خطبة عن (عمر بن الخطاب مهاجرا إلى الله ورسوله)
مارس 27, 2016خطبة عن ( زيارة القبور )
مارس 28, 2016الخطبة الأولى (عمر بن الخطاب )
الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام….. وأشهد أن لا إله إلا لله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. نشهد أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
روى البخاري في صحيحه : ( عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ – رضى الله عنهما – قَالَ قَالَ النَّبِىُّ – صلى الله عليه وسلم – « رَأَيْتُنِى دَخَلْتُ الْجَنَّةَ ، فَإِذَا أَنَا بِالرُّمَيْصَاءِ امْرَأَةِ أَبِى طَلْحَةَ وَسَمِعْتُ خَشَفَةً ، فَقُلْتُ مَنْ هَذَا فَقَالَ هَذَا بِلاَلٌ . وَرَأَيْتُ قَصْرًا بِفِنَائِهِ جَارِيَةٌ ، فَقُلْتُ لِمَنْ هَذَا فَقَالَ لِعُمَرَ . فَأَرَدْتُ أَنْ أَدْخُلَهُ فَأَنْظُرَ إِلَيْهِ ، فَذَكَرْتُ غَيْرَتَكَ » . فَقَالَ عُمَرُ بِأُمِّى وَأَبِى يَا رَسُولَ اللَّهِ أَعَلَيْكَ أَغَارُ )
إخوة الإسلام
موعدنا اليوم -إن شاء الله- ، مع قصة رجل تربى في المدرسة المحمدية ، وتلقى علمه وأدبه على يدي خير البرية ، ويكفيه ، أنه نظر إلى بدر التمام ، وصحبه حتى صار مثلا للأنام ، ندرس ونتعرف على حياته ، لنأخذ منها الدروس والعبر ، ولنرى صورة حقيقية للإسلام عقيدة وعملا ، ولن أسترسل معكم في مدحه والثناء عليه ، فمهما وصفت ،وتكلمت فلن أوفيه معشار حقه ، ومهما اقتفينا أثره ، فلن نكون إلا قطرة في بحار عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، وفي البداية أقول : كانت ولادته رضي الله عنه بعد عام الفيل بثلاث عشرة سنة ، وكان عمر بن الخطاب من أشراف قريش ، وكان قوي الجسم ، مجدول اللحم ، غليظ القمين والكفين ، شامخا عملاقا ، إذا تكلم أمع ، وإذا مشى أسرع ، وإذا ضرب أوجع ، فلما بعث الله رسوله للأنام ، وأمره بتبليغ دعوة الإسلام ، كان عمر كغيره من سادة قريش وكفارها ، يكره الإسلام والمسلمين ، ويكن لهم في قلبه كل البغض والكراهية ، (عن أم عبدالله بنت أبى حثمة قالت: والله إنا لنترحل إلى أرض الحبشة، وقد ذهب عامر في بعض حاجتنا، إذ أقبل عمر فوقف وهو على شركه، فقالت: وكنا نلقى منه أذى لنا وشدة علينا. قالت: فقال: إنه للانطلاق يا أم عبدالله ؟ ! قلت: نعم، والله لنخرجن في أرض من أرض الله، إذ آذيتمونا وقهرتمونا، حتى يجعل الله لنا مخرجا. قالت: فقال: صحبكم الله ! ، ورأيت له رقة لم أكن أراها، ثم انصرف وقد أحزنه فيما أرى خروجنا. قالت: فجاء عامر بحاجتنا تلك، فقلت له: يا أبا عبدالله لو رأيت عمر آنفا ورقته وحزنه علينا ! قال: أطمعت في إسلامه ؟ قالت: قلت: نعم. قال:( لا يسلم الذى رأيت حتى يسلم حمار الخطاب) ! قالت: يأسا منه، لما كان يرى من غلظته وقسوته على الإسلام ). بل وصل الأمر بعمر بن الخطاب ، أنه فكر في قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ويخلص الناس منه ،لقيه نُعَيم بن عبد الله النّحّام. فقال: أين تريد يا عمر؟ قال: أريد هذا الصابئ الذي فرق أمر قريش وسفّه أحلامها، وعاب دينها، وسب آلهتها، فأقتله، ولكن إسلامه كان استجابة لدعوة دعا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم ففي سنن الترمذي : (عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإِسْلاَمَ بِأَحَبِّ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ إِلَيْكَ بِأَبِي جَهْلٍ أَوْ بِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ». قَالَ وَكَانَ أَحَبَّهُمَا إِلَيْهِ عُمَرُ. )، وفي سنن ابن ماجه (عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإِسْلاَمَ بِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ خَاصَّةً ». وقد جاء في كتاب ( الرحيق المختوم ) في قصة إسلامه ، (أنه التجأ ليلة إلى المبيت خارج بيته، فجاء إلى الحرم، ودخل في ستر الكعبة، والنبي صلى الله عليه وسلم قائم يصلي، وقد استفتح سورة { الْحَاقَّةُ } ،فجعل عمر يستمع إلى القرآن، ويعجب من تأليفه، قال : فقلت ـ أي في نفسي : هذا والله شاعر، كما قالت قريش، قال : فقرأ { إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلًا مَا تُؤْمِنُونَ } [ الحاقة : 40، 41 ] ،قال : قلت : كاهن . قال : { وَلَا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ تَنزِيلٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ } إلى آخر السورة [ الحاقة :42، 43 ] . قال : فوقع الإسلام في قلبي ) ،
ولكل شيء سبب ، فكيف أسلم عمر بن الخطاب ؟ جاء في الرحيق المختوم (أنه خرج يومًا متوشحًا سيفه يريد القضاء على النبي صلى الله عليه وسلم، فلقيه نعيم بن عبد الله النحام العدوي، أو رجل من بني زهرة، أو رجل من بني مخزوم ، فقال : أين تعمد يا عمر ؟ قال : أريد أن أقتل محمدًا . قال : كيف تأمن من بني هاشم ومن بني زهرة وقد قتلت محمدًا ؟ ،فقال له عمر : ما أراك إلا قد صبوت، وتركت دينك الذي كنت عليه، قال : أفلا أدلك على العجب يا عمر ! ،إن أختك وخَتَنَكَ قد صبوا، وتركا دينك الذي أنت عليه، فمشى عمر دامرًا حتى أتاهما، وعندهما خباب بن الأرت، معه صحيفة فيها : [ طه ] يقرئهما إياها ـ وكان يختلف إليهما ويقرئهما القرآن ـ فلما سمع خباب حس عمر توارى في البيت، وسترت فاطمة ـ أخت عمر ـ الصحيفة . وكان قد سمع عمر حين دنا من البيت قراءة خباب إليهما، فلما دخل عليهما قال : ما هذه الهينمة التي سمعتها عندكم ؟ فقالا : ما عدا حديثًا تحدثناه بيننا . قال : فلعلكما قد صبوتما . فقال له ختنه : يا عمر، أرأيت إن كان الحق في غير دينك ؟ فوثب عمر على ختنه فوطئه وطأ شديدًا . فجاءت أخته فرفعته عن زوجها، فنفحها نفحة بيده، فدمى وجهها ـ وفي رواية ابن إسحاق أنه ضربها فشجها ـ فقالت، وهي غضبى : يا عمر، إن كان الحق في غير دينك، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا رسول الله . فلما يئس عمر، ورأي ما بأخته من الدم ندم واستحيا، وقال : أعطوني هذا الكتاب الذي عندكم فأقرؤه، فقالت أخته : إنك رجس، ولا يمسه إلا المطهرون، فقم فاغتسل، فقام فاغتسل، ثم أخذ الكتاب، فقرأ : { بسم الله الرحمن الرحيم } فقال : أسماء طيبة طاهرة . ثم قرأ [ طه ] حتى انتهي إلى قوله : { إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي } [ طه : 14] فقال : ما أحسن هذا الكلام وأكرمه ؟ دلوني على محمد . فلما سمع خباب قول عمر خرج من البيت، فقال : أبشر يا عمر، فإني أرجو أن تكون دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم لك ليلة الخميس : ( اللّهم أعز الإسلام بعمر بن الخطاب أو بأبي جهل بن هشام ) ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم في الدار التي في أصل الصفا . فأخذ عمر سيفه، فتوشحه، ثم انطلق حتى أتى الدار، فضرب الباب، فقام رجل ينظر من خلل الباب، فرآه متوشحًا السيف، فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، واستجمع القوم، فقال لهم حمزة : ما لكم ؟ قالوا : عمر ؟ فقال : وعمر ؟ افتحوا له الباب، فإن كان جاء يريد خيرًا بذلناه له، وإن كان جاء يريد شرًا قتلناه بسيفه، ورسول الله صلى الله عليه وسلم داخل يوحى إليه، فخرج إلى عمر حتى لقيه في الحجرة، فأخذ بمجامع ثوبه وحمائل السيف، ثم جبذه جبذة شديدة فقال : ( أما أنت منتهيًا يا عمر حتى ينزل الله بك من الخزي والنكال ما نزل بالوليد بن المغيرة ؟ اللهم، هذا عمر بن الخطاب، اللهم أعز الإسلام بعمر بن الخطاب ) ،فقال عمر : أشهد أن لا إله إلا الله، وأنك رسول الله . وأسلم، فكبر أهل الدار تكبيرة سمعها أهل المسجد )
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية (عمر بن الخطاب )
الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام….. وأشهد أن لا إله إلا لله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. نشهد أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
كان عمر رضي الله عنه ذا شكيمة لا يرام، وقد أثار إسلامه ضجة بين المشركين، وشعورا لهم بالذلة والهوان، وكسا المسلمين عزة وشرفًا وسرورًا)، يقول عمر ذاكرا نعمة الله عليه أن هداه للإسلام (قلت ـ أي حين أسلمت : يا رسول الله، ألسنا على الحق إن متنا وإن حيينا ؟ قال : ( بلى، والذي نفسي بيده، إنكم على الحق وإن متم وإن حييتم ) ، قال : قلت : ففيم الاختفاء ؟ والذي بعثك بالحق لنخرجن، فأخرجناه في صفين، حمزة في أحدهما، وأنا في الآخر، له كديد ككديد الطحين، حتى دخلنا المسجد، قال : فنظرت إلىّ قريش وإلى حمزة، فأصابتهم كآبة لم يصبهم مثلها، فسماني رسول الله صلى الله عليه وسلم ( الفاروق ) يومئذ )، لذلك ،كان عبدالله بن مسعود يقول: ما كنا نقدر على أن نصلى عند الكعبة حتى أسلم عمر، فلما أسلم عمر قاتل قريشا حتى صلى عند الكعبة وصلينا معه. وثبت في صحيح البخاري (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ – رضى الله عنه –قَالَ مَا زِلْنَا أَعِزَّةً مُنْذُ أَسْلَمَ عُمَرُ)، قال ابن مسعود: إن إسلام عمر كان فتحا، وإن هجرته كانت نصرا، وإن إمارته كانت رحمة، ولقد كنا وما نصلى عند الكعبة حتى أسلم عمر، فلما أسلم عمر قاتل قريشا حتى صلى عند الكعبة وصلينا معه. ونستكمل حديثا عن عمر بن الخطاب إن شاء الله
الدعاء