خطبة عن سؤال الله طول العمر ، وحديث ( سَأَلْتِ اللَّهَ لآجَالٍ مَضْرُوبَةٍ وَآثَارٍ مَوْطُوءَةٍ وَأَرْزَاقٍ مَقْسُومَةٍ)
أكتوبر 30, 2021خطبة حول ( مَتَى نَصْرُ اللَّهِ ؟؟ )
نوفمبر 3, 2021الخطبة الأولى ( إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته : (قَالَ هَلْ عَلِمْتُمْ مَا فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنْتُمْ جَاهِلُونَ (89) قَالُوا أَإِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ قَالَ أَنَا يُوسُفُ وَهَذَا أَخِي قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ) (89) ،(90) يوسف
إخوة الإسلام
اليوم -إن شاء الله- موعدنا مع آية من كتاب الله ، نتدبرها ، ونسبح في بحار معانيها ، ونرتشف من رحيقها المختوم ، مع قوله تعالى : (إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ) (90) يوسف، يقول الطبري في تفسيرها : إنه من يتق الله فيراقبه بأداء فرائضه واجتناب معاصيه ، (ويصبر)، فيكفّ نفسه ، فيحبسها عما حرَّم الله عليه من قول أو عمل عند مصيبةٍ نـزلتْ به من الله فإن الله لا يُبْطل ثواب إحسانه وجزاء طاعته إيَّاه فيما أمره ونهاه . فالصبر والتقوى: دواء لكل داء من ادواء الدين، ولا يستغني أحدهما عن صاحبه ، وكلَّ خيرٍ في الدُّنيا والآخِرةِ فمِن آثارِ التَّقْوَى والصَّبْرِ، وأنَّ عاقبةَ أهْلِهِما أحسنُ العواقبِ ، وقد جمعت هذه الآية العجيبة جميع مطلوبات الله من العبد، وجواز مروره إلى رضوان الله ، فلابد لكل مُؤمن من أمر يمتثله ، ونهي يجتنبه ، وقَدَر يرضى به، فأقلُّ حالة لا يخلو المؤمن فيها من أحد هذه الأشياء الثلاثة، فينبغي له أن يلزم هَمُّها قلبه، وليُحدِّث بها نفسه ويأخُذ بها الجوارِح في سائر أحواله ، وهذا مطابقة لقوله تعالى: {وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا} [آل عمران: 120]. ولقوله تعالى: {وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ} [آل عمران: 186]، فالتقوى تتضمن فعل المأمور وترك المحظور، والصبر يتضمن الصبر على المقدور، فالثلاثة ترجع إلى هذين الأصليين، والثلاثة في الحقيقة ترجع إلى امتثال الأمر وهو طاعة الله ورسوله
أيها المسلمون
وقوله تعالى : {إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} (90) يوسف ، فهذه قاعدة قرآنية ثابتة ، قال شيخ الإسلام ـ مبيناً ذلك ، فقال: “وهكذا إذا أوذي المؤمن على إيمانه، وطُلب منه الكفر أو الفسوق أو العصيان ـ وإن لم يفعل أوذي وعوقب ـ اختار الأذى والعقوبة على فراق دينه : إما الحبس وإما الخروج من بلده، كما جرى للمهاجرين حين اختاروا فراق الأوطان على فراق الدين، وكانوا يعذبون ويؤذون. وقد أوذي النبي صلى الله عليه وسلم بأنواع من الأذى فكان يصبر عليها صبراً اختيارياً، فإنه إنما يُؤذى لئلا يفعل ما يفعله باختياره، وكان هذا أعظم من صبر يوسف؛ لأن يوسف (عليه السلام) إنما طلب منه الفاحشة، وإنما عوقب ـ إذا لم يفعل ـ بالحبس، والنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه طلب منهم الكفر، وإذا لم يفعلوا طلبت عقوبتهم بالقتل فما دونه، وأهون ما عوقب به الحبس… إلى أن قال : فكان ما حصل للمؤمنين من الأذى والمصائب هو باختيارهم طاعة لله ورسوله ،لم يكن من المصائب السماوية التي تجري بدون اختيار العبد من جنس حبس يوسف ، لا من جنس التفريق بينه وبين أبيه ،وهذا أشرف النوعين ، وأهلها أعظم بدرجة وإن كان صاحب المصائب يثاب على صبره ورضاه ، وتكفر عنه الذنوب بمصائبه” ، ومن تطبيقات هذه القاعدة القرآنية: {إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} (90) يوسف، تربيةُ النفس على التقوى والصبر على ما يسمى بعشق الصور، التي أفسدت قلوب فئام من الناس، بسبب تعلق قلوبهم بتلك الصور، سواء أكانت صوراً حية، أم ثابتة. ولقد عظمت الفتنة بهذه الصور في عصرنا هذا، الذي لم تعرف الدنيا عصراً أعظم منه في انتشار الصورة، والاحتراف في تصويرها، والتفنن في تغيير ملامحها، وتَيّسر الوصول إلى الصور المحرمة منها وغير المحرمة، عن طريق الإنترنت، والجوال، وغيرها من الوسائل. فعلى المؤمن الناصح لنفسه أن يتقي ربه، وأن يجاهد نفسه في البعد عن هذا المرتع الوخيم ـ أعني تقليب النظر في الصور المحرمة ـ وأن يوقن أن ما يقذفه الله في قلبه من الإيمان والنور والراحة والطمأنينة سيكون أضعاف ما يجده من لذة عابرة بتلك الصور، ومن تطبيقات هذه القاعدة القرآنية العظيمة: {إِنّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} (90) يوسف ،إن الإنسان قد يبتلى بحُساد يحسدونه على ما آتاه الله من فضله، وقد يجد من آثار هذا الحسد ألواناً من الأذى القولي أو الفعلي، كما وقع لأحد ابني آدم حين حسد أخاه؛ لأن الله تقبل قربانه ولم يتقبل قربان أخيه، وكما وقع ليوسف مع إخوته، وقد يقع هذا من المرأة مع ضرتها، أو من الزميل مع زميله في العمل. فعلى من ابتلي بذلك أن يتذكر هذه القاعدة القرآنية: {إِنّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} (90) يوسف ، وليتذكر ـ أيضاً ـ قوله تعالى: {وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا} [آل عمران: 120]..
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
فلا سبيل لمجابهة الشدائد إلا بالاستعانة بالله ،ولا سبيل لمقارعة الخطوب إلا بالتوكل على الله، ولا سبيل لمواجهة العقبات إلا بتقوي الله، ولا سبيل للتغلب علي المكائد إلا بالصبر في الحياة، والحق الذي نطقت به الشرائع السماوية والصدق الذي أرشدت إليه التجارب الحياتية وهو: ” إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ “(90) يوسف ،فالتقوي والصبر خطان متوازيان لا يفترقان عند أهل الاحسان، من يتق الله فيطعه فيما أمر، وينتهي عما عنه نهى، ويصبر على ما أصابه ،فلا يستعجل الأقدار ،ولا يستعمل الأشرار ، ولا يحمل الأوزار، فإن الله لا يضيع أجره في الدنيا ، ثم يؤتيه أجره في الآخرة . والتقوى تتضمن فعل المأمور وترك المحظور، والصبر يتضمن الصبر على المقدور، والمأمور ، والمحظور، والثلاثة في الحقيقة ترجع إلى ،أمتثال الأمر وهو طاعة الله ورسوله.. فالمؤمن يصْبر عن الشَّهوة، ويصبر على الطاعة، ويصبر على قضاء الله وقدره،
الدعاء