خطبة حول قوله تعالى (وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ)
مايو 7, 2022خطبة حول حديث (مَا مِنْ مُسْلِمَيْنِ يَلْتَقِيَانِ فَيَتَصَافَحَانِ إِلاَّ غُفِرَ لَهُمَا قَبْلَ أَنْ يَفْتَرِقَا)
مايو 7, 2022الخطبة الأولى ( المؤمن لاَ يَدْخُلِ الْحَمَّامَ بِغَيْرِ إِزَارٍ ولاَ يَجْلِسْ عَلَى مَائِدَةٍ يُدَارُ عَلَيْهَا بِالْخَمْرِ)
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
روى الامام الترمذي في سننه : (عَنْ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلاَ يَدْخُلِ الْحَمَّامَ بِغَيْرِ إِزَارٍ وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلاَ يُدْخِلْ حَلِيلَتَهُ الْحَمَّامَ وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلاَ يَجْلِسْ عَلَى مَائِدَةٍ يُدَارُ عَلَيْهَا بِالْخَمْرِ »
إخوة الإسلام
حديثنا اليوم -إن شاء الله- حول هذا الأدب النبوي ، والذي يرشدنا فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ستر العورات ، وعدم دخول الحمامات بغير إزار ، ولا يُجلس على موائد الخمور ، فقوله صلى الله عليه وسلم : (مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ) : فالمراد بقوله: (يُؤْمِنُ) أي الإيمان الكامل، وخصه بالله واليوم الآخر إشارة إلى المبدأ أو المعاد؛ أي: من آمن بالله الذي خلَقه، وآمن بأنه سيجازيه بعمله، فليفعل فلا يفعل هذه الخصال المذكورات، وقوله صلى الله عليه وسلم : (فَلاَ يَدْخُلِ الْحَمَّامَ بِغَيْرِ إِزَارٍ ) : أي : لا يدخل الحمام إلا مستترا بإزاره ، والحَمَّامُ مَوضِعُ الاغتِسالِ بالماءِ الحارِّ، ثمَّ قِيلَ لموضِعِ الاغتِسالِ بأيِّ ماءٍ كان، والمرادُ بها: أماكنُ الاستِحمامِ العامَّةُ، فالحمامات هي أماكن خاصة للاستحمام، وكانت للبيوت الموسِرة حمامات خاصة بها، ثم أقيمت حمامات عامة للناس ، وهي قديمة موجودة قبل الإسلام، يقول المقريزي في خططه : قال محمد بن إسحاق في كتاب “المبتدئ” : (إن أول من اتخذ الحمّامات والطلاء بالنورة سليمان وإنه لمّا دَخَله ووَجَد حَمِيمَه قال: أواه من عذاب الله أواه) وقال القرطبي في تفسير : حرَّم العلماء دخول الحمام بغير مئزر، وصح عن ابن عباس أنه دخل الحمام وهو محرم بالجحفة، فدخوله للرجال بالمآزر جائز، وكذلك النساء للضرورة، والأوْلى بهن البيوت إن أمْكَنَ. وإذا كانت الحمامات المبنية لا يُرَغَّب في دخولها، فما بالك بالحمامات المكشوفة في النوادي والساحات، على الشواطئ التي لا يلتزم فيها حجاب يَسْتُرُ العورة ولا يَعْزِل الجنسين بعضهما عن بعض! إنها أشد نُكْرًا. ثم يقول القرطبي: دخول الحمام في زماننا حرام على أهل الفضْل والدِّين، لعدم مراعاة الأدب في سَتْرِ العَوْرة، ثم ذكر أن العلماء اشترطوا لدخوله عشرة شروط وهي : أن يدخل بنية التداوي أو التطهر من العرق إثر الحُمَّى. وأن يَتَعَمَّد أوقات الخَلْوة أو قلة الناس. وأن يَسْتُر عورته بإزار صَفِيق. وأن يكون نظره إلى الأرض أو الحائط، لئلا يَقَعَ على محظور. وأن يُغَيِّر ما يَرَى من منكر برفق، نحو، اسْتَتِرْ سَتَرَكَ الله. وإنْ دَلَّكَهُ أحد فلا يُمَكِّنُه من عورته، من سُرَّتِه إلى رُكْبته. وأن يدخل بأجرة معلومة بشرط أو بعادة الناس. وعدم الإسراف في الماء. وإن لم يَقْدِرْ على دخوله وحدَه اتَّفَقَ مع أمناء على الدين على كِرائه. أن يتذكر به جهنم. وجاء في القرطبي أيضًا : أن عمر بن الخطاب كتب إلى أبي عبيدة: إنه بلغني أن نساء أهل الذمة يَدْخُلْنَ الحمّامات مع نساء المسلمين، فامْنَعْ من ذلك، وحُلْ دونه، فإنه لا يجوز أن تَرَى الذمِّيَّة عَرْيَةَ المسلمة، فقام أبو عبيدة وابتهل وقال: أيما امرأة تدخل الحمام من غير عذر لا تريد إلا أن تبيض وجهها فسوَّد الله وجهها يوم تَبْيَضُّ الوجوه. وفي كتاب الزواجر وصححه الهيتمي المكي (إنَّ نساءً من حمصٍ أو الشَّامِ دخَلنَ على عائشةَ رضي اللَّه عنها فقالت أنتنَّ اللَّاتي تدخلنَ نساءكنَّ الحمَّاماتِ سَمِعْتُ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ يقولُ ما من امرأةٍ تضعُ ثيابَها في غيرِ بيتِ زوجِها إلَّا هتَكَتِ السِّترَ بينَها وبينَ ربِّها) ، وقال ابن قدامة رحمه الله في (المغني) : فأما النساء فليس لهن دخوله مع ما ذكرنا من الستر إلا لعذر من: حيض، أو نفاس، أو مرض، أو حاجة إلى الغسل ولا يمكنها أن تغتسل في بيتها لتعذر ذلك عليها، أو خوفها من مرض، أو ضرر، فيباح لها ذلك إذا غضت بصرها، وسترت عورتها. وأما مع عدم العذر فلا، لما روي أن رسول الله قال: “ستفتح عليكم أرض العجم وستجدون فيها حمامات فامنعوا نساءكم إلا حائضا أو نفساء”، وروي أن عائشة دخل عليها نساء من أهل حمص فقالت: لعلكن من النساء اللائي يدخلن الحمامات؟! سمعت رسول الله e يقول: “إن المرأة إذا خلعت ثيابها في غير بيت زوجها هتكت سترها بينها وبين الله عز وجل”. وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في فتاويه: ولا ريب أن في دخول الحمام ما قد يكون محرمًا، إذا اشتمل على فعل محرم، من كشف العورة، أو تعمد النظر إلى عورة الغير، أو تمكن الأجنبي من مس عورته، أو مس عورة الأجنبي، أو ظلم الحمامى بمنع حقه، وصب الماء الزائد على ما اقتضته المعاوضة، أو المكث فوق ما يقابل العوض المبذول له بدون رضاه، أو فعل الفواحش فيها، أو الأقوال المحرمة التي تفعل كثيرًا فيها، أو تفويت الصلوات المكتوبات. ومنه ما قد يكون مكروهًا محرمًا، أو غير محرم، مثل صب الماء الكثير، واللبث الطويل مع المعاوضة عنهما، والإسراف في نفقتها، والتعرض للمحرم من غير وقوع فيه، وغير ذلك. وكذلك التمتع والترفه بها من غير حاجة إلى ذلك، ولا استعانة به على طاعة الله. وقد يكون دخولها واجبًا إذا احتاج إلى طهارة واجبة، لا تمكن إلا فيها، وقد يكون مستحبًا إذا لم يمكن فعل المستحب من الطهارة وغيرها إلا فيها، مثل الأغسال المستحبة التي لا يمكن فعلها إلا فيها ومثل نظافة البدن من الأوساخ التي لا تمكن إلا فيها ، وجاء في فتح الباري في شرح صحيح البخاري كتاب النكاح ,قال النووي : ومما تعم به البلوى ويتساهل فيه كثير من الناس الاجتماع في الحمام فيجب على من فيه أن يصون نظره ويده وغيرهما عن عورة غيره وأن يصون عورته عن بصر غيره ويجب الإنكار على من فعل ذلك لمن قدر عليه ولا يسقط الإنكار بظن عدم القبول الا أن خاف على نفسه أو غيره فتنة .
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( المؤمن لاَ يَدْخُلِ الْحَمَّامَ بِغَيْرِ إِزَارٍ ولاَ يَجْلِسْ عَلَى مَائِدَةٍ يُدَارُ عَلَيْهَا بِالْخَمْرِ)
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
ثم نأتي إلى قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث : (وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلاَ يَجْلِسْ عَلَى مَائِدَةٍ يُدَارُ عَلَيْهَا بِالْخَمْرِ) ، قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [90] إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ} [المائدة:90- 91]. كما يحرم على المسلم أن يجلس في مجلس يشرب فيه الخمر، وذلك لقوله تعالى ( وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آَيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا ) النساء/140. وقال الامام ابن باز في إحدى فتاويه : (لا يجوز الجلوس مع قوم يشربون الخمر إلا أن تنكر عليهم، فإن قبلوا وإلا فارقتهم؛ لأن الجلوس معهم وسيلة إلى مشاركتهم في عملهم السيئ، أو الرضا به، وقد قال الله تعالى: (وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلاَ تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) [الأنعام:68]، وقوله تعالى: (وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللّهِ يُكَفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلاَ تَقْعُدُواْ مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِّثْلُهُمْ) [النساء:140] ، ويقول الإمام السرخسي رحمه الله: “ينبغي للمسلم أن لا يقعد على مثل هذه المائدة, ولكنه يمنع من شرب الخمر على وجه النهي عن المنكر إن أمكن من ذلك، وأن لا يجوز من ذلك الموضع, فإن اللعنة تنزل عليهم”
الدعاء