خطبة حول ( مَتَى نَصْرُ اللَّهِ ؟؟ )
نوفمبر 3, 2021خطبة عن الصدقة ، وحديث ( بَقِىَ كُلُّهَا غَيْرَ كَتِفِهَا )
نوفمبر 6, 2021الخطبة الأولى ( الإيمان هو الذي يهذب الأخلاق ) (إِنَّ الْحَيَاءَ مِنَ الإِيمَانِ)
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته : (وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا) (63) الفرقان ،وروى البخاري في صحيحه : (عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – مَرَّ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ وَهُوَ يَعِظُ أَخَاهُ فِي الْحَيَاءِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – : « دَعْهُ فَإِنَّ الْحَيَاءَ مِنَ الإِيمَانِ »، وروى مسلم في صحيحه : (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- : « الإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ أَوْ بِضْعٌ وَسِتُّونَ شُعْبَةً فَأَفْضَلُهَا قَوْلُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ ، وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الإِيمَانِ ». وفي سنن الترمذي : (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ :قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- : « أَكْمَلُ الْمُؤْمِنِينَ إِيمَانًا أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا وَخِيَارُكُمْ خِيَارُكُمْ لِنِسَائِهِمْ خُلُقًا »
إخوة الإسلام
الإسلام : عقيدة تنبثق منها أعمال وأقوال وأخلاق وشريعة، فهو ليس مجرَّد معرفة ذهنية وإقرار قلبي، ثمَّ لا أثر له في أعمال العبد وأخلاقه ومواقفه في حياته كلّها. ولهذا أجمع السلف على أنَّ الإيمان اعتقاد بالقلب وقول باللسان وعمل بالجوارح. وأن هناك صلة وثيقة ، وارتباطا قويا بين العقيدة والأخلاق، فالعقيدة الصحيحة تستلزم التحلي بكل خلق فاضل ، والتخلي عن كل خلق ذميم، وذلك أن الأخلاق ترتبط بثلاثة أركان من أركان الإيمان ،هي محل إجماع الرسالات الإلهية ، وهي : الإيمان بالله وبرسله وبالبعث ، وهذا هو المقصود بقوله صلى الله عليه وسلم : « الإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ أَوْ بِضْعٌ وَسِتُّونَ شُعْبَةً فَأَفْضَلُهَا قَوْلُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الإِيمَانِ ». وهو المعني بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم لمن كان يعظ أخاه في الحياء : « دَعْهُ فَإِنَّ الْحَيَاءَ مِنَ الإِيمَانِ » ،لذلك كان الطريق الأوحد لتصحيح الأخلاق ، هو تصحيح العقيدة ، وترسيخ الإيمان ، فالسلوك ثمرة لما يحمله الإنسان من معتقد، وما يدين به من دين، والانحراف في السلوك ناتج عن خلل في المعتقد ، فالعقيدة هي الإيمان الجازم بالله تعالى، وبما يجب له من التوحيد ،والإيمان بملائكته وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، والقدر خيره وشره، وبما يتفرع عن هذه الأصول، ويلحق بها مما هو من أصول الإيمان، وأكمل المؤمنين إيمانًا أحسنهم أخلاقًا؛ فإذا صحت العقيدة، حسنت الأخلاق تبعًا لذلك؛ فالعقيدة الصحيحة هي التي تحمل صاحبها على مكارم الأخلاق، وتردعه عن مساوئها ، كما قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « أَكْمَلُ الْمُؤْمِنِينَ إِيمَانًا أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا) رواه الترمذي وغيره ، فليس الإيمان مجرد كلمات تقال ، أو عبادات تؤدى وحسب، بل هو السمو الروحي إلى مكارم الأخلاق، ومن النادر أن ترد في القرآن الكريم آية تدعو إلى الإيمان دون أن تقرن بينه وبين العمل الصالح. كما أن العبادات في الإسلام لها تأثير إيجابي كبير على سلوك الإنسان ، فقد قال الله تعالى : (وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ ) (العنكبوت – ٤٥). وفي بيان الحكمة من الصوم : (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – « مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِى أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ » رواه البخاري ،فالدين الإسلامي العظيم هو دعوة خالصة إلى التحلي بمكارم الأخلاق ،والترفع عن الصغائر، ليكون الإنسان أهلاً لرسالته العظيمة، ألا وهي خلافة الله في الأرض وإعمارها .
أيها المسلمون
والإيمان والتقوى ، والصلاحُ والأخلاق ، هي عناصرُ متلازمةٌ متماسِكة ، ولا يمكِن الفصل بينها، ولذلك ، فلا يتمارى اثنان ،ولا يتجادل عاقلان ،في كيفية هذا التلازم والتلاحُم بين السّلوك والأخلاق من جهة ،والاعتقاد والإيمَان والتقوى من جهة أخرى، وذلك لأن السّلوك الظّاهر مرتبطٌ بالاعتقاد الباطِن، والانحراف الواقع في السّلوك والأخلاق ناشئٌ عن نقصٍ, وخلل في الإيمان والباطن، وكثيرا ما يرد في الكتاب والسنة الجمع بين تقوى الله – عز وجل – والإيمان ، فتقوى الله والإيمان شجرة ، وحسن الخلق ثمرة، وهما أساس ، وهو بناء، وهما سر ، وهو علانية، وحيث انتفى حسن الخلق ،انتفت التقوى ، ونقص الإيمان، يقول شيخ الإسلام ابن تيميّة – رحمه الله – مقررا هذا المبدأ : ” إذا نقصَت الأعمال الظاهرةُ والباطنة ، كان ذلك لنقصِ ما في القلب من الإيمان، فلا يُتصوَّر مع كمال الإيمانِ الواجبِ الذي في القلب ، أن تُعدَم الأعمال الظاهرة الواجبة، بل يلزم من وجودِ هذا كاملاً وجودُ هذا كاملاً، كما يلزم من نقصِ هذا نقصُ هذا ” ،وقال – رحمه الله – ” فما يظهَر على البدنِ من الأقوالِ والأعمالِ هو موجَب ما في القلبِ ولازمُه ” ،وكثيرا ما يذكر الله – تعالى -المتقين في كتابه العزيز ، فيصفهم بأحسن الأخلاق ، وأنهم أهل البر والإحسان، ويبرئ ساحتهم من النفاق ، وسيء الأخلاق، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم كثيراً ما يجمع بين العقيدة والأخلاق في وصاياه ، ففي مسند أحمد: (عَنْ أَبِى ذَرٍّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « سِتَّةَ أَيَّامٍ ثُمَّ اعْقِلْ يَا أَبَا ذَرٍّ مَا أَقُولُ لَكَ بَعْدُ ». فَلَمَّا كَانَ الْيَوْمُ السَّابِعُ قَالَ « أُوصِيكَ بِتَقْوَى اللَّهِ فِي سِرِّ أَمَرِكَ وَعَلاَنِيَتِهِ وَإِذَا أَسَأْتَ فَأَحْسِنْ )، و(سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَنْ أَكْثَرِ مَا يُدْخِلُ النَّاسَ الْجَنَّةَ فَقَالَ « تَقْوَى اللَّهِ وَحُسْنُ الْخُلُقِ » رواه الترمذي ،(وعَنْ أَبِى ذَرٍّ قَالَ : قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- :« اتَّقِ اللَّهَ حَيْثُمَا كُنْتَ وَأَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الْحَسَنَةَ تَمْحُهَا وَخَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ » رواه الترمذي، وإذا تأملنا في عبادات الإسلام الكبرى وأركانه العظمى، عجبنا من تلك الأواصِر العظيمة التي تجمع الخلُق والدّين والعبادةِ والأدب، فإذا لم يكن لك من عبادتِك ما يزكّي قلبك ، ويطهِّر نفسَك ،ويهذّب سلوكك ،ويُحسِّن خلقك ،وينظّم صلتَك بالله وبالنّاس ، فلتحاسِب نفسَك حتى لا تكونَ من المفلسين،
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( الإيمان هو الذي يهذب الأخلاق ) (إِنَّ الْحَيَاءَ مِنَ الإِيمَانِ)
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
إن المسلمين في عهودهم الزاهرة كانوا أقوياء ، بأنهم عاشوا دينهم وطبقوه، فما كانوا يفرقون بين النظرية والتطبيق ، ولا كانوا يفرقون بين العقيدة والأخلاق، ولذلك لم يعرفوا أزمة خلق ، ولا أزمة ضمير ، لأنهم فهموا الدين على أنه خلق ، قال الله تعالى : (وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (105) التوبة، وفهموا الدين على أنه خلق ، وهو المنطلق الأول للإسلام كعقيدة واقعية وكشريعة رحيمة، وما كان الإيمان إلا قوة دافعة للخير وفعله ونشره، وقوة عاصمة واقية لصاحب الإيمان، رادعة له ومانعة عن التدني والتردي ، لأن الإيمان قول وعمل، برهان لا أدعاء ، قال الله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (77) الحج ،وقال الله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ) (119) التوبة، وقد بين صاحب الخلق العظيم ، أن الإيمان القوي ، يثمر الخلق القوي حتما ، وأن انهيار الأخلاق مرده إلى ضعف الإيمان، أو فقدانه ، مما يؤدي حتما إلى فعل الشر وإيذاء الناس ، ففي مسند أحمد : (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ : « وَاللَّهِ لاَ يُؤْمِنُ وَاللَّهِ لاَ يُؤْمِنُ وَاللَّهِ لاَ يُؤْمِنُ ». قَالُوا وَمَا ذَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ : « الْجَارُ لاَ يَأْمَنُ جَارُهُ بَوَائِقَهُ ». قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا بَوَائِقُهُ قَالَ « شَرُّهُ » ، ولقد كان المسلمون منذ عهد الصحابة خير أمة أخرجت للناس : لأنهم يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ، ويؤمنون بالله، وهذا الإيمان بصدق ، ومن الأعماق ، هو الذي جعل لهم حسا وإلزاما ووازعا أخلاقيا،
الدعاء