خطبة عن ( أسباب الغضب وعوامل تسكينه وعلاجه)
مارس 26, 2016خطبة عن ( ما يعين على دفع الهموم )
مارس 26, 2016الخطبة الأولى ( الغضب : أسبابه ، ونتائجه ، وعلاجه )
الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام ..ولك الحمد أن جعلتنا من امة محمد عليه الصلاة والسلام….. واشهد أن لا اله إلا لله وحده لا شريك له واشهد أن محمدا عبده ورسوله.. نشهد انه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة وكشف الله به الغمة .. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها لمسلمون
قال الله تعالى في محكم آياته ( وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ.. وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ) الشورى (37) ، وروى البخاري في صحيحه عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ – رضى الله عنه – أَنَّ رَجُلاً قَالَ لِلنَّبِىِّ – صلى الله عليه وسلم – أَوْصِنِى . قَالَ « لاَ تَغْضَبْ » . فَرَدَّدَ مِرَارًا ، قَالَ « لاَ تَغْضَبْ »
أيها الموحدون
الغضب خلقٌ زرع في الإنسان، فهو صفة من صفاته، وآية من آياته، مثله مثل الضحك والبكاء.. ولكن الغضب له حد معين.. يجب على الانسان أن لا يتعداه.. فاذا زاد الغضب عن حده ..اصبح الغضب: خلقا ذميما، وتصرفا لئيما، وفعلا مشينا..واصبح مفتاحا لأكثر البلايا، وسببا لأعظم الرزايا..فكم دمّرت بسبب الغضب أسر..ومُزقت به بيوت..وقطّعت به أرحام، وأشعلت به فتن، وقامت بسببه محن.. وزرعت بفعله ضغائن..ورمّلت به نساء. وأريقت به دماء،.. فالغضب يفرّق بين الإخوان، ويعمي الأبصار، ويُصم الآذان .الغضب.. جماع الشر، ومصدر الهلاك، وعنوان الدمار..الغضب.. خلق أحمق.. وتصرف أهوج.. وداء مزعج، وخطر محدق، وشيطان أخرس.. فهو شعبة من شعب الجنون.. لإنه يغير الإنسان. ولذا يقول النبي كما في مسند الامام احمد: ((إِنَّ الْغَضَبَ جَمْرَةٌ تُوقَدُ فِى جَوْفِ ابْنِ آدَمَ أَلاَ تَرَوْنَ إِلَى حُمْرَةِ عَيْنَيْهِ وَانْتِفَاخِ أَوْدَاجِهِ))
اخوة الاسلام
فماهو الغضب ؟؟ وما هي آثاره ونتائجه ؟؟ وما اسبابه ؟؟ وما هي طرق تسكين الغضب والوقاية منه ؟؟ ذلك ما سوف اتناوله معكم اليوم ان شاء الله ..فاقول ..الغضب هو غليان دم القلب طلباً لدفع الأذى.. أو الانتقام ممن وقع منه الأذى.. ومن علاماته .. نار في الفؤاد، وجمرة في القلب.. وشرار في العين، وحمرة في الوجه.. وتوتر في الأعصاب، وانتفاخ في الأوداج.. وحمق في التصرف، ومسارعة للانتقام.. ومبادرة للتشفي…اما آثاره ونتائجه : فآثاره أليمة.. ونتائجه عظيمة.. وعواقبه وخيمة ..إذا زاد عن حدّه.. اوخرج عن قصده.. فمن آثاره ونتائجه ..ان كثرت به الخصومات.. وعظمت الشكايات، وتفككت أعداد من الأسر.. وتمزقت الأواصر، وكثر الطلاق…. وعظم الفراق واستشرى الشقاق.. وأغلب ذلك من أسباب الغضب.. فإن من الناس إذا غضب ..تراه يمزق ملابسه، اوتراه يضرب نفسه.. اوتراه يضرب ولده.. اوتراه يتلف ماله، اوتراه يطلق امرأته.. وقد امتدح الله تعالى عباده المؤمنين الذين يملكون أنفسهم عند الغضب، فيغفرون ويصفحون ويحلمون ويعفون، بقوله تعالى:( وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ ). وقال تعالى:( وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ) آل عمران (134) ،وقوله صلى الله عليه وسلم :« لَيْسَ الشَّدِيدُ بِالصُّرَعَةِ ، إِنَّمَا الشَّدِيدُ الَّذِى يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الْغَضَبِ »)) [متفق عليه].
اخوة الاسلام
ويبين لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم اصناف الناس عند الغضب ففي مسند الامام احمد يقول ( صلى الله عليه وسلم ) :« يَكُونُ الرَّجُلُ سَرِيعَ الْغَضَبِ قَرِيبَ الْفَيْئَةِ فَهَذِهِ بِهَذِهِ وَيَكُونُ بَطِىءَ الْغَضَبِ بَطِىءَ الْفَيْئَةِ فَهَذِهِ بِهَذِهِ فَخَيْرُهُمْ بَطِىءُ الْغَضَبِ سَرِيعُ الْفَيْئَةِ وَشَرُّهُمْ سَرِيعُ الْغَضَبِ بَطِىءُ الْفَيْئَةِ ». قَالَ « وَإِنَّ الْغَضَبَ جَمْرَةٌ فِى قَلْبِ ابْنِ آدَمَ تَتَوَقَّدُ أَلَمْ تَرَوْا إِلَى حُمْرَةِ عَيْنَيْهِ وَانْتِفَاخِ أَوْدَاجِهِ فَإِذَا وَجَدَ أَحَدُكُمْ ذَلِكَ فَلْيَجْلِسْ – أَوْ قَالَ – فَلْيَلْصَقْ بِالأَرْضِ ».
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبةالثانية ( الغضب )
الحمد لله رب العالمين اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك…واشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له واشهد أن محمدا عبده ورسوله اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
وحتى نستطيع ان ندفع الغضب.. لابد لنا من التعرف على اسبابه … فما هي اسباب الغضب ؟؟: فأقول إن للغضب أسبابا عدة منها : قلة صلة الانسان بالقرآن الكريم .. والسنة النبوية المطهرة .. وعدم معرفتة لما أعده الله تعالى من الأجر لمن كظم غيظه، وكف غضبه، وعفا وأصلح، وصبر وغفر، قال تعالى ( وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ) الشورى (40) . وقال تعالى: (وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ ) فصلت (34) ، .قال ابن عباس في تفسيرها: (أمر الله المؤمنين بالصبر عند الغضب، والحلم عند الجهل، والعفو عند الإساءة، فإذا فعلوا ذلك عصمهم من الشيطان، وخضع لهم عدوهم كأنه ولي حميم).. والنبي صلى الله عليه وسلم قال: « مَنْ كَظَمَ غَيْظًا وَهُوَ يَسْتَطِيعُ أَنْ يُنَفِّذَهُ دَعَاهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى رُءُوسِ الْخَلاَئِقِ حَتَّى يُخَيِّرَهُ فِى أَىِّ الْحُورِ شَاءَ » رواه الترمذي ، ومن أسباب الغضب : –فساد العقل وضيق التفكير، فإن الإنسان العاقل، والرجل البصير لا يكون كالطفل الصغيرأو كالمجنون .. يثور لأتفه الأسباب، اويغضب لأدنى الأمور.وانما الانسان العاقل يقوده عقله إلى الصبر.. وسعة الصدر.. والتحمل.. وكسب المودة والنظر في عواقب الأمور.
فأيها المسلم،
تذكر حال غضبك من تريد أن تبطش به، فتذكر قدرة الله عليك.. وتذكر حلم الله عليك وأنت تغضِبه بارتكاب نواهيه.. وترك أوامره.. إذًا.. فعد إلى نفسك فعظها.. وانصحها عن هذا الغضب.. وتذكر حلم الله عليك.. وإمهاله لك ..مع ما ارتكبته من المخالفات.. فعامل الخلق بالحلم، كما تحب أن يعاملك الله به. ومن أسباب الغضب : كثرة متطلبات الحياة وتعقّد أمورها..فهي من الأسباب التي تجعل المرء في قلق دائم، وتوتر مستمر، فهو في لهثٍ دائم، وجري مستمر، وكدح مضنيٍ. ومن أسباب الغضب : الكبر.. فإن المتكبر سريع الغضب، دائم القلق، شديد الجزع، يغضب لأي أمر يتعارض مع كبريائه، وينال من انتفاخه وانتفاشه، لدرجة أن بعض المتكبرين يغضب لمجرد رد السلام عليه. ومن أسباب الغضب : الغرور: إما بمنصب أو بمال أو بجاه، فالمغرور دائماً سريع الغضب، لا يرى معه أحداً، ولا يتحمل زلة، ولا يقبل رأياً، ولا يسمع نصحاً.
الدعاء