خطبة عن ( نبي الله داوود حاكما وقاضيا)
مارس 29, 2016خطبة عن (نبي الله داوود رسولا إلى بني اسرائيل)
مارس 29, 2016الخطبة الأولى ( داود عليه السلام نبيا إلى بني اسرائيل)
الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان. ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام.. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. نشهد أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد أيها المسلمون
قال الله تعالى : ( وَلَمَّا بَرَزُوا لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُوا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (250) فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ ) البقرة 250 ، 251،
إخوة الإسلام
وهكذا أصبح داود -عليه السلم- ملكا لبني إسرائيل، فجمع الله على يديه النبوة والملك مرة أخرى. وبعد أن تولى داود الحكم والملك ، وجعله الله نبيا ، لم يصرفه ذلك عن طاعة ربه ، ولذلك كان يقوم الليل ساجدا لله ، ويصوم النهار تقربا إليه ،ففي صحيح البخاري (عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ – رضى الله عنهما – أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ لَهُ « أَحَبُّ الصَّلاَةِ إِلَى اللَّهِ صَلاَةُ دَاوُدَ – عَلَيْهِ السَّلاَمُ – وَأَحَبُّ الصِّيَامِ إِلَى اللَّهِ صِيَامُ دَاوُدَ ، وَكَانَ يَنَامُ نِصْفَ اللَّيْلِ وَيَقُومُ ثُلُثَهُ وَيَنَامُ سُدُسَهُ ، وَيَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا » ولذلك فقد وصفه الله تعالى في محكم آياته بأنه كان ذا قوة في العبادة والعمل الصالح ، فقال سبحانه :( وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ) ص 17، ولقد أكرم الله نبيه الكريم داود بعدة معجزات. فأنزل عليه الزبور ، قال تعالى :(وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا)، وآتاه جمال الصوت، ونغما حسنا ، لم يعطه الله أحدا من خلقه ، فكان عندما يسبّح، تسبح الجبال والطيور معه، والناس ينظرون. يقول سبحانه (إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْرَاقِ (18) وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ ) ص 18 ، 19 ، وقال سبحانه (وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلًا يَاجِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ ) سبأ 10 ، أي أمر الله الجبال والطير أن تسبح معه ، وفي صحيح البخاري ( عَنْ أَبِى مُوسَى – رضى الله عنه – عَنِ النَّبِىِّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ لَهُ « يَا أَبَا مُوسَى لَقَدْ أُوتِيتَ مِزْمَارًا مِنْ مَزَامِيرِ آلِ دَاوُدَ » ، وإذا كان الله قد منح سيدنا داود جمال الصوت ، وعذوبة اللحن ، فقد خفف الله عليه قراءة الزبور ، ففي البخاري (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ – رضى الله عنه – عَنِ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ : « خُفِّفَ عَلَى دَاوُدَ – عَلَيْهِ السَّلاَمُ – الْقُرْآنُ ، فَكَانَ يَأْمُرُ بِدَوَابِّهِ فَتُسْرَجُ ، فَيَقْرَأُ الْقُرْآنَ قَبْلَ أَنْ تُسْرَجَ دَوَابُّهُ ، وَلاَ يَأْكُلُ إِلاَّ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ » ، ولأن سيدنا داود لا يأكل إلا من عمل يده ، كما في صحيح البخاري (عَنِ الْمِقْدَامِ – رضى الله عنه – عَنْ رَسُولِ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ : « مَا أَكَلَ أَحَدٌ طَعَامًا قَطُّ خَيْرًا مِنْ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ ، وَإِنَّ نَبِىَّ اللَّهِ دَاوُدَ – عَلَيْهِ السَّلاَمُ – كَانَ يَأْكُلُ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ » . فكان مما اختص الله به نبيه داود عليه السلام ، أن ألان الله في يديه الحديد، حتى قيل أنه كان يتعامل مع الحديد كما كان الناس يتعاملون مع الطين والشمع، وقد تكون هذه الإلانة بمعنى أنه أول من عرف أن الحديد ينصهر بالحرارة. فكان يصنع منه الدروع. قال تعالى (وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ ) سبأ10) ، وكانت الدروع الحديدية التي يصنعها صناع الدروع في زمانه ثقيلة ، ولا تجعل المحارب حرا يستطيع أن يتحرك كما يشاء أو يقاتل كما يريد. فقام داوود بصناعة نوعية جديدة من الدروع. فصنع درعا يتكون من حلقات حديدية تسمح للمحارب بحرية الحركة، وتحمي جسده من السيوف والفئوس والخناجر.. وهي أفضل من الدروع الموجودة أيامها.. فقال تعالى (وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَنْتُمْ شَاكِرُونَ ) الانبياء 80، و قال تعالى ( أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ) سبأ 11، وشد الله ملك داود، وجعله الله منصورا على أعدائه دائما.. وجعل ملكه قويا عظيما يخيف الأعداء حتى بغير حرب، قال تعالى (وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ ) ص 20،
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( داود عليه السلام )
الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان. ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام.. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. نشهد أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
وزاد الله من نعمه على داود فأعطاه الحكمة وفصل الخطاب، نعم ، لقد أعطاه الله مع النبوة والملك حكمة وقدرة على تمييز الحق من الباطل ومعرفة الحق ومساندته.. فأصبح نبيا ملكا قاضيا. قال تعالى : ( وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ ) ، ويروي لنا القرآن الكريم بعضا من القضايا التي عرضت على داود -عليه السلام. فمن القضايا التي عرضت على داود: أنه جلس كعادته يوما يحكم بين الناس في مشكلاتهم.. وجاءه رجل صاحب حقل ،ومعه رجل آخر صاحب غنم ..وقال له صاحب الحقل: سيدي النبي.. إن غنم هذا الرجل نزلت حقلي أثناء الليل، وأكلت كل عناقيد العنب التي كانت فيه.. وقد جئت إليك لتحكم لي بالتعويض.. فقال داود لصاحب الغنم: هل صحيح أن غنمك أكلت حقل هذا الرجل؟ ، قال صاحب الغنم: نعم يا سيدي.. قال داود: لقد حكمت بأن تعطيه غنمك بدلا من الحقل الذي أكلته. وهنا قال سليمان.. وكان الله قد علمه حكمة تضاف إلى ما ورثه من والده ، قال : أنا عندي حكم آخر يا أبي.. قال داود: قله يا سليمان.. قال سليمان: أحكم بأن يأخذ صاحب الغنم حقل هذا الرجل الذي أكلته الغنم.. ويصلحه له ويزرعه حتى تنمو أشجار العنب، وأحكم لصاحب الحقل أن يأخذ الغنم ليستفيد من صوفها ولبنها ويأكل منه، فإذا كبرت عناقيد العنب ، وعاد الحقل سليما كما كان، أخذ صاحب الحقل حقله ، وأعطى لصاحب الغنم غنمه.. قال داود: هذا حكم عظيم يا سليمان.. الحمد لله الذي وهبك الحكمة.. قال تعالى (وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ (78) فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا ) الانبياء 78، 79، ونستكمل الحديث عن نبي الله داود في لقاء قادم إن شاء الله
الدعاء