خطبة عن ( قُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا )
أكتوبر 16, 2021خطبة عن ( أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ)
أكتوبر 16, 2021الخطبة الأولى : حال الموحدين من أهل الكبائر ( إِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُ ، وَإِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ)
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته :(وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) (39) البقرة وقال الله تعالى : ( بَلَى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (81) وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) (81) :(82) البقرة ،وقال الله تعالى : (وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) (217) البقرة، وقال الله تعالى : (إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا) (48) النساء، وروى البخاري في صحيحه : (عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ – رضى الله عنه – قَالَ كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – فِي مَجْلِسٍ فَقَالَ « بَايِعُونِي عَلَى أَنْ لاَ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ شَيْئًا وَلاَ تَسْرِقُوا ، وَلاَ تَزْنُوا » . وَقَرَأَ هَذِهِ الآيَةَ كُلَّهَا « فَمَنْ وَفَى مِنْكُمْ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَعُوقِبَ بِهِ ، فَهْوَ كَفَّارَتُهُ ، وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا ، فَسَتَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ ، إِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُ ، وَإِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ »
إخوة الإسلام
من خلال النظر والتدبر والتأمل في الآيات السابقة ، والحديث النبوي الصحيح ، يتبين لنا أن أصحاب النار يوم القيامة على فريقين : فريق يخلدون في النار ، فلا يخرجون منها أبدا ، وأولئك هم الذين ماتوا على الكفر والشرك والإلحاد ، وعلى غير الاسلام والإيمان والتوحيد لله رب العالمين ، ففي مسند أحمد : عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « يُقَالُ لِلرَّجُلِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَرَأَيْتَ لَوْ كَانَ لَكَ مَا عَلَى الأَرْضِ مِنْ شَيْءٍ أَكُنْتَ مُفْتَدِياً بِهِ قَالَ فَيَقُولُ نَعَمْ. قَالَ فَيَقُولُ قَدْ أَرَدْتُ ِمنْكَ أَهْوَنَ مِنْ ذَلِكَ قَدْ أَخَذْتُ عَلَيْكَ فِي ظَهْرِ آدَمَ أَنْ لاَ تُشْرِكَ ِبي شَيْئاً فَأَبَيْتَ إِلاَّ أَنْ تُشْرِكَ ». أما الفريق الآخر : فهم الذين لا يخلدون في النار ، ولكنهم يعاقبون فيها لفترة ، ثم يخرجهم الله تعالى منها برحمته وشفاعة الشافعين ، وهؤلاء هم الذين شاءت إرادة الله تعالى أن يدخلوها من الموحدين من أهل الكبائر ، كما في قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث السابق : (وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا ، فَسَتَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ ، إِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُ ، وَإِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ) وفي صحيح البخاري : يقول صلى الله عليه وسلم 🙁 حَتَّى إِذَا أَرَادَ اللَّهُ رَحْمَةَ مَنْ أَرَادَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ ، أَمَرَ اللَّهُ الْمَلاَئِكَةَ أَنْ يُخْرِجُوا مَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللَّهَ ، فَيُخْرِجُونَهُمْ وَيَعْرِفُونَهُمْ بِآثَارِ السُّجُودِ ، وَحَرَّمَ اللَّهُ عَلَى النَّارِ أَنْ تَأْكُلَ أَثَرَ السُّجُودِ فَيَخْرُجُونَ مِنَ النَّارِ ، فَكُلُّ ابْنِ آدَمَ تَأْكُلُهُ النَّارُ إِلاَّ أَثَرَ السُّجُودِ ، فَيَخْرُجُونَ مِنَ النَّارِ قَدِ امْتَحَشُوا ، فَيُصَبُّ عَلَيْهِمْ مَاءُ الْحَيَاةِ ، فَيَنْبُتُونَ كَمَا تَنْبُتُ الْحِبَّةُ فِي حَمِيلِ السَّيْلِ ،..)، وفيه أيضا : (عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضى الله عنه – عَنِ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ :« يَدْخُلُ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ ، وَأَهْلُ النَّارِ النَّارَ ، ثُمَّ يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى : أَخْرِجُوا مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ . فَيُخْرَجُونَ مِنْهَا قَدِ اسْوَدُّوا فَيُلْقَوْنَ فِي نَهَرِ الْحَيَا – أَوِ الْحَيَاةِ ، شَكَّ مَالِكٌ – فَيَنْبُتُونَ كَمَا تَنْبُتُ الْحِبَّةُ فِي جَانِبِ السَّيْلِ ، أَلَمْ تَرَ أَنَّهَا تَخْرُجُ صَفْرَاءَ مُلْتَوِيَةً » وفي الصحيحين واللفظ للبخاري : يقول صلى الله عليه وسلم في حديث طويل : « فَيَشْفَعُ النَّبِيُّونَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَالْمُؤْمِنُونَ فَيَقُولُ الْجَبَّارُ بَقِيَتْ شَفَاعَتِي . فَيَقْبِضُ قَبْضَةً مِنَ النَّارِ فَيُخْرِجُ أَقْوَامًا قَدِ امْتُحِشُوا ، فَيُلْقَوْنَ فِي نَهَرٍ بِأَفْوَاهِ الْجَنَّةِ يُقَالُ لَهُ مَاءُ الْحَيَاةِ ، فَيَنْبُتُونَ فِي حَافَتَيْهِ كَمَا تَنْبُتُ الْحِبَّةُ فِي حَمِيلِ السَّيْلِ ، …، فَيَخْرُجُونَ كَأَنَّهُمُ اللُّؤْلُؤُ ، فَيُجْعَلُ فِي رِقَابِهِمُ الْخَوَاتِيمُ فَيَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ فَيَقُولُ أَهْلُ الْجَنَّةِ هَؤُلاَءِ عُتَقَاءُ الرَّحْمَنِ أَدْخَلَهُمُ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ عَمَلٍ عَمِلُوهُ وَلاَ خَيْرٍ قَدَّمُوهُ) ، ومعنى: (بِغَيْرِ عَمَلٍ عَمِلُوهُ ، وَلاَ خَيْرٍ قَدَّمُوهُ) أي : لم يعملوا خيرًا قط ، فلم يعملوا الخيرات ، ولكن عندهم أصل التوحيد، ، ويشترط كذلك: ألا يكونوا قد ارتكبوا شيئًا يخرجهم من الملة، أو تركوا شيئًا يخرجهم تركه من الملة، وروى مسلم في صحيحه : يقول صلى الله عليه وسلم : (حَتَّى إِذَا خَلَصَ الْمُؤْمِنُونَ مِنَ النَّارِ فَوَ الَّذِي نَفْسِى بِيَدِهِ مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ بِأَشَدَّ مُنَاشَدَةً لِلَّهِ فِي اسْتِقْصَاءِ الْحَقِّ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لِلَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ فِي النَّارِ يَقُولُونَ رَبَّنَا كَانُوا يَصُومُونَ مَعَنَا وَيُصَلُّونَ وَيَحُجُّونَ. فَيُقَالُ لَهُمْ أَخْرِجُوا مَنْ عَرَفْتُمْ. فَتُحَرَّمُ صُوَرُهُمْ عَلَى النَّارِ فَيُخْرِجُونَ خَلْقًا كَثيرًا قَدْ أَخَذَتِ النَّارُ إِلَى نِصْفِ سَاقَيْهِ وَإِلَى رُكْبَتَيْهِ ثُمَّ يَقُولُونَ رَبَّنَا مَا بَقِىَ فِيهَا أَحَدٌ مِمَّنْ أَمَرْتَنَا بِهِ. فَيَقُولُ ارْجِعُوا فَمَنْ وَجَدْتُمْ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالَ دِينَارٍ مِنْ خَيْرٍ فَأَخْرِجُوهُ. فَيُخْرِجُونَ خَلْقًا كَثِيرًا ثُمَّ يَقُولُونَ رَبَّنَا لَمْ نَذَرْ فِيهَا أَحَدًا مِمَّنْ أَمَرْتَنَا. ثُمَّ يَقُولُ ارْجِعُوا فَمَنْ وَجَدْتُمْ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالَ نِصْفِ دِينَارٍ مِنْ خَيْرٍ فَأَخْرِجُوهُ. فَيُخْرِجُونَ خَلْقًا كَثِيرًا ثُمَّ يَقُولُونَ رَبَّنَا لَمْ نَذَرْ فِيهَا مِمَّنْ أَمَرْتَنَا أَحَدًا. ثُمَّ يَقُولُ ارْجِعُوا فَمَنْ وَجَدْتُمْ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ مِنْ خَيْرٍ فَأَخْرِجُوهُ. فَيُخْرِجُونَ خَلْقًا كَثِيرًا ثُمَّ يَقُولُونَ رَبَّنَا لَمْ نَذَرْ فِيهَا خَيْرًا »
أيها المسلمون
والسؤال الذي يطرح نفسه : ما هي أهم كبائر الذنوب التي قد يدخل بسببها الموحد النار؟، فأقول مستعينا بالله تعالى : أولها : الرياء : فهذا الذي قاتل الأعداء ليقال عنه فلان شجاع ، وهذا الذي أنفق وتصدق ليقال فلان كريم، وهذا الذي تعلم العلم وعلمه ليقال فلان قارئ أو فلان عالم ، هؤلاء جميعا لا يقبل الله منهم أعمالهم ،ففي سنن الترمذي : (عن أبي هريرة ( رضي الله عنه ) قال : (حَدَّثَنِى رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ يَنْزِلُ إِلَى الْعِبَادِ لِيَقْضِىَ بَيْنَهُمْ وَكُلُّ أُمَّةٍ جَاثِيَةٌ فَأَوَّلُ مَنْ يَدْعُو بِهِ رَجُلٌ جَمَعَ الْقُرْآنَ وَرَجُلٌ قُتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَرَجُلٌ كَثِيرُ الْمَالِ فَيَقُولُ اللَّهُ لِلْقَارِئِ أَلَمْ أُعَلِّمْكَ مَا أَنْزَلْتُ عَلَى رَسُولِي قَالَ بَلَى يَا رَبِّ. قَالَ فَمَاذَا عَمِلْتَ فِيمَا عُلِّمْتَ قَالَ كُنْتُ أَقُومُ بِهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ. فَيَقُولُ اللَّهُ لَهُ كَذَبْتَ وَتَقُولُ لَهُ الْمَلاَئِكَةُ كَذَبْتَ وَيَقُولُ اللَّهُ لَهُ بَلْ أَرَدْتَ أَنْ يُقَالَ إِنَّ فُلاَنًا قَارِئٌ فَقَدْ قِيلَ ذَاكَ. وَيُؤْتَى بِصَاحِبِ الْمَالِ فَيَقُولُ اللَّهُ لَهُ أَلَمْ أُوَسِّعْ عَلَيْكَ حَتَّى لَمْ أَدَعْكَ تَحْتَاجُ إِلَى أَحَدٍ قَالَ بَلَى يَا رَبِّ. قَالَ فَمَاذَا عَمِلْتَ فِيمَا آتَيْتُكَ قَالَ كُنْتُ أَصِلُ الرَّحِمَ وَأَتَصَدَّقُ. فَيَقُولُ اللَّهُ لَهُ كَذَبْتَ وَتَقُولُ لَهُ الْمَلاَئِكَةُ كَذَبْتَ وَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى بَلْ أَرَدْتَ أَنْ يُقَالَ فُلاَنٌ جَوَادٌ فَقَدْ قِيلَ ذَاكَ. وَيُؤْتَى بِالَّذِي قُتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقُولُ اللَّهُ لَهُ فِي مَاذَا قُتِلْتَ فَيَقُولُ أُمِرْتُ بِالْجِهَادِ فِي سَبِيلِكَ فَقَاتَلْتُ حَتَّى قُتِلْتُ. فَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ كَذَبْتَ وَتَقُولُ لَهُ الْمَلاَئِكَةُ كَذَبْتَ وَيَقُولُ اللَّهُ بَلْ أَرَدْتَ أَنْ يُقَالَ فُلاَنٌ جَرِيءٌ فَقَدْ قِيلَ ذَاكَ ». ثُمَّ ضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَلَى رُكْبَتِي فَقَالَ :« يَا أَبَا هُرَيْرَةَ أُولَئِكَ الثَّلاَثَةُ أَوَّلُ خَلْقِ اللَّهِ تُسَعَّرُ بِهِمُ النَّارُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ». ثانيا : ومن الكبائر التي قد تكون سببا في دخول فاعلها النار ما لم يتب منها قبل موته : الشيخ الزاني ، الذي تقدم به السن، وهو ليس في فورة الشباب، وليست دواعي الشهوة عنده قوية ، ومع ذلك فهو يزني ، وملك كذاب، فهو عنده السلطان ، ولا يحتاج إلى الكذب، ولا يخاف من رعيته، فلماذا يكذب؟ فهذا الكذب متأصل في نفسه، ثم هو قدوة للناس، ويكذب على الملأ ، وعائل فقير مستكبر ، فلماذا يتكبر الفقير وهو لا يملك شيئا ، فهذا معناه أن التكبر متأصل في نفسه، فقد روى مسلم في صحيحه : (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- : « ثَلاَثَةٌ لاَ يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلاَ يُزَكِّيهِمْ – قَالَ أَبُو مُعَاوِيَةَ وَلاَ يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ – وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ شَيْخٌ زَانٍ وَمَلِكٌ كَذَّابٌ وَعَائِلٌ مُسْتَكْبِرٌ ».
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( حال الموحدين من أهل الكبائر )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
ومن الكبائر التي قد تكون سببا في دخول فاعلها النار ما لم يتب منها قبل موته : التجسس على المسلمين ، وكذا المصورون لما فيه الروح ، يضاهئون به خلق الله ، ففي صحيح البخاري : (عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ : « مَنْ تَحَلَّمَ بِحُلُمٍ لَمْ يَرَهُ ، كُلِّفَ أَنْ يَعْقِدَ بَيْنَ شَعِيرَتَيْنِ ، وَلَنْ يَفْعَلَ ، وَمَنِ اسْتَمَعَ إِلَى حَدِيثِ قَوْمٍ وَهُمْ لَهُ كَارِهُونَ أَوْ يَفِرُّونَ مِنْهُ ، صُبَّ فِي أُذُنِهِ الآنُكُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، وَمَنْ صَوَّرَ صُورَةً ، عُذِّبِ وَكُلِّفَ أَنْ يَنْفُخَ فِيهَا ، وَلَيْسَ بِنَافِخٍ » ، رابعا : ومن الكبائر التي قد تكون سببا في دخول فاعلها النار ما لم يتب منها قبل موته : عقوق الوالدين: ( فعن أبى هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “رغم أنفه، رغم أنفه، رغم أنفه”. قالوا: يا رسول الله! من؟ قال: “من أدرك والديه عنده الكبر، أو أحدهما، فدخل النار” رواه البخاري في الأدب المفرد ، وصححه الألباني ،خامسا : ومن الأعمال التي يجب اتقاؤها للنجاة من النار: مخالفة هدي النبي -عليه الصلاة والسلام-، وهدي المؤمنين، وإجماع المؤمنين؛ لأن الله -عز وجل- قال: (وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيرًا ) [النساء: 115]. سادسا : ومن الأعمال التي يجب كذلك اتقاؤها: الركون إلى الظالمين، والكفرة، وموالاة هؤلاء، قال الله تعالى: (وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ ) [هود: 113]. وقال عز وجل: (إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ (25) ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ (26) فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ (27) ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ) (25) :(28) محمد ، سابعا : ومن الكبائر التي قد تكون سببا في دخول فاعلها النار ما لم يتب منها قبل موته :عدم حفظ الفرج والفم : ففي سنن الترمذي : ( عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَنْ أَكْثَرِ مَا يُدْخِلُ النَّاسَ الْجَنَّةَ فَقَالَ « تَقْوَى اللَّهِ وَحُسْنُ الْخُلُقِ ». وَسُئِلَ عَنْ أَكْثَرِ مَا يُدْخِلُ النَّاسَ النَّارَ فَقَالَ « الْفَمُ وَالْفَرْجُ » ،ثامنا : ومنها أيضا : الاستهزاء بالمؤمنين، وازدراء الصالحين؛ فهؤلاء يقولون يوم القيامة : (رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ) [المؤمنون: 107]، فيقول الله تعالى لهم: (قَالَ اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ (108) إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ (109) فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا حَتَّى أَنْسَوْكُمْ ذِكْرِي وَكُنْتُمْ مِنْهُمْ تَضْحَكُونَ) (108) :(110) المؤمنون ، فلما سخروا من عباده ، أدخلهم الله تعالى النار.
الدعاء