خطبة عن حديث ( بَيْنَمَا رَجُلٌ يَمْشِى بِطَرِيقٍ وَجَدَ غُصْنَ شَوْكٍ فَأَخَذَهُ فَشَكَرَ اللَّهُ لَهُ فَغَفَرَ لَهُ)
يونيو 27, 2020خطبة حول معنى حديث ( مَنْ ضَارَّ ضَارَّ اللَّهُ بِهِ وَمَنْ شَاقَّ شَاقَّ اللَّهُ عَلَيْهِ )
يوليو 4, 2020الخطبة الأولى ( موقف الاسلام من : الشذوذ الجنسي ،أو زواج المثلية ،أو عمل قوم لوط )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته : (كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ الْمُرْسَلِينَ (160) إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ أَلَا تَتَّقُونَ (161) إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (162) فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (163) وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ (164) أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ (165) وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ (166) قَالُوا لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يَالُوطُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمُخْرَجِينَ (167) قَالَ إِنِّي لِعَمَلِكُمْ مِنَ الْقَالِينَ (168) رَبِّ نَجِّنِي وَأَهْلِي مِمَّا يَعْمَلُونَ (169) فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ (170) إِلَّا عَجُوزًا فِي الْغَابِرِينَ (171) ثُمَّ دَمَّرْنَا الْآخَرِينَ (172) وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا فَسَاءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ (173) إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ) (160) :(174) الشعراء ،وقال الله تعالى : (وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطًا سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا وَقَالَ هَذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ (77) وَجَاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ وَمِنْ قَبْلُ كَانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ قَالَ يَاقَوْمِ هَؤُلَاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَلَا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ (78) قَالُوا لَقَدْ عَلِمْتَ مَا لَنَا فِي بَنَاتِكَ مِنْ حَقٍّ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ (79) قَالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ (80) قَالُوا يَالُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَلَا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ (81) فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ (82) مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ) (77) :(83) هود
إخوة الإسلام
يُقصد بالشذوذ الجنسي : ممارسة الجنس بين والرجل الرجل ،أو بين المرأة والمرأة، وهذه الفعلة النكراء قد شاعت في بعض أوساط المسلمين من فئة قليلة ،لا تمثل غالبية المجتمع المسلم، ولكن الأخطر من هذا، هو محاولة تقليد الغربيين من المناداة بالسماح للشذوذ الجنسي الذي يصل إلى حد زواج الرجل من الرجل ،والمرأة من المرأة، باعتبارها – حسب ظنهم- من الحرية الشخصية ،التي يجب أن يكفلها القانون حتى في بلاد المسلمين ،ونسي هؤلاء أن اللواط والسحاق والشذوذ الجنسي ليست من أخلاق المسلمين، ولا مما ينبغي أن يكون موجوداً في المجتمع المسلم، فكل هذه السلوكيات خارجة عن تعاليم الإسلام، بل خارجة عن الفطرة السوية ،بعيداً عن الدين والمعتقد، وأنه من ابتلي بمثل هذه القاذورات – كما سماها النبي صلى الله عليه وسلم- وجب عليه التوبة إلى الله، وأن يستر نفسه، لا أن نرى ممن ينتسبون إلى الإسلام ينادون الدول – مستنصرين بالغرب والنظام الدولي- أن تكون هذه الفاحشة مشرعة في بلاد المسلمين، بل ويطالبون أن يصدر قانون يسمح لهم بهذا، فالمثلية الجنسية والشذوذ الجنسي بالمعنى المعاصر أشد حرمة من اللواط والسحاق، بل وأشد خطراً على المجتمعات، وقد قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [النور: 19].، فالشذوذ الجنسي هو انتكاسٌ للفطرة الانسانية ، وانحرافٌ خطيرٌ عن سنن الله عز وجل، قال الله تعالى:{وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} الذاريات : 49. والمراد بالآية أن الله تعالى خلق من جميع الكائنات زوجين، أي: صنفين متقابلين، ومن ضمن ذلك خلق الذكر والأنثى ،وقد نعى اللهُ عز وجل على قوم نبي لوط (عليه الصلاة والسلام) انحرافَ فطرتهم ،وسقوطهم في مستنقع الشذوذ الجنسي، فقال الله تعالى : {وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّن الْعَالَمِينَ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ النِّسَاء بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ} الأعراف : 81. كما حذرنا من ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فعن جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:( إنَّ أخوَفَ ما أخافُ على أمَّتي عملَ قومِ لوطٍ) رواه الترمذي وابن ماجه، وصححه العلامة الألباني في “صحيح الجامع”. ولذا فيُعتبر الشذوذ الجنسي من كبائر الذنوب، وهو محرمٌ في جميع الشرائع، وقد عدَّ ابن حجر الهيتمي الشذوذ الجنسي من الكبائر، فاعتبر اللِّوَاط وَإِتْيَان الْبَهِيمَةِ، وَالْمَرْأَةِ فِي دُبُرِهَا ومُسَاحَقَة النِّسَاءِ من كبائر الذنوب.
أيها المسلمون
ومن العجيب أن البعض يدعي أن سبب الميل الجنسي الشاذ لدى الانسان يعود إلى عامل وراثي ،يضطر الانسان ويدفعه بقوة نحو الشذوذ ،وأن الأمر ليس أمرا اختياريا ،وأن الانسان لا يلجأ إليه بإرادته ،ونقول : إن هذا القول المغلوط والمكذوب في حد ذاته يشكل تهمة لله سبحانه وتعالى ،فكيف أنه سبحانه يخلق مخلوقات بشرية بهذه الصفات ،ثم يعاقبهم أشد العقاب عليه ، فهذا أمر غير صحيح ،والله سبحانه وتعالى لا يمكن أن يفعل هذا وهو القائل سبحانه : (وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ) البلد (10) ،أي انني خلقت الانسان ،وارشدته الى طريق الخير وطريق الشر ،واعطيته الارادة الكاملة في سلوك أي منهما ،فمن وقع في هذا الفعل المحرم، فلا تصح معاملته معاملة المرضى النفسانيين هكذا بإطلاق، بحيث ترفع عنهم المؤاخذة ،ويبرر لهم خبث فعلهم، ويخفف عنهم من سوء صنيعهم، بل لا بد من الجمع بين الوعظ وبذل النصح، وبين النهي عن المنكر، وبين الردع عن الفساد والعقوبة على الخطأ، كل بحسب حاله وموقعه وقدرته، وهنا ننبه على أن هذه النظرة الخاطئة للفواحش لا تقف عند حد الشذوذ، بل تسير مع أصحابها في تبرير كافة الجرائم، فترجع كل خطيئة إلى عوامل نفسية في التنشئة والبيئة، بما يعني تبرير الجرائم ورفع عقوباتها، بل والتسامح مع أصحابها وإعطائهم مزيدا من الحقوق.
أيها المسلمون
لقد عذَّب الله مقترف هذا الفعل الفاضح المشين بعذابٍ ما عذَّبه أحدًا من الأُمم، حيث طَمَسَ أبصارَهم وقلب مدائنَهم، فجعل عاليَها سافلَها، وأتْبَعَهم بالحِجارة من السَّماء، وحكم رسول الله – صلَّى الله عليه وسلَّم – على صاحبها بالرَّجم بالحجارة حتى الموت؛ كما في السُّنن عن النبي – صلَّى الله عليه وسلَّم -: «مَن وجدتُموه يعمل عملَ قومِ لوطٍ، فاقْتلوا الفاعل والمفعول به». قال شيخ الإسلام: “وقد اتَّفق الصَّحابة على قتلِهما جميعًا، لكن تنوَّعوا في صفة القتْل؛ فبعضُهم قال: يُرجم، وبعضُهم قال: يُرْمى من أعْلى جدار في القرْية ويُتْبَعُ بالحجارة، وبعضهم قال: يُحْرق بالنَّار؛ ولهذا كان مذهب جمهور السَّلف والفُقهاء: أنَّهما يُرجمان، بِكْرَين كانا أو ثيِّبَين، حُرَّين كانا أو مملوكَين، أو كان أحدُهُما مملوكًا للآخَر، وقد اتَّفق المسلِمون على أنَّ من استحلَّها بمملوك أو غير مملوك، فهو كافرٌ مرتدٌّ، والمجتمعات التي تتساهل مع الشاذين جنسيا وتقوم بصياغة وتشريع قوانين تسمح لهم بممارسة هذه العادة المشينة وتوفر لهم الحماية القانونية والمجتمعية ،فهذه المجتمعات سوف ينتشر بين ربوعها الخراب والدمار يوما من الايام ولن تبقى لها باقية وقد توعد الله أهل الأرض الذين يسلكون طريق هذا المنكر وارتكاب هذه الآثام بقوله تعالى :(إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ) هود (81)، فلا خلاف في حرمة الشذوذ الجنسي، سواء اللواط بين الذكور، أو السحاق بين الإناث، ومقدمات ذلك، وأما عقوبة هاتين الجريمتين: فمختلفة، فاللواط حده القتل، وأما السحاق فليس فيه حد، وإنما فيه التعزير، جاء في الموسوعة الفقهية: اتفق الفقهاء على أن اللواط محرم، لأنه من أغلظ الفواحش، وقد ذمه الله تعالى في كتابه الكريم وعاب على فعله، فقال تعالى: (وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ (80) إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ) (80) ،(81) الاعراف ـ وقال تعالى: (أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ (165) وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ) (165) ،(166) الشعراء ـ وقد ذمه الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله : (لَعَنَ اللَّهُ مَنْ عَمِلَ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ لَعَنَ اللَّهُ مَنْ عَمِلَ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ ». ثَلاَثاً. رواه احمد
أيها المسلمون
إن الميل الجنسي الشاذ عادة منحرفة عن طريق الخلق القويم ومتعارضة مع العادات والتقاليد الانسانية الصحيحة وهي تسيء إساءة بالغة للعلاقة الجنسية والتي لا بد من الناحية الانسانية من النظر إليها بعين الاحترام والتبجيل وعدم التفريط فيها عن طريق هذه الممارسات المزرية والقبيحة ،والشذوذ الجنسي ليس فقط بين الرجال مع بعضهم البعض ،ولكن أيضا بين النساء مع بعضهن وهو ما يسمى بـ”السحاق” بين الفتيات، ويرجع العلماء أن سبب انتشار هذه الظاهرة المقيتة لأسباب عدة منها: (ضعف الإيمان ،و”الإنترنت، والإعلام، وسوء التربية، والمخدرات، والاقتصاد)، ومن المحزن والمؤسف أنه يوجد نشاطاتٌ لبعض الجمعيات التي تعملُ على نشر الشذوذ الجنسي في البلاد الاسلامية ،تحت مسمَّى “المثلية الجنسية”، وهذا الأمر صار واضحاً ومجاهراً به، وخاصةً من خلال مواقع التواصل الاجتماعي ،وهذه الجمعيات تهدف إلى نشر وإذاعة الشذوذ الجنسي ”المثلية الجنسية” وهدم صرح الإسلام العظيم المتعلق بالحياة الاجتماعية من أسرةٍ وزواجٍ ورعاية أبناء، وصولاً إلى دمار المجتمع وتخريبه وإضعافه، تحقيقاً لأهداف أعدائنا، وللقضاء على البقية الباقية من القيم والأخلاق ،فلا بدَّ من وقوف جميع الجهات، من حكومة ومدارس وجامعات ومساجد سداً منيعاً في وجه هذه الشذوذ المدمر لكل القيم والأخلاق. ولا بدَّ من تحذير جميع الجهات من خطورة هذه الأفكار الخبيثة، ودورها الهدَّام في هدم أحكام الإسلام وقيمه، وبيان أثر الشذوذ الجنسي في هدم الأسرة، ونشر الأمراض الجنسية كمرض الإيدز وغيره .
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( موقف الاسلام من : الشذوذ الجنسي ،أو زواج المثلية ،أو عمل قوم لوط )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
والواجب لمن ابتلي بهذا الداء الإسراعُ بالتَّداوي بأدْوية الشَّرع؛ (فإنَّ الله أنزل الدَّاء، وأنزل الدَّواء، وجعل لكلِّ داءٍ دواءً؛ فتداوَوا) كما رواه أحْمد وأبو داود. وفي الصحيحين قال – صلَّى الله عليه وسلَّم -: «ومَن يسْتَعْفِفْ يُعِفَّه الله، ومَنْ يَسْتَغْنِ يُغْنِه الله، ومَنْ يتصبَّر يُصَبِّرْهُ الله، وما أُعطيَ أحدٌ عطاءً خيرًا وأوسعَ منَ الصَّبر»، فالخُلُق والقِيَم والمشاعر منها ما هو فِطريٌّ، ومنها ما هو مكتَسَبٌ. والله تعالى وعد كل من جاهد نفسَه في ذات الله، بهداية السبيل؛ وتحقَّيق الشفاء والمراد؛ كما قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} [العنكبوت: 69]، وانظروا إلى الطَّريقة الَّتي سلكها النبيُّ – صلَّى الله عليه وسلَّم – في علاج الانحِراف السُّلوكي المتمكِّن في النَّفس البشريَّة، بحيث يبْدو في ظاهر الحال أنَّه يستحيل العلاج؛ ففي سنن البيهقي : (عَنْ أَبِي أُمَامَةَ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ : أَنَّ رَجُلاً أَتَى رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ ائْذَنْ لِي فِي الزِّنَا قَالَ فَهَمَّ مَنْ كَانَ قُرْبَ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- أَنْ يَتَنَاوَلُوهُ فَقَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- :« دَعُوهُ ». ثُمَّ قَالَ لَهُ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- :« ادْنُهْ أَتُحِبُّ أَنْ يُفْعَلَ ذَلِكَ بِأُخْتِكَ ». قَالَ : لاَ قَالَ :« فَبِابْنَتِكَ ». قَالَ : فَلَمْ يَزَلْ يَقُولُ بِكَذَا وَكَذَا كُلَّ ذَلِكَ يَقُولُ : لاَ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- :« فَاكْرَهْ مَا كَرِهَ اللَّهُ وَأَحِبَّ لأَخِيكَ مَا تُحِبُّ لِنَفْسِكَ ». قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ فَادْعُ اللَّهَ أَنْ يُبَغِّضَ إِلَىَّ النِّسَاءَ قَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- :« اللَّهُمَّ بَغِّضْ إِلَيْهِ النِّسَاءَ ». قَالَ : فَانْصَرَفَ الرَّجُلُ ثُمَّ رَجَعَ إِلَيْهِ بَعْدَ لَيَالٍ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا مِنْ شَيْءٍ أَبْغَضَ إِلَىَّ مِنَ النِّسَاءِ فَائْذَنْ لِي بِالسِّيَاحَةِ فَقَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- :« إِنَّ سِيَاحَةَ أُمَّتِى الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ». كما يجب الصَّبر عن المعصية والإكْثار من الطَّاعات وصدق اللُّجوء إلى الله، ومُجالسة الصَّالحين، والتعوُّذ بالله منَ الشَّيطان ووساوسِه، وتقْوية العزيمة. والشَّرع الحنيف يحض المسلم لعدم الاستسلام للفساد الطارئ على الفطرة الإنسان، ومَا وقع فيها من مُوبقات، ويعمل على تقويمها، بالاستعانة بالله، والتَسَلَّح بالصبر الجميل؛ فكلُّ مَنْ به خَصْلَةُ سوء، فهو مطالَبٌ بجهاد النفس على الخلاص منها، وَأَخْذِ النفس بالشدة والحزم، وَحَجْزِهَا عن غيِّها، وعدم الاسترسال مع الشذوذ، والعملِ على كل ما من شأنه أن يقويَ الإيمان، من قراءة القرآن بتدبر، والمحافظة على الفرائض والسنن، مع إدمان الذكر، وقطع الطريق على النفس؛ بقطع أي علاقة آثمة، وتغليب التفكير العقلي، والنظر في العواقب، وتذكر ما يعقب التلبس بالفاحشة من الحُزْن، والحرمان، وقسوة القلب، والفضيحةُ في الدنيا، وعلى رؤوس الأشهاد في الآخرة، وغير ذلك من شؤم المعاصي. ومما يعين على الإقلاع: القراءة في منزلة المراقبة، والخوف من الله من مكره بالعبد إذا تمادى، فيرفع الله عنه الستر ويفضحه، وينقلب الأحباب إلى أعداء.
الدعاء