خطبة عن ( أنواع الهداية )
مارس 24, 2016خطبة عن (من آداب ذكر الله )
مارس 25, 2016الخطبة الأولى ( مراتب الهداية ، وأسبابها ، وموانعها )
الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. نشهد أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة ، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته وهو أصدق القائلين : (فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ) الأنعام: 125. ويقول سبحانه : (وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ) فصلت: 17. ورى ابن حبان في صحيحه أن( رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو بهذا الدعاء « اللَّهُمَّ اهْدِنَا فِيمَنْ هَدَيْتَ ، وَعَافِنَا فِيمَنْ عَافَيْتَ ، وَتَوَلَّنَا فِيمَنْ تَوَلَّيْتَ ، وَبَارِكْ لَنَا فِيمَا أَعْطَيْتَ)
إخوة الاسلام
لقد أمرنا الله سبحانه أن نسأله كل يوم وليلة مرات عديدة أن يهدينا صراطه المستقيم ، صراط الذين أنعم عليهم ، وهم أولو الهدى والرحمة، وأن يجنبنا طريق المغضوب عليهم والضالين ، وذلك في قوله تعالى ( اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ) الفاتحة 6، ، والهداية لفظ يشمل الدلالة على ما فيه الحاجة إليه ،فأنت إذا أردت أن تسلك طريقا ، فأنت محتاج إلى من يدلك عليه ، وإذا أردت أن تلتمس علما ، فأنت محتاج إلى من يعلمك ، وهكذا ، فأصل الهداية الدلالة ، وفيها دلالة وإيضاح . وفي القرآن العظيم جاءت الهداية في مواضع كثيرة ، وقسّمها أهل العلم إلى أربعة أقسام ، يعني : على ما جاء في القرآن : النوع الأول :الهداية الغريزية ، وهي هداية المخلوق إلى ما فيه بقاء حياته وحسن معاشه ، والدليل على هذه المرتبة قوله عزّ وجلّ : (( الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى )) [ طه : 50 ] ، أي: هداه إلى ما فيه مصلحته في دنياه ، إلى آخر ذلك . فالله عزّ وجلّ هدى الرضيع كيف يلتقم الثدي ويحتاج إليه ، وهدى الطائر لمصلحته ، وهدى الحيوان لمصلحته ، إلى آخر ذلك . النوع الثاني : الهداية بمعنى الدلالة والإرشاد ، دلالة و إرشاد من آخَر لما فيه مصلحة العبد في دنياه ، أو في آخرته ، أو فيهما معا ، وهذه هي الأكثر في القرآن ، الهداية بهذا المعنى ، وهي هداية الدّلالة والإرشاد ، وهي التي جاءت في مثل قوله عزّ وجلّ : (( وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ )) [ الرعد : 7 ] ، يعني : دال يدلّهم على الطريق .
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( مراتب الهداية ، وأسبابها ، وموانعها )
الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. نشهد أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة ، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
أما النوع الثالث :فهو هداية التوفيق وهي أخصّ من التي قبلها ، وهذه خاصة بالله عزّ وجلّ ، وهو الذي يوفق ويُلهم ، فالرسل هداة بمعنى أنهم يدلّون ويُرشدون ،ولكن هداية التوفيق هذه من الله جلّ جلاله : ( وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ ) هود : 88 ، هكذا حصر التوفيق من الله عزّوجلّ دون ما سواه ، لهذا نفاها ربنا عزّ وجلّ عن نبيه صلى الله عليه وسلم بقوله تعالى : (إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ ) [ القصص : 56 ] ،فنفى الله تعالى عن رسوله الهداية في هذه الآية وجعلها لله عزّ وجلّ ،مع إثباتها لنبيه صلى الله عليه وسلم في قوله عزّ وجلّ : ((وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (52) صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ أَلَا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ) الشورى : 52 ـ 53 ] .فالنبي صلى الله عليه وسلم يَهدي ولا يَهدي . يهدي بمعنى : أنه يدلّ ويُرشد ويُعلّم ، إلى آخر هذه المعاني ، ولا يهدي بمعنى : هداية التوفيق ، فهو لا يوفّق ، بل الذي يوفّق ويعين العبد ويصرف عنه السوء ، ويُعينه على الطاعة ، ويصرف عنه الشياطين حتى يهتدي ـ بمعنى حتى يستقيم على أمر الله ـ هذا رب العالمين جلّ جلاله وتقدست أسماؤه . ولنا مع الهداية لقاء إن شاء الله
الدعاء