خطبة عن اليمين الكاذبة وحديث (مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ وَهُوَ فِيهَا فَاجِرٌ)
ديسمبر 29, 2019خطبة عن (الحكمة من الابتلاء) مختصرة
يناير 2, 2020الخطبة الأولى ( من فوائد الابتلاء) مختصرة
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته : (الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ) (2) الملك
إخوة الإسلام
هذه الدار هي دار الابتلاء والاختبار والامتحان ، والكل فيها مبتلى بالخير والشر ، بما يحب وبما يكره ، قال الله تعالى : (وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ) (35) الانبياء ، وقد تناولت معكم في لقاء سابق فوائد الابتلاء والحكمة منه ، واليوم إن شاء الله نواصل الحديث ، فمن فوائد البلاء وحكمته : أن في الابتلاء تحقيقا لعبودية العبد لله رب العالمين فإن كثيراً من الناس هو عبدٌ لهواه ، وليس عبداً لله ، فهو يقول أنه عبد لله ، ولكنه إذا ابتلي نكص على عقبيه ، فخسر الدنيا والآخرة, قال الله تعالى : ( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ ) الحج/11 . ومن فوائد البلاء وحكمته : أن البلاء درسٌ من دروس التوحيد والإيمان والتوكل فهو يطلعك عمليّاً على حقيقة نفسك لتعلم أنك عبد ضعيف ،لا حول لك ولا قوة إلا بربك ، فتتوكل عليه حق التوكل ،وتلجأ إليه حق اللجوء ،حينها يسقط الجاه والتيه والخيلاء ،والعجب والغرور والغفلة ،وتفهم أنك مسكين يلوذ بمولاه ، وضعيف يلجأ إلى القوي العزيز سبحانه ، ومن فوائد الابتلاء وحكمته : أن في الابتلاء إظهارا لحقائق الناس ومعادنهم . فهناك ناس لا يعرف فضلهم إلا في المحن . قال الفضيل بن عياض : ” الناس ما داموا في عافية مستورون ، فإذا نزل بهم بلاء صاروا إلى حقائقهم ؛ فصار المؤمن إلى إيمانه ، وصار المنافق إلى نفاقه ” ، ورَوَى الْبَيْهَقِيُّ فِي “الدَّلائِل” عَنْ أَبِي سَلَمَة قَالَ : اُفْتُتِنَ نَاس كَثِير – يَعْنِي عَقِب الإِسْرَاء – فَجَاءَ نَاس إِلَى أَبِي بَكْر فَذَكَرُوا لَهُ فَقَالَ : أَشْهَد أَنَّهُ صَادِق . فَقَالُوا : وَتُصَدِّقهُ بِأَنَّهُ أَتَى الشَّام فِي لَيْلَة وَاحِدَة ثُمَّ رَجَعَ إِلَى مَكَّة ؟ قَالَ نَعَمْ , إِنِّي أُصَدِّقهُ بِأَبْعَد مِنْ ذَلِكَ , أُصَدِّقهُ بِخَبَرِ السَّمَاء , قَالَ : فَسُمِّيَ بِذَلِكَ الصِّدِّيق . ومن فوائد الابتلاء وحكمته : أن الابتلاء يربي الرجال ويعدهم : فلقد اختار الله لنبيه صلى الله عليه وسلم العيش الشديد الذي تتخلله الشدائد ، منذ صغره ليعده للمهمة العظمى التي تنتظره ،والتي لا يمكن أن يصبر عليها إلا أشداء الرجال ، الذين عركتهم الشدائد فصمدوا لها ، وابتلوا بالمصائب فصبروا عليها .
ومن فوائد الابتلاء وحكمته : أن الابتلاء يكشف لك حقيقة الدنيا وزيفها وأنها متاع الغرور ، وأن الحياة الصحيحة الكاملة وراء هذه الدنيا ، في حياة لا مرض فيها ولا تعب ، قال الله تعالى : ( وَإِن الدارَ الآخِرَةَ لَهِىَ الحَيَوَانُ لَو كَانُوا يَعلَمُونَ ) العنكبوت/64 ، أما هذه الدنيا فنكد وتعب وهمٌّ ، قال الله تعالى: (لَقَد خَلَقنَا الإِنسانَ في كَبَدٍ ) البلد/4 .ومن فوائد الابتلاء وحكمته : أن الابتلاء يذكرك بفضل نعمة الله عليك ، فالمرض يذكرك بالصحة والعافية ، والفقر يذكرك بالغنى ، وهكذا ، فإنَّ هذه المصيبة تشرح لك بأبلغ بيان معنى الصحة والعافية والغنى التي كنت تمتعت بهما سنين طويلة ، ولم تتذوق حلاوتهما ، ولم تقدِّرهما حق قدرهما فالمصائب تذكرك بالمنعِم والنعم ، فتكون سبباً في شكر الله سبحانه على نعمته وحمده ،ومن فوائد الابتلاء وحكمته أن الابتلاء يجعل المؤمن يشتاق إلى الجنة، فلن تشتاق إلى الجنة إلا إذا ذقت مرارة الدنيا , فكيف تشتاق للجنة وأنت هانئ في الدنيا ؟، وفي صحيح مسلم : (عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « يُنَادِى مُنَادٍ إِنَّ لَكُمْ أَنْ تَصِحُّوا فَلاَ تَسْقَمُوا أَبَدًا وَإِنَّ لَكُمْ أَنْ تَحْيَوْا فَلاَ تَمُوتُوا أَبَدًا وَإِنَّ لَكُمْ أَنْ تَشِبُّوا فَلاَ تَهْرَمُوا أَبَدًا وَإِنَّ لَكُمْ أَنْ تَنْعَمُوا فَلاَ تَبْتَئِسُوا أَبَدًا ».
أيها المسلمون
ونحن لا نتمنى البلاء ، بل نسأل الله العافية ففي سنن الترمذي:« سَلُوا اللَّهَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فَإِنَّ أَحَدًا لَمْ يُعْطَ بَعْدَ الْيَقِينِ خَيْرًا مِنَ الْعَافِيَةِ » ولكن إذا أصيب أحدنا بالبلاء ولابد له من ذلك ، فليصبر وليحتسب إن ابتلي بما يكره ، وليشكر الله تعالى إن ابتلي بما يحب ، أما عن الأمور التي تخفف البلاء على المبتلى ،وتسكن الحزن ،وترفع الهم وتربط على القلب : أولا: الدعاء: فالدعاء سبب لدفع البلاء، وفي مسند أحمد : (عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « لَنْ يَنْفَعَ حَذَرٌ مِنْ قَدَرٍ وَلَكِنَّ الدُّعَاءَ يَنْفَعُ مِمَّا نَزَلَ وَمِمَّا لَمْ يَنْزِلْ فَعَلَيْكُمْ بِالدُّعَاءِ عِبَادَ اللَّهِ ».
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية (الحكمة من الابتلاء)
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
ومن الأمور التي تخفف البلاء على المبتلى: الصدقة : ففي سنن الترمذي : (عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « إِنَّ الصَّدَقَةَ لَتُطْفِئُ غَضَبَ الرَّبِّ وَتَدْفَعُ مِيتَةَ السُّوءِ ». ” وفى الأثر “داووا مرضاكم بالصدقة”، ومن الأمور التي تخفف البلاء على المبتلى : تلاوة القرآن: قال الله تعالى : (وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ) الاسراء 82، ومن الأمور التي تخفف البلاء على المبتلى الدعاء المأثور: (إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ) قال الله تعالى : (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ) (155) :(157) البقرة فما استرجع أحد في مصيبة إلا أخلفه الله خيرا منها. ومن الأمور التي تخفف البلاء على المبتلى : الصلاة: (قَالَ حُذَيْفَةُ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- إِذَا حَزَبَهُ أَمْرٌ صَلَّى) رواه أحمد. وفيه: (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- كَانَ إِذَا حَزَبَهُ أَمْرٌ قَالَ « لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ الْكَرِيمِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ الْعَظِيمُ الْحَلِيمُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَرَبُّ الأَرْضِ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَرَبُّ الأَرْضِ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ »
الدعاء