خطبة حول (رؤيتنا للقتال الدائر بين أعدائنا) مختصرة
مارس 5, 2022خطبة عن القرآن (وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ)
مارس 12, 2022الخطبة الأولى ( الْجَنَّةُ أَكْثَرُ أَهْلِهَا الْفُقَرَاء .. وَالنَّارُ أَكْثَرُ أَهْلِهَا النِّسَاء )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
رُوي في الصحيحين واللفظ للبخاري : (عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ – رضى الله عنهما – عَنِ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ « اطَّلَعْتُ فِي الْجَنَّةِ فَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا الْفُقَرَاءَ ، وَاطَّلَعْتُ فِي النَّارِ فَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا النِّسَاءَ »
إخوة الإسلام
لقاؤنا اليوم -إن شاء الله- مع هذا الحديث النبوي الشريف ، والذي يحمل لنا بين طياته بشارة ، ونذارة ، بشارة للمؤمنين من الفقراء ، ونذارة للنساء ، ففي هذا الحَديثِ يُخبِرُ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم أنَّه اطَّلع في الجَنَّة ، ورأى أنَّ أكثرَ أهلِها الفُقراءُ، وأنَّه اطَّلع في النَّار ، ورأى أنَّ أكثرَ أهلها النِّساءُ؛ فالمُؤمنونَ مِن الفُقراءِ الَّذين صَبروا على حالِهم ، فبُشِّروا بالفَوْزِ العَظيمِ، والنِّذارةُ لِلنِّساءِ لِمَن كان مِنهنَّ على حافَّةِ خَطرٍ ، لِتستَدْرِكَ مِن أمْرِها ، حتَّى تَنالَ رِضَا اللهَ ورِضوانَه؛ فالفُقراءُ أَكثرُ أَهْلِ الجَنَّةِ، وليسَ الفَقْرُ هو الذي أَدخَلَهُمُ الجَنَّةَ، وإنَّما أَدخلَهمُ اللهُ الجَنَّةَ بِصَلاحِهم مَع الفَقرِ، وصبرهم عليه ، واحتسابهم الأجر من الله ؛ فالفَقيرُ إِذا لَمْ يَكُنْ صالحًا ، فلا فَضلَ لَه في الفَقرِ. قال ابن بطال : قوله صلى الله عليه وسلم : (اطَّلَعْتُ فِي الْجَنَّةِ فَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا الْفُقَرَاءَ) هذا لا يوجب فضل الفقير على الغني ، وإنما معناه : أن الفقراء في الدنيا أكثر من الأغنياء ، فأخبر عن ذلك، كما تقول أكثر أهل الدنيا الفقراء إخبارا عن الحال ، وليس الفقر أدخلهم الجنة ،وإنما دخلوا بصلاحهم مع الفقر ، فإن الفقير إذا لم يكن صالحا لا يفضل . وقال الحافظ : ظاهر الحديث التحريض على ترك التوسع من الدنيا ،كما أن فيه تحريض النساء على المحافظة على أمر الدين ، لئلا يدخلن النار ، فقوله صلى الله عليه وسلم : (فَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا الْفُقَرَاءَ) : وما ذاك إلا لأن المال قد يجر أهله إلى الشر، والفقراء أقل خطرا لعدم المال، فهذا يفيد أن المؤمن يحتسب إذا أصابه شيء من الفقر، فقد يكون خيرا له فلا يجزع، ويسأل ربه التوفيق والإعانة، ويسأل ربه أن يجعل له فيما حصل له الخير والبركة، ولكن هذا لا يمنع من طلب الرزق ، والاجتهاد في طلب المال حتى يغنيه الله، فالفقراء من المهاجرين اتجروا، والأنصار شغلوا بالزراعة ، وأخذوا بالأسباب.
أيها المسلمون
أما قوله صلى الله عليه وسلم : (وَاطَّلَعْتُ فِي النَّارِ فَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا النِّسَاءَ ) ، ففي أسباب أن النِّساء أَكْثَرُ أهلِ النَّارِ؛ ما جاءَ في حَديثٍ آخَرَ ، أنَّه صلى الله عليه وسلم لَمَّا ذَكرَ أنَّ أَكثَرَ أَهْلِ النَّارِ مِنَ النِّساءِ، قَالت إِحداهُنَّ: ولِمَ يا رَسولَ اللهِ؟ فَأَجابَها صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بِقَولِه: يَكْفُرْنَ، أي: إنَّما كُنَّ أَكثرَ أَهلِ النَّارِ؛ لَأنَّهنَّ يَكفُرنَ، فَقالَتْ إِحداهُنَّ أيَكفُرنَ باللهِ؟ قال: يَكْفُرنَ العَشيرَ، أي: يُنْكِرنَ نِعمَةَ الزَّوجِ وإِحْسَانَه إِلَيْهِنَّ لو أَحْسَنْتَ إلى إِحداهُنَّ الدَّهرَ، أَيِ: العُمْرَ كُلَّه، ثُمَّ رَأتْ مِنكَ شَيئًا وَاحدًا مِمَّا تَكْرَهُ قالَت: مَا رأيتُ مِنك خَيرًا قَطُّ، أي: ما وَجدْتُ مِنكَ شيئًا يَنْفَعُني أو يَسُرُّني طيلَةَ حَياتي كُلِّها، ولفظ الحديث كما في صحيح البخاري : (عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – « أُرِيتُ النَّارَ فَإِذَا أَكْثَرُ أَهْلِهَا النِّسَاءُ يَكْفُرْنَ » . قِيلَ أَيَكْفُرْنَ بِاللَّهِ قَالَ « يَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ ، وَيَكْفُرْنَ الإِحْسَانَ ، لَوْ أَحْسَنْتَ إِلَى إِحْدَاهُنَّ الدَّهْرَ ثُمَّ رَأَتْ مِنْكَ شَيْئًا قَالَتْ مَا رَأَيْتُ مِنْكَ خَيْرًا قَطُّ »، وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ : خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَضْحَى أَوْ فِطْرٍ إِلَى الْمُصَلَّى فَمَرَّ عَلَى النِّسَاءِ فَقَالَ: ( يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ تَصَدَّقْنَ فَإِنِّي أُرِيتُكُنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ النَّارِ ) فَقُلْنَ : وَبِمَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ: ( تُكْثِرْنَ اللَّعْنَ وَتَكْفُرْنَ الْعَشِير مَا رَأَيْتُ مِنْ نَاقِصَاتِ عَقْلٍ وَدِينٍ أَذْهَبَ لِلُبِّ الرَّجُلِ الْحَازِمِ مِنْ إِحْدَاكُنَّ ) قُلْنَ : وَمَا نُقْصَانُ دِينِنَا وَعَقْلِنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : (أَلَيْسَ شَهَادَةُ الْمَرْأَةِ مِثْلَ نِصْفِ شَهَادَةِ الرَّجُلِ ) قُلْنَ: بَلَى ، قَالَ : ( فَذَلِكِ مِنْ نُقْصَانِ عَقْلِهَا أَلَيْسَ إِذَا حَاضَتْ لَمْ تُصَلِّ وَلَمْ تَصُمْ ) قُلْنَ: بَلَى ، قَالَ : ( فَذَلِكِ مِنْ نُقْصَانِ دِينِهَا ) رواه البخاري ،وعن جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: شَهِدْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّلاةَ يَوْمَ الْعِيدِ فَبَدَأَ بِالصَّلاةِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ بِغَيْرِ أَذَانٍ وَلا إِقَامَةٍ ثُمَّ قَامَ مُتَوَكِّئًا عَلَى بِلالٍ فَأَمَرَ بِتَقْوَى اللَّهِ وَحَثَّ عَلَى طَاعَتِهِ وَوَعَظَ النَّاسَ وَذَكَّرَهُمْ ثُمَّ مَضَى حَتَّى أَتَى النِّسَاءَ فَوَعَظَهُنَّ وَذَكَّرَهُنَّ فَقَالَ : (تَصَدَّقْنَ فَإِنَّ أَكْثَرَكُنَّ حَطَبُ جَهَنَّمَ) فَقَامَتِ امْرَأَةٌ مِنْ سِطَةِ النِّسَاءِ سَفْعَاءُ الْخَدَّيْنِ فَقَالَتْ : لِمَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : (لأَنَّكُنَّ تُكْثِرْنَ الشَّكَاةَ وَتَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ) قَالَ : فَجَعَلْنَ يَتَصَدَّقْنَ مِنْ حُلِيِّهِنَّ يُلْقِينَ فِي ثَوْبِ بِلالٍ مِنْ أَقْرِطَتِهِنَّ وَخَوَاتِمِهِنَّ . رواه مسلم ويقول القرطبي -رحمه الله-: إنما كان النساء أقل ساكني الجنة لما يغلب عليهن من الهوى والميل إلى عاجل زينة الحياة الدنيا، ونقصان عقلوهن، وضعفهن عن عمل الآخرة ،والتأهب لها، لميلهن إلى الدنيا والتزين بها، وأكثرهن معرضات عن الآخرة، سريعات الانصياع لراغبيهن من المعرضين عن الدين، عسيرات الاستجابة لمن يدعوهن إلى الآخرة وأعمالها. وكون أكثر أهل الجنة الرجال، لا يعني أن النساء قليلات معدودات، ولكن الغالب منهن أن يكن بهذه الصفات فيقعن في النار، وإلا ففي الجنة الكثير والكثير مما لا يعد ولا يحصى من المؤمنات، قياسه حديث عمران –رضي الله عنه-: “اطلعت في الجنة فرأيت أكثر أهلها الفقراء”. أخرجه البخاري ومسلم ، فهذا لا يعني أن الأغنياء في النار، ولكن أن الغالب فيهم عدم الصدق ، وقلة الأمانة ،وضبط النفس، فكانوا أقل نسبة من عدد الفقراء. وقوله صلى الله عليه وسلم كما في صحيح مسلم : « إِنَّ أَقَلَّ سَاكِنِى الْجَنَّةِ النِّسَاءُ ». فكما ذكر شراح الحديث: (أي في أول الأمر قبل خروج عاصياتهن من النار) ، فلا دلالة فيه أيضاً على أن نساء الدنيا أقل من الرجال في الجنة، فقلتهن –إذًا- باعتبار أول الأمر، وقبل مرورهن بالتمحيص والتطهير من عذاب الآخرة الذي يمر به جميع العصاة سواء من الأغنياء العصاة، أو من النساء العاصيات، أو غيرهم من المسلمين العصاة.
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( الْجَنَّةُ أَكْثَرُ أَهْلِهَا الْفُقَرَاء .. وَالنَّارُ أَكْثَرُ أَهْلِهَا النِّسَاء )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
فينبغي على الأخوات المؤمنات اللاتي يعلمن بهذا الحديث ،أن يكون تصرفهن كتصرف هؤلاء الصحابيات اللاتي لما علمن بهذا عملن من الخير ما يكون بإذن الله سبباً في إبعادهن من أن يدخلن ضمن هؤلاء الأكثر، فنصيحتنا للأخوات الحرص على التمسك بشعائر الإسلام وفرائضه ، لاسيما الصلاة ، والبعد عما حرمه الله سبحانه وتعالى ، وبخاصة الشرك بصوره المتعددة ، التي تنتشر في أوساط النساء ، مثل طلب الحاجات من غير الله ، وإتيان السحرة والعرافين ونحو ذلك . فكون أكثر أهل النار من النساء يعني يوجب الحذر، يوجب على المرأة تقوى الله ، والحذر مما قد يقع فيه الكثير من النساء من التساهل بأمر الله، أو الوقوع في الفاحشة، أو التهاون بأسباب وقوعها، كل هذا يفيد الحذر من أسباب دخول النار.
أيها المسلمون
ومن الفوائد المستنبطة من هذا الحديثِ: أنَّ الجَنَّةَ والنارَ مخلوقتانِ وموجودتانِ. وأيضا : فيه معجزةٌ للنبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم باطْلاعِ اللهِ تعالى له على الجَنَّةِ والنَّارِ وهُما من الغَيبِ، ورُؤيتِه لأهلِهما. وفيه أيضا : حثُّ النِّساءِ عَلى المُحافَظةِ عَلى أَمْرِ الدِّينِ؛ لِئَلَّا يَدخُلْنَ النَّارَ
الدعاء