خطبة عن (من أسباب الخشوع في الصلاة )
يناير 10, 2016خطبة عن(نماذج لخلق سلامة القلب )
يناير 10, 2016الخطبة الأولى ( صلاة الفجر )
الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك .. واشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له .. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله .. وصفيه من خلقه وحبيبه .. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته وهو أصدق القائلين : ( أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا ) الاسراء 78 ،
إخوة الإسلام
وقد تناولت معكم في لقاء سابق عقوبة المتهاون في صلاة الفجر ، وأيضا فضائل المحافظة عليها ، واليوم إن شاء الله نستكمل الموضوع ، فمن فضائل المحافظة على صلاة الفجر في جماعة ، أن ترافقه الملائكة ، وتدعوا له بالخير سائر يومه ، فقد روى البخاري ومسلم ( عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ : « يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ مَلاَئِكَةٌ بِاللَّيْلِ وَمَلاَئِكَةٌ بِالنَّهَارِ وَيَجْتَمِعُونَ فِي صَلاَةِ الْفَجْرِ وَصَلاَةِ الْعَصْرِ ثُمَّ يَعْرُجُ الَّذِينَ بَاتُوا فِيكُمْ فَيَسْأَلُهُمْ رَبُّهُمْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِهِمْ كَيْفَ تَرَكْتُمْ عبادي فَيَقُولُونَ تَرَكْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ وَأَتَيْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ ». وفي رواية في صحيح ابن حبان ومسند الامام أحمد (« فَاغْفِرْ لَهُمْ يَوْمَ الدِّينِ » ، ومن فضائل المحافظة على صلاة الفجر في جماعة ، أنه ينال من الله الكريم أجر حجة وعمرة كاملة ، فقد روى الطبراني (عن أبي أمامة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( من صلى صلاة الغداة في جماعة ثم جلس يذكر الله حتى تطلع الشمس ثم قام فركع ركعتين انقلب بأجر حجة وعمرة )، ولك البشرى من رسول الله صلى الله عليه وسلم يا من تحافظ على صلاة الفجر والعصر في جماعة فقد بشرك رسول الله بالجنة ففي البخاري ومسلم (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ : « مَنْ صَلَّى الْبَرْدَيْنِ دَخَلَ الْجَنَّةَ ».والبردان : الفجر والعصر ، وبشرك أيضا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالنجاة من عذاب النار ، ففي صحيح مسلم ( أَبِى بَكْرِ بْنِ عُمَارَةَ بْنِ رُؤَيْبَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ : « لَنْ يَلِجَ النَّارَ أَحَدٌ صَلَّى قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا ». يَعْنِى الْفَجْرَ وَالْعَصْرَ.) ، ومن فضائل المحافظة على صلاة الفجر في جماعة ، أنه يؤتى نوره يمشي به في ظلمات يوم القيامة ، فعند أبي داود وغيره ( عَنْ بُرَيْدَةَ عَنِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ : « بَشِّرِ الْمَشَّائِينَ فِي الظُّلَمِ إِلَى الْمَسَاجِدِ بِالنُّورِ التَّامِّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ». والمقصود بهما (صلاة العشاء والفجر ) ، فمن حافظ على صلاة الفجر ، كان له نور في وجهه ، ونور في قبره ، ونور يوم حشره ونشوره ، ونور على الصراط في يوم تزل فيه الأقدام ، قال تعالى : (يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ) الحديد 12 ، وقال الله تعالى (يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) التحريم 8 ، وقال الله تعالى (وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ ) النور 40 ،
أيها المؤمنون
هل بعد هذا الخير الكبير تتهاونون في صلاة الفجر ، هل بعد هذا الفوز العظيم تتكاسلون وتتثاقلون عنها ، أما تشتاقون إلى جنات النعيم ، أما تخافون من نار الجحيم ،فما لي أرى صفوف المصلين في صلاة الفجر قليلة ،ما لي أرى البعض منكم يرغبون في النوم والكسل ، ولا يرغبون في جنة أنهارها من عسل ، كيف يكون حالك أيها النائم عن صلاة الفجر ، إذا قيل لك أنه سوف توزع عليكم هدايا في وقت الفجر ،فمن المؤكد أن الكل سوف يقوم ويحضر ، لينال من متاع الدنيا ، ولكنهم يتكاسلون عن متاع الآخرة ، (وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى ) الاعلى 17 ، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فكما في البخاري يقول صلى الله عليه وسلم : (وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لَوْ يَعْلَمُ أَحَدُهُمْ أَنَّهُ يَجِدُ عَرْقًا سَمِينًا أَوْ مِرْمَاتَيْنِ حَسَنَتَيْنِ لَشَهِدَ الْعِشَاءَ » ، فيا أيها المتهاون والمتكاسل عن صلاة الفجر ، إني أخاف عليك أن يحل بك قول ربنا تبارك وتعالى يوم القيامة : ( كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى) طه 126 ، فقد قال العلماء (كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا ) أي أوامرنا ، (فَنَسِيتَهَا ) أي فتركت العمل بها ، (وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى ) أي تترك في نار جهنم ، أعاذنا الله منها فصلاة الفجر ، صلاة الفجر ، فقد قال عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم كما صحيح مسلم : « رَكْعَتَا الْفَجْرِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا ».
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( فضائل صلاة الفجر )
الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك .. واشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له .. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله .. وصفيه من خلقه وحبيبه .. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
ثم نأتي إلى الأسباب التي تعينكم على المحافظة على صلاة الفجر في جماعة : أولها : أن تتفكر طويلا فيما أعده الله تعالى من نعيم مقيم لمن حافظ علي صلاة الفجر ، ثانيا : أن تتفكر طويلا فيما أعده الله تعالى من عذاب وعقاب وحرمان لمن تكاسل عن أداء صلاة الفجر ، ثالثا : أن تتوجه إلى الله بالدعاء كي يعينك ويوقظك لصلاة الفجر ، رابعا : أن تأخذ بالأسباب المعينة على ذلك ومنها ( المنبهات ، والأصدقاء ) وأن تنام مبكرا ،خامسا : أن لا تشبع من الطعام في أثناء العشاء ، فكما قال الإمام الشافعي: (إذا امتلأت المعدة ، نامت الفكرة ،وكسلت الأعضاء عن العبادة ) ، سادسا : ابتعد عن الذنوب في النهار يوقظك الله في الليل ، يقول الحسن البصري : ( أحسن في نهارك ، يحسن إليك في ليلك ) ، وروي أن الصحابي الجليل ( أبا الدرداء ) وهو في مرض الموت ، سمع أذان الفجر ، فقام ليصلي الفجر فسقط من شدة المرض ، فقال احملوني إلى المسجد ، فقالوا : يا صاحب رسول الله لقد أعذرك الله ، فصل في المنزل ، فقال احملوني إلى المسجد ، فحملوه ، فلما صلى خلف الإمام ، قال : ( أيها الناس ، اسمعوا واعوا ، من سمع المؤذن لصلاتي الفجر والعشاء ، ولم يستطع أن يأتيهما ولو حبوا فليفعل )
الدعاء