خطبة عن: أحل الله الطيبات ( يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ)
سبتمبر 10, 2022خطبة عن ( أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ )
سبتمبر 10, 2022الخطبة الأولى ( تَعَلَّمُوا الْقُرْآنَ فَاقْرَءُوهُ وَأَقْرِئُوهُ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
روى الامام الترمذي في سننه بسند حسنه : (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- بَعْثًا وَهُمْ ذُو عَدَدٍ فَاسْتَقْرَأَهُمْ فَاسْتَقْرَأَ كُلَّ رَجُلٍ مِنْهُمْ مَا مَعَهُ مِنَ الْقُرْآنِ فَأَتَى عَلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ مِنْ أَحْدَثِهِمْ سِنًّا فَقَالَ « مَا مَعَكَ يَا فُلاَنُ ». قَالَ مَعِي كَذَا وَكَذَا وَسُورَةُ الْبَقَرَةِ. قَالَ « أَمَعَكَ سُورَةُ الْبَقَرَةِ ». فَقَالَ نَعَمْ. قَالَ « فَاذْهَبْ فَأَنْتَ أَمِيرُهُمْ ». ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ أَشْرَافِهِمْ وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا مَنَعَنِي أَنْ أَتَعَلَّمَ سُورَةَ الْبَقَرَةِ إِلاَّ خَشْيَةَ أَلاَّ أَقُومَ بِهَا. ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « تَعَلَّمُوا الْقُرْآنَ فَاقْرَءُوهُ وَأَقْرِئُوهُ فَإِنَّ مَثَلَ الْقُرْآنِ لِمَنْ تَعَلَّمَهُ فَقَرَأَهُ وَقَامَ بِهِ كَمَثَلِ جِرَابٍ مَحْشُوٍّ مِسْكًا يَفُوحُ بِرِيحِهِ كُلُّ مَكَانٍ ،وَمَثَلُ مَنْ تَعَلَّمَهُ فَيَرْقُدُ وَهُوَ فِي جَوْفِهِ كَمَثَلِ جِرَابٍ وُكِئَ عَلَى مِسْكٍ »
إخوة الإسلام
إن هذا الحديث النبوي الكريم هو واحد من عدّة أحاديث أخرى يحثّ فيها النبي الكريم صلى الله عليه وسلم على قراءة القرآن وتعلّمه, وكيف لا : وهو كلام الله جلّ علا ، وآيته الكبرى, ومعجزته الخالدة العظمى, وحجته البالغة, وكلمته الدامغة, ونوره الساطع , وضياؤه الرائع, وهو الكتاب الذي لا تنقضي عجائبه، فمن تعلّم القرآن وحفظه ،وارتوى من معينه الصافي ،والتزم به ،وعمل بأوامره ونواهيه ، فهو مثل الوعاء الذي وضعت فيه المسك ففاح عطرا ، وخرجت منه رائحة ذكية طيبة ، قد عمّت كل الأرجاء ، يشمها صاحبه ،ويشمها الناس فيستحسنونها، ثم يزيد النبي في بيان فضائل القرآن الكريم ،فيشبه من قرأ القرآن وتعلمه ونام به بالوعاء المملوء مسكا ثم أغلق بإحكام ، فكيف يكون عبق رائحته ، ولهذا فقد حثنا الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم على قراءة القرآن عند النوم ، فهو الحصن الحصين للنفس من وسوسة الشياطين ،وعند غفلتها , وهو الراحة والطمأنينة للإنسان من تعب الحياة ومشاكلها ، فمن قرأ القرآن يريد العلم رزقه الله العلم، ومن قرأه يريد الثواب فقط أعطي الثواب، قال ابن تيمية: “من تدبر القرآن طالبا الهدى منه تبين له طريق الحق”؛ وقال القرطبي: “فإذا استمع العبد إلى كتاب الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم بنية صادقة على ما يحب الله أفهمه كما يجب، وجعل في قلبه نورا”.
أيها المسلمون
ولقراءة القرآن أهداف وغايات عدة ،ونذكر لكم منها : الهدف الأول : قراءة القرآن لأجل العلم : وهذا هو المقصد المهم، والمقصود الأعظم من إنزال القرآن، والأمر بقراءته، بل ومن ترتيب الثواب على القراءة، قال الله عز وجل: {كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الأَلْبَابِ} [ص:29]، وقال الله تعالى : {أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرًا} [النساء:82]، وقال الله تعالى : {أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ أَمْ جَاءهُم مَّا لَمْ يَأْتِ آبَاءهُمُ الأَوَّلِينَ} [المؤمنون:68]، وقال الله تعالى :{أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} [محمد:24]؛ وقال الله تعالى : {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ} [ق:37]. وقال ابن مسعود رضي الله عنه : “إذا أردتم العلم فانثروا هذا القرآن ، فإن فيه علم الأولين والآخرين”. وقال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: “لقد عشنا دهراً طويلاً ،وإن أحدنا يؤتى الإيمان قبل القرآن ، فتنزل السورة على محمد صلى الله عليه وسلم فنتعلم حلالها وحرامها ،وآمرها وزاجرها ،وما ينبغي أن يوقف عنده منها، ثم لقد رأيت رجالا يؤتى أحدهم القرآن قبل الإيمان، فيقرأ ما بين فاتحة الكتاب إلى خاتمته لا يدري ما آمره ولا زاجره ،وما ينبغي أن يقف عنده منه ينثره نثر الدقل”. وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: “عليكم بالقرآن فتعلَّموه وعلِّموه أبناءكم فإنكم عنه تسألون، وبه تجزون، وكفى به واعظاً لمن عقل”.
والسؤال : ما العلم الذي نريده من القرآن؟ ، أهو علم الصناعة؟ ، أو الزراعة أم الإدارة؟، إننا نريد العلم الذي يحقق لنا النجاح في الحياة، ويحقق لنا السعادة، والحياة الطيبة، والنفس المطمئنة، والرزق الحلال الواسع، ويحقق لنا الأمن في الدنيا والآخرة، نريد العلم الذي يولد الإرادة والعزيمة، ويقضي على كل مظاهر الفشل والإخفاق في جميع مجالات الحياة، إنه: العلم بالله تعالى ، والعلم باليوم الآخر، والعلم بالله تعالى أوله العلم المقتضي للاستغفار كما قال الله تعالى : {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ} [محمد:19]، فالعلم الذي يورث الاستغفار، ويدفع إليه ،هو العلم المؤدي للنجاح، وهذا العلم هو: علم لا إله الا الله، على وجه يحقق المقصود لفظا ومعنى. وقال ابن مسعود رضي الله عنه: “كفى بخشية الله علما وكفى ، بالإغترار بالله جهلا”. إن القرآن هو الذي يجب الرجوع إليه في كل موقف من مواقف حياتنا؛ وعليه فمن أراد أن يكون شخصا ناجحا في الحياة ، فعليه بحفظه ،وفهم نصوصه، ليمكنه الحصول على الإجابات الفورية والسريعة والصحيحة في كل حالة تمر به في حياته.
ولو تأملنا في حوار النبي صلى الله عليه وسلم مع المدعوين، وماذا كان يقول لهم، لوجدنا أنه في كثير من المواقف يكتفي بتلاوة آيات من القرآن الكريم، ويحدث هذا أثرا عظيما في النفوس، لقد كانت قراءة النبي صلى الله عليه وسلم لآية من القرآن تشد الكافر والمنافق والمشرك وتبين له الحق، ولا يقل أحد إن هذا خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم ،بل هو ممكن لكل من سلك سبيله ،واقتدى به، وهو بهذا مستجيب لربه سبحانه وتعالى الذي أمره بذلك إذ يقول: {فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ} [ق:45] ، وبقوله سبحانه: {وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللّهِ} [التوبة:6]، وقال الله تعالى : {وَقُرْآناً فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنزِيلاً} [الإسراء:106]، وقال الله تعالى : {وَأَنْ أَتْلُوَ الْقُرْآنَ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَقُلْ إِنَّمَا أَنَا مِنَ الْمُنذِرِينَ} [النمل:92].
أما الهدف الثاني من أهداف قراءة القرآن : فهو قراءة القرآن بقصد العمل به ،قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: ” يا حملة القرآن ،أو يا حملة العلم؛ اعملوا به ،فإنما العالم من عمل بما علم، ووافق علمه عمله ،وسيكون أقوام يحملون العلم لا يجاوز تراقيهم ،يخالف عملهم علمهم ،وتخالف سريرتهم علانيتهم ،يجلسون حلقاً يباهي بعضهم بعضا ،حتى إن الرجل ليغضب على جليسه أن يجلس إلى غيره ويدعه ،أولئك لا تصعد أعمالهم في مجالسهم تلك إلى الله تعالى” ، وعن الحسن البصري قال : “أمر الناس أن يعملوا بالقرآن فاتخَذوا تلاوته عملا” ، وقال الحسن بن علي : “اقرأ القرآن ما نهاك ،فإذا لم ينهك فليست بقراءة” ، فعلى المسلم أن يقرأ القرآن بنية العمل، وبنية البحث عن علم ليعمل به، فيقف عند آياته ينظر ماذا تطلب منه، هل أمر يؤمر به، أو شيء ينهى عنه، أو فضيلة يدعى للتحلي بها، أو خطر يحيق به يحذر منه، وهكذا فإن القرآن هو الدليل العملي لتشغيل النفس وصيانتها، فينبغي أن يكون قريبا من كل مسلم يربي به نفسه ويهذبها
أما الهدف الثالث من أهداف قراءة القرآن : فهو قراءة القرآن بقصد مناجاة الله ، فعن عبد الله بن المبارك قال: سألت سفيان الثوري قلت: الرجل إذا قام إلى الصلاة أي شيء ،ينوي بقراءته وصلاته؟ قال: ينوي أنه يناجي ربه” ، ففي الصحيحين : (عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « إِذَا كَانَ أَحَدُكُمْ فِي الصَّلاَةِ فَإِنَّهُ يُنَاجِى رَبَّهُ) ، وفي رواية للإمام أحمد: (« إِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا صَلَّى فِي الْمَسْجِدِ فَإِنَّهُ يُنَاجِى رَبَّهُ وَإِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَسْتَقْبِلُهُ بِوَجْهِهِ ) ، وفي موطإ مالك : (عَنْ أَبِى حَازِمٍ التَّمَّارِ عَنِ الْبَيَاضِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- خَرَجَ عَلَى النَّاسِ وَهُمْ يُصَلُّونَ وَقَدْ عَلَتْ أَصْوَاتُهُمْ بِالْقِرَاءَةِ فَقَالَ « إِنَّ الْمُصَلِّىَ يُنَاجِى رَبَّهُ فَلْيَنْظُرْ بِمَا يُنَاجِيهِ بِهِ وَلاَ يَجْهَرْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ بِالْقُرْآنِ ».، قال ابن القيم: ” إذا أردت الانتفاع بالقرآن فاجمع قلبك عند تلاوته وسماعه، وألق سمعك، واحضر حضور من يخاطبه به من تكلم به سبحانه منه إليه، فإنه خطاب منه لك على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم“
أما الهدف الرابع من أهداف قراءة القرآن : هو قراءة القرآن بقصد الثواب : ففي صحيح مسلم : (عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ قَالَ : قَامَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَوْمًا فِينَا خَطِيبًا بِمَاءٍ يُدْعَى خُمًّا بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَوَعَظَ وَذَكَّرَ ثُمَّ قَالَ « أَمَّا بَعْدُ أَلاَ أَيُّهَا النَّاسُ فَإِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ يُوشِكُ أَنْ يَأْتِيَ رَسُولُ رَبِّى فَأُجِيبَ وَأَنَا تَارِكٌ فِيكُمْ ثَقَلَيْنِ أَوَّلُهُمَا كِتَابُ اللَّهِ فِيهِ الْهُدَى وَالنُّورُ فَخُذُوا بِكِتَابِ اللَّهِ وَاسْتَمْسِكُوا بِهِ ». فَحَثَّ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ وَرَغَّبَ فِيهِ) ، وفي رواية لمسلم : « أَلاَ وَإِنِّي تَارِكٌ فِيكُمْ ثَقَلَيْنِ أَحَدُهُمَا كِتَابُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ هُوَ حَبْلُ اللَّهِ مَنِ اتَّبَعَهُ كَانَ عَلَى الْهُدَى وَمَنْ تَرَكَهُ كَانَ عَلَى ضَلاَلَةٍ »، وفي الصحيحين : (عَنْ أَبِى مُوسَى الأَشْعَرِيِّ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – مَثَلُ الْمُؤْمِنِ الَّذِى يَقْرَأُ الْقُرْآنَ كَمَثَلِ الأُتْرُجَّةِ ، رِيحُهَا طَيِّبٌ وَطَعْمُهَا طَيِّبٌ ، وَمَثَلُ الْمُؤْمِنِ الَّذِى لاَ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ كَمَثَلِ التَّمْرَةِ لاَ رِيحَ لَهَا وَطَعْمُهَا حُلْوٌ ، وَمَثَلُ الْمُنَافِقِ الَّذِى يَقْرَأُ الْقُرْآنَ مَثَلُ الرَّيْحَانَةِ ، رِيحُهَا طَيِّبٌ وَطَعْمُهَا مُرٌّ ، وَمَثَلُ الْمُنَافِقِ الَّذِى لاَ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ كَمَثَلِ الْحَنْظَلَةِ ، لَيْسَ لَهَا رِيحٌ وَطَعْمُهَا مُرٌّ » ، وفي سنن الترمذي : (عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « مَنْ قَرَأَ حَرْفًا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ فَلَهُ بِهِ حَسَنَةٌ وَالْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا لاَ أَقُولُ الم َرْفٌ وَلَكِنْ أَلِفٌ حَرْفٌ وَلاَمٌ حَرْفٌ وَمِيمٌ حَرْفٌ »، وقال ابن عباس رضي الله عنهما: ” لو أن حملة القرآن أخذوه بحقه وما ينبغي له لأحبهم الله ولكن طلبوا به الدنيا فابغضهم الله وهانوا على الناس” ، وقال أبو هريرة رضي الله عنه: ” البيت الذي يتلى فيه كتاب الله كثر خيره وحضرته الملائكة وخرجت منه الشياطين والبيت الذي لا يتلى فيه كتاب الله ضاق بأهله وقل خيره وحضرته الشياطين وخرجت منه الملائكة”
أما الهدف الخامس من أهداف قراءة القرآن : هو قراءة القرآن بقصد الاستشفاء به قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاء لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ} [يونس:57] ، وقال الله تعالى: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إَلاَّ خَسَارًا} [الإسراء:82] ، وفي سنن ابن ماجه : (عَنْ عَلِىٍّ قَالَ :قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « خَيْرُ الدَّوَاءِ الْقُرْآنُ ».، وعن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل عليها وامرأة تعالجها، أو ترقيها، فقال: «عالجيها بكتاب الله» (أخرجه ابن حبان). ، وفي مسند أحمد : (عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- كَانَ إِذَا مَرِضَ قَرَأَ عَلَى نَفْسِهِ بِالْمُعَوِّذَتَيْنِ وَيَنْفُثُ – قَالَتْ عَائِشَةُ – فَلَمَّا ثَقُلَ جَعَلْتُ أَنْفُثُ عَلَيْهِ بِهِمَا وَأَمْسَحُ بِيَمِينِهِ الْتِمَاسَ بَرَكَتِهَا).
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( تَعَلَّمُوا الْقُرْآنَ فَاقْرَءُوهُ وَأَقْرِئُوهُ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
وقد جعل النبي صلى الله عليه وسلم تعلم القرآن وتعليمه سبباً في الوصول إلى رتبة الخيرية في هذه الأمة، فقد روى البخاري في صحيحه : (عَنْ عُثْمَانَ – رضى الله عنه – عَنِ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ « خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ »، وروى مسلم في صحيحه : (عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَنَحْنُ فِي الصُّفَّةِ فَقَالَ « أَيُّكُمْ يُحِبُّ أَنْ يَغْدُوَ كُلَّ يَوْمٍ إِلَى بُطْحَانَ أَوْ إِلَى الْعَقِيقِ فَيَأْتِيَ مِنْهُ بِنَاقَتَيْنِ كَوْمَاوَيْنِ فِي غَيْرِ إِثْمٍ وَلاَ قَطْعِ رَحِمٍ ». فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ نُحِبُّ ذَلِكَ. قَالَ « أَفَلاَ يَغْدُو أَحَدُكُمْ إِلَى الْمَسْجِدِ فَيَعْلَمَ أَوْ يَقْرَأَ آيَتَيْنِ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ خَيْرٌ لَهُ مِنْ نَاقَتَيْنِ وَثَلاَثٌ خَيْرٌ لَهُ مِنْ ثَلاَثٍ وَأَرْبَعٌ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَرْبَعٍ وَمِنْ أَعْدَادِهِنَّ مِنَ الإِبِلِ ». ، ويكفي حامل القرآن شهادة النبي صلى الله عليه وسلم له، ففي سنن الترمذي : (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- بَعْثًا وَهُمْ ذُو عَدَدٍ فَاسْتَقْرَأَهُمْ فَاسْتَقْرَأَ كُلَّ رَجُلٍ مِنْهُمْ مَا مَعَهُ مِنَ الْقُرْآنِ فَأَتَى عَلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ مِنْ أَحْدَثِهِمْ سِنًّا فَقَالَ « مَا مَعَكَ يَا فُلاَنُ ». قَالَ مَعِي كَذَا وَكَذَا وَسُورَةُ الْبَقَرَةِ. قَالَ « أَمَعَكَ سُورَةُ الْبَقَرَةِ ». فَقَالَ نَعَمْ. قَالَ « فَاذْهَبْ فَأَنْتَ أَمِيرُهُمْ ». فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ أَشْرَافِهِمْ وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا مَنَعَنِى أَنْ أَتَعَلَّمَ سُورَةَ الْبَقَرَةِ إِلاَّ خَشْيَةَ أَلاَّ أَقُومَ بِهَا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « تَعَلَّمُوا الْقُرْآنَ فَاقْرَءُوهُ وَأَقْرِئُوهُ فَإِنَّ مَثَلَ الْقُرْآنِ لِمَنْ تَعَلَّمَهُ فَقَرَأَهُ وَقَامَ بِهِ كَمَثَلِ جِرَابٍ مَحْشُوٍّ مِسْكًا يَفُوحُ بِرِيحِهِ كُلُّ مَكَانٍ وَمَثَلُ مَنْ تَعَلَّمَهُ فَيَرْقُدُ وَهُوَ فِي جَوْفِهِ كَمَثَلِ جِرَابٍ وُكِئَ عَلَى مِسْكٍ »
الدعاء