خطبة عن: خطورة الفتيا وحديث: (قَتلوهُ قتلَهُمُ اللَّهُ)
أغسطس 27, 2022خطبة عن ( من خصائص الأمة الإسلامية وفضائلها ومميزاتها )
أغسطس 27, 2022الخطبة الأولى ( الخديعة والنصب والاحتيال)
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته : (وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ) الطلاق (1) ،وقال الله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ) النساء 29، وقال الله تعالى : (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) (90) النحل ، ورُوي في الصحيحين واللفظ لمسلم : « فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا فَلْيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ »
إخوة الإسلام
لقد أراد الله تعالى للمجتمعات أن تحيا حياة الأمن والأمان، يأمن كل انسان فيها على نفسه، وعرضه ،وماله، ولأجل هذا الغرض ، فقد حرَّم الله تعالى الاعتداء على الأنفس ، والأعراض ، والأموال، ومن الآفات التي تعرِّض أمن الأفراد والمجتمعات للخطر : الخديعة والنصب والاحتيال ، وبداية ، فإن من المسلم به أن الجريمة ظاهرة اجتماعية، وجدت مع الإنسان، ولا يمكن القضاء عليها، ولكن يمكننا الحدّ منها، وهذه الآفة الخطيرة ، وتلك الصفة الذميمة ، والخلق السيئ : (الخديعة والنصب والاحتيال ) فإن مرتكبها يتصف باستحلال المحرم، وإبطال الحقوق، وإسقاط الواجبات، وأكل أموال الناس بالباطل، وإفسادٌ في الأرض، وتدميرٌ للبلاد والعباد ، فالخديعة والنصب والاحتيال على الناس للنيل من حقوقهم ، والتعرض لأذيتهم في دينهم ، ونفوسهم ، وعقولهم ، وأعراضهم ، وأموالهم ، هو محرم في شريعة الاسلام ، قال الله تعالى 🙁 يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَخُونُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُواْ أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ” الأنفال 27، كما روى الامام مسلم في صحيحه : (عَنْ عِيَاضِ الْمُجَاشِعِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ ذَاتَ يَوْمٍ فِي خُطْبَتِهِ : وَأَهْلُ النَّارِ خَمْسَةٌ : وذكر منهم : وَالْخَائِنُ الَّذِى لاَ يَخْفَى لَهُ طَمَعٌ وَإِنْ دَقَّ إِلاَّ خَانَهُ وَرَجُلٌ لاَ يُصْبِحُ وَلاَ يُمْسِى إِلاَّ وَهُوَ يُخَادِعُكَ عَنْ أَهْلِكَ وَمَالِكَ » ، كما أخرج الطبراني في معجمه: (عن ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من غشنا فليس منا، والمكر والخداع في النار)، وفي سنن الترمذي : (عَنْ أَبِى بَكْرٍ الصِّدِّيقِ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ خِبٌّ وَلاَ مَنَّانٌ وَلاَ بَخِيلٌ ». وفي سنن أبي داود وغيره : (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رَفَعَاهُ جَمِيعًا قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « الْمُؤْمِنُ غِرٌّ كَرِيمٌ ، وَالْفَاجِرُ خِبٌّ لَئِيمٌ »
أيها المسلمون
وهكذا يتبين لنا أن النصب والاحتيال والخديعة يحتوي على الغش والكذب وعدم الأمانة والظلم وخذلان المسلم لأخيه المسلم الذي وثق به، وهذه الأمور مما تنقص الإيمان، وتنافي الأخوة الإيمانية ، ففي صحيح مسلم : (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ :قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « لاَ تَحَاسَدُوا وَلاَ تَنَاجَشُوا وَلاَ تَبَاغَضُوا وَلاَ تَدَابَرُوا وَلاَ يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا. الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لاَ يَظْلِمُهُ وَلاَ يَخْذُلُهُ وَلاَ يَحْقِرُهُ. التَّقْوَى هَا هُنَا ». وَيُشِيرُ إِلَى صَدْرِهِ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ « بِحَسْبِ امْرِئٍ مِنَ الشَّرِّ أَنْ يَحْقِرَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرْضُهُ ».
هذا وقد تعددت أعمال وصور وأشكال النصب والخديعة والاحتيال في كل مكان وتعددت أنواعها، حتى أنها أصبحت تنفذ تحت غطاء الدين والعقائد والمعتقدات، ما ترتب عليه التعدي على حرمة بعض الأماكن المقدسة والنصب على الأبرياء ، وإحداث العداوة بين الناس ، ومن أعظم صور وأشكال النصب والخديعة والاحتيال : ما كان في أمور الدين والعقيدة، فيظهر هذا المحتال بصفة الداعية فيغش الناس في دينهم، بأن ينشر فيهم البدع وما يخالف الشرع باسم الدين، وقد حذرنا منهم الله سبحانه وتعالى في كتابه، والنبي صلى الله عليه وسلم في سنته، فروى البخاري ومسلم : (عَنْ عَائِشَةَ – رضى الله عنها – قَالَتْ تَلاَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – هَذِهِ الآيَةَ ( هُوَ الَّذِى أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ ) إِلَى قَوْلِهِ ( أُولُو الأَلْبَابِ ) قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – « فَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ، فَأُولَئِكَ الَّذِينَ سَمَّى اللَّهُ ، فَاحْذَرُوهُمْ »، ومن صور وأشكال النصب والخديعة والاحتيال : الادعاء بالقدرة على الشفاء من الأمراض والمس والسحر ونحوها، فيظهر بمظهر الراقي الذي يرقي بالقرآن، وهو إنما يستعين بالجان والشياطين، فيسلب من الناس دينهم وأموالهم وعافيتهم ، وقد حذرنا منهم النبي صلى الله عليه وسلم ، ففي مسند أحمد وغيره : (عَن أَبِى هُرَيْرَةَ وَالْحَسَنِ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « مَنْ أَتَى كَاهِناً أَوْ عَرَّافاً فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ » ، ومن صور النصب والاحتيال والخديعة : ما يتعلق بأعراض المسلمين، كمن يكلم النساء بحجة أنه ينوي الزواج وفي حقيقة الأمر يريد أن يتلاعب بهن، أو يشترط أهل الزوجة عليه شروطا عند عقد الزواج فيوافق وهو ينوي أن لا يفي بها، ففي صحيح البخاري : (عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ – رضى الله عنه – قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – « أَحَقُّ الشُّرُوطِ أَنْ تُوفُوا بِهِ مَا اسْتَحْلَلْتُمْ بِهِ الْفُرُوجَ » وعن ميمون الكردي عن أبيه رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول أيما رجل تزوج امرأة على ما قل من المهر أو كثر ليس في نفسه أن يؤدي إليها حقها، خدعها فمات ولم يؤد إليها حقها، لقي الله يوم القيامة وهو زان ” رواه الطبراني، ومن صور النصب والاحتيال والخديعة في المال ما يجري في المزادات بأن يلجَأ بعضُ المحتالينَ إلَى الزِّيادةِ فِي ثَمَنِ سِلْعَةٍ معروضةٍ -بالاتفاق مع البائعِ- وهُوَ لاَ يُريدُ شراءَهَا، تغريراً بالمشترِي وخِداعاً لهُ، وهذَا هُوَ النَّجَشُ الذِي نَهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عنْهُ، في الحديث المتفق عليه ،فقالَ: «وَلاَ تَنَاجَشُوا» ، وَقَالَ ابْنُ أَبِى أَوْفَى رضي الله عنه: (النَّاجِشُ آكِلُ رِباً خَائِنٌ، وَهوَ خِدَاعٌ بَاطِلٌ لاَ يَحِلُّ ) ، ومِنْ صُورِ الخديعة والاحتيالِ العبثُ بأطعمةِ الناسِ، وذلكَ بتغييرِ تواريخِ السِّلَعِ الْمُنْتَجَةِ ، أَوِ الغِشِّ فيهَا، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَرَّ عَلَى صُبْرَةِ طَعَامٍ فَأَدْخَلَ يَدَهُ فِيهَا فَنَالَتْ أَصَابِعُهُ بَلَلاً، فَقَالَ :«مَا هَذَا يَا صَاحِبَ الطَّعَامِ؟». قَالَ: أَصَابَتْهُ السَّمَاءُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: «أَفَلاَ جَعَلْتَهُ فَوْقَ الطَّعَامِ كَيْ يَرَاهُ النَّاسُ، مَنْ غَشَّ فَلَيْسَ مِنِّي» رواه مسلم ، ومن صور النصب والخديعة والاحتيال في المال ما يفعله بعض المخادعين من استمالةِ قلوبِ الناسِ، بالظهورِ بِمظهَرِ الفقْرِ والإفلاسِ، أَوْ إيهامِهِمْ عَنْ طريقِ التهاتُفِ والاتصالِ، بربْحِ الجوائزِ والأموالِ، أَوْ إخبارِهِمْ بأنَّهُمْ مسحورُونَ ، وأنَّ الْمُتَّصِلينَ عَلَى فَكِّ السِّحْرِ قادرُونَ، بِشرطِ تَحويلِ مبالغَ مُعيَّنَةٍ، فعلينَا أَنْ نَحذَرَ مِنْهُمْ فِي كُلِّ حالٍ، وخاصَّةً المتسوِّلينَ أو الْمحتالينَ، الذينَ يتظاهرونَ بأنَّهُمْ مِنَ المساكينَ، قالَ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ سَأَلَ النَّاسَ أَمْوَالَهُمْ تَكَثُّراً فَإِنَّمَا يَسْأَلُ جَمْراً؛ فَلْيَسْتَقِلَّ أَوْ لِيَسْتَكْثِرْ» رواه مسلم ، ومن صور النصب والخديعة والاحتيال ما يقوم به بعضُ الناسِ للحصولِ علَى القُروضِ، أَوْ للتَّهَرُّبِ مِنَ الوفاءِ المفروضِ ، أَوْ يقومُ بشراءِ الشَّهاداتِ العلميةِ، أو تزويرِ شهاداتِ الخبرةِ المهنيةِ، للبحْثِ عَنْ فُرصةِ عملٍ أَوْ وظيفةٍ مَرْضِيَّةٍ، أو يقومُ –بعدَ الحصولِ على الوظيفةِ- بسرقَةِ عملِ زميلِهِ ليدَّعِيَ أَنَّهُ مِنْ عملِهِ، فهذَا كلُّهُ مِنَ الكذبِ والزورِ والاحتيالِ، ففي الصحيحين : (قَالَ رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم: «الْمُتَشَبِّعُ بِمَا لَمْ يُعْطَ كَلاَبِسِ ثَوْبَيْ زُورٍ» ، ومِنْ صُوَرِ النصب والخديعة والاحتيال لأكلِ المالِ الحرام: ادَّعاءُ الموظفِ بأنَّهُ مريضٌ؛ ليحصُلَ علَى إجازةٍ مَرَضِيَّةٍ، أَوِ احتيالُهُ للتَّهَرُّبِ مِنَ الأعمال، وكلُّ ذلكَ من صورِ الخديعة والاحتيال ، وأكلِ المال الحرام،
أيها المسلمون
إن الأمانةُ من مَحاسِنِ الأخْلاقِ، وعلى العَكْسِ مِن ذلك؛ فإنَّ الغِشَّ والخِداعَ خلق ذميم ، يَجلِبُ على المجتَمَعِ الوَيْلاتِ ، مع البَغْضاءِ والتَّشاحُنِ بين الناسِ ، وقد حذرت الشريعة الاسلامية من النصب والمكر والخديعة، وفي سنن ابن ماجه وغيره : (عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « أَسْرَعُ الْخَيْرِ ثَوَابًا الْبِرُّ وَصِلَةُ الرَّحِمِ وَأَسْرَعُ الشَّرِّ عُقُوبَةً الْبَغْيُ وَقَطِيعَةُ الرَّحِمِ ». وقال أبو بكر الصديق رضي الله عنه: ثلاث من كن فيه كن عليه: البغي والنكث والمكر، قال الله تعالى: ” إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ ” يونس 23، وقال الله تعالى: “ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ ” الفتح 10، وقال الله تعالى: ” وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ ” فاطر 43. ، وقال ابن تيمية: (فإذا كان الله تعالى قد حرَّم الخِلَابة وهي الخَدِيعَة، فمعلومٌ أنَّه لا فَرْق بين الخِلَابة في البيع وفي غيره؛ لأنَّ الحديث إن عمَّ ذلك لفظًا ومعنًى فلا كلام، إن كان إنَّما قصد به الخِلَابة في البيع، فالخِلَابة في سائر العقود والأقوال وفي الأفعال بمنزلة الخِلَابة في البيع، ليس بينهما فَرْقٌ مؤثر في اعتبار الشَّارع، وهذا القياس في معنى الأصل، بل الخِلَابة في غير البيع قد تكون أعظم، فيكون مِن باب التَّشبيه وقياس الأولى)
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( الخديعة والنصب والاحتيال)
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
ومن الملاحظ أن النصاب يعتمد على الطمع والخيانة والغدر، فيجب على الشخص التبين والتحقق من الأمور لقوله تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا”، الحجرات 49، وهنا أمرنا الله تعالى بالتحقق من الأمور التي تعرض علينا في حياتنا وخاصة في الأمور التي تخص العقائد لأنها تتضمن عامة الناس وتؤثر فيهم، واعلمُوا أنَّ باب التَّوبةِ مفتوح، إلى أن تبلغَ الرّوحُ الحلقومَ، أو تطلُعَ الشمسُ من مَغْرِبِها، فبادروا عباد الله للتوبةِ النَّصوح، قبلَ حلولِ الأجَل، وانقطاعِ العمل، فمن احتال على أخيه المسلم فاقتطع شيئا من حقه فليبادر بالتوبة وإن من شروط صحة التوبة أن يبادِرَ التائب إلى إرجاعِ الحقِّ إلى صاحبه، فإنْ حاولَ بكلِّ الطُّرقِ ولم يستطعْ الوصولَ إلى صاحبهِ –لطولِ العهدِ أو غيرِ ذلك من الأسباب المانعة- فعليه أن يسارِعَ إلى التخلُّصِ منه، وذلك بصرفهِ في وجوه البرِّ بنيّةِ التخلُّصِ من المالِ الحرام ، فإنَّ المالَ الحرامَ سببٌ للخُسرانِ وسوءِ العاقِبَة، فاحذروا إطعامَ أنفسِكُمْ أو أهليكُم وعيالِكُم من المالِ الحرام، ففي سنن الترمذي : ( قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يَا كَعْبُ بْنَ عُجْرَةَ إِنَّهُ لاَ يَرْبُو لَحْمٌ نَبَتَ مِنْ سُحْتٍ إِلاَّ كَانَتِ النَّارُ أَوْلَى بِهِ »، وفي صحيح مسلم : (ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ يَا رَبِّ يَا رَبِّ وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ وَغُذِىَ بِالْحَرَامِ فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ ».
الدعاء