خطبة عن ( هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ )
أكتوبر 19, 2022خطبة عن حسرة الكافرين ( رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ)
أكتوبر 28, 2022الخطبة الأولى (تيجان الرحمن لأهل الإيمان، وحديث (يَجِيءُ الْقُرْآنُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيَقُولُ يَا رَبِّ حَلِّهِ فَيُلْبَسُ تَاجَ الْكَرَامَةِ)
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
روى الامام الترمذي في سننه بسند صحيح : (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « يَجِيءُ الْقُرْآنُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيَقُولُ يَا رَبِّ حَلِّهِ فَيُلْبَسُ تَاجَ الْكَرَامَةِ ثُمَّ يَقُولُ يَا رَبِّ زِدْهُ فَيُلْبَسُ حُلَّةَ الْكَرَامَةِ ثُمَّ يَقُولُ يَا رَبِّ ارْضَ عَنْهُ فَيَرْضَى عَنْهُ فَيُقَالُ لَهُ اقْرَأْ وَارْقَ وَتُزَادُ بِكُلِّ آيَةٍ حَسَنَةً ».
إخوة الإسلام
لقد خص الله سبحانه وتعالى كتابه المبين (القرآن الكريم) من بين سائر الكتب ، بأن يشفع لأهله يوم القيامة، وقد ثبت هذا للقرآن الكريم كله ،ولسور منه بعينها، ووردت في السنة أحاديث تبين هذه الشفاعة ، ومنها هذا الحديث الذي تصدرت به خطبة اليوم ، ومن ذلك أيضا ما رواه مسلم في صحيحه : (أَبُو أُمَامَةَ الْبَاهِلِيُّ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ « اقْرَءُوا الْقُرْآنَ فَإِنَّهُ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ شَفِيعًا لأَصْحَابِهِ اقْرَءُوا الزَّهْرَاوَيْنِ الْبَقَرَةَ وَسُورَةَ آلِ عِمْرَانَ فَإِنَّهُمَا تَأْتِيَانِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَأَنَّهُمَا غَمَامَتَانِ أَوْ كَأَنَّهُمَا غَيَايَتَانِ أَوْ كَأَنَّهُمَا فِرْقَانِ مِنْ طَيْرٍ صَوَافَّ تُحَاجَّانِ عَنْ أَصْحَابِهِمَا اقْرَءُوا سُورَةَ الْبَقَرَةِ فَإِنَّ أَخْذَهَا بَرَكَةٌ وَتَرْكَهَا حَسْرَةٌ وَلاَ تَسْتَطِيعُهَا الْبَطَلَةُ ». قَالَ مُعَاوِيَةُ بَلَغَنِي أَنَّ الْبَطَلَةَ السَّحَرَةُ.، كما روى الامام أحمد في مسنده : (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « الصِّيَامُ وَالْقُرْآنُ يَشْفَعَانِ لِلْعَبْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَقُولُ الصِّيَامُ أَيْ رَبِّ مَنَعْتُهُ الطَّعَامَ وَالشَّهَوَاتِ بِالنَّهَارِ فَشَفِّعْنِي فِيهِ. وَيَقُولُ الْقُرْآنُ مَنَعْتُهُ النَّوْمَ بِاللَّيْلِ فَشَفِّعْنِي فِيهِ. قَالَ فَيُشَفَّعَانِ »، وفي سنن الدارمي : (أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ كَانَ يَقُولُ : يَجِيءُ الْقُرْآنُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيَشْفَعُ لِصَاحِبِهِ ، فَيَكُونُ لَهُ قَائِداً إِلَى الْجَنَّةِ ، وَيَشْهَدُ عَلَيْهِ وَيَكُونُ لَهُ سَائِقاً إِلَى النَّارِ). ، فللقُرآنِ منزِلةٌ عظِيمةٌ في الإسلامِ، ومكانَةٌ جليلَةٌ عندَ المسلِمين، وقد أخبَر النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم أنَّه يَشفَعُ لأصحابِه يومَ القِيامَةِ، ويُنزِلُهم مَنزِلًا كريمًا. وفي هذا الحَديثِ الذي بدأت به الخطبة ، يَقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: “يجِيءُ القرْآنُ يومَ القيامَةِ”، أي: يتَمثَّلُ واقِفًا بين يدَيِ اللهِ عزَّ وجلَّ، “فيقولُ”، أي: يقولُ القرآنُ للهِ عزَّ وجلَّ: “يا رَبِّ حَلِّه”، أي: يا رَبِّ ألبِسْ قارِئَ القرآنِ حُلَّةً، وزيِّنْه وأكرِمْ منزِلَتَه، “فيُلْبَسُ تاجَ الكرامَةِ”، أي: فيُلبَسُ قارِئُ القُرآنِ تاجًا فوْقَ رأسِه يُسمَّى تاجَ الكرامَةِ، “ثمَّ يقولُ”، أي: يقولُ القرآنُ للهِ عزَّ وجلَّ: “يا ربِّ زِدْه”، أي: يا ربِّ زِدْ قارِئَ القرآنِ إكرامًا، وزِدْ منزِلَتَه إعلاءً وتكرِيمًا، “فيُلبَسُ حلَّةَ الكرامَةِ”، أي: فيُلبَسُ قارِئُ القرآنِ حلَّةً تسمَّى حلَّةَ الكرامَةِ، والحُلَّةُ هي ما يُلبَسُ فوْقَ الثِّيابِ للزِّينَةِ والرَّفاهيَةِ، “ثمَّ يقولُ: يا ربِّ، ارْضَ عنه”، أي: ثمَّ يقولُ القرآنُ للهِ عزَّ وجلَّ: يا ربِّ ارضَ عن قارِئِ القرآنِ. وفي رِوايَةٍ: “يا ربِّ ارْضَ عنه؛ فإنَّه ليس بعد رِضاك شيءٌ، فيَرضى عنه”، “فيُقالُ له”، أي: يُقالُ لقارِئِ القرآنِ: “اقرَأْ وارْقَ”، أي: اقرَأِ القرآنَ، وزِدْ في منزِلَتِك في الجنَّةِ بكلِّ آيَةٍ تقرَؤُها، “وتُزادُ بكلِّ آيَةٍ حسَنَةً”، أي: ويُزادُ قارِئُ القرآنِ بكلِّ آيَةٍ يقرَؤُها حسَنَةً في الجنَّةِ، ويَعلو بها درجَةً. فعِنْدَ دُخُولِ الْجَنَّةِ وَتَوَجُّهِ الْعَامِلِينَ إِلَى مَرَاتِبِهِمْ عَلَى حَسَبِ مَكَاسِبِهِمْ ينال صاحب القرآن جزاء عظيما عبر عنه الحديث بقوله : ” اقرأ وارق ” وعبر عنه بقوله ” تاج الكرامة “، وهذا الجزاء لمن يُلَازِمُهُ بِالتِّلَاوَةِ وَالْعَمَلِ لَا مَنْ يَقْرَؤُهُ وَهُوَ يَلْعَنُهُ، وَقَدْ وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّ دَرَجَاتِ الْجَنَّةِ عَلَى عَدَدِ آيَاتِ الْقُرْآنِ، وَجَاءَ فِي حَدِيثِ « قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” عَدَدُ دَرَجِ الْجَنَّةِ عَدَدُ آيِ الْقُرْآنِ، فَمَنْ دَخَلَ الْجَنَّةَ مِنْ أَهْلِ الْقُرْآنِ فَلَيْسَ فَوْقَهُ دَرَجَةٌ ” قَالَ الْحَاكِمُ: ” هَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ . فَالْقُرَّاءُ يَتَصَاعَدُونَ بِقَدْرِهَا، بل ومن كرامة الله تعالى على هذه الأمة أن من عقد العزم على حفظ القرآن وعمل لذلك ومات ولم يُتم حفظ القرآن، أو لم يستطع رغم كثرة المحاولة إما بسبب عجمة أو كبر سن أو أمية أو غير ّلك فالله سبحانه وتعالى يبعثه مع حملة القرآن فقد رُوى أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: «مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَسْتَظْهِرَهُ أَتَاهُ مَلَكٌ يُعَلِّمُهُ فِي قَبْرِهِ وَيَلْقَى اللَّهَ وَقَدِ اسْتَظْهَرَهُ ” وَفِي حَدِيثِ الطَّبَرَانِيِّ وَالْبَيْهَقِيِّ «وَمَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ وَهُوَ يَتَفَلَّتُ مِنْهُ وَلَا يَدَعْهُ فَلَهُ أَجْرُهُ مَرَّتَيْنِ، وَمَنْ كَانَ حَرِيصًا عَلَيْهِ وَلَا يَسْتَطِيعُهُ وَلَا يَدَعُهُ بَعَثَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَعَ أَشْرَافِ أَهْلِهِ» ، وَقَالَ الطِّيبِيُّ: وَالْمَنْزِلَةُ الَّتِي فِي الْحَدِيثِ هِيَ مَا يَنَالُهُ الْعَبْدُ مِنَ الْكَرَامَةِ عَلَى حَسَبِ مَنْزِلَتِهِ فِي الْحِفْظِ وَالتِّلَاوَةِ لَا غَيْرَ، وَذَلِكَ لِمَا عَرِفْنَا مِنْ أَصْلِ الدِّينِ أَنَّ الْعَامِلَ بِكِتَابِ اللَّهِ الْمُتَدَبِّرَ لَهُ أَفْضَلُ مِنَ الْحَافِظِ وَالتَّالِي لَهُ إِذَا لَمْ يَنَلْ شَأْنَهُ فِي الْعَمَلِ وَالتَّدَبُّرِ، وَقَدْ كَانَ فِي الصَّحَابَةِ مَنْ هُوَ أَحْفَظُ مِنْ الصِّدِّيقِ وَأَكْثَرُ تِلَاوَةً مِنْهُ وَكَانَ هُوَ أَفْضَلَهُمْ عَلَى الْإِطْلَاقِ لِسَبْقِهِ عَلَيْهِمْ فِي الْعِلْمِ بِاللَّهِ وَبِكِتَابِهِ وَتَدَبُّرِهِ لَهُ وَعَمَلِهِ بِهِ، فَكُلٌّ مِنْهُمْ يَقْرَأُ عَلَى مِقْدَارِ مُلَازَمَتِهِ إِيَّاهُ تَدَبُّرًا وَعَمَلًا . وَقَدْ قَالَ اللَّهُ – تَعَالَى – {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ} 29 ص، فَمُجَرَّدُ التِّلَاوَةِ وَالْحِفْظِ لَا يُعْتَبَرُ اعْتِبَارًا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الْمَرَاتِبُ الْعَلِيَّةُ فِي الْجَنَّةِ الْعَالِيَةِ .
أيها المسلمون
والله جل جلاله سيُلبس بعض أوليائه الصالحين أنواعا من التيجان يوم القيامة؛ نظير أعمال صالحة قاموا بها، وهذه التيجان لم تر مثلها عين، ولم تخطر على قلب بشر، ومن أشهر هذه التيجان : تاج الكرامة، وتاج الوقار، وتاج الملك، وتاج النور ، وهي لثلاثة أصناف : أولهم حافظ القرآن ، ولوالدي حافظ القرآن ، وللشهيد. أما تاج الكرامة وتاج الوقار وتاج الملك : فهذه التيجان الثلاثة كلها ستمنح لصاحب القرآن الملازم له، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (يَجِيءُ صاحب الْقُرْآن يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيَقُولُ القرآن: يَا رَبِّ حَلِّهِ – أي ألبسه الحلية – فَيُلْبَسُ تَاجَ الْكَرَامَةِ، ثم يقول: ثُمَّ يَقُولُ: يَا رَبِّ زِدْهُ، فَيُلْبَسُ حُلَّةَ الكَرَامَةِ، ثُمَّ يَقُولُ: يَا رَبِّ ارْضَ عَنْهُ، فَيَرْضَى عَنْهُ، فَيُقَالُ لَهُ: اقْرَأْ وَارْقَ، وَيُزَادُ بِكُلِّ آيَةٍ حَسَنَةً)، وفي رواية لأبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: “اقرؤوا الْقُرْآنَ، فإنه نِعْمَ الشَّفِيعُ يوم الْقِيَامَةِ، انه يقول يوم الْقِيَامَةِ: يا رَبِّ حَلِّهِ حِلْيَةَ الْكَرَامَةِ، فَيُحَلَّى حِلْيَةَ الْكَرَامَةِ، يا رَبِّ اكْسُهُ كِسْوَةَ الْكَرَامَةِ، فَيُكْسَى كِسْوَةَ الْكَرَامَةِ، يا رَبِّ البسه تَاجَ الْكَرَامَةِ، يا رَبِّ أرض عنه، فَلَيْسَ بَعْدَ رِضَاكَ شَيْءٌ”
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية (تيجان الرحمن لأهل الإيمان، وحديث (يَجِيءُ الْقُرْآنُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيَقُولُ يَا رَبِّ حَلِّهِ فَيُلْبَسُ تَاجَ الْكَرَامَةِ)
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
فالذي يكثر من قراءة القرآن آناء الليل ويقوم به، سيُلبس تاج الكرامة، وذلك لما رواه عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: ” يَجِيءُ الْقُرْآنُ يَشْفَعُ لِصَاحِبِهِ، يَقُولُ: يَا رَبِّ لِكُلِّ عَامِلٍ عُمَالَةٌ مِنْ عَمَلِهِ، وَإِنِّي كُنْتُ أَمْنَعُهُ اللَّذَّةَ وَالنَّوْمَ، فَأَكْرِمْ. فَيُقَالُ: ابْسُطْ يَمِينَكَ، فَيُمْلَأُ مِنْ رِضْوَانِ اللَّهِ، ثُمَّ يُقَالُ: ابْسُطْ شِمَالَكَ، فَيمْلَأُ مِنْ رِضْوَانِ اللَّهِ، وَيُكْسَى كِسْوَةَ الْكَرَامَةِ، وَيُحَلَّى حِلْيَةِ الْكَرَامَةِ، وَيُلْبَسُ تَاجَ الْكَرَامَةِ ” ، وأما من يزيد على ذلك ويكثر من قراءته في النهار أيضا، فسيُلبس تاج الوقار، وذلك لما رواه أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يَجِيءُ الْقُرْآنُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَالرَّجُلِ الشَّاحِبِ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ: هَلْ تَعْرِفُنِي؟ أَنَا الَّذِي كُنْتُ أُسْهِرُ لَيْلَكَ، وَأُظْمِئُ هَوَاجِرَكَ، وَإِنَّ كُلَّ تَاجِرٍ مِنْ وَرَاءِ تِجَارَتِهِ، وَأَنَا لَكَ الْيَوْمَ مِنْ وَرَاءِ كُلِّ تَاجِرٍ. فَيُعْطَى الْمُلْكَ بِيَمِينِهِ، وَالْخُلْدَ بِشِمَالِهِ، وَيُوضَعُ عَلَى رَأْسِهِ تَاجُ الْوَقَارِ، وَيُكْسَى وَالِدَاهُ حُلَّتَيْنِ لَا تَقُومُ لَهُمَا الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا، فَيَقُولَانِ: يَا رَبِّ، أَنَّى لَنَا هَذَا؟ فَيُقَالُ لَهُمَا: بِتَعْلِيمِ وَلَدِكُمَا الْقُرْآنَ» رواه أحمد ، والوقار هو الرزانة والحلم. فهل أنت من أصحاب القرآن الملازمين له بالليل والنهار؟ أم من أصحاب الملاهي والفنون والملاعب؟ ، كما أن تاج الوقار سيمنح أيضا للشهداء، والجهاد ذروة سنام الإسلام، مما يؤكد على شرف الحصول على مثل هذا التاج العظيم القدر، فعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن لِلشَّهِيدِ عِنْدَ اللَّهِ سبع خِصَالٍ: أن يُغْفَرَ لَهُ فِي أَوَّلِ دَفْعَةٍ من دمه، وَيَرَى مَقْعَدَهُ مِنْ الْجَنَّةِ، ويحلى حلة الإيمان، وَيُجَارُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ ، وَيَأْمَنُ مِنْ الْفَزَعِ الْأَكْبَرِ، وَيُوضَعُ عَلَى رَأْسِهِ تَاجُ الْوَقَارِ الْيَاقُوتَةُ مِنْه خَيْرٌ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا، وَيُزَوَّجُ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ زَوْجَةً مِنْ الْحُورِ الْعِينِ، وَيُشَفَّعُ فِي سَبْعِينَ مِنْ أَقَارِبِهِ) رواه أحمد ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ وَتَعَلَّمَهُ وَعَمِلَ بِهِ أُلْبِسَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تَاجًا مِنْ نُور ضَوْءُهُ مِثْلُ ضَوْءِ الشَّمْسِ، وَيُكْسَى وَالِدَيْهِ حُلَّتَانِ لَا يَقُومُ بِهِمَا الدُّنْيَا فَيَقُولَانِ: بِمَا كُسِينَا؟ فَيُقَالُ: بِأَخْذِ وَلَدِكُمَا الْقُرْآنَ) رواه الحاكم في المستدرك ، فإن استطعت أيها الابن البار أن تُلبس أبويك تاج النور وتكسيهما حلتين يوم القيامة لا يقوم لهما الدنيا فافعل، فمِن أعظم البر لوالديك وأفضل هدية تقدمها لأبويك أن تحرص على أن تلبسهما هذا التاج، ولا يتأتى لك ذلك إلا بكثرة تلاوة القرآن وتعلمه والعمل به، وإذا أردت أن تحظى بهذا التاج أيضا، فاحرص على تسجيل أبنائك في حلقات تحفيظ القرآن ليحفظوا كتاب الله، لتلبس أنت وزوجك تاجا من نور، لتقولا بإذن الله: بما كسينا هذا؟ فيقال لكما: بأخذ ولدكما القرآن.
الدعاء