خطبة عن ( يَالَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزًا عَظِيمًا)
يونيو 4, 2016خطبة عن ( عليكم بالمبادرة قبل المغادرة)
يونيو 13, 2016الخطبة الأولى ( مرحبا شهر رمضان )
الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام….. وأشهد أن لا إله إلا لله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. نشهد أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
قال تعالى: ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنْ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ﴾ [البقرة: 185]،
إخوة الإسلام
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم – يبشر أصحابه بمقدم شهر رمضان ،كما جاء في الحديث الشريف الذي رواه الإمام أحمد وغيره (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ لَمَّا حَضَرَ رَمَضَانُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « قَدْ جَاءَكُمْ رَمَضَانُ شَهْرٌ مُبَارَكٌ افْتَرَضَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ صِيَامَهُ تُفْتَحُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ وَتُغْلَقُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَحِيمِ وَتُغَلُّ فِيهِ الشَّيَاطِينُ فِيهِ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ مَنْ حُرِمَ خَيْرَهَا فَقَدْ حُرِمَ » .وها هو شهر رمضان قد حضر بين أيدينا محملاً بأصناف الطاعات والقربات، وفاتحاً لنا أيامه لتنافس المؤمنين والمؤمنات، ففي مسند أحمد (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ ،قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « أُعْطِيَتْ أُمَّتِى خَمْسَ خِصَالٍ فِي رَمَضَانَ لَمْ تُعْطَهَا أُمَّةٌ قَبْلَهُمْ خُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطَيْبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ وَتَسْتَغْفِرُ لَهُمُ الْمَلاَئِكَةُ حَتَّى يُفْطِرُوا وُيَزَيِّنُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ كُلَّ يَوْمٍ جَنَّتَهُ ثُمَّ يَقُولُ يُوشِكُ عِبَادِي الصَّالِحُونَ أَنْ يُلْقُوا عَنْهُمُ الْمَئُونَةَ وَالأَذَى وَيَصِيرُوا إِلَيْكِ وَتُصَفَّدُ فِيهِ مَرَدَةُ الشَّيَاطِينِ فَلاَ يَخْلُصُوا فِيهِ إِلَى مَا كَانُوا يَخْلُصُونَ إِلَيْهِ فِي غَيْرِهِ وَيُغْفَرُ لَهُمْ فِي آخِرِ لَيْلَةٍ ». قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَهِيَ لَيْلَةُ الْقَدْرِ قَالَ « لاَ وَلَكِنَّ الْعَامِلَ إِنَّمَا يُوَفَّى أَجْرَهُ إِذَا قَضَى عَمَلَهُ » ، فلك الحمد يا ربنا كثيرا، ولك الشكر كثيراً، فأنت أحق من عبد، وأحق من شكر، وأحق من رُكع له وسُجد.
إخوة الإسلام
لقد كان سلف الأمة ـ رضوان الله عليهم ـ يتباشرون بقدومه، ويهنأ بعضهم بعضاً بقولهم: (اللهم قد أظلنا شهر رمضان وحضر، فسلمه لنا وسلمنا له، وارزقنا صيامه وقيامه، وارزقنا فيه الجد والاجتهاد والنشاط، وأعذنا فيه من الفتن) ، وذلك لما يعلمون من فضل رمضان، وسعة فضل الله عليهم فيه، وما ينزله الله تعالى على عباده من الرحمات، ويفيضه عليهم من النفحات، ويوسع عليهم من الأرزاق والخيرات، ويجنبهم فيه من الوقوع في الزلات والموبقات، حيث يفتح لهم أبواب الجنان، ويغلق عنهم أبواب النيران، ويُصفِّدُ فيه مردة الجان، فهو للأمة ربيعها، وللعبادات موسمها، وللخيرات سوقها، فلا شهر أفضل للمؤمن منه، ولا عمل يفضل عما فيه، فهو بحق غنيمة المؤمنين، وموسم الطاعة للمتقين، والسوق الرائجة للمتنافسين، يرتقي فيه أقوام إلى أعالي الدرجات، ويُسِفُّ فيه أقوام استعبدتهم الأهواء والشهوات. وها نحن نستقبل شهراً كريماً، وموسماً عظيماً، خصَّه الله بالتشريف والتكريم، وأنزل فيه القرآن العظيم، وفرض صيامه على المسلمين، وسن قيامه الرسول الكريم – صلى الله عليه وسلم – فهو شهر التقوى، وشهر القرآن، وشهر الإفطار والإطعام، وشهر الصدقات، وشهر إجابة الدعوات، ومضاعفة الحسنات، ورفع الدرجات، وإجزال الهبات، وكثرة النفحات. وهو شهر التوبة، وشهر الأوبة، وشهر تسكب فيه العبرات، وتكثر فيه الأنات والزفرات، وتقشعر فيه الجلود لرب الأرض والسماوات، وهو شهر تكفير السيئات، والصفح عن الزلات، وإقالة العثرات، شهر فضَّل الله أوقاته على سائر الأوقات، وخصَّه بأسمى المزايا والصفات. فرمضان محطة ينبغي أن نتوقف فيها كثيراً لنتأمل حالنا وما نحن فيه من أمن وطمأنينة، ورغد عيش، وحياة كريمة، ونتذكر نعم الله علينا حيث حُرم أقوام نعمة بلوغ رمضان، فكم من أشخاص صاموا في العام الماضي هم في هذا العام تحت أجداث الثرى مرتهنون بأعمالهم، وكم من أناس أصحاء في العام الماضي وهم في هذا العام لا يستطيعون الصيام لأمراض حلَّت بهم. وكم من مسلم كان يتمنى بلوغه فوافاه أجله قبل أن يبلغه، فهو شهر محبب إلى النفوس المؤمنة، والقلوب الواعية المخلصة. فعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « إِذَا كَانَ أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ صُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ وَمَرَدَةُ الْجِنِّ وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ فَلَمْ يُفْتَحْ مِنْهَا بَابٌ وَفُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ فَلَمْ يُغْلَقْ مِنْهَا بَابٌ وَيُنَادِى مُنَادٍ يَا بَاغِىَ الْخَيْرِ أَقْبِلْ وَيَا بَاغِىَ الشَّرِّ أَقْصِرْ وَلِلَّهِ عُتَقَاءُ مِنَ النَّارِ وَذَلِكَ كُلَّ لَيْلَةٍ ». رواه الترمذي، وابن ماجه، وصححه الألباني في مشكاة المصابيح
عباد الله
إننا بحاجة إلى وقفة مع أنفسنا كي نبذل ما في وسعنا من أجل تحصيل أعمال تكون لنا زاداً في الآخرة، قبل أن يمضي رمضان ونتحسر على ما فرطنا فيه في جنب الله، وعلى المسلمين جميعاً أن يحرصوا على استغلال هذا الشهر الكريم، فقد حوى الكثير من الأعمال الصالحة التي لم تجمع في شهر سواه، من صامه وقامه إيماناً واحتساباً حصل على العطاء الجزيل من الرب الكريم، قال – صلى الله عليه وسلم كما في البخاري-: عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – « مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ » وقال أيضاً: ((عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ « مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ » متفق عليه، والعمل الصالح فيه يضاعف، وهذا من فضل الله تعالى على عباده المؤمنين. فأين المشمرون؟ وأين المتنافسون؟ وأين المتسابقون؟ كي يغنموا هذا الشهر ليكون لهم زاداً مباركاً يقربهم إلى ربهم، ويرفع به درجاتهم، ويكون سداً منيعاً لهم من النار. قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * أَيَّاماً مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ [البقرة:183- 184].
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الأولى ( مرحبا شهر رمضان )
الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام….. وأشهد أن لا إله إلا لله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. نشهد أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
إن أيام العمر معدودة، وساعاتها محدودة، فمن قدم الزاد لنفسه وجد الخير الكثير عند ربه، قال تعالى: ﴿فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى﴾ [الليل: 5- 7]. وسوف يتحسر العباد يوم الحسرة والتناد على ما فرطوا في جنب الله ، قال تعالى : ﴿أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ﴾ [الزمر: 56].وتقول حين ترى صحائف الأعمال فارغة من الصالحات: ﴿يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي﴾ [الفجر: 24]. واعلموا أن رمضان فيه أبواب للخير كثيرة تحتاج منا إلى الحرص عليها، والمبادرة إلى كسبها، والتنافس في تحصيلها، ففيه الصيام، وفيه القيام، وفيه البذل، وفيه إفطار الصائمين، وفيه تلاوة القرآن العظيم، وفيه عتق الرقاب من النار، فعلى المسلم أن يبذل جهده، ويكثر من سعيه من أجل تحصيل الثمرة، ولا يتكاسل قبل فوات الأوان، ويمر شهر رمضان فيندم على تفريطه، ويتحسر على إضاعته.
عباد الله
لقد أهل رمضان ليربي النفوس على التقوى ، قال تعالى : ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ [البقرة: 183]، فالصيام يربي المسلم على الخوف من الله ومراقبته، والعمل على إرضائه، وبذل الجهد من أجل تحصيل جنته. فحينما يقول المؤذن (الله أكبر) فجراً من رمضان فمعناها (الله أكبر من كل شيء)، وهنا يمسك المسلم عن الطعام والشراب وعن كل شيء يخدش صيامه، فليست المسألة مسألة ترك الشهوات فقط، بل كل ما يشوش العقل أو يلوث الروح، أو يؤثر على العواطف، كل شيء ينبغي أن يبتعد عنه الصائم كي يحفظ صيامه من النقص، وصدق الحبيب – صلى الله عليه وسلم – ففي البخاري: (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ – رضى الله عنه – قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – « مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ » ، وإذا قال المؤذن: الله أكبر عند غروب الشمس يتذكر المسلم عظمة الخالق الذي صام طاعة له، وهنا يفرح بإتمام يوم من صيامه، ويفرح بطاعة ربه، ويفرح بما أعده الله له، وصدق الحبيب – صلى الله عليه وسلم -: ((لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا إِذَا أَفْطَرَ فَرِحَ ، وَإِذَا لَقِىَ رَبَّهُ فَرِحَ بِصَوْمِهِ » متفق عليه. وإن في الصيام استعلاء على الشهوات، وترفعاً عن سفاسف الأمور، ووصولاً إلى مدارج التقوى، في الصيام تمسك الجوارح عن كل مؤثر على الصوم، يصوم البصر عن نظر الحرام، ويصوم اللسان عن قول الزور، ويصوم السمع عن سماع الأغاني والألحان، ويصوم البطن عن أكل الحرام، ويصوم الفرج عن الوقوع في الزنا والآثام، وتصوم الجوارح كلها عما يصدها عن عبادة الرحيم الرحمن. فالمؤمن يتقلب بين فضائل ربه، ويعلم قيمتها وثمنها، ويبادر إلى شكرها. فهنيئاً أيها الصائمون والصائمات أن بلغكم الله هذا الشهر المبارك، وهنيئاً لكم ما بشركم به نبيكم – صلى الله عليه وسلم – لمن يجتهد فيه بالأعمال الصالحة، وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ – رضى الله عنه – قَالَ ،قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يُضَاعَفُ الْحَسَنَةُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلاَّ الصَّوْمَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِى بِهِ يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ مِنْ أَجْلِى ) رواه مسلم
الدعاء