خطبة عن (طلب العلم وثوابه )
مارس 31, 2016خطبة عن (نبي الله نوح وسفينة النجاة)
مارس 31, 2016الخطبة الأولى (نبي الله نوح عليه السلام )
الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان. ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام.. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. نشهد أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
قال الله تعالى : ( وَقِيلَ يَاأَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَاسَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاءُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ) هود (44)،
إخوة الإسلام
أراد نوح أن يقول لله أن ابنه من أهله المؤمنين. وقد وعده الله بنجاة أهله المؤمنين. قال الله سبحانه وتعالى، مطلعا نوحا على حقيقة ابنه للمرة الأولى: ( يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلاَ تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ) (46) (هود)، قال القرطبي -نقلا عن شيوخه من العلماء- وهو الرأي الذي نؤثره : كان ابنه عنده -أي نوح- مؤمنا في ظنه، ولم يك نوح يقول لربه: (إِنَّ ابُنِي مِنْ أَهْلِي) إلا وذلك عنده كذلك، إذ محال أن يسأل هلاك الكفار، ثم يسأل في إنجاء بعضهم. وكان ابنه يسرّ الكفر ويظهر الإيمان. فأخبر الله تعالى نوحا بما هو منفرد به من علم الغيوب. أي علمت من حال ابنك ما لم تعلمه أنت. وكان الله حين يعظه أن يكون من الجاهلين، يريد أن يبرئه من تصور أن يكون ابنه مؤمنا، ثم يهلك مع الكافرين. وممن هلك مع الهالكين امرة نوح ، قال تعالى (ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ ) التحريم 10، وفي المستدرك للحاكم (عن ابن عباس رضي الله عنهما : ـ { فَخَانَتَاهُمَا } قال : ما زنتا ،أما امرأة نوح فكانت تقول للناس : إنه مجنون و أما امرأة لوط فكانت تدل على الضيف فذلك خيانتهما ) تعليق الذهبي في التلخيص : صحيح ) ، وثمة درس مهم تنطوي عليه الآيات الكريمة التي تحكي قصة نوح وابنه. أراد الله سبحانه وتعالى أن يقول لنبيه الكريم أن ابنه ليس من أهله، لأنه لم يؤمن بالله، وليس الدم هو الصلة الحقيقية بين الناس. ابن النبي هو ابنه في العقيدة. هو من يتبع الله والنبي، وليس ابنه من يكفر به ولو كان من صلبه. هنا ينبغي أن يتبرأ المؤمن من غير المؤمن. وهنا أيضا ينبغي أن تتصل بين المؤمنين صلات العقيدة فحسب. لا اعتبارات الدم أو الجنس أو اللون أو الأرض. واستغفر نوح ربه وتاب إليه ورحمه الله وأمره أن يهبط من السفينة محاطا ببركة الله ورعايته. وهبط نوح من سفينته. أطلق سراح الطيور والوحش فتفرقت في الأرض، نزل المؤمنون بعد ذلك. ولا يحكي لنا القرآن الكريم قصة من آمن مع نوح بعد نجاتهم من الطوفان. وفي البخاري في قوله تعالى (وَلَقَدْ تَرَكْنَاهَا آيَةً فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ ) . قَالَ قَتَادَةُ أَبْقَى اللَّهُ سَفِينَةَ نُوحٍ حَتَّى أَدْرَكَهَا أَوَائِلُ هَذِهِ الأُمَّةِ . )، وفي مسند أحمد (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ مَرَّ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- بِأُنَاسٍ مِنَ الْيَهُودِ قَدْ صَامُوا يَوْمَ عَاشُورَاءَ فَقَالَ « مَا هَذَا مِنَ الصَّوْمِ ». قَالُوا هَذَا الْيَوْمُ الَّذِى نَجَّى اللَّهُ مُوسَى وَبَنِى إِسْرَائِيلَ مِنَ الْغَرَقِ وَغَرَّقَ فِيهِ فِرْعَوْنَ وَهَذَا يَوْمُ اسْتَوَتْ فِيهِ السَّفِينَةُ عَلَى الْجُودِيِّ فَصَامَ نُوحٌ وَمُوسَى شُكْراً لِلَّهِ تَعَالَى. فَقَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- « أَنَا أَحَقُّ بِمُوسَى وَأَحَقُّ بِصَوْمِ هَذَا الْيَوْمِ ». فَأَمَرَ أَصْحَابَهُ بِالصَّوْمِ. )، وفي المستدرك للحاكم حدثني أبو أمامة رضي الله عنه أن رجلا قال : يا رسول الله أنبي كان آدم ؟ قال : نعم معلم مكلم ،قال : كم بينه و بين نوح ؟ قال : عشر قرون ،قال : كم كان بين نوح و إبراهيم ؟ قال : عشر قرون ،قالوا : يا رسول الله كم كانت الرسل ؟ ،قال : ثلاث مائة و خمس عشرة جما غفيرا ) ،وفي المستدرك (عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كان بين دعوة نوح و بين هلاك قوم نوح ثلاث مائة سنة ، وكان فار التنور بالهند ،وطافت سفينة نوح بالبيت أسبوعا ) الذهبي في التلخيص : صحيح
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية (نبي الله نوح عليه السلام )
الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان. ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام.. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. نشهد أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
ومن الفوائد والدروس المستفادة من قصة نوح عليه السلام : ومنها : أن جميع الرسل من نوح إلى محمد صلى الله عليه وسلم متفقون على الدعوة إلى التوحيد الخالص والنهي عن الشرك .فنوح وغيره أول ما يقولون لقومهم (اعبدوا الله مالكم من إله غيره) الأعراف :59 ، ومنها : آداب الدعوة وتمامها .فإن نوحا” دعا قومه ليلا” ونهارا”، سرا” وجهارا” في كل وقت وبكل وسيلة يظن فيها نجاح الدعوة . ومنها : أن الشبه التي قدح فيها أعداء الرسل برسالتهم ،من الأدلة على إبطال قول المكذبين . فإن الأقوال التي قالوها ولم يكن عندهم غيرها ليس لها حظ من العلم والحقيقة عند كل عاقل : فقول قوم نوح (ما نراك إلا بشرا” مثلنا ) ! ،فهذه أدلتهم وبراهينهم أبطلت نفسها بنفسها كما ترى ، فكيف وقد قابلها الرسل بالأدلة والبراهين المتنوعة التي لا تبقي ريبا” لأحد في بطلانها ؟ ومنها : أن من فضائل الأنبياء وأدلة رسالتهم إخلاصهم التام لله تعالى في عبوديتهم لله القاصرة وفي عبوديتهم المتعدية لنفع الخلق ، كالدعوة والتعليم وتوابع ذلك .ومنها : أن القدح في نيات المؤمنين وفيما من الله عليهم به من الفضائل والتألي على الله أنه لا يؤتيهم من فضله من مواريث أعداء الرسل .ومنها : أنه ينبغي الاستعانة بالله ، وأن يذكر اسمه عند الركوب والنزول وفي جميع التقلبات والحركات، وحمد الله والإكثار من ذكره عند النعم لا سيما النجاة من الكربات والمشقات .ومنها : أن تقوى الله والقيام بواجبات الإيمان من جملة الأسباب التي تنال بها الدنيا وكثرة الأولاد والرزق وقوة الأبدان .ومنها : أن النجاة من العقوبات العامة الدنيوية هي للمؤمنين ،وهم الرسل وأتباعهم . وأما العقوبات الدنيوية العامة فإنها تختص بالمجرمين ويتبعهم توابعهم من ذرية وحيوان ، وإن لم يكن لها ذنوب ، لأن الوقائع التي أوقع الله بأصناف المكذبين شملت الأطفال والبهائم .
الدعاء