خطبة عن ( نبي الله زكريا عليه السلام )

                                           الخطبة الأولى ( نبي الله زكريا عليه السلام  )

 الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان. ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد علي ه  الصلاة والسلام.. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. نشهد أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة  اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين 

                                                     أما بعد أيها المسلمون

 يقول الله تعالى في محكم آياته : (لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ) يوسف 111، وقال الله تعالى : (ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا (2) إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا (3) قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا) (4) مريم

إخوة الإسلام 

 لقد ذكر الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم قصص الأنبياء ، وسيرة المرسلين ،  لنستخلص منها الدروس ، ولنستلهم منها العبر ،ولنتفكر في أمرهم ، ونقتدي بأفعالهم وأقوالهم ، فالعاقل من وعظ بغيره ،واليوم إن شاء الله ، نعيش لحظات طيبة ،مع قصة نبي من أنبياء الله ، موعدنا اليوم إن شاء الله مع نبي الله (زكريا ) عليه السلام ،قَالَ تَعَالَى في محكم آياته:( وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ) الانعام 85، وقال تعالى (  وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ)  (89)) الانبياء ، ونبي الله زكريا عليه السلام هو أحد أنبياء بني إسرائيل ( يعقوب) ، فينتهي نسبه عليه السلام إلى يعقوب بن إسحاق بن ابراهيم عليهم السلام. وكان عهد النبي زكريا قريبا بعهد النبي عيسى عليه السلام؛ ويدل على ذلك قوله عز وجل في قصة مريم أم عيسى عليهما السلام: {وكفلها زكريا} (آل عمران) ، وأما عن صفاته ففي مسند أحمد : (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « كَانَ زَكَرِيَّا عَلَيْهِ السَّلاَمُ نَجَّاراً »

 أيها المسلمون

وسيدنا زكريا عليه السلام هو أحد الأنبياء والمرسلين الذين بعثهم الله عز وجل على عباده حتى يخرجوهم من ظلمات المعاصي والشرك إلى نور الطاعة والتوحيد ، وقد ورد اسم النبي زكريا في القرآن الكريم في سبعة مواضع.ووردت أحداث قصته في ثلاث سور قرآنية، هي: ( سورة آل عمران، وسورة مريم، وسورة الأنبياء ) . وجاءت هذه القصة مفصلة في سورة مريم أكثر من السورتين الأخريين. ويقص علينا القرآن الكريم نبأ النبي زكريا عليه السلام عندما تقدم به العمر، وأخذ الشيب من رأسه كل مأخذ، وكانت زوجه أيضاً قد تقدم بها السن، ولم تلد له من الولد ما تقر به عينه، ويحمل من بعده اسمه. فها هو عما قريب سوف يطوي صفحة الأيام، ويمضي إلى حياة غير هذه الحياة. فمن الذي يقوم على وراثة حكمته، والاضطلاع بأمانته؟ وهؤلاء مواليه وبنو عمومته أشرار فجار، لابد لهم من وازع يردعهم عن غيهم، ولو خُلُّوا ونفوسهم الشريرة، فإنهم يمحون الشريعة، وينشرون الفساد، ويغيرون معالم الكتاب.

                                                أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم

                                          الخطبة الثانية ( نبي الله زكريا عليه السلام  )

 الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان. ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد علي ه  الصلاة والسلام.. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. نشهد أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة  اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين 

                                                       أما بعد أيها المسلمون

 وقد عبر القرآن عن هذه الحالة التي كان يعاني منها زكريا بقوله: { كهيعص (1) ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا (2) إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا (3) قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا (4) وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا (5) يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا (6) } (مريم:1-6). قال ابن كثير: “وجه خوفه: أنه خشي أن يتصرفوا من بعده في الناس تصرفاً سيئاً، فسأل الله ولداً، يكون نبياً من بعده؛ ليسوسهم بنبوته وما يوحى إليه. فأُجيب في ذلك، لا أنه خشي من وراثتهم له ماله، فإن النبي أعظم منزلة، وأجل قدراً من أن يشفق على ماله إلى ما هذا حده، أن يأنف من وراثة عصباته له”. ظلت هذه الخواطر تراود تفكير زكريا صباح مساء، وليل نهار، إلى أن ذهب ذات يوم إلى معبد يتعبد فيه، فوجد فيه مريم عليها السلام رابضة في محرابها، غارقة في تفكيرها، ورأى بين يديها أمراً لم يعتده من قبل، حيث رأى عندها فاكهة الصيف، والوقت وقت شتاء، قال تعالى : { وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا ) (آل عمران:37) ، فتجيبه بفطرتها السليمة، ولسانها الصادق:  { قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ (37)} } (آل عمران:37). عند ذلك أدركت زكريا حالة جديدة، ودخل في تأمل عميق؛ فلقد أثار هذا الحدث غير العادي في نفسه الحنين إلى الولد، والرغبة في البنين! حقاً، لقد أصبح طاعناً في السن، وهو أقرب إلى الموت منه إلى الحياة، وحال زوجه كذلك، ولكن أليس الله – الذي أبطل لمريم عليها السلام الأسباب الظاهرة – بقادر على أن يرزقه ولداً، يرثه من بعده في علمه وسلوكه؟ ولم يطل التفكير بزكريا كثيراً، بل توجه إلى الله بعقل حاضر، وقلب خاشع، ولسان صادق، فقال تعالى : { هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ } (آل عمران:38).        ونستكمل الحديث عن نبي الله زكريا إن شاء الله

                                                       الدعاء