خطبة عن (فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ)
مارس 19, 2022خطبة عن ( العزيمة والإرادة )
مارس 19, 2022الخطبة الأولى ( مَنْ أَحْيَا سُنَّةً مِنْ سُنَّتِي فَعَمِلَ بِهَا النَّاسُ كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ مَنْ عَمِلَ بِهَا )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
روى ابن ماجه في سننه ، وصححه الألباني لغيره : ( عن عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ الْمُزَنِيُّ قال : حَدَّثَنِي أَبِى عَنْ جَدِّى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « مَنْ أَحْيَا سُنَّةً مِنْ سُنَّتِي فَعَمِلَ بِهَا النَّاسُ كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ مَنْ عَمِلَ بِهَا لاَ يَنْقُصُ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا وَمَنِ ابْتَدَعَ بِدْعَةً فَعُمِلَ بِهَا كَانَ عَلَيْهِ أَوْزَارُ مَنْ عَمِلَ بِهَا لاَ يَنْقُصُ مِنْ أَوْزَارِ مَنْ عَمِلَ بِهَا شَيْئًا ».
إخوة الإسلام
قال اللهُ تعالى في كتابه العزيز : { مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا } [النساء: 80]؛ ، وقال الله تعالى : ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾ [الحشر: 7]. ،وقال الله تعالى : ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤمِنٍ وَلَا مُؤمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الخِيَرَةُ مِن أَمرِهِم وَمَن يَعصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَد ضَلَّ ضَلَالاً مُّبِيناً﴾ [الأحزاب: 36]. ، وقال الله تعالى : (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا) (21) الأحزاب ، فطاعةَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ والاقتداء به مِن لَوازِمِ طاعة الله سُبحانَه، والسُّنَّةُ النَّبويَّةُ مع القُرآنِ الكريمِ يُمَثَّلانِ المصدرَ الأوَّلَ والثَّانيَ للتَّشريعِ الإسلاميِّ، فعلى كلِّ مُسلمٍ أنْ يَتَّبِعَ ما جاء فيهما مِن الأوامِرِ والنَّواهي، وقد رغَّب النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في اتِّباعِ سُنَّتِه ، وبيَّن أجْرَ ذلك، كما حذَّرَ مِن ترْكِ سُنَّتِه ، واتِّباعِ البِدَعِ، كما في هذا الحديثِ، حيث يقولُ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: “مَن أحيا سُنَّةً مِن سُنَّتي، فعمِلَ بها النَّاسُ، كان له مثْلُ أجْرِ مَن عمِلَ بها، لا ينقُصُ مِن أُجورِهم شيئًا”، أي: يُعْطيه اللهُ أجرًا مُساويًا لِأُجورِ كلِّ مَن عمِلَ بها مِن النَّاسِ، والمُرادُ بالسُّنَّةِ هنا: ما شَرَعَه رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِن الأحكامِ، وهي قد تكونُ فرضًا؛ كزكاةِ الفِطْرِ، أو غيرَ فرضٍ، كقِيامِ اللَّيلِ، وصيامِ النوافِل ونحوِ ذلك. وإحياؤُها: أنْ يعمَلَ بها، ويُحَرِّضَ النَّاسَ ويحُثَّهم على إقامتِها، ويدخُلُ في نِطاقِ الإحياءِ أيضًا: تعليمُها للنَّاسِ، ونشْرُها بينهم قولًا وفعلًا، والتَّحذيرُ مِن مُخالفتِها. ثُمَّ قال صلى الله عليه وسلم : “ومَن ابتدَعَ بِدعةً، فعمِلَ بها، كان عليه أَوزارُ مَن عمِلَ بها، لا ينقُصُ مِن أَوزارِ مَن عمِلَ بها شيئًا”، أي: فله مِن الإثمِ ما يُساوي آثامَ وذُنوبَ كلِّ مَن عمِلَ بها، وفي روايةٍ مُوَضِّحةٍ عندَ التِّرمذيِّ: “ومَنِ ابتدَعَ بِدعةَ ضلالةٍ لا تُرضِي اللهَ ورسولَه، كان عليه مثْلُ آثامِ مَن عمِلَ بها لا ينقُصُ مِن أوزارِهم شيئًا”، والبِدعةُ: هي ما لا يُوافِقُ أُصولَ الشَّرعِ، وقد حذَّرَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ الَّذين لا يأْخُذونَ بسُنَّتِه، مُكْتَفينَ بكتابِ اللهِ وحدَه، فقال- كما عند ابن ماجه-: “يُوشِكُ رجُلٌ منكم مُتَّكِئًا على أريكتِه يُحَدَّثُ بحديثٍ عنِّي، فيقولُ: بيننا وبينكم كِتابُ اللهِ، فما وجَدْنا فيه مِن حرامٍ حرَّمْناه، أَلَا وإنَّ ما حرَّمَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مثْلُ الَّذي حرَّمَ اللهُ عزَّ وجلَّ”، ولقدِ الْتزَمَ الصَّحابةُ رِضوانُ اللهِ عليهم بتوجيهاتِه فيما يتعلَّقُ بلُزومِ السُّنَّةِ، حيث كانوا يزْجُرونَ كلَّ مَن لا يلتزِمُ بالكتابِ والسُّنَّةِ سُلوكًا وأدَبًا وعِبادةً، وإنْ كان يفعَلُ ذلك بنِيَّةٍ حَسَنةٍ قاصدًا التَّقرُّبَ إلى اللهِ تعالَى بالطَّاعاتِ.
أيها المسلمون
وفي قوله صلى الله عليه وسلم : (مَنْ أَحْيَا سُنَّةً مِنْ سُنَّتِي فَعَمِلَ بِهَا النَّاسُ ) ، فيُقصد بإحياء السنن: تذكير الناس بما كان يفعله النبي صلى الله عليه وسلم، وما شرعه لأمته، في زمن ترك الناس العمل بأغلب ما ورد عنه صلى الله عليه وسلم . ويدخل في نطاق الإحياء أيضًا: العمل بالسنن، والعلم بها، وتعليمها للناس ونشرها بينهم قولًا وفعلًا، والحث على التمسك بها، والتحذير من مخالفتها، جاء في فيض القدير: “من أحيا سنة: أي علمها، وعمل بها ونشرها بين الناس، وحث على متابعتها وحذر من مخالفتها”. قال الإمام ابن عبد البر في (التمهيد): “حديث هذا الباب أبلغ شيء في فضائل تعليم العلم اليوم، والدعاء إليه وإلى جميع سبل البر والخير؛ لأن الميت منها كثير جدًا، ومثل هذا الحديث في المعنى قوله صلى الله عليه وسلم: «إِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلا مِنْ ثَلاثَةٍ: إِلا مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ» صحيح مسلم؛ ويشهد لذلك أيضا ما أخرجه الإمام مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ دَعَا إِلَى هُدًى، كَانَ لَهُ مِنَ الْأَجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنْ تَبِعَهُ، لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا، وَمَنْ دَعَا إِلَى ضَلَالَةٍ، كَانَ عَلَيْهِ مِنَ الْإِثْمِ مِثْلُ آثَامِ مَنْ تَبِعَهُ، لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ آثَامِهِمْ شَيْئًا» صحيح مسلم؛ فالسنة النبوية هي سفينة النجاة ، وهي بر الأمان ، لذا فقد حث النبي صلى الله عليه وسلم على التمسك بها ، وعدم التفريط فيها فقال صلى الله عليه وسلم : ( فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الْمَهْدِيِّينَ الرَّاشِدِينَ تَمَسَّكُوا بِهَا وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ ) رواه أبو داود وصححه الألباني ، وحين يكثر الشر والفساد ، وتظهر البدع والفتن ، يكون أجر التمسك بالسنة أعظم ، ومنزلة أصحاب السنة أعلى وأكرم ، فإنهم يعيشون غربة بما يحملون من نور وسط ذلك الظلام ، وبسبب ما يسعون من إصلاح ما أفسد الناس ، يقول النبي صلى الله عليه وسلم :(إِنَّ الإِسلَامَ بَدَأَ غَرِيبًا ، وَسَيَعُودُ غَرِيبًا كَمَا بَدَأَ ، فَطُوبَى لِلغُرَبَاءِ . قِيلَ : مَن هُم يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : الذِينَ يَصلُحُونَ إِذَا فَسَدَ النَّاسُ ) صححه الألباني في “السلسلة الصحيحة” ، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم 🙁 َإِنَّ مِنْ وَرَائِكُمْ أَيَّامَ الصَّبْر ، الصَّبْرُ فِيهِ مِثْلُ قَبْضٍ عَلَى الْجَمْرِ ، لِلْعَامِلِ فِيهِمْ مِثْلُ أَجْرِ خَمْسِينَ رَجُلًا يَعْمَلُونَ مِثْلَ عَمَلِهِ ، – وَزَادَنِي غَيْرُهُ – قَالَوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَجْرُ خَمْسِينَ مِنْهُمْ ؟! قَالَ : أَجْرُ خَمْسِينَ مِنْكُمْ ) رواه أبو داود والترمذي وصححه الألباني
والتمسك بالسنة يعني أمورا : يعني : القيام بالواجبات واجتناب المحرمات ، واجتناب البدع العملية والاعتقادية ، والحرص على تطبيق السنن والمستحبات بحسب قدرته واستطاعته ، ودعوة الناس إلى الخير ومحاولة إصلاح ما أمكن . ولا شك أن السنة النبوية مدونة وموجودة وقريبة وسهلة التناول لمن طلبها ، فما علينا إلا أن نبحث عنها ، فإذا عرفنا سنة من السنن عملنا بها ، ولا ننظر إلى من يُخَذّل أو من يحقر أو من يستهزئ بالعاملين بالسنة النبوية ، والسنن قد تكون من الواجبات ، وقد تكون من الكماليات أو من المستحبات ، وقد تكون من الآداب والأخلاق ، فعلى المسلم أن يعمل بكل سنة يستطيعها ، وذلك احتساباً للأجر ، وطلباً للثواب ،وعلى ذلك فيجب على المسلم تحرى استعمال السنن في أفعاله وأقوال وتصرفاته، كما أن عليه اجتناب البدع لأن من الناس من يدعي أنه يحيي السنن، وهي مبتدعات ما أنزل الله بها من سلطان، فالمسلم مطالب بإحياء سنن المصطفي – صلى الله عليه وسلم- لكن قبل الإحياء لابد من معرفة هذه السنة وثبوتها عن النبي- صلى الله عليه وسلم-، ويكون ذلك بالعلم، أو بسؤال أهل العلم عنها، حتى لا يقع في البدع، وقد حذر النبي -صلى الله عليه وسلم- من البدع، فهي ضلال وانحراف عن الهدى النبوي. كما بين -صلى الله عليه وسلم- سبيله الذي يجب أتباعه، وحذر من سبل الشيطان وطرقه ففي مسند أحمد : (عَنْ جَابِرٍ قَالَ كُنَّا جُلُوساً عِنْدَ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فَخَطَّ خَطًّا هَكَذَا أَمَامَهُ فَقَالَ « هَذَا سَبِيلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ». وَخَطَّيْنِ عَنْ يَمِينِهِ وَخَطَّيْنِ عَنْ شِمَالِهِ قَالَ « هَذِهِ سُبُلُ الشَّيْطَانِ ». ثُمَّ وَضَعَ يَدَهُ فِي الْخَطِّ الأَوْسَطِ ثُمَّ تَلاَ هَذِهِ الآيَةَ (وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) [الأنعام: 153]
أيها المسلمون
وإحياء السنن، ونشرها بين الناس وتعليمها الناس من الدعوة إلى الله -عز وجل- التي أمرنا بها كما في قوله تعالى: ﴿وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾ [القصص: 87]، وقال سبحانه: ﴿وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ [آل عمران: 104]. ومن فوائد وثمرات إحياء السنن والعمل بها : أولا : أن المتمسك بالسنة له أجر عظيم : فقد روى الطبراني في المعجم الأوسط : (عن ابي هريرة قال :قال النبي صلى الله عليه وسلم : (المتمسك بسنتي عند فساد أمتي له أجر شهيد ) ،قال المناوي -رحمه الله-: “وذلك لأن السنة عند غلبة الفساد لا يجد المتمسك بها من يعينه بل يؤذيه ويهينه فيصيره على ما يناله بسبب التمسك بها من الأذى يجازى برفع درجته إلى منازل الشهداء” ، ثانيا : إحياء سنن النبي- صلى الله عليه وسلم- يستحق صاحبها أن يرافق سيد البشر في الجنة ، ففي سنن الترمذي : (قَالَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « يَا بُنَىَّ إِنْ قَدَرْتَ أَنْ تُصْبِحَ وَتُمْسِىَ لَيْسَ فِي قَلْبِكَ غِشٌّ لأَحَدٍ فَافْعَلْ ». ثُمَّ قَالَ لِي « يَا بُنَىَّ وَذَلِكَ مِنْ سُنَّتِي وَمَنْ أَحْيَا سُنَّتِي فَقَدْ أَحَبَّنِي. وَمَنْ أَحَبَّنِي كَانَ مَعِي فِي الْجَنَّةِ » ، ثالثا : إحياء السنن وتعليمها الناس والعمل بها من الدلالة على الخير والدال على الخير كفاعلة يحصل له الأجر بإحياء هذه السنة والعمل بها ، ففي صحيح مسلم : (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « مَنْ دَلَّ عَلَى خَيْرٍ فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِ فَاعِلِهِ ». يقول الإمام النووي-رحمه الله-: وفي الحديث فضيلة الدلالة على الخير والتنبيه عليه والمساعدة لفاعله ، ويدخل في ذلك نشر الخير، والعمل به، وتعليم الناس.
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( مَنْ أَحْيَا سُنَّةً مِنْ سُنَّتِي فَعَمِلَ بِهَا النَّاسُ كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ مَنْ عَمِلَ بِهَا )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
ومن أمثلة السنن المهجورة عند الكثير من المسلمين : سنة السواك: فسنة السواك موجودة في الأمة، ولكنها مهجورة عند الكثير من المسلمين, وهناك نوع من الهجر لهذه السنة عند من يقومون بها في بعض المواطن والأوقات، فلا يستعمل السواك عند الوضوء، وكذلك قبل النوم، وعند الاستيقاظ من النوم، وعند دخول المنزل، وقبل صلاة الليل، وعند قرأت القرآن الكريم, والأحاديث الواردة في مشروعية السواك، والدالة على سنيته كثيرة ، ففي الصحيحين واللفظ للبخاري : (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ – رضى الله عنه – أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ « لَوْلاَ أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِى – أَوْ عَلَى النَّاسِ – لأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ مَعَ كُلِّ صَلاَةٍ »، وفي مسند أحمد : (عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « عَلَيْكُمْ بِالسِّوَاكِ فَإِنَّهُ مَطْيَبَةٌ لِلْفَمِ وَمْرَضَاةٌ لِلرَّبِّ » ، ومن السنن المهجورة سنة الاستخارة : فقد روى البخاري في صحيحه : (عَنْ جَابِرٍ – رضى الله عنه – قَالَ كَانَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – يُعَلِّمُنَا الاِسْتِخَارَةَ فِي الأُمُورِ كُلِّهَا كَالسُّورَةِ مِنَ الْقُرْآنِ « إِذَا هَمَّ بِالأَمْرِ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ ، ثُمَّ يَقُولُ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ ، وَأَسْتَقْدِرُكَ بِقُدْرَتِكَ ، وَأَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ الْعَظِيمِ ، فَإِنَّكَ تَقْدِرُ وَلاَ أَقْدِرُ ، وَتَعْلَمُ وَلاَ أَعْلَمُ ، وَأَنْتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ ، اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الأَمْرَ خَيْرٌ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي – أَوْ قَالَ عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ – فَاقْدُرْهُ لِي ، وَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الأَمْرَ شَرٌّ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِى – أَوْ قَالَ فِي عَاجِلِ أَمْرِى وَآجِلِهِ – فَاصْرِفْهُ عَنِّى وَاصْرِفْنِي عَنْهُ ، وَاقْدُرْ لِيَ الْخَيْرَ حَيْثُ كَانَ ، ثُمَّ رَضِّنِي بِهِ . وَيُسَمِّى حَاجَتَهُ » ، ومن السنن التي هجرها كثير من أفراد الأمة سنة الصلاة قبل الخروج من المنزل، وعند الدخول إليه، فقد ثبت استحباب صلاة ركعتين عند الخروج من المنزل، وهذا شامل للسفر وغيره ،فقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إذا خرجت من منزلك فصل ركعتين يمنعانك من مخرج السوء، وإذا دخلت إلى منزلك فصل ركعتين يمنعانك من مدخل السوء). رواه البزار وغيره. وصححه الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة. وفي المعجم للطبراني : (عن فضالة بن عبيد قال : كان رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا نزل منزلا في سفر أو دخل بيته لم يجلس حتى يركع ركعتين)
وكذلك من السنن النبوية بعض الأدعية المأثورة في بعض الأوقات والأماكن كدعاء اللباس، والبسملة، والدعاء بعد الأذان، وغيرها من الأدعية المأثورة، وكذلك الترجيع في الأذان، ومن السنن كذلك زيارة المريض فهي من حقوق المسلم على أخيه المسلم، ومن السنن الدلالة على الخير، والاستغفار للمؤمنين والمؤمنات، وإعانة المحتاج، والكلام الحسن، وإزالة الأذى عن طريق الناس، وسنة المسارعة إلى الصلاة عند سماع النداء، وقرأت سورة الكهف في يوم الجمعة، وسنة التبسم في وجه غيرك، عدم قيام إمام المسلمين بالخطبة يوم الجمعة والعيدين، وهذه سنة منعدمة عند كثير من حكام المسلمين اليوم الا من رحم الله، وسنن الحج منها المبيت في منى يوم الثامن، ورفع الصوت بالتلبية بالنسبة للرجال، والاستمرار فيها من بدء الإحرام إلى رمي جمرة العقبة، والاضطباع، واستلام الركن اليماني، والتكبير عند الركن، والرمل في الأشواط الثلاثة الأولى وغيرها كثير من سنن الحج، والسنن النبوي على صاحبها أفضل الصلاة وأتم التسليم.
الدعاء