خطبة عن (ماذا يعني أنني مسلم؟ (فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ؟)

الخطبة الأولى (ماذا يعني أنني مسلم ؟ (فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ؟ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته : (وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) (132) البقرة ،وقال الله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (102) آل عمران ،وقال الله تعالى : (قُلْ إِنَّمَا يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) (108) الانبياء ،وقال الله تعالى : (رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ) (126) الاعراف ،وروى مسلم في صحيحه (عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ« ذَاقَ طَعْمَ الإِيمَانِ مَنْ رَضِىَ بِاللَّهِ رَبًّا وَبِالإِسْلاَمِ دِينًا وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولاً » ، وفي صحيح مسلم (عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « يَا أَبَا سَعِيدٍ مَنْ رَضِىَ بِاللَّهِ رَبًّا وَبِالإِسْلاَمِ دِينًا وَبِمُحَمَّدٍ نَبِيًّا وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ ».
إخوة الإسلام
ماذا يعني انتمائي للإسلام ؟؟ : تعني أنني أعتز وافتخر وأرفع رأسي شامخاً، وأحمد الله -عز وجل- أن جعلني من المسلمين. وتعني انتمائي لدين الله الكامل، الصالح لكل زمان ومكان، وهو دين الفطرة؛ حيث أنزل الله أفضل كتبه، وأرسل إلينا خير رسله صلى الله عليه وسلم .وتعني الرحمة وهو الخُلُق الذي امتاز به ديننا ،قال تعالى :{ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ } الأنبياء(107) ، فالمسلم بإسلامه عنوان الفخار، وتاج الوقار، وزينة هذا الزمان، المسلم قلبه نابض، وعطاؤه نهر فائض، فما مر على أرض جرداء إلا أحياها بماء الحياة وهدي الإسلام، المسلم إسلامه إسلام يتدفق من نبع الهدى الصافي، ليعمر الارض بالخيرات والإيمان، بالسلام ورسالة الاسلام، لينفع نفسه وأهله وكل من مر عليه شملته محاسن إسلامه، فالإسلام جعل من العرب سادة، وجعل في هذه الأمة خير الأمم وأسلمها عقيدة، وأطهرها شريعة، وأصوبها خلقا، وأنبلها غاية، نحن باﻹسلام صرنا خير أمة أخرجت للناس لتسعى في إنقاذ البشرية وصلاحها وهدايتها وإرشادها الى الأمان والإسلام، والدين القويم، والصراط المستقيم، وإلى هدى خير المرسلين وخاتمهم محمد صلى الله عليه وسلم. فهذا الدين العظيم جعل من العرب أمة، ومن الأمة أعلاما، ومن اﻷعلام قادة وقيادة، صدِّيقا وخليفة، أميرا للمؤمنين وأمينا، وسيفا من سيوف الله ليبسط الحق والعدل في ربوع الارض باﻹسلام والسلام. فيا من أسلمت وأعلنت ولاءك لله ولرسوله، فهذا دين الله، ألا وإن الدين عند الله الاسلام، وهذه عقيدة الاسلام فكن مسلما لا بالوراثة فحسب، بل بوراثة الفطرة والإيمان، والشريعة والإحسان تكن مسلما لتنصر الدين، وتحقق التوحيد. فكلمة مسلم تعني :طريقة تفكيري، وأسلوب عملي ونمط تصرفاتي، ومنهج حياتي ،تعني أني فرد من أمة الوسط ، قال تعالى : (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ) البقرة 143، تعني اصطفاءً واجتباءً وطهارة ونقاءً وسمواً وارتقاءً، تعني أن أعمر الأرض وأشارك في تنميتها، وأن أتعلم وأعلم وأربي أبنائي ليكونوا لبنة صالحة منتجة في هذا العالم. تعني أني عبد لله؛ فأراقب الله في كل قولي وعملي واعتقادي، وآمر بالمعروف وأنهى عن المنكر وأصبر على ما أصابني، وأعيش بين الشكر والصبر، وأحسن الظن بالله -تبارك وتعالى- وأتقيه، وأتبع هدي المصطفى، وأحب الصحابة، وألتزم آثارهم: قال صلى الله عليه وسلم « خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ » متفق عليه ،تعني أن أحيا على الإسلام، وأدعو إلى الإسلام، وأموت على الإسلام، قال تعالى : { وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ) (85) } آل عمران
أيها المسلمون
وماذا يعني انتمائي للإسلام ؟؟ أولاً – أن أكون مسلمًا في عقيدتي ، وهذا يعني : 1ـ أن أكون مؤمنًا بأن خالق الكون إله حكيم قدير عليم قيوم، قال تعالى { لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ} ( الأنبياء : 22 ) . 2ـ أن أكون مؤمنًا بأن الخالق ـ جل شأنه ـ لم يخلق هذا الكون عبثًا ولا سدى ، قال تعالى { أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ (115) فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ } ( المؤمنون (115) : (116) . 3ـ أن أكون مؤمنًا بأن الله سبحانه قد أرسل الرسل وأنزل الكتب لتعريف الناس به وبغاية خلقهم ومنشئهم ومعادهم، وكان آخر أولئك الرسل الكرام محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ الذي أيده الله بالقرآن الكريم المعجزة الخالدة .قال تعالى { وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ } ( النحل : 36 ) . 4ـ أن أكون مؤمنًا بأن الغاية من الوجود الإنساني هي معرفة الله ـ عز وجل ـ كما وصف نفسه وطاعته وعبادته قال تعالى { وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56) مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ (57) إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ } ( الذاريات : 56 ـ 58). 5 ـ أن أكون مؤمنًا بأن جزاء المؤمن المطيع هو الجنة، وأن جزاء الكافر العاصي هو النار قال تعالى { فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ } ( الشورى 7 ) . 6 ـ أن أكون مؤمنًا بأن الإنسان يكسب الخير والشر باختياره ومشيئته، ولكنه لا يوقع الخير إلا بتوفيق من الله وعون، ولا يوقع الشر جبرًا عن الله، ولكنه في إطار إذنه ومشيئته ، قال تعالى { وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (8) قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا } ( سورة الشمس 7: 10 ) . وقال تعالى { كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ } ( المدثر 38 ) . 7 ـ أن أكون مؤمنًا بأن التشريع حق الله وحده لا يجوز تعديه، وأنه يمكن للعالم المسلم أن يجتهد في استنباط الأحكام في إطار ما شرعه الله { وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ) (10) الشورى . 8 ـ أن أتعرف على الله من أسماء وصفات تليق بجلاله .. فعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ « لِلَّهِ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ اسْمًا ، مِائَةٌ إِلاَّ وَاحِدًا ، لاَ يَحْفَظُهَا أَحَدٌ إِلاَّ دَخَلَ الْجَنَّةَ ، وَهْوَ وَتْرٌ يُحِبُّ الْوَتْرَ » رواه البخاري ومسلم . 9 ـ أن أتفكر في خلق الله وليس في ذاته، امتثالاً لقول الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ( تفكروا في خلق الله ولا تتفكروا في الله، فإنكم لن تقدروا قدره ) رواه أبو نعيم في الحلية . 10 ـ أما صفاته ـ تعالى ـ فقد أشارت إليها آيات كثيرة من القرآن الكريم، والتي يقتضيها كمال الألوهية،
11 ـ أن أعتقد أن رأي السلف أولى بالاتباع، حسمًا لمادة التأويل والتعطيل، ولتفويض علم هذه المعاني إلى الله ـ تبارك وتعالى ـ وأن تأويلات الخلف لا توجب الحكم عليهم بكفر ولا فسوق، ولا تستدعي هذا النزاع الطويل بينهم وبين غيرهم قديمًا وحديثًا . 12 ـ أن أعبد الله لا أشرك به شيئًا، استجابة لدعوة الله على مدار الرسالات والرسل التي دعاهم فيها إلى عبادته وحده وعدم الخضوع لسواه قال تعالى : { وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ } ( النحل : 36 ) . 13 ـ أن أخشاه ولا أخشى غيره .. وأن تكون خشيتي له دافعة للبعد عن مساخطه ومحارمه ، قال تعالى : { وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ } ( النور :52). وقال تعالى : { إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ } ( الملك : 12 ) . 14 ـ وأن أذكره وأديم ذكره، وأن يكون صمتي فكرًا ونطقي ذكرًا، فذكر الله ـ تعالى ـ هو العلاج النفسي الأقوى، وهو السلاح الأمضى أمام عاديات الزمن وكروب الحياة ونائباتها وصدق الله ـ تعالى ـ حيث يقول : { الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ }( الرعد : 28). وقال تعالى { وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ (36) وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ } ( الزخرف 36 ، 37 ) .
15 ـ وأن أحب الله حبًّا يجعل قلبي مشغوفًا بجلاله متعلقًا به مما يحفزني إلى الاستزادة من الخير دائمًا وإلى التضحية والجهاد في سبيله أبدًا، 16 ـ وأن أتوكل على الله في كل شأني وأن أعتمد عليه في كل أمري .. وهذا من شأنه أن يبعث في نفسي من القوة والروح المعنوية ما أستيسر به الصعاب ، قال تعالى : { وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ } ( الطلاق : 3 ) . 17 ـ أن أشكر الله ـ تعالى ـ على نعمائه التي لا تحصى وفضله ورحمته التي لا تدرك، والشكر من صفات التأدب مع من أنعم وأحسن وتفضل ، قال تعالى :{ وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } ( النحل 78 ) . ولقد وعد الله ـ تعالى ـ الشاكرين بمزيد من الإنعام كما توعد أهل الجحود والنكران بمزيد من الخسران : فقال تعالى { وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ } ( إبراهيم : 7 ) . 18 ـ أن أستغفر الله وأديم استغفاره .. فالاستغفار كفارة للخطيئة ومجدد للتوبة والإيمان وباعث على الراحة والاطمئنان ..قال تعالى { وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا } ( النساء 110) . وقال تعالى { وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ (135) أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ } ( آل عمران : 135، 136 ) . 19 ـ أن أراقب الله ـ تعالى ـ في سري وجهري مستشعرًا قول الله ـ تعالى ـ : { مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ } ( المجادلة : 7) .
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم

الخطبة الثانية (ماذا يعني أنني مسلم ؟ (فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ؟ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

أما بعد أيها المسلمون
وماذا يعني انتمائي للإسلام ؟؟ : أن أكون مسلمًا في عبادتي ، قال تعالى : { قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (162) لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ } ( الأنعام :162، 163 ) . ـ وأن تكون عبادتي حية متصلة بالمعبود .. وهذه درجة الإحسان في العبادة، فقد سئل رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن الإحسان فقال: « الإِحْسَانُ أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ » متفق عليه . ـ وأن تكون عبادتي عبادة خاشعة أستشعر فيها حرارة الوصال ولذة الخشوع .. ـ وأن أكون في عبادتي حاضر القلب، منخلعًا عما حولي من مشاغل الدنيا وهمومها ـ وأن أكون في العبادة طمعًا لا أقنع ونهمًا لا أشبع .. أتقرب إلى الله بالنوافل ففي الحديث القدسي :(وَمَا تَقَرَّبَ إِلَىَّ عَبْدِى بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَىَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِى يَتَقَرَّبُ إِلَىَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِى يَسْمَعُ بِهِ ، وَبَصَرَهُ الَّذِى يُبْصِرُ بِهِ ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطُشُ بِهَا وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِى بِهَا ، وَإِنْ سَأَلَنِي لأُعْطِيَنَّهُ ، وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لأُعِيذَنَّهُ ) رواه البخاري . ـ وأن أحرص على قيام الليل، وأروض نفسي على ذلك حتى تعتاده، فإن قيام الليل من أقوى المولدات الإيمانية ..ولقد وصف الله عباده المؤمنين بقوله تعالى: { كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ (17) وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ } ( الذاريات : 17، 18 )، وقال تعالى { تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ } ( السجدة : 16 ) . ـ وأن تكون لي مع القرآن الكريم جلسات وتأملات وأتلوه بتدبر وتفكر وخشوع وحزن لقوله ـ صلى الله عليه وسلم كما في سنن البيهقي « إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ نَزَلَ بِحُزْنٍ فَإِذَا قَرَأْتُمُوهُ فَابْكُوا فَإِنْ لَمْ تَبْكُوا فَتَبَاكَوْا » ـ وأن يكون الدعاء معراجي إلى الله في كل شأن من شئوني، فالدعاء مخ العبادة .. وأن أحرص على المأثور منه، وصدق الله حيث يقول : { وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ) (60) غافر
أيها المسلمون
وماذا يعني انتمائي للإسلام ؟؟ يعني الالتزام بالأخلاق الإسلامية الأصيلة، من الأمانة، والوفاء، والصدق، والحياء، والعدل، والكرم، والشجاعة. فالإسلام ميز الأمة الإسلامية في مظهرها، وعبادتها، وأخلاقها، وعقيدتها، قال تعالى: { صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ) (138) البقرة ؛ ومن ذلك مظهر المرأة في الحجاب الشرعي، وأنها لا تخضع بالقول، وتحرص على عفتها وطهارتها وحشمتها، وكذلك الرجل يحرص على لباسه، ولحيته، وحيائه، ولا يخلو الرجل بالمرأة الأجنبية، لا في السفر، ولا في الحضر؛ ففي الصحيحين: عَنْ أَبِى مَعْبَدٍ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ سَمِعْتُ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- يَخْطُبُ يَقُولُ « لاَ يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إِلاَّ وَمَعَهَا ذُو مَحْرَمٍ وَلاَ تُسَافِرِ الْمَرْأَةُ إِلاَّ مَعَ ذِي مَحْرَمٍ ». فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ امْرَأَتِي خَرَجَتْ حَاجَّةً وَإِنِّي اكْتُتِبْتُ فِي غَزْوَةِ كَذَا وَكَذَا. قَالَ « انْطَلِقْ فَحُجَّ مَعَ امْرَأَتِكَ ». ولاشك أن المسلم عندما يلتزم بإسلامه يبتلى في أمواله، ونفسه، وزوجه، وأبنائه، وربما في دينه حتى يمحص الله أهل الإيمان، ويرفع درجاتهم، وينظر إلى صبرهم، وهو أعلم بهم، ويسمع سرهم ونجواهم في الدعاء والاستغفار ولهج ألسنتهم بالذكر.
الدعاء