خطبة عن ( أَحِبُّوا اللَّهَ )
أغسطس 6, 2022خطبة عن حرمة سب الدهر وحديث ( فَإِنِّي أَنَا الدَّهْرُ )
أغسطس 6, 2022الخطبة الأولى ( إِذَا دَعَا أَحَدُكُمْ فَلْيَعْزِمِ الْمَسْأَلَةَ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
روى البخاري في صحيحه : (عَنْ أَنَسٍ – رضى الله عنه – قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – « إِذَا دَعَا أَحَدُكُمْ فَلْيَعْزِمِ الْمَسْأَلَةَ ، وَلاَ يَقُولَنَّ اللَّهُمَّ إِنْ شِئْتَ فَأَعْطِنِي، فَإِنَّهُ لاَ مُسْتَكْرِهَ لَهُ » .
إخوة الإسلام
الدعاء : هو أن يطلبَ الداعي من ربه ما ينفعُه ،وما يكشف عنه ضُرَّه؛ وحقيقته إظهار الافتقار إلى الله، والتبرؤ من الحول والقوة، وهو سمةُ العبوديةِ، واستشعارُ الذلةِ البشرية، وفيه معنى الثناءِ على الله عز وجل، وإضافةِ الجود والكرم إليه ، والدعاءُ : طاعةٌ لله، وامتثال لأمره ، فقد قال الله تعالى: “وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ” [ غافر: 60] ، والدعاء هو العبادة ، فعَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ « الدُّعَاءُ هُوَ الْعِبَادَةُ ». ثُمَّ قَرَأَ (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ) [رواه الترمذي ، وصححه الألباني] ، بل والدعاء هو أكرم شيء على الله تعالى ، فقد قال (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) : (لَيْسَ شَيْءٌ أَكْرَمَ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى مِنْ الدُّعَاءِ). [رواه الترمذي ]، ومن المعلوم لدى كل مؤمن ، أن جميع الخلق تحت مشيئة الله وقدرته ، ماضٍ فيهم حكمه، وعدل فيهم قضاؤه، فما شاء كان ،ولم لم يشأ لم يكن، لا راد لقضائه ولا معقب لحكمه ، وجميع الخلق فقراء إليه ،وهو غني عنهم، لا تنفعه طاعتهم، ولا تضره معصيتهم ، وما دام الأمر كذلك فما على العبد إلا أن يدعو الله تعالى سراً وجهراً، وتضرعاً وخيفة بالغدو والآصال، ويسأله من فضله وهو موقن من الإجابة ،واثق في حلمه ،وعفوه وكرمه، فإنه جل شأنه كريم لا يرد داعياً ،
أيها المسلمون
وفي هذا الحديث النبوي الشريف المتقدم ذكره ، يرشدنا الرسول صلى الله عليه وسلم إلى حزم المسألة في الدعاء ، وعدم التردد فيها لأي سبب من الأسباب التي تدعوه أحياناً إلى التردد فيها، كالشعور بالتقصير من جانبه في طاعة ربه عز وجل ،والإحساس بالذنب ونحو ذلك؛ فإن الله عز وجل أرحم بعباده من أنفسهم على أنفسهم، ورحمته وسعت كل شيء، فإذا دعا المؤمن ربه عز وجل فليعزم المسألة ،ويقطع بطلبها، ولا يقولن: (اللَّهُمَّ إِنْ شِئْتَ فَأَعْطِنِي)؛ لأن هذا الاستثناء يقلل من شأن الطلب ، ويهون من إظهار الافتقار إلى المطلوب منه، والشأن في العبد ألا يكون لطمعه في رحمة ربه حدود ،مهما كانت ذنوبه ،ومهما بلغ تقصيره في طاعته – عز وجل – فإن الله تبارك وتعالى قد يمن عليه بالهداية والتوبة ،بفضل دعائه وتضرعه فيستجيب له، ويقضي حاجته بما شاء ،وكيف شاء ، ومتى شاء، وقد علل النبي – صلى الله عليه وسلم – هذا النهي بقوله: “فَإِنَّهُ لَا مُسْتَكْرِهَ لَهُ” أي إنما يقال هذا لمن تدعوه ظروفه ويدفعه عجزه على إتيان ما يكرهه ، والله عز وجل لا مستكره له، هذا وقد بين الله تعالى أسباب قبول الدعاء في آية واحدة، وهي قوله تعالى: { وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ } (البقرة: 186). فقوله تعالى: {فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي } معناه فليخلصوا لي في القول والعمل وليخضعوا لجبروتي، ويتواضعوا لعظمتي، يدعوني رغباً ورهباً. وقوله تعالى : {وَلْيُؤْمِنُوا بِي} معناه: وليستمروا على الإيمان بي ،والثقة بفضلي ،والطمع في عفوي ورحمتي ، فهذا هو السبيل إلى الرشد والفلاح في الدنيا والآخرة. والله تعالى قريب من عباده قرب إجابة، فهو معهم أينما كانوا، وهو عليم بهم ،لا تخفى عليه خافية من أمرهم، يسمع دعاءهم وإن لم تنطق به ألسنتهم، فيستجيب لهم وفق حكمته البالغة، وتقديره الدقيق، والمتأمل والمتدبر لدعاء الأنبياء والمرسلين ، يتبين له عزمهم في الدعاء ، فنبي الله (إبراهيم) عليه السلام قال في دعائه: { رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ } (فصلت: 100) ، بينما كانت امرأته عجوزا عقيما وهو شيخ كبير ، وهذا نبي الله (زكريا) عليه السلام قال كما حكى الله عنه: { قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا } (مريم: 4-6) ، وهذا نبي الله (يعقوب) عليه السلام ، قال كما حكى الله عنه: { عَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ } (يوسف: 83) وهو رجاء الواثق بربه الموقن بإجابته.
أيها المسلمون
وللدعاء فضائل متعددة، وثمرات عظيمة ، فمن فضائل الدعاء أنه سبب لدفع غضب الله ، فقد قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “مَنْ لَمْ يَسْأَلْ اللَّهَ يَغْضَبْ عَلَيْهِ”. [رواه الترمذيُّ، وحسنه الألباني] ، ومن فضائل الدعاء : أن الدعاء سلامة من العجز، ودليل على الكَياسة، فقد قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “أَعْجَزُ النَّاسِ مَنْ عَجَزَ عَنْ الدُّعَاءِ وَأَبْخَلُ النَّاسِ مَنْ بَخِلَ بِالسَّلَامِ”. [رواه ابن حبان وصححه الألباني] ،
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( إِذَا دَعَا أَحَدُكُمْ فَلْيَعْزِمِ الْمَسْأَلَةَ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
ومن فضائل الدعاء : أن الدعاء سبب لرفع البلاء، فقد قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَنْ فُتِحَ لَهُ مِنْكُمْ بَابُ الدُّعَاءِ فُتِحَتْ لَهُ أَبْوَابُ الرَّحْمَةِ وَمَا سُئِلَ اللَّهُ شَيْئًا يَعْنِي أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ أَنْ يُسْأَلَ الْعَافِيَةَ) ، وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِنَّ الدُّعَاءَ يَنْفَعُ مِمَّا نَزَلَ وَمِمَّا لَمْ يَنْزِلْ فَعَلَيْكُمْ عِبَادَ اللَّهِ بِالدُّعَاءِ”. [رواه الترمذي وحسنه الألباني ] ، ومن فضائل الدعاء : أن الداعي في معيةُ الله : فقد قال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “يقول الله عز وجل: (أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي وَأَنَا مَعَهُ إِذَا دَعَانِي”. [رواه مسلم] ، ومن فضائل الدعاء : أن الداعي يكون قريبا من ربه ، فقد قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَهُوَ سَاجِدٌ ، فَأَكْثِرُوا الدُّعَاءَ). [رواه مسلم] ، وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” إِنَّ فِي اللَّيْلِ لَسَاعَةٌ لَا يُوَافِقُهَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ يَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ إِلَّا أَعْطَاهُ إِيَّاهُ وَذَلِكَ كُلَّ لَيْلَةٍ”. [رواه مسلم] ، وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” مَا مِنْ عَبْدٍ مُسْلِمٍ يَدْعُو لِأَخِيهِ بِظَهْرِ الْغَيْبِ إِلَّا قَالَ الْمَلَكُ : وَلَكَ بِمِثْلٍ” [رواه مسلم]
الدعاء