خطبة عن حديث (بَشِّرِ الْمَشَّائِينَ فِي الظُّلَمِ إِلَى الْمَسَاجِدِ بِالنُّورِ التَّامِّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ)
فبراير 17, 2018خطبة عن (إكرام الضيف: مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ)
فبراير 17, 2018الخطبة الأولى ( من مكائد الشيطان لأولياء الرحمن )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته :(قَالَ أَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (14) قَالَ إِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ (15) قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ (16) ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ) (14) :(17) الاعراف ،وقال الله تعالى : (وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا) (53) الاسراء، وقال الله تعالى :(يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ (5) إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ) (5)، (6) فاطر ، وروى مسلم في صحيحه :(عَنْ جَابِرٍ قَالَ ،قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « إِنَّ إِبْلِيسَ يَضَعُ عَرْشَهُ عَلَى الْمَاءِ ثُمَّ يَبْعَثُ سَرَايَاهُ فَأَدْنَاهُمْ مِنْهُ مَنْزِلَةً أَعْظَمُهُمْ فِتْنَةً يَجِيءُ أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ فَعَلْتُ كَذَا وَكَذَا فَيَقُولُ مَا صَنَعْتَ شَيْئًا قَالَ ثُمَّ يَجِيءُ أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ مَا تَرَكْتُهُ حَتَّى فَرَّقْتُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ – قَالَ – فَيُدْنِيهِ مِنْهُ وَيَقُولُ نِعْمَ أَنْتَ ». قَالَ الأَعْمَشُ أُرَاهُ قَالَ « فَيَلْتَزِمُهُ ».
إخوة الاسلام
إن هذه الآيات الكريمة تبيِّن لنا جليا معالم الحَرب الضروس بين الشيطان وجنده من جهة، وبين عباد الله وأوليائه من جهة أخرى، وهذه الحربُ الشعواء لا عاصم للمؤمن منها، إلا بالاستعانة بربه عز وجل .وقد أقسم الشيطان بعظيم الايمان ألا يترك الانسان حتى يدخله النار ،ويكون معه من المعذبين ، فقال الله تعالى على لسانه : (قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (82) إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ) (82) ، (83) ص ، وقال الله تعالى (إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِنَاثًا وَإِنْ يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطَانًا مَرِيدًا (117) لَعَنَهُ اللَّهُ وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا (118) وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا) (117) :(119) النساء ، وروى مسلم في صحيحه من حديث جابر- رضي الله عنه – أن النبي- صلى الله عليه وسلم – قال: «إِنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ أَيِسَ أَنْ يَعْبُدَهُ الْمُصَلُّونَ فِي جَزِيرَةِ الْعَرَبِ، وَلَكِنْ فِي التَّحْرِيشِ بَيْنَهُمْ» . قال النووي: وهذا الحديث من معجزات النبوة، ومعناه أيس أن يعبده أهل جزيرة العرب ولكنه سعى في التحريش بينهم بالخصومات والشحناء والحروب والفتنة ونحوها إلى هذا الحد بلغت هذه العداوة بين الشيطان وبين عباد الرحمن ، حيث وقفت الشياطين لبني آدم عن أيمانهم وعن شمائلهم ومن أمامهم ومن خلفهم على جادة الصراط ،وواضح المحجة، لتحرفهم عن نهج الله المستقيم، فتنبهوا لهذه العداوة، واعلموا أن أساليب الشيطان لا تأتي إلى بني آدم فجأةً أو مرةً واحدة، وإنما يأتيه على درجات ، وبأساليب ملتوية ، وقد يكون في ظاهرها الرحمة ، وفي باطنها العذاب ،ومن هنا جاء قول الله جل وعلا جليا دقيقاً واضحاً في بيان حقيقة مكر الشيطان وخبثه، حيث يقول سبحانه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) [النور:21] ، فالشيطان لا يأمرك بالفاحشة فجأة، وإنما يمهدها لك خطوة خطوة ،حتى تقع والعياذ بالله في هذه الفاحشة والمصيبة العظيمة. ولذلك كان حتما على المسلم أن يتعرف على طرق الشيطان وأساليبه في غواية عباد الرحمن ،فمن أساليب الشيطان الخبيثة التي يزين بها المعصية ويبعد الإنسان بها عن جادة الصراط المستقيم: أسلوب الوسوسة : وهذا الأسلوب هو الذي استخدمه مع أبينا آدم عليه السلام ، فكان عاقبة ذلك أن أهبط من الجنة ، دار النعيم ، إلى الأرض دار الشقاء والبلاء ، يقول الله جلا وعلا: ( فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لا يَبْلَى * فَأَكَلا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى * ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى) [طه:120-122]. فالوسوسة من أعظم مكائد الشيطان ؛ إذ لا يزال بالإنسان يوسوس له ويشككه حتى يخرجه من عقيدة الإسلام، ففي الصحيحين واللفظ لمسلم (أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « يَأْتِى الشَّيْطَانُ أَحَدَكُمْ فَيَقُولُ مَنْ خَلَقَ كَذَا وَكَذَا حَتَّى يَقُولَ لَهُ مَنْ خَلَقَ رَبَّكَ فَإِذَا بَلَغَ ذَلِكَ فَلْيَسْتَعِذْ بِاللَّهِ وَلْيَنْتَهِ ». ثانياً: ومن أساليب الشيطان في غواية عباد الرحمن : النسيان: فينسي الشيطان الإنسانَ ذكرَ ربه، ويزهده في مجالسة الصالحين، والذب عن هذا الدين، والرد على المخالفين والمستهزئين. قال الله تعالى -: {وَإمَّا يُنسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِـمِينَ} [الأنعام: 68]. ثالثاً: ومن أساليب الشيطان في غواية عباد الرحمن : التحريش وإيقاع العداوة بين المسلمين : قال الله تعالى -: {إنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ} [المائدة: 91] ،فتقع الشحناء بين المسلمين، وبين الأخوةِ والأصدقاء فيتفرقون أحزاباً ، وتُزرعُ البغضاء في القلوب، ويبدأ بالدخول في المقاصد والنيات، ويحرِّش بين الدعاة إلى الله – تعالى – وبين طلبةِ العلمِ؛ وذلك مصداقاً لما رواه مسلم (عَنْ جَابِرٍ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ « إِنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ أَيِسَ أَنْ يَعْبُدَهُ الْمُصَلُّونَ فِي جَزِيرَةِ الْعَرَبِ وَلَكِنْ فِي التَّحْرِيشِ بَيْنَهُمْ ». رابعاً: ومن أساليب الشيطان في غواية عباد الرحمن : التخويف: فيخوف الشيطان الإنسانَ من طاعة ربه؛ فإذا أراد بذل مالٍ في سبيل الله خوفه بالفقرِ ووعده به. قال الله تعالى -: {الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاءِ} [البقرة: 268]. وإذا أراد أن يأمر بالمعروفِ، أو ينهى عن المنكر خوَّفه الشيطان من سوء العاقبة. قال الله سبحانه وتعالى -: {إنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ} [آل عمران: 175]. خامساً: من أساليب الشيطان في غواية عباد الرحمن : القول على الله بغير علمٍ: قال الله عز وجل -: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلالاً طَيِّباً وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ 168 إنَّمَا يَأْمُرُكُم بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَن تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ} [البقرة: 168 – 169]،
سادساً: ومن أساليب الشيطان في غواية عباد الرحمن : التزيين لفعل المعصية: قال تعالى : (وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لَا غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَكُمْ فَلَمَّا تَرَاءَتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لَا تَرَوْنَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ) (48) الانفال ، وقال الله تعالى : (أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا..) (8) فاطر ،سابعاً: ومن أساليب الشيطان في غواية عباد الرحمن : الغضب: فإذا غضب الإنسانُ لعب به الشيطانُ؛ فتنتفخ أوداجه، ويفقد صوابه، ولا أدل على ذلك مما جاء في الصحيحين عن سليمان بن صُرَد – رضي الله عنه – اسْتَبَّ رَجُلاَنِ عِنْدَ النَّبِىِّ – صلى الله عليه وسلم – فَغَضِبَ أَحَدُهُمَا ، فَاشْتَدَّ غَضَبُهُ حَتَّى انْتَفَخَ وَجْهُهُ وَتَغَيَّرَ ، فَقَالَ النَّبِىُّ – صلى الله عليه وسلم – « إِنِّى لأَعْلَمُ كَلِمَةً لَوْ قَالَهَا لَذَهَبَ عَنْهُ الَّذِى يَجِدُ » . فَانْطَلَقَ إِلَيْهِ الرَّجُلُ فَأَخْبَرَهُ بِقَوْلِ النَّبِىِّ – صلى الله عليه وسلم – وَقَالَ تَعَوَّذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ . فَقَالَ أَتُرَى بِى بَأْسٌ أَمَجْنُونٌ أَنَا اذْهَبْ) ،فعلى المسلم أن يملك نفسه عند الغضب، لما ثبت في «الصحيحين» عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « لَيْسَ الشَّدِيدُ بِالصُّرَعَةِ إِنَّمَا الشَّدِيدُ الَّذِى يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الْغَضَبِ ». ثامنا : ومن أساليب الشيطان في غواية عباد الرحمن : التلبيس: فالشيطان يحاول خداع العقل ،ويحاول إقناعه بأن الذي يعتقد أنه حرام هو في الحقيقة حلال، قال تعالى : (وَكَذَلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلَادِهِمْ شُرَكَاؤُهُمْ لِيُرْدُوهُمْ وَلِيَلْبِسُوا عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ) (137) الانعام، تاسعا : ومن أساليب الشيطان في غواية عباد الرحمن : التسويف: وهنا يستخدم معه طول الأمل حتى يصرفه عن التوبة إذا كان رآه مصمما عليها فيقول له ، لا بأس أن تتوب ،ولكن لماذا العجلة ،أنت في ريعان الشباب ،أكمل دراستك ثم تزوج ، فالزواج نصف الدين ،وهو يعين على التوبة، ثم اضمن مستقبلك ، هكذا حتى يصرفه تماماً عن التوبة. عاشرا: ومن أساليب الشيطان في غواية عباد الرحمن : تهوين المعصية: فيأتي الشيطان الإنسان فيقول له لماذا تتوب؟ وماذا فعلت حتى تتوب ؟أنت بالنسبة لغيرك من خيار الناس ؟ إنما التوبة لأصحاب المعاص الكبيرة، وأنت لست منهم ،فيهون عليه المعصية. الحادي عشر : ومن أساليب الشيطان في غواية عباد الرحمن : تصعيب الأمر على الإنسان بعد التوبة: يقول له التوبة تحتاج إلى استقامة، والاستقامة شاقة على النفس ،فلماذا تتوب وتُحمل نفسك وتفقد أصدقاءك السابقين، والناس لن يصدقوا أنك تبت، وسيسخرون منك .
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( من مكائد الشيطان لأولياء الرحمن )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
ومن أساليب الشيطان في غواية عباد الرحمن : الأماني وحصائد الغرور: فذلكم هو السلاح الشيطاني المضَّاء ، قال الله تعالى : وقال الله تعالى : { يَعِدُهُمْ وَيُمَنّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمْ الشَّيْطَـانُ إِلاَّ غُرُوراً } [النساء:120]. وقال الله تعالى : { وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مّن سُلْطَـانٍ إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلاَ تَلُومُونِي وَلُومُواْ أَنفُسَكُمْ } [إبراهيم:22]. وقال الله تعالى : { فَلَمَّا تَرَاءتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنّي بَرِيء مّنْكُمْ } [الأنفال:48]. فيعدهم الشيطان على حسب طبائعهم، ويجرهم إلى حبائله بحسب ميولهم ومشتهياتهم. يخوِّف الأغنياء بالفقر، إذا هم تصدقوا وأحسنوا، كما يزين لهم الغنى وألوان الثراء بالأسباب المحرمة والوسائل القذرة.
أيها المسلمون
أما عن طُرُق الوقاية والعلاج من أساليب الشيطان وطرقه في غواية عباد الرحمن : أولاً: الاستعاذة بالله سبحانه: قال – تعالى -: {فَإذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} [النحل: 98]. وثبت في صحيح مسلم : (أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ أَبِى الْعَاصِ أَتَى النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ حَالَ بَيْنِي وَبَيْنَ صَلاَتِي وَقِرَاءَتِي يَلْبِسُهَا عَلَىَّ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « ذَاكَ شَيْطَانٌ يُقَالُ لَهُ خِنْزِبٌ فَإِذَا أَحْسَسْتَهُ فَتَعَوَّذْ بِاللَّهِ مِنْهُ وَاتْفِلْ عَلَى يَسَارِكَ ثَلاَثًا ». قَالَ فَفَعَلْتُ ذَلِكَ فَأَذْهَبَهُ اللَّهُ عَنِّي) . ثانياً: ومن طُرُق الوقاية والعلاج من أساليب الشيطان : البسملة: فقد ثبت في صحيح البخاري من حديث عبد الله بن عباس – رضي الله عنهما – عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أَمَا إِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا أَتَى أَهْلَهُ وَقَالَ: بِسْمِ اللهِ، اللَّهُمَّ جَنِّبْنَا الشَّيْطَانَ وَجَنِّبِ الشَّيْطَانَ مَا رَزَقْتَنَا فَرُزِقَا وَلَداً لَمْ يَضُرُّهُ الشَّيْطَانُ». ثالثاً: ومن طُرُق الوقاية والعلاج من أساليب الشيطان: الجماعة: لأن الجماعة منفرةٌ للشياطين، فقد ثبت في السنن من حديث أَبِي الدَّرْدَاءِ – رضي الله عنه – قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «مَا مِنْ ثَلاَثَةٍ فِي قَرْيَةٍ وَلاَ بَدْوٍ لاَ تُقَامُ فِيهِمُ الصَّلاَةُ إِلاَّ قَدِ اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ؛ فَعَلَيْكَم بِالْجَمَاعَةِ؛ فَإِنَّمَا يَأْكُلُ الذئْبُ الْقَاصِيَةَ». رابعاً: ومن طُرُق الوقاية والعلاج من أساليب الشيطان: سجود التلاوة: فقد ثبت في صحيح مسلم من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ – رضي الله عنه – قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا قَرَأَ ابْنُ آدَمَ السَّجْدَةَ فَسَجَدَ اعْتَزَلَ الشَّيْطَانُ يَبْكِي يَقُولُ: يَا وَيْلَهُ – وَفِي رِوَايَةِ أَبِي كُرَيْبٍ يَا وَيْلِي – أُمِرَ ابْنُ آدَمَ بِالسُّجُودِ فَسَجَدَ فَلَهُ الْجَنَّةُ وَأُمِرْتُ بِالسُّجُودِ فَأَبَيْتُ فَلِيَ النَّارُ ». خامساً: ومن طُرُق الوقاية والعلاج من أساليب الشيطان: قراءة القرآن: لأن قراءته منفرة للشياطين، لما ثبت في صحيح مسلم من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ «لاَ تَجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ مَقَابِرَ؛ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْفِرُ مِنَ الْبَيْتِ الَّذِى تُقْرَأُ فِيهِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ». سادسا : ومما يدفع كيد الشيطان مداومة ذكر الله بالتسبيح والتحميد والتكبير والتهليل والاستغفار والدعاء، ففي الصحيحين ( عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ – رضى الله عنه – أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ « مَنْ قَالَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ ، لَهُ الْمُلْكُ ، وَلَهُ الْحَمْدُ ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ . فِي يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ ، كَانَتْ لَهُ عَدْلَ عَشْرِ رِقَابٍ ، وَكُتِبَتْ لَهُ مِائَةُ حَسَنَةٍ ، وَمُحِيَتْ عَنْهُ مِائَةُ سَيِّئَةٍ ، وَكَانَتْ لَهُ حِرْزًا مِنَ الشَّيْطَانِ يَوْمَهُ ذَلِكَ حَتَّى يُمْسِىَ ، وَلَمْ يَأْتِ أَحَدٌ بِأَفْضَلَ مِمَّا جَاءَ بِهِ ، إِلاَّ أَحَدٌ عَمِلَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ »
الدعاء