الله في الدنيا، فيقولون: هؤلاء الذين كذبوا في الدنيا على ربهم، ويقولون: يا ربنا أتيناهم بالحق فكذبوا، فنحن نشهد عليهم أنهم كذبوا عليك يا ربنا. فيقول الله تعالى : (أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ) ،أي : ألا غضب الله على المعتدين الذين كفروا بربّهم، وبعده وسخطه وإبعاده من رحمته على الذين وضعوا العبادة في غير موضعها
أيها المسلمون
إن الشهودَ في الحياة الدنيا قد يكذِبون، وقد يُبالغون في الحقيقة، وقد يمتنعون عن الإدلاء بالشهادة خوفاً من مُهدِّدٍ، أو طمعاً في مُرَغِّب، وقد تكون شهادتُهم غامضةٌ تحتاج إلى توضيح وتفصيل، ولكن شهودَ يومِ القيامة يختلفون تماماً عن شهود الدنيا، فلا تنفع معهم الرشاوي، ولا يعرفون المجاملات، وإنما يُؤمرون من ربهم وخالقهم فينطقون ويشهدون ، ولا يزيدون ولا ينقصُون، ولا يكذبون ولا يمتنعون، وتكون شهادتهم واضحة، وعباراتهم مفهومة. وأعظم الشهداء يوم المعاد على العباد : هو ربهم وخالقهم وفاطرهم سبحانه وتعالى ، فهو الذي خلقهم، ولا تخفى عليه منهم خافية، قال الله تعالى : (وَلاَ تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلاَّ كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ ) يونس61. وقال الله تعالى : ( إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدًا ) النساء33. فأي شهادة أعظم من شهادة الله على عبده وأمته، ( قُلْ كَفَى بِاللّهِ شَهِيدًا ) الإسراء96. ( وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللّهِ قِيلاً ) النساء122. ولكن الله عز وجل حكم عدل ، ويحب الإعذار إلى خلقه، وأن تقوم عليهم الحجة والبينة ، فيبعث سبحانه وتعالى شهداء إضافيين، زيادة في إقامة الحجة، وأول من يشهد في الأمم رسلها، فيشهد كل رسول على أمته بالبلاغ، قال الله تعالى : ( فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاء شَهِيدًا ) النساء41. وقال الله تعالى : ( وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا عَلَيْهِم مِّنْ أَنفُسِهِمْ ) النحل89. فهؤلاء الرسل صلوات الله وسلامه عليهم، يشهدون على أممهم بالبلاغ ، كما يشهدون على المكذبين بالتكذيب، قال الله تعالى : ( فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ ) الأعراف6 ، وهنا يكذب المكذبون، فيقولون في كل أمة: ما جاءنا من نذير، فتأتي هذه الأمة أمة محمد صلى الله عليه وسلم لتشهد للرسل جميعاً على أممهم المكذبين، كما قال تعالى: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ ) البقرة143. فنشهد نحن لنوح أنه بلغ، ولهود أنه بلغ، ولصالح أنه بلغ، وهكذا نشهد لسائر الأنبياء أنهم قد بلغوا وخبرهم عندنا في الكتاب، وإيماننا بذلك يؤهلنا أن نكون شهداء لسائر الأنبياء على أممهم يوم القيامة ، فقد روى البخاري في صحيحه : (عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – « يُدْعَى نُوحٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيَقُولُ لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ يَا رَبِّ . فَيَقُولُ هَلْ بَلَّغْتَ فَيَقُولُ نَعَمْ . فَيُقَالُ لأُمَّتِهِ هَلْ بَلَّغَكُمْ فَيَقُولُونَ مَا أَتَانَا مِنْ نَذِيرٍ . فَيَقُولُ مَنْ يَشْهَدُ لَكَ فَيَقُولُ مُحَمَّدٌ وَأُمَّتُهُ . فَتَشْهَدُونَ أَنَّهُ قَدْ بَلَّغَ » . ( وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا ) فَذَلِكَ قَوْلُهُ جَلَّ ذِكْرُهُ ( وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا ) البقرة143. ومن الشهود يوم القيامة : هذه الأرضُ التي نعيش عليها، يقول الله تعالى: ﴿ إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا * وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا * وَقَالَ الْإِنْسَانُ مَا لَهَا * يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا * بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا ﴾ [الزلزلة: 1 – 5] ، وروى الترمذي في سننه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ – رضي الله عنه – قَالَ: قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم -: يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا ، فقَالَ: ((أَتَدْرُونَ مَا أَخْبَارُهَا ؟)) قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: (( فَإِنَّ أَخْبَارَهَا أَنْ تَشْهَدَ عَلَى كُلِّ عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ بِمَا عَمِلَ عَلَى ظَهْرِهَا، أَنْ تَقُولَ عَمِلَ كَذَا وَكَذَا يَوْمَ كَذَا وَكَذَا )) قَالَ: ((فَهَذِهِ أَخْبَارُهَا)). ومن شهود يوم القيامة: الأشهاد، وهم الملائكة ، والرسل ، والعلماء ، والدعاة، يقول الله جل وعلا: ﴿ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أُولَئِكَ يُعْرَضُونَ عَلَى رَبِّهِمْ وَيَقُولُ الْأَشْهَادُ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ ﴾ [هود: 18] وخرّج البخاري في صحيحه من حديث ابن عمر – رضي الله عنه – أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال: (وَأَمَّا الْآخَرُونَ أَوْ الْكُفَّارُ فَيُنَادَى عَلَى رُءُوسِ الْأَشْهَادِ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ ) فمن الأشهاد : الملائكةِ الذين كانوا يُعبَدون من دون الله، والرسلِ الذين كانوا يُكذَّبون بما جاءوا به من الحق، والعلماء والدعاة إلى الله الذين كانوا يُكذبون، ويستهزئ بهم، فهم يشهدون ويفضحون الكفرة، والمنافقين والعلمانيين، والمجاهرين بالمعصية على رؤوس الخلائق. ومن الشهود يوم القيامة : الملكان اللذان يكتبان ، قال الله تعالى: ﴿ وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ * لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ * وَقَالَ قَرِينُهُ هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ ﴾ [ق: 21 – 23] قال ابن كثير رحمه الله في تفسيره: “أيْ ملكٌ يسوقه إلى المحشِر، وملكٌ تشهد عليه بأعماله”، وقال مجاهد رحمه الله: “هذا كلام الملَكُ السائق يقول: هذا ابن آدم الذي وكلتني به، قد أحضرته”. ومن شهود يوم القيامة : شهادة الإنسان على نفسه. قال الله تعالى: ﴿ يَامَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا شَهِدْنَا عَلَى أَنْفُسِنَا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَشَهِدُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ ﴾ [الأنعام: 130] ،وقال عز وجل: ﴿ حَتَّى إِذَا جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا يَتَوَفَّوْنَهُمْ قَالُوا أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالُوا ضَلُّوا عَنَّا وَشَهِدُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ ﴾ [الأعراف: 37] ، فهل هناك ذلة وخزي بعد هذا، أن يشهد الإنسان على نفسه.
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( وَيَقُولُ الْأَشْهَادُ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ)
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
فبعدما شهد رب العزة ، وشهدت الرسل، وشهدت الملائكة، وشهدت الأرض وما عليها، فمن بقي؟ ، بقيت شهادة الأعضاء ، ففي صحيح مسلم : (عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَضَحِكَ فَقَالَ « هَلْ تَدْرُونَ مِمَّ أَضْحَكُ ». قَالَ قُلْنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ « مِنْ مُخَاطَبَةِ الْعَبْدِ رَبَّهُ يَقُولُ يَا رَبِّ أَلَمْ تُجِرْنِي مِنَ الظُّلْمِ قَالَ يَقُولُ بَلَى. قَالَ فَيَقُولُ فَإِنِّي لاَ أُجِيزُ عَلَى نَفْسِى إِلاَّ شَاهِدًا مِنِّى قَالَ فَيَقُولُ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ شَهِيدًا وَبِالْكِرَامِ الْكَاتِبِينَ شُهُودًا – قَالَ – فَيُخْتَمُ عَلَى فِيهِ فَيُقَالُ لأَرْكَانِهِ انْطِقِي. قَالَ فَتَنْطِقُ بِأَعْمَالِهِ – قَالَ – ثُمَّ يُخَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكَلاَمِ – قَالَ – فَيَقُولُ بُعْدًا لَكُنَّ وَسُحْقًا. فَعَنْكُنَّ كُنْتُ أُنَاضِلُ ». وفي رواية لمسلم أيضا : (ثُمَّ يُقَالُ لَهُ الآنَ نَبْعَثُ شَاهِدَنَا عَلَيْكَ. وَيَتَفَكَّرُ فِي نَفْسِهِ مَنْ ذَا الَّذِى يَشْهَدُ عَلَىَّ فَيُخْتَمُ عَلَى فِيهِ وَيُقَالُ لِفَخِذِهِ وَلَحْمِهِ وَعِظَامِهِ انْطِقِي فَتَنْطِقُ فَخِذُهُ وَلَحْمُهُ وَعِظَامُهُ بِعَمَلِهِ وَذَلِكَ لِيُعْذِرَ مِنْ نَفْسِهِ. وَذَلِكَ الْمُنَافِقُ وَذَلِكَ الَّذِى يَسْخَطُ اللَّهُ عَلَيْهِ ».
أيها المسلمون
فلا يملك عصاة الجن والإنس يوم القيامة أمام هذه الشهادات المتوالية إلا الاستسلام والاعتراف، ولكن فات الأوان، فيا من قد وها شبابه، وامتلأ بالزلل كتابه، أما بلغك أن الجلود إذا استشهد نطقت، أما علمت أن النار للعصاة خلقت، إنها لتحرق كل من يلقى فيها، والتوبة تحجب عنها، والدمعة تطفيها، يا أسفاً للعصاة في مآبها، إذا انقطع أسبابها، وغابت في الأسى عند الحضور عتابها، كل أمة تدعى إلى كتابها، قامت الأمم على أقدامها، فأقامت تبكي على إقدامها، وسالت عيون من عيون غرامها، ندماً على آثامها، في أيامها وأحقابها، كل أمة تدعى إلى كتابها، في هذا اليوم ظهرت أهوال لا توصف، وبدت أمور لا تعرف، وكشفت حالات لم تكن تكشف، يا له من يوم لا كالأيام، تيقظ فيه من غفل ونام، ويحزن من فرح بالآثام، وتيقن بأن ما كان فيه من لذة أحلام، ذهبت اللذة وبقيت الحسرة.
أيها المسلمون
فهذه الشهود يوم القيامة حقيقةٌ ثابتةٌ في كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فالأمر خطير والعرض عسير، وهناك تبدو الأسرار وتنكشف الفضائح . ألا فلنتقِ الله في جوارحنا وأعضائنا كلها، ولنعلم أنها ستنطق علينا غداً أمام الله عز وجل، وتكون الفضيحة هناك، فكم من نظرة محرمة أطلقتها ستنطق عينك بها، وكم من خطوة مشيتها في معصية الله وأذية عباد الله، ستنطق رجلك بها، وكم من أشياء أخذتها وقبضتها بيدك، وأنت تعلم أنها ليست لك، ستنطق بها يدك، كم من اتفاقيات ومعاهدات وقعتها أيدي وهي تعلم أنها تخالف مراد الله عز وجل، ستشهد على أصحابها هناك. كم من ثروات ودنانير دخلت بطون أناس ظلماً وعدواناً، جوراً واحتيالاً، ستنطق أعضاؤهم بها، كم وكم من أمور وأشياء نُعمل هذه الجوارح بها، وننسى أنها ستشهد علينا.
الدعاء