خطبة عن : عدم التناهي عن المنكر وعواقبه ( كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ )
يوليو 28, 2021خطبة عن ذكر الله ( الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ )
يوليو 29, 2021الخطبة الأولى ( وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ)
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) (13) الحجرات
إخوة الإسلام
لقد دعا الله عز وجل عباده إلى تدبر القرآن ، فقال الله تعالى : {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آَيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ} [ص: 29]، واليوم – إن شاء الله- موعدنا مع آية من كتاب الله ، نتدبرها ، ونسبح في بحار معانيها ، ونرتشف من رحيقها المختوم ، مع قوله تعالى : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) (13) الحجرات ،قال السعدي في تفسيره : ( جعلهم شعوبًا وقبائل وذلك لأجل أن يتعارفوا، فإنهم لو استقل كل واحد منهم بنفسه، لم يحصل بذلك التعارف الذي يترتب عليه التناصر والتعاون، والتوارث، والقيام بحقوق الأقارب، ولكن الله جعلهم شعوبًا وقبائل، لأجل أن تحصل هذه الأمور وغيرها، مما يتوقف على التعارف، ولحوق الأنساب، ولكن الكرم بالتقوى، فأكرمهم عند الله، أتقاهم، وهو أكثرهم طاعة وانكفافًا عن المعاصي، لا أكثرهم قرابة وقومًا، ولا أشرفهم نسبًا )، وقد شاءتْ إرادة المولى –سبحانه وتعالى- أنْ يكون البشر أمماً مختلفةً، وشعوباً متعدّدةً، وفي تلك الإرادة الإلهية حكَماً عظيمةً ودلالاتٍ تستحقّ التأمل، وقد أقرّ الإسلام هذا التّنوع والاختلاف، ولكنّه أراده تنوّعاً يثري الحياة ويزيدها عطاءً وبناءً وتعارفاً وتآلفاً، فمثلما احترم الإسلام حقّ الإنسان بالانتماء لقومه وعشيرته؛ فأقرّ النّسب، بل حرّم انتساب أحدٍ إلى غير أصوله، وجعل الأقربين أولى بالبرّ والصلة، فكذلك أراد الإسلام للتّجمعات القبلية أنْ تلتقي على الخير والصلاح، وأنّ يكون اجتماعها تحت اسمٍ معيّنٍ ونسبٍ مشتركٍ سبباً في انطلاقها نحو نشر ثقافة احترام الآخرين والاعتراف بحقوقهم، وعاب الاسلام على من يجعل من أصله ونسبه سبباً في التعالي والتفاخر في غير مكانه؛ فنسبة البشر الأولى لآدم عليه السلام، وكلّ انتماءٍ يطغى على الانتماء للدّين فهو انتماءٌ باطلٌ، وكلّ ولاءٍ يُقدَّم على الولاء لله ولرسوله وللمؤمنين فهو ولاء زاهق. وفي ذلك دلالاتٌ هامّةٌ: أَنّ التّعارف يقتضي التناصر فيما بين الشعوب والقبائل؛ فلا مجال للتّفاخر، وأنّ التعارف ضد التناكر، ومن هنا فإنّ كلّ فعلٍ أو قولٍ لا يفضي إلى تحقيق التعارف بين الأمم فإنّه خروجٌ بالمراد الإلهي عن مقصوده، ونزوحٌ نحو التناكر المرفوض شرعاً، ومن ذلك فشوّ الغيبة والسّخرية والغمز واللمز. كما تحمل الآية الكريمة عدّة معانٍ لطيفةً تؤكّد عدم جواز الافتخار في موضع الأصل فيه التّعارف والتّآلف؛ ففي قول الله سبحانه: (إِنَّا خَلَقْناكُمْ) و (وَجَعَلْناكُمْ) إشارة إلى أنّ الافتخار لا يكون بما لا كسب للإنسان فيه، ولا سعي له في تحصيله؛ فالخالق والجاعل هو الله عزّ وجلّ، وأنّ ميدان الافتخار الحقيقي في بمعرفة الله تعالى. والتّعارف المراد به في الآية الكريمة هو التعارف الذي يقوم على التناصح والتناصر بالحقّ، والتعاون في مهمّة عمارة الأرض، والتّوارث وأداء الحقوق بين ذوي القربى، وثبوت النّسب، وهذا يتحقّق بجعل الناس شعوباً وقبائلاً متعدّدةً، على أنّ هذا التّعارف لا يُساوي بين الناس، بل جعل ميدان السَّبْق مفتوحاً عن طريق التقوى؛ فأكثر النّاس تقوى أحقّهم بكرامة الله تعالى، وبهذا يخرج من ميدان سباق الكرامة من طلبها من طريق الأكثر قوماً أو الأشرف نسباً. فالإسلام يقف بضراوة أمام الأفكار التي تميّز بين بني الإنسان تحت راية غير راية التّقوى، ومن هنا كان للإسلام موقفاً واضحاً تجاه العنصرية، حيث أنّ الإسلام قد حارب العنصريّة والقبليّة بكلّ أشكالها، وقرّر أنّ معيار التفاضل بين بني البشر قائمٌ على أساسٍ واحدٍ هو التّقوى، قال الله تعالى : (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ). كما أقرّ الإسلام بوجود الاختلاف في طبيعة البشر، بل جعل تعدّد صوره وأشكاله آيةً من آيات الله في خلق الكون؛ فقال الله سبحانه: (وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّلْعَالِمِينَ) الروم 22. كما عاب الإسلام على أصحاب العصبيّات البغيضة؛ ففي سنن أبي داود : (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم- قَالَ « لَيْسَ مِنَّا مَنْ دَعَا إِلَى عَصَبِيَّةٍ وَلَيْسَ مِنَّا مَنْ قَاتَلَ عَلَى عَصَبِيَّةٍ وَلَيْسَ مِنَّا مَنْ مَاتَ عَلَى عَصَبِيَّةٍ ». وقد شنّع الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- على أولئك الذين يرون عزّهم ورفعتهم بأقوامهم؛ ففي سنن أبي داود وغيره : (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ أَذْهَبَ عَنْكُمْ عُبِّيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ وَفَخْرَهَا بِالآبَاءِ مُؤْمِنٌ تَقِىٌّ وَفَاجِرٌ شَقِىٌّ أَنْتُمْ بَنُو آدَمَ وَآدَمُ مِنْ تُرَابٍ لَيَدَعَنَّ رِجَالٌ فَخْرَهُمْ بِأَقْوَامٍ إِنَّمَا هُمْ فَحْمٌ مِنْ فَحْمِ جَهَنَّمَ أَوْ لَيَكُونُنَّ أَهْوَنَ عَلَى اللَّهِ مِنَ الْجِعْلاَنِ الَّتِي تَدْفَعُ بِأَنْفِهَا النَّتْنَ ». وفي سبيل إزالة الفوارق القائمة على الطبقية والقومية سعى الإسلام إلى تحرير الإنسان من عبودية العباد إلى عبودية رب العباد؛ فجاءت التّشريعات التي قصدتْ إلى إزالة الرِّقّ الذي كان قد فشا في جاهلية جزيرة العرب، ومن هذه التشريعات كفّارات الأيْمَان، والظّهار، والقتل غير المتعمّد. وقد أثمرتْ هذه المبادئ التي دعا إليها الإسلام تطبيقاً عملياً شهده المسلمون ومارسوه في المدينة المنورة عندما تعايشوا مع اليهود على أساس أداء الحقوق والوفاء بالواجبات، كما تصالحتْ الدولة الإسلامية مع نصارى نجران. كما ضمّ الإسلام تحت جناحيه ثلّةً من كبار الصحابة على أساس الولاء للدين والعقيدة، وأزال كلّ الفوارق التي تقوم على أساس العِرق أو اللون؛ فجمعت راية الإسلام سلمان الفارسي، وبلال الحبشي، وصهيب الرّومي مع القرشيين والعرب من صحابة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.
أيها المسلمون
وفي قوله تعالى : {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} (13) الحجرات ،فإذا كانت هذه الآية الكريمة تدعو الناس إلى التعارف ، فإن مهارات حسن التعارف والتعرّف لم ولن تجد لها مثلاً يُحتذى به كمثل رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال الحسن: سألت أبي عن سيرة النبي صلى الله عليه وسلم في جلسائه ، فقال : “كان دائم البشر، سهل الخلق، ليّن الجانب، ليس بفظٍّ ولا غليظٍ ولا صخّابٍ ولا فحّاشٍ ولا عيّابٍ ولا مشاحن، يتغافل عمّا لا يشتهي، ولا يؤيّس منه راجيه ولا يخيّب رجاءه فيه، وقد ترك نفسه من ثلاث: كان لا يذمّ أحداً ولا يعيبه، ولا يطلب عورته، ولا يتكلّم إلا فيما رجا ثوابه، وإذا تكلّم أطرق جلساؤه كأن على رؤوسهم الطير، فإذا سكت تكلّموا، لا يتنازعون عنده الحديث، ومن تكلّم عنده أنصتوا له حتى يفرغ حديثهم منه، ويصبر للغريب على الجفوة في منطقه ومسألته، ويقول: إذا رأيتم طالب حاجة فارفدوه، ولا يطلب الثناء إلا من مكافئ ولا يقطع على أحد حديثه يجوز فيقطعه بنهي أو قيام، ولقد كان يتعرّف على مدعويه قبل دعوتهم”.
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ)
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
والمتأمل للخطاب القرآني الكريم في قوله تعالى : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) (13) الحجرات ،يجد أن هذا الخطاب قد تضمن عدّة فوائد ، ومنها : الفائدة الأولى : مشروعيّة اعتناء المسلم بنسبه ومعرفة مكانة بيته وعشيرته في حدود الشرع إذا لم يترتب على ذلك مفسدة أو ظلم وتعدّي على أحد أو عصبيّة ،الفائدة الثانية : أن الله لما أخبر بانه جعلنا شعوباً وقبائل ذكر في الآية ثلاثة أمور تمنعنا من التفاخر بالقبيلة والعصبيّة لها : {إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ} [الحجرات:13] فالناس كلهّم لآدم، فبأي منطق يفخر بعضنا على بعض والأصل واحد؟. الأمر الثاني : {لِتَعَارَفُوا} [الحجرات:13] ، وليس لتفاخروا. الأمر الثالث : {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات:13] ، فصرحت بالمعيار الشرعي الذي يكون به التفاضل، ليس النسب ولا القبيلة، وإنما الإيمان والتقوى ففي مسند أحمد : (قال صلى الله عليه وسلم : « يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَلاَ إِنَّ رَبَّكُمْ وَاحِدٌ وَإِنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ أَلاَ لاَ فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى أَعْجَمِيٍّ وَلاَ لِعَجَمِيٍّ عَلَى عَرَبِيٍّ وَلاَ لأَحْمَرَ عَلَى أَسْوَدَ وَلاَ أَسْوَدَ عَلَى أَحْمَرَ إِلاَّ بِالتَّقْوَى أَبَلَّغْتُ ». قَالُوا بَلَّغَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم )، الفائدة الثالثة : أن الإسلام كفل للإنسان حقوقه ومنها المساواة: فالإسلام أتى ليقضي على مظاهر التفرقة بين الناس والتمييز العنصري بشتى أشكاله وصوره وقد تمثّل ذلك في قصة المرأة المخزومية التي سرقت، فقد روى البخاري ومسلم : (عَنْ عَائِشَةَ – رضى الله عنها أَنَّ قُرَيْشًا أَهَمَّهُمْ شَأْنُ الْمَرْأَةِ الْمَخْزُومِيَّةِ الَّتِي سَرَقَتْ ، فَقَالَ وَمَنْ يُكَلِّمُ فِيهَا رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – فَقَالُوا وَمَنْ يَجْتَرِئُ عَلَيْهِ إِلاَّ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ ، حِبُّ رَسُولِ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – ، فَكَلَّمَهُ أُسَامَةُ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – « أَتَشْفَعُ فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ » . ثُمَّ قَامَ فَاخْتَطَبَ ، ثُمَّ قَالَ : « إِنَّمَا أَهْلَكَ الَّذِينَ قَبْلَكُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ ، وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الضَّعِيفُ أَقَامُوا عَلَيْهِ الْحَدَّ ، وَايْمُ اللَّهِ ، لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ ابْنَةَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا »
أيها المسلمون
ولقد نصب الإسلام جسوراً لتحقيق التواصل والتعارف بين البشر ومن هذه الجسور : الجسر الأول : الابتسامة: ففي سنن الترمذي : (عَنْ أَبِى ذَرٍّ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « تَبَسُّمُكَ فِي وَجْهِ أَخِيكَ لَكَ صَدَقَةٌ) ، الجسر الثاني : السلام: فهو جسر ثاني من جسور الإنسانيّة التي تنتقل عليه المعارفُ والخبرات وقد أعطى الإسلام ثواباً عظيماً لمن يسلّم ولمن يرّد السلام، وروى مسلم في صحيحه : (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « لاَ تَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا وَلاَ تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا. أَوَلاَ أَدُلُّكُمْ عَلَى شَيْءٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ أَفْشُوا السَّلاَمَ بَيْنَكُمْ ». الجسر الثالث: قولوا للناس حسناً: فحسن القول من أطيب الكلام ولذلك أمر الله به وقال {وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً} [البقرة:83] ، فالكلمة الطيّبة صدقة، والكلمات الطيّبات جسور لا تُهدم، وصلاتٌ لا تُقطع، فما أعطى الله سبحانه ثواب الصدقة على الكلمة الطيّبة إلا لأن هذه الكلمة تشكّل جسور المحبّة والتعاون والتآلف وتقطع طريق الشيطان ، الجسر الرابع : ادفع بالتي هي أحسن: وهي وسيلة صيانة هذه الجسور الإنسانية من التصدّع والانهيار، فقد يبدو من الأطراف الأخرى ما لا تطيقه وما لا تحتمله وقد تبدي الأطراف الأخرى أساليب لهدم هذه الجسور، فلا بد أن تحمي هذه الجسور مبادلاً الإساءة بالإحسان.. فإنها والله نِعمّا الصيانة لهذه الجسور ، قال الله تعالى : {فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ} [فصلت:34]. الجسر الخامس : التواضع: فإنه يمنع من البغي وهو الظلم والعدوان والطغيان واحتقار الناس ورد الحق ، وفي صحيح مسلم ، يقول صلى الله عليه وسلم : « وَإِنَّ اللَّهَ أَوْحَى إِلَىَّ أَنْ تَوَاضَعُوا حَتَّى لاَ يَفْخَرَ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ وَلاَ يَبْغِى أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ ».
الدعاء