خطبة عن : اصبروا أيها المستضعفون ( وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ )
ديسمبر 26, 2020خطبة حول ( الإسلام ومبدأ المساواة بين الناس ( إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللهِ أَتْقَاكُمْ)
يناير 2, 2021الخطبة الأولى ( كورونا آيَةٌ مُبْصِرَة: ( وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته :(وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا) (59) الإسراء، وقال الله تعالى : (فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ آيَاتُنَا مُبْصِرَةً قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ (13) وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ) (13) ،(14) النمل
إخوة الإسلام
لكلمة (الْآيَاتِ) في القرآن الكريم معان كثيرة ،وتفسيرات متعددة ،ومن بين المعاني التي ذكرها المفسرون في معنى 🙁الْآيَاتِ) أنها هي الأمور التي يجريها الله سبحانه وتعالى ،مما يدل على كمال قدرته، وشدة بطشه، وعظيم انتقامه ممن انتقم منهم ،وهي العقوبات التي ينزلها الله ببعض المكذبين، وما يُري الناس من دلائل قدرته ،مثل ما يقع من الزلازل ،والخسوف، والكسوف، والبراكين ،والأوبئة ،فهذه كلها آيات مبصرة، ففي صحيح البخاري 🙁عَنْ أَبِي بَكْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – « إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ ،لاَ يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ ،وَلَكِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُخَوِّفُ بِهَا عِبَادَهُ»، وفي رواية : «إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ ،لاَ يَنْخَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلاَ لِحَيَاتِهِ ،فَإِذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ فَادْعُوا اللَّهَ وَكَبِّرُوا ،وَصَلُّوا وَتَصَدَّقُوا » وفي رواية :(فَإِذَا رَأَيْتُمُوهَا فَافْزَعُوا لِلصَّلاَةِ ».وَقَالَ أَيْضًا « فَصَلُّوا حَتَّى يُفَرِّجَ اللَّهُ عَنْكُمْ ».فهذا كله يفسر قوله تعالى : (وَمَا نُرْسِلُ بِالآيَاتِ إِلاَّ تَخْوِيفًا) (59) الإسراء ، وفي قوله تعالى :{إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} الرعد (4) ،أي: الآيات الدالة على عموم إحسانه ،وسعة علمه ،وكمال إتقانه، وعظيم حكمته،.{لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} أي: لهم عقول تعقل بها ما تسمعه وتراه وتحفظه، وتستدل به على ما جعله دليلا عليه، وفي هذا تعريض بأن الذين لم ينتفعوا بتفصيل الآيات ،ليسوا من الذين يعلمون ،ولا ممن رسخ فيهم العلم، وأن القوم الذين يعقلون هم المتنزهون عن المكابرة والإعراض، والطالبون للحق والحقائق لوفرة عقولهم؛ فيزداد المؤمنون يقينا، ويؤمن الغافلون
وآيات الله المبثوثة في كتاب الكون المفتوح دعوة للتدبر والتأمل فيها، قال الله تعالى :(أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ (6) وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ (7) تَبْصِرَةً وَذِكْرَى لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ) (6) ،(8) ق، فحين يتأمل المؤمن عظيم تدبير الخلاق العليم، فإن عِظم آثاره وأفعاله دليل على عظمة الخالق وجلاله ،فتمتلئ القلوب له إعظامًا وإجلالا، فتستغرق الألسنة في ذكره والأبدان في طاعته والقلوب في التفكر في دلائل عظمته، فيتحقق للمؤمن المتدبر لآيات الله تعالى الراحة والسعادة في معيشته، وتكون ثمرة لهذا التأمل أن يزداد بالعلم بها إيمانًا ويقينًا، وبتسخير الله عز وجل له إياها شكرًا لله وذكراً. بينما يمر أهل الضلال والغفلة على آيات ربهم معرضين، ليس لهم في التأمل نصيب، وإذا تأملوا اكتفوا بظاهر الآية دون أن يصلوا بها إلى الإيمان بخالقها. قال الله تعالى: (وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ (105) وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ) (105) ،(106) يوسف .
أيها المسلمون
(وَمَا نُرْسِلُ بِالآيَاتِ إِلاَّ تَخْوِيفًا) (59) الإسراء ،فإذا تبدلت نواميس الآيات المألوفة، فتزلزلت الأرض الراسية، أو طغى الماء حتى تفجرت البحار ،وأغرقت السهول والوديان، أو انتشرت الأوبئة والأمراض الفتاكة ،فكثر في الناس الموت ،ففي ذلك كله ما يوقظ القلوب الغافلة، ويثير مشاعر الخوف والخشية من الجبار القهار ذي البطش الشديد، الفعال لما يريد، وعندها تقوى في القلوب عبودية التسليم لمن بيده مقاليد الأمور، قال ابن دقيق العيد: ينبغي الخوف عند وقوع التغيرات العلوية، وقال قتادة: (إن الله تعالى – يخوف الناس بما شاء من الآيات لعلهم يعتبرون ويذكّرون ويرجعون)، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: (والزلازل من الآيات التي يخوف الله بها عباده كما يخوفهم بالكسوف وغيرها من الآيات). ولهذا تجد قلوب الموحدين إذا تغير شيء من ظواهر الكون المعتادة ،ونواميسه المعهودة ، يثور عندهم الخوف والوجل ،لقوة اعتقادهم في وحدانية ربهم مدبرًا لشئون خلقه، ففي صحيح البخاري :(أن أَنَسًا يَقُولُ كَانَتِ الرِّيحُ الشَّدِيدَةُ إِذَا هَبَّتْ عُرِفَ ذَلِكَ فِي وَجْهِ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم -) ،وفيه أيضا : (عَنْ عَائِشَةَ – رضي الله عنها – قَالَتْ كَانَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – إِذَا رَأَى مَخِيلَةً فِي السَّمَاءِ أَقْبَلَ وَأَدْبَرَ وَدَخَلَ وَخَرَجَ وَتَغَيَّرَ وَجْهُهُ ، فَإِذَا أَمْطَرَتِ السَّمَاءُ سُرِّيَ عَنْهُ ،فَعَرَّفَتْهُ عَائِشَةُ ذَلِكَ ،فَقَالَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – « مَا أَدْرِى لَعَلَّهُ كَمَا قَالَ قَوْمٌ ( فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ )» .الآيَةَ) ،قال ابن حجر – رحمه الله -: وتأمل معي حال القلوب عند وقوع الآيات وقد دب فيها الخوف والهلع وحالها بعد انكشاف الضٌّر. ففيه إشارة للمسلم وتنبيه له على سلوك طريق الخوف والرجاء. {فتح الباري}
أيها المسلمون
ومما لا شك فيه أن هذا الفيروس أعني به (كورونا) ،والذي أصاب العالم أجمع ،لهو آية من آيات الله سبحانه وتعالى ،وهو جندي من جنود الله ،وقد أصاب الله به البشرية جمعاء ،لعلهم يرجعون ،ولعلهم يتفكرون ،ولعلهم يؤمنون ،ولعلهم يخافون عذابه ،ويحذرون غضبه وعقابه ، فهذا البلاء هو رحمة للمؤمنين ،وهو آية على قدرته سبحانه للمكذبين ،ففي صحيح البخاري : (عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم -أَنَّهَا سَأَلَتْ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – عَنِ الطَّاعُونِ فَأَخْبَرَهَا نَبِيُّ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – « أَنَّهُ كَانَ عَذَابًا يَبْعَثُهُ اللَّهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ ،فَجَعَلَهُ اللَّهُ رَحْمَةً لِلْمُؤْمِنِينَ ،فَلَيْسَ مِنْ عَبْدٍ يَقَعُ الطَّاعُونُ فَيَمْكُثُ فِي بَلَدِهِ صَابِرًا ،يَعْلَمُ أَنَّهُ لَنْ يُصِيبَهُ إِلاَّ مَا كَتَبَ اللَّهُ لَهُ ،إِلاَّ كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ الشَّهِيدِ »، وهو عذاب في الدنيا قبل الآخرة للمنكرين الفاسدين المفسدين المتكبرين ،
ولكن للأسف ،سمعنا من بعض المسلمين من يقولون في إعلاناتهم (هزمنا الكورونا) ، والكورونا كما قلت لكم أرسله الله تعالى ،فهو جندي من جنود الله، وجند الله لا يُهزمون ،لأنهم يستمدون قوتهم من قوة الله الكبير المتعال ،فوباء كورونا وغيره من الأوبئة؛ هو آية من آيات الله ،مثله مثل كل الكوارث الطبيعية، وكل ما في هذا الكون، هو آية من آياته تعالى، يدعونا فيها للتفكر ،وإعادة النظر في أفعالنا وتصرفاتنا ،وعلاقتنا به سبحانه وتعالى ،وعلاقة بعضنا ببعض ،فالبشر في نهاية المطاف هم بشر ،لا يملكون لأنفسهم نفعا ولا ضرا ،ولا يملكون حياة ولا موتا ولا نشورا ،بل هم أذلاء إلي الله مهما اعتزوا ،ضعفاء مهما استقووا ،فقراء إلي الله مهما اغتنوا ،قال الله تعالى : (يَاأَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (15) إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ (16) وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ) فاطر (15) :(17)
أيها المسلمون
أما وقد قالوا: (نحن هزمنا الكورونا) ،فالناس إذا أصابهم الغرور ،مؤمنهم وكافرهم، قويهم وضعيفهم، غنيهم وفقيرهم، الحاكم والمحكوم ،فإن الله يبتليهم بالأوجاع تهذيبا وتقويما ،لعلهم يرجعون ،قال تعالي :(وَمَا نُرْسِلُ بِالآيَاتِ إِلاَّ تَخْوِيفًا) (59) الإسراء، وقال الله تعالى : (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) (41) الروم ، وقال الله تعالى : (وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) (21) السجدة ، وقال الله تعالى : (وَمَا نُرِيهِمْ مِنْ آيَةٍ إِلَّا هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِهَا وَأَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) (48) الزخرف، وذُكر أن الكوفة رجفت على عهد الصحابي ابن مسعود (رضي الله عنه)، فقال : (يا أيها الناس إن ربكم يستعتبعكم فأعتبوه) ،ورُوي أن المدينة زلزلت على عهد عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) مرات، فقال عمر: (أحدثتم! والله لئن عادت لأفعلن ولأفعلكن) ،
وكان عدم فهم قوم صالح للآية التي أرسلها الله إليهم ،أن أصابهم العذاب ،قال الله تعالى : (فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ (24) تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ) الأحقاف (24) ،(25)، فلم يجدوا في السحابة التي أظلتهم سوى أنها ظاهرة من ظواهر الطبيعة ،التي تتسبب في نزول المطر، خاصة وأنهم كانوا محتاجين إلى المطر، ولكن لم تكن هذه الغمامة سوى العذاب الذي قالوا فيه من قبل ” فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنْ الصَّادِقِينَ ” الأحقاف (22) .،
وكذلك ما يحدث اليوم ،فإن وباء (كورونا) خرج من مكان قال مسؤلوه : من يقف أمامنا ،ومن يستطيع أن يوقفنا ،ونسي هؤلاء أن هناك الواحد الاحد ،الفرد الصمد ،الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد ،جبار الأرض والسماء ،سبحانه القاهر الغالب ،المعز المذل ،فأهل الأرض إذا تعدوا الحدود ،وخانوا العهود ،وتملكهم الغرور ،ضربهم الله بسيف انتقامه ،
فقديما اغترت عاد وتملكها الغرور، قال الله تعالى : ” فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَ لَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ ” فصلت: ١٥ ، ما الذي حدث ،سلط الله عليهم جندا من جنده ، وما يعلم جنود ربك الا هو ،قال الله تعالى : ” فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ لِنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لَا يُنْصَرُونَ” فصلت ١٦ ، وذلك ليتعلم الناس أن التحصن بالقوة من دون الله ضعف ،والتحصن بالمال من دون الله فقر ،والتحصن بالعز من دون الله ذلة ،أما التحصن بالله عز وجل فهو القوة والغنى والعز ،
وهؤلاء (بنو إسرائيل)، قالوا :” يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ ” المائدة (64) ، وقَالُوا ” إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ ” آل عمران ١٨١ ، فماذا كانت النتيجة : ” فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آيَاتٍ مُفَصَّلاَتٍ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا مُجْرِمِينَ ” الاعراف (133) ،
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( كورونا آيَةٌ مُبْصِرَة: ( وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
الإنسان أي إنسان – مؤمن أو كافر، جاحد أو شاكر، مقيم أو مسافر – إذا اعتد بقوته أو ماله، فهو مهزوم مهما تحصن بالحصون؛ فلا قوتُه تمنعه من الله، ولا حصونه تمنعه من الله؛ لأن الله هو القاهر الغالب، القوي القادر، المعزُّ المذل، المانح المانع، فمن نسي الجبار العلي، ومن تخلَّى عن الله وتولَّى غير الله – فهو ضعيف مهزوم مهما بلغت قوته، ومهما قويت حصونه وحُجته، والإنسان بافتقاره وذله ،وانكساره وطاعته لله ،يصبح في حصن حصين ،فهذا نبي الله يوسف (عليه الصلاة والسلام) ،حينما راودته التي هو في بيتها عن نفسه، بماذا دعا الله عزَّ وجل؟ ،قال تعالى : “ قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ (33) فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) (33) ،(34) يوسف ، فأنت بدون قوة الله معك لن تستطيع مقاومة هذه الاغراءات مهما كانت قوتك أو جاهك أو سلطانك، ولكن بافتقارك إلى الله تصبح منيعاً، وفي حصنٍ حصين، والقوة بدون إيمان هي قوةٌ غاشمة ظالمة ،فكن قويا بركنك إلى الله ،فما أجمل أن تتجرد من حولك وقوتك إلى حول الله وقوته ،في يسرك وعسرك ،وفي قوتك وضعفك ،وفي غناك وفقرك ،وفي صحتك وسقمك .. واعلم أن كل وباء مثل الكوليرا ،والكورونا ،وغيرها ،مما يموت منه الناس ،فإنه آيات الله يرسلها الله عز وجل ، وهي للكافرين عذابا ،وللعاصين تخويفا ،وللمؤمنين رحمة،
الدعاء