خطبة عن (هِيَ جَنَّةٌ أَوْ نَار)
أغسطس 15, 2024خطبة عن (اللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ)
أغسطس 19, 2024الخطبة الأولى ( إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته : (الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا) (76) النساء
إخوة الإسلام
لقاؤنا اليوم -إن شاء الله تعالى- مع مائدة القرآن الكريم ،نعيش معه لحظات طيبة نتفكر ونتأمل بعض آياته ،ونرتشف من رحيقه المختوم ،مع قوله تعالى :(إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا) (76) النساء ،يقول السعدى في تفسيره : (الكيد: سلوك الطرق الخفية في ضرر العدو، فالشيطان وإن بلغ مَكْرُهُ مهما بلغ فإنه في غاية الضعف، الذي لا يقوم لأدنى شيء من الحق ولا لكيد الله لعباده المؤمنين). وفي الوسيط لطنطاوي يقول : (إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطانِ كانَ ضَعِيفاً ) أي: إن كيد الشيطان وتدبيره كان ضعيفا، لأن الشيطان ينصر أولياءه، والله- تعالى- ينصر أولياءه، ولا شك أن نصرة الله- تعالى- لأوليائه أقوى وأشد من نصرة الشيطان لأوليائه. والمراد بكيد الشيطان تدبيره ووسوسته لأتباعه بالاعتداء على المؤمنين وتأليب الناس عليهم. وقال الشعراوي في تفسيره : (والحق سبحانه وتعالى يوضح لنا: أن هذا الشيطان ضعيف جداً، فهو لا يملك قوة أن يرغمك ،وليس عنده حجة يقنعك، فهو ضعيف، ولذلك سيقول الشيطان في حجته يوم القيامة على الخلق: {وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِّن سُلْطَانٍ إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فاستجبتم لِي} [إبراهيم: 22].
أيها المسلمون
والتدبر لقوله تعالى : (إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا) (76) النساء ،فقد يظن البعض أن الآية تفيد أن هذا (الكيد) الذي وُصف به الشيطان، إنما (كان في الزمن الماضي)، وقد يُفهم منها أن كيده بعدُ لم يعد ضعيفاً؛ بدلالة ما يوسوس به لكثير من أتباعه وأشياعه ،ولكن نقول : إن الفعل (كان) هنا دال على الدوام؛ فـ {كيد الشيطان} ضعيف في كل زمان، وكيد الشيطان مهما عَظُم فهو ضعيف؛ ومكر الشيطان مهزوم؛ لأنَّه يمثِّل الباطل، والباطل مَهزوم في كلِّ عصر وأوان، والمتدبِّر فيما عزم عليه الشيطان لتدمير البشَر يجد أنَّ أسلحته وإن كانت تَبدو فتَّاكة، إلَّا أنها أسلحة محاصرة، ولا تصيب إلَّا مَن دخل في مرماها أو حامَ حولها، وإذا كان الله قد أعطى إبليس سلاحًا، فإنَّه تعالى أعطى للمؤمن السِّلاحَ الأقوى، وعلى سبيل المثال فإنَّ الله تعالى أيَّد إبليسَ على الإنسان بالإنظار إلى يوم الوقت المعلوم، وأيَّد الإنسانَ عليه بالملائكة الباقين ببقاء الدنيا، وأيَّد إبليس بالتمكين بتزيين الباطِل، وأيَّد الإنسان بأن هداه إلى الحقِّ، وزيَّن الإيمانَ في قلبه، وفطَره على التوحيد، وعرَّفه الفجور والتقوى، وجعل له نورًا يمشي به في الناس إنْ آمَن بربِّه، إلى غير ذلك من أنواع التأييد، وبعث إليه الرسل والأنبياء بهداية التشريع الذي يَحمي اللهُ تعالى به عبدَه الصالح المتجنِب لما يسخطه ويكرهه عن مضارِّ الدنيا، ويجنِّبه عن مضلَّات الفتن، ويلطف به ألطافًا ظاهرة أو خفيَّة، حتى يخرج من الدنيا سالمًا دينه، راضيًا عنه ربه. فبناء على هذا، فإنَّ معسكر الشيطان مَهزوم مهزوم،
أيها المسلمون
وفي قوله تعالى : (إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا) (76) النساء ،فالمتتبع للقرآن الكريم ، والتدبر لآيته ،يعلم أن الصراع بين الانسان والشيطان بدأ في الجنة ،حين رفض الشيطان أن يمتثل لأمر الله بالسجود لآدم، فطرده الله ولعنه، فأقسم بين يدي الله أن يضله وذريته ،كما في قوله تعالى : (قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (82) إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ) ص (82) (83) ،ثم كانت الجولة الأولى في إضلال الأبوين، فنجح الشيطان في إغوائهما ،وإخراجهما من الجنة، { قَالَ اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ} (24) الأعراف، ونزل آدم إلى الأرض ليواجه وذريته كيد الشيطان ودأبه على إضلال بني آدم، وقد تسلح الشيطان بأسلحته المختلفة، ومنها: أولا : قدرته على التزيين والإغواء كما في قوله تعالى 🙁 قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ) الحجر (39) ،ثانيا : الكذب والمخادعة قال الله تعالى : (وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ (20) وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ) الاعراف (20) ،(21)، ثالثا : أن هذا العدو يرانا ولا نراه ،قال الله تعالى { إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ } [الأعراف:27]. ،وهو يجري منا مجرى الدم ، ففي الصحيحين : (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « إِنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِى مِنَ الإِنْسَانِ مَجْرَى الدَّمِ ».،رابعا : قدرته على الاطلاع على شيء من الغيب فيوحي به إلى أوليائه، ففي صحيح البخاري : (عَنْ عَائِشَةَ – رضى الله عنها – زَوْجِ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – يَقُولُ « إِنَّ الْمَلاَئِكَةَ تَنْزِلُ فِي الْعَنَانِ – وَهْوَ السَّحَابُ – فَتَذْكُرُ الأَمْرَ قُضِىَ فِي السَّمَاءِ ، فَتَسْتَرِقُ الشَّيَاطِينُ السَّمْعَ ، فَتَسْمَعُهُ فَتُوحِيهِ إِلَى الْكُهَّانِ ، فَيَكْذِبُونَ مَعَهَا مِائَةَ كَذْبَةٍ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ » ،وغاية الشيطان النهائية التي يريدها لكل بني البشر هي أن يصيروا إلى النار كما قال تعالى: {إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ} (6) فاطر، فإن لم يصل الشيطان إلى غايته ،ولم يقدر على إكفار الناس ،فإنه لا ييأس ،بل يرضى ببعض أبواب الغواية والتقصير ففي سنن النسائي : (عَنْ سَبْرَةَ بْنِ أَبِي فَاكِهٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنَّ الشَّيْطَانَ قَعَدَ لِابْنِ آدَمَ بِأَطْرُقِهِ فَقَعَدَ لَهُ بِطَرِيقِ الْإِسْلَامِ فَقَالَ تُسْلِمُ وَتَذَرُ دِينَكَ وَدِينَ آبَائِكَ وَآبَاءِ أَبِيكَ فَعَصَاهُ فَأَسْلَمَ ثُمَّ قَعَدَ لَهُ بِطَرِيقِ الْهِجْرَةِ فَقَالَ تُهَاجِرُ وَتَدَعُ أَرْضَكَ وَسَمَاءَكَ وَإِنَّمَا مَثَلُ الْمُهَاجِرِ كَمَثَلِ الْفَرَسِ فِي الطِّوَلِ فَعَصَاهُ فَهَاجَرَ ثُمَّ قَعَدَ لَهُ بِطَرِيقِ الْجِهَادِ فَقَالَ تُجَاهِدُ فَهُوَ جَهْدُ النَّفْسِ وَالْمَالِ فَتُقَاتِلُ فَتُقْتَلُ فَتُنْكَحُ الْمَرْأَةُ وَيُقْسَمُ الْمَالُ فَعَصَاهُ فَجَاهَدَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ وَمَنْ قُتِلَ كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ وَإِنْ غَرِقَ كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ أَوْ وَقَصَتْهُ دَابَّتُهُ كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ) ، وقد يتساءل المرء عن نسبة نجاح الشيطان في أهدافه وضلاله، وتأتي الإجابة لتصيب المرء بالذعر، إذ نسبة الناجين لا تتعدى الواحد من الألف، ففي الصحيحين : (عَنْ أَبِى سَعِيدٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يَا آدَمُ فَيَقُولُ لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ وَالْخَيْرُ فِى يَدَيْكَ – قَالَ – يَقُولُ أَخْرِجْ بَعْثَ النَّارِ. قَالَ وَمَا بَعْثُ النَّارِ قَالَ مِنْ كُلِّ أَلْفٍ تِسْعَمِائَةٍ وَتِسْعَةً وَتِسْعِينَ.قَالَ فَذَاكَ حِينَ يَشِيبُ الصَّغِيرُ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ »
أيها المسلمون
وصور كيد الشيطان للإنسان متعددة ،وهي تبدأ مع ابن آدم من حين ولادته ، فقد روى مسلم في صحيحه : (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « مَا مِنْ مَوْلُودٍ يُولَدُ إِلاَّ نَخَسَهُ الشَّيْطَانُ فَيَسْتَهِلُّ صَارِخًا مِنْ نَخْسَةِ الشَّيْطَانِ إِلاَّ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ » ،لذا فقد شرع لنا نبينا من الذكر ما نقي به أولادنا من الشيطان وذلك قبل وجودهم، ففي الصحيحين : (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – « لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَأْتِيَ أَهْلَهُ فَقَالَ بِاسْمِ اللَّهِ ، اللَّهُمَّ جَنِّبْنَا الشَّيْطَانَ ، وَجَنِّبِ الشَّيْطَانَ مَا رَزَقْتَنَا . فَإِنَّهُ إِنْ يُقَدَّرْ بَيْنَهُمَا وَلَدٌ فِي ذَلِكَ لَمْ يَضُرُّهُ شَيْطَانٌ أَبَدًا »
ومن صور كيد الشيطان للإنسان : كيده له في الصلاة: ففي الصحيحين : (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ « إِذَا نُودِىَ لِلصَّلاَةِ أَدْبَرَ الشَّيْطَانُ وَلَهُ ضُرَاطٌ حَتَّى لاَ يَسْمَعَ التَّأْذِينَ ، فَإِذَا قَضَى النِّدَاءَ أَقْبَلَ ، حَتَّى إِذَا ثُوِّبَ بِالصَّلاَةِ أَدْبَرَ ، حَتَّى إِذَا قَضَى التَّثْوِيبَ أَقْبَلَ حَتَّى يَخْطُرَ بَيْنَ الْمَرْءِ وَنَفْسِهِ ، يَقُولُ اذْكُرْ كَذَا ،اذْكُرْ كَذَا .لِمَا لَمْ يَكُنْ يَذْكُرُ ،حَتَّى يَظَلَّ الرَّجُلُ لاَ يَدْرِى كَمْ صَلَّى »
ومن صور كيد الشيطان للإنسان :تخذيل الشيطان وتثبيطه ما يصيب الإنسان من كسل وتثاقل: فقد روى البخاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (وَأَمَّا التَّثَاؤُبُ فَإِنَّمَا هُوَ مِنَ الشَّيْطَانِ ، فَإِذَا تَثَاوَبَ أَحَدُكُمْ فَلْيَرُدَّهُ مَا اسْتَطَاعَ ، فَإِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا تَثَاءَبَ ضَحِكَ مِنْهُ الشَّيْطَانُ »
ومن صور كيد الشيطان للإنسان : النوم ، فلا يسلم الإنسان من تسلط الشيطان في نومه، ففي الصحيحين: (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ – رضى الله عنه – أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ « يَعْقِدُ الشَّيْطَانُ عَلَى قَافِيَةِ رَأْسِ أَحَدِكُمْ إِذَا هُوَ نَامَ ثَلاَثَ عُقَدٍ ، يَضْرِبُ كُلَّ عُقْدَةٍ عَلَيْكَ لَيْلٌ طَوِيلٌ فَارْقُدْ ، فَإِنِ اسْتَيْقَظَ فَذَكَرَ اللَّهَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ ، فَإِنْ تَوَضَّأَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ ، فَإِنْ صَلَّى انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ فَأَصْبَحَ نَشِيطًا طَيِّبَ النَّفْسِ ، وَإِلاَّ أَصْبَحَ خَبِيثَ النَّفْسِ كَسْلاَنَ »
ومن صور كيد الشيطان للإنسان : أن يكيد له في الطعام والشراب: فقد روى مسلم في صحيحه : (عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ « إِذَا دَخَلَ الرَّجُلُ بَيْتَهُ فَذَكَرَ اللَّهَ عِنْدَ دُخُولِهِ وَعِنْدَ طَعَامِهِ قَالَ الشَّيْطَانُ لاَ مَبِيتَ لَكُمْ وَلاَ عَشَاءَ. وَإِذَا دَخَلَ فَلَمْ يَذْكُرِ اللَّهَ عِنْدَ دُخُولِهِ قَالَ الشَّيْطَانُ أَدْرَكْتُمُ الْمَبِيتَ. وَإِذَا لَمْ يَذْكُرِ اللَّهَ عِنْدَ طَعَامِهِ قَالَ أَدْرَكْتُمُ الْمَبِيتَ وَالْعَشَاءَ ».
ومن صور كيد الشيطان للإنسان : أن يصحب الشيطان بني آدم إلى أسواقهم: ففي سنن الترمذي: قال صلى الله عليه وسلم:« يَا مَعْشَرَ التُّجَّارِ إِنَّ الشَّيْطَانَ وَالإِثْمَ يَحْضُرَانِ الْبَيْعَ فَشُوبُوا بَيْعَكُمْ بِالصَّدَقَةِ»
أيها المسلمون
وبعد أن تعرفنا على بعض صور كيد الشيطان للإنسان ،فما هي المنجيات من كيد الشيطان؟ ،فقد أرشدنا النبي صلى الله عليه وسلم إلى ما يصرف عنا كيد الشيطان وشره، ومن ذلك: الإخلاص: قال الله تعالى 🙁قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (82) إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ) ص (82) ،(83) ،فأخبر الشيطان بنجاة المخلصين منه، ومن المنجيات من الشيطان: حسن العبودية لله، قال الله تعالى: (إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ) (42) الحجر، ومنها :الاستعاذة بالله والاحتماء واللوذ بجنابه: (وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) (36) فصلت ،ومنها : قراءة القرآن : ففي سنن الترمذي 🙁عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « لاَ تَجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ مَقَابِرَ وَإِنَّ الْبَيْتَ الَّذِى تُقْرَأُ فِيهِ الْبَقَرَةُ لاَ يَدْخُلُهُ الشَّيْطَانُ » ،ومن المنجيات من الشيطان :ذكر الله عز وجل : ففي الصحيحين : (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ – رضى الله عنه – أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ « مَنْ قَالَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ ، وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ ، وَهْوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ . فِي يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ ، كَانَتْ لَهُ عَدْلَ عَشْرِ رِقَابٍ ، وَكُتِبَ لَهُ مِائَةُ حَسَنَةٍ ، وَمُحِيَتْ عَنْهُ مِائَةُ سَيِّئَةٍ ، وَكَانَتْ لَهُ حِرْزًا مِنَ الشَّيْطَانِ يَوْمَهُ ذَلِكَ ، حَتَّى يُمْسِىَ ، وَلَمْ يَأْتِ أَحَدٌ بِأَفْضَلَ مِمَّا جَاءَ بِهِ إِلاَّ رَجُلٌ عَمِلَ أَكْثَرَ مِنْهُ » ، ومنها : الوضوء ، ولزوم الجماعة :ففي سنن النسائي : (قَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ « مَا مِنْ ثَلاَثَةٍ فِي قَرْيَةٍ وَلاَ بَدْوٍ لاَ تُقَامُ فِيهِمُ الصَّلاَةُ إِلاَّ قَدِ اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَعَلَيْكُمْ بِالْجَمَاعَةِ فَإِنَّمَا يَأْكُلُ الذِّئْبُ الْقَاصِيَةَ »
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
أما عن أدوات الشيطان في إضلال بني آدم ، فللشيطان رسل وأدوات يعينونه على ابن آدم ومنها: الغضب: ففي الصحيحين : (قَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ صُرَدٍ: اسْتَبَّ رَجُلاَنِ عِنْدَ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – وَنَحْنُ عِنْدَهُ جُلُوسٌ ، وَأَحَدُهُمَا يَسُبُّ صَاحِبَهُ مُغْضَبًا قَدِ احْمَرَّ وَجْهُهُ فَقَالَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – « إِنِّي لأَعْلَمُ كَلِمَةً لَوْ قَالَهَا لَذَهَبَ عَنْهُ مَا يَجِدُ لَوْ قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ » . فَقَالُوا لِلرَّجُلِ أَلاَ تَسْمَعُ مَا يَقُولُ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ إِنِّي لَسْتُ بِمَجْنُونٍ)، ومن أدوات الشيطان في إضلال بني آدم : فتنة النساء: فعند النسائي : (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « الْمَرْأَةُ عَوْرَةٌ فَإِذَا خَرَجَتِ اسْتَشْرَفَهَا الشَّيْطَانُ »، ومن أدوات الشيطان في إضلال بني آدم : الغناء: قال تعالى: { وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ } [الإسراء:64]. قال مجاهد هو الغناء والمزامير. ومن أدوات الشيطان في إضلال بني آدم : العجلة وما تؤدي إليه من أخطاء ومعاصي: ففي سنن البيهقي : (أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ :« التَّأَنِّي مِنَ اللَّهِ وَالْعَجَلَةُ مِنَ الشَّيْطَانِ ».ومن أدوات الشيطان في إضلال بني آدم : النسيان، قال الله تعالى : { اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنْسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ أُولَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ} [المجادلة:19]. ومن أدوات الشيطان في إضلال بني آدم : الوسوسة وإلقاء الشبهات على القلب: فقد روى البخاري في صحيحه : (قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ – رضي الله عنه – قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – « يَأْتِي الشَّيْطَانُ أَحَدَكُمْ فَيَقُولُ مَنْ خَلَقَ كَذَا مَنْ خَلَقَ كَذَا حَتَّى يَقُولَ مَنْ خَلَقَ رَبَّكَ فَإِذَا بَلَغَهُ فَلْيَسْتَعِذْ بِاللَّهِ ، وَلْيَنْتَهِ »
الدعاء